
"أب كريشة حرمنا العيشة".. احتجاجات السودان تنضج مع الخبز
"أب كريشة حرمنا العيشة". هكذا هتف المئات من طلاب جامعة سنار جنوب العاصمة السودانية الخرطوم في اليوم الخامس للاحتجاجات التي اندلعت في هذا البلد مع ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية وعلى رأسها الخبز الذي تضاعف سعره حتى بلغ ثمن الرغيف جنيهًا سودانيًا (نحو 2.53 جنيه مصري).
وتزامن اليوم الخامس من الاحتجاجات مع إقرار البرلمان السوداني مع نهاية العام الماضي ميزانية الدولة للعام الجديد، والتي تأمل الحكومة السودانية في تخفيض عجز الموازنة إلى 19.5 بالمئة مقارنة بـ 34.6 بالمئة في العام الماضي.
وتأتي الاحتجاجات المتتالية التي تشهدها السودان عبر فترات متقطعة خلال السنوات الخمس الأخيرة، إثر حزمة من الإجراءات التقشفية التي تنتهجها الخرطوم منذ انفصال جنوب السودان عام 2011، وهو الأمر الذي نتج عنه خسارة حكومة الشمال ثلاث أرباع عائدات الانتاج النفطي في الجنوب الغني بالأبار النفطية.
العيشة بجنيه: سكاتكم شين
مع مُضي حكومة الوفاق الوطني في السودان في تطبيق إجراءات التقشف الاقتصادية بما يتماشى مع سياسات صندوق النقد الدولي، والذي حث حكومة الخرطوم، في بداية ديسمبر/كانون الثاني الماضي على تعويم العملة المحلية لتعزيز الاقتصاد، وهو الأمر الذي استجابت له وزارة المالية بشكل جزئي عندما رفعت قيمة الدولار الجمركي لتصبح 18 جنيهًا في مطلع العام الجديد مقارنة بـ 6.9 جنيهات للدولار في ديسمبر الماضي.
وجاء ذلك وسط تزايد الطلب من قبل المستوردين على العملة الصعبة خاصة مع رفع العقوبات الاقتصادية الأمريكية في أكتوبر/تشرين الأول، والتي فرضتها واشنطن على الخرطوم بعد عشرين عامًا. وهو الأمر الذي انعكس سلبًا على السوق الموازية -السوداء - ليصل سعر شراء الدولار اﻷمريكي قرابة 30.5 جنيه سوداني.
وعلى صعيد منصات التواصل الاجتماعي نشط وسم بعنوان "العيشه بجنيه" احتجاجًا على ارتفاع أسعار الخبز ليتضاعف سعر رغيف الخبز فيصل جنيهًا سودانيًا، مع انتشار العديد من الصور والتي توثق طوابير المواطنين أمام المخابز في مناطق عدة في الخرطوم. مرورًا بظهور وسم احتجاجي آخر بعنوان "سكاتكم شين" عن الصمت جراء الارتفاعات المتتالية في أسعار السلع في السودان.
التغيير الان في السودان لم يعد اختيارياً بل اجبارياً. — Dr Ahmed McLad أحمد مَقلَد (@McLad84) January 9, 2018
سعر العيشه لن يستمر بجنيه بل فعليا اصبح بجنيه ونصف في الولايات.
قيمة الدولار تزيد والجنيه يضعف يعني أن أزمة الوقود والدواء تنتظر مزيدا من التفاقم.
الحكومة لا تملك حل وتنخر فساداً#العيشه_بجنيه #ارتفاع_الاسعار_المتصاعد
فيما أعلنت السلطات في مدينة الجنينة في ولاية غرب دارفور عن مقتل طالب بالمدرسة الثانوية عقب احتجاجات تصدت لها قوات الأمن السودانية ضد ارتفاع أسعار الخبز في البلاد، فيما قامت السلطات السودانية بمصادرة ست صحف لتغطيتها الصحفية للاحتجاجات المتصاعدة في البلاد ضد الارتفاع المتصاعد في أسعار السلع والخدمات.
شعبة أصحاب المخابز بمدينة #نيالا في ولاية جنوب #دارفور غربي #السودان تحدد سعر قطعة الخبز بجنية ونصف . pic.twitter.com/wi2dBYDqRH — حزب المؤتمر السوداني (@SCP_Sudan) January 9, 2018
فيما دعت عدد من القوى السياسية إلى عصيان مدني احتجاجًا على زيادات الأسعار يوم الأحد القادم الموافق 14 يناير عبر وسم حمل عنوان "#العصيان_المدني_14_يناير"في وقت ازدادت حدة الاعتقالات، إذ أعلن حزب المؤتمر السوداني اعتقال عمر الدقير رئيس الحزب، وأربعة آخرين من قادة الحزب على خلفية الدعوة للاحتجاج على الزيادات المتتالية في الأسعار.
#العصيان_المدني_14_يناير لنجاح العصيان لابد من تنسيق والالتزام بشروط العصيان ..!! — دكتورة كافلجين Sudan (@Dr_KaflgeN) January 9, 2018
العصيان هو عدم الخروج من البيت
العصيان لا تعني المظاهرات والفوضي
العصيان لا يخرج فيه أحد وبالتي أي تخريب يعني هو تخريب من الكيزان لي إفشال العصيان بأن الشعب يخرب الممتلكات
العصيان هو الحل
وتختلف الاحتجاجات المتصاعدة مع بداية هذا العام في بلدٍ يعاني من عجز في الموازنة وارتفاع معدلات التضخم، مع الاحتجاجات السياسية في يناير وأبريل عام 2011 والتي واكبت موجات التغيير في بلدان الربيع العربي.
لا بس كيف يعني الكلام دا — NOON (@NoonElshafi) January 4, 2018
الناس تصحى الصباح تلقى العيشه الواحده بجنيه طيب الناس العدد اسرها كبير و المرتبات الما بتزيد دي تقبل وين
دا كلام لا برضي رب و لا عبادو#سكاتكم_شين #سكاتنا_شين #محن_سودانية pic.twitter.com/q5BjzZ2Nop
إلا أن تصاعد الغضب الشعبي في السودان بدأ يتخذ منحى اقتصاديًا يمس متطلبات الحياة الأساسية من مأكل وملبس عكس حراك نخبوي ذو مطالب سياسية في المقام اﻷول، في بلدٍ ينتهج خطوات ثابتة نحو سياسات التقشف لسد العجز في الموازنة العامة للدولة والتي انعكست آثارها بتصاعد الاحتجاجات مع الأيام الأولى لتطبيقها مع بدايات العام الجديد.