
التهجير بالإزاحة.. رأس الحكمة للمستثمر ولسكانها "الشمس"
صباح ثاني أيام شهر رمضان الماضي، استيقظ موسى خميس(*) ليجد اللوادر والقوات الأمنية تحاصر منزله في قرية الهشيمة برأس الحكمة، تطالبه بالإخلاء الفوري.
بعد عقود عاشها أجداده وآباؤه في هذه الأرض، المزروعة بأشجار التين والزيتون، يجد الرجل الخمسيني نفسه مُجبرًا على ترك 50 فدانًا زراعيًا مقابل تعويض لا يتجاوز 150 ألف جنيه للفدان، وألف متر لبناء سكن بديل في منطقة شمس الحكمة.
"البيت بتاعي كان سقفه خشب، بس أقسم بالله لو قلت لي خُد شاليه في أفخم قرية في الساحل هقولك لأ. أنا عايش مستريح نفسيًا في مساحة 6 فدادين بتطل على البحر، فيها مكان للمواشي وزارع نخل، دي حياتي من أيام جدودي"، يقول موسى لـ المنصة إنه حزين جدًا لفقدان أرضه.
تعد عمليات الهدم، التي عانى منها موسى وآخرون جزءًا من المرحلة الأولى لمشروع رأس الحكمة، الذي يُعد أحد أكبر المشاريع الاستثمارية المشتركة بين مصر والإمارات، الممتد بطول كيلومترين على الساحل الشمالي، وتم توقيعه ضمن صفقة استثمارية كبرى، أبرمتها الحكومة وشركة أبوظبي التنموية القابضة/ADQ في فبراير/شباط 2024، بلغت قيمتها 35 مليار دولار.
أعمال الإنشاءات الأولية في المنطقة بدأت بالفعل عبر تحالف يضم شركات مصرية وإماراتية ودولية. وخصصت محافظة مطروح في منطقة "شمس الحكمة"، التي تقع جنوب رأس الحكمة وتعد ظهيرها الصحراوي، أراضٍ بديلة للأهالي. ولكنها مؤخرًا قصرت عملية الشراء والبناء السكني على الحاصلين على تعويضات فقط، بعدما ارتفعت أسعارها لمستويات فلكية، إثر إقبال مستثمري العقارات طمعًا في الاستفادة من مجاورة المشروع الاستثماري العملاق.
ورغم الإعلان عن شمس الحكمة في أغسطس/آب 2024، فإنها تشهد تأخرًا في تجهيز المرافق الأساسية كالكهرباء والمياه والغاز، مما أثار قلق السكان ودفع بعضهم للبحث عن سكن بديل على نفقتهم.
الأرض أداة سيادة
أدخل مشروع رأس الحكمة موسى و22 ألفًا غيره من سكان رأس الحكمة في دوامة تحولات اجتماعية واقتصادية مفروضة عليهم، في نموذج يُجسد تعامل الدولة المصرية مع الأرض باعتبارها أداة للحكم والنفاذ إلى الثروة، مع تهميش المجتمعات البدوية، أصحاب الأرض الأصليين، حد وصف الباحث في الاجتماع السياسي علي الرجّال لـ المنصة.
يمكننا رصد بدايات تعامل الدولة مع الأراضي والمجتمعات ذات الطابع الصحراوي مع بداية عهد محمد علي (1805–1848) وما تلاه من حكم أسرته. خلالها تلك الحقبة سعت الدولة إلى إحكام سيطرتها على الأراضي وإخضاع القبائل البدوية عبر سياسات تراوحت بين العقاب والحوافز. ولضمان استقرارهم؛ منحتهم أراضٍ لزراعتها للحد من تنقلهم المستمر.
بعد 1952 تحوّلت سياسات إدارة الأراضي جذريًا عبر تعديلات عاميّ 1961 و1964 التي منحت الدولة سيطرة أكبر على الأراضي الصحراوية، وصولًا إلى القانون 143 لسنة 1981 الذي نظم ملكية تلك الأراضي، حتى شهد تعديلًا عام 2024 سمح للأجانب بتملكها.
المجتمعات البدوية عانت تاريخيًا من تجاهل وتباطؤ الحكومات المتعاقبة في تسجيل ملكية الأراضي لأصحابها المقيمين
تمثل الأرض محور السيادة وبسط نفوذ السلطة في مصر، وأيضًا محور الصراع الاجتماعي بين جميع الأطراف، حتى داخل جهاز الدولة نفسه، وهو ما يشمل بحسب الباحث علي الرجّال "كل المساحات الصحراوية الشاسعة. عشان كده بعض المناطق على الأطراف الجغرافية كانت إشكالية طول الوقت في مسألة فرض السيادة وجمع الضرائب".
عانت الأجيال المتعاقبة من المجتمعات البدوية تاريخيًا من تجاهل وتباطؤ الحكومة في تسجيل ملكية الأراضي للمقيمين عليها، وفق قدورة العجني، وهو من أهالي رأس الحكمة ومؤلف كتاب "مطروح: الأرض والإنسان والتاريخ" وعضو اتحاد الكتاب.
يؤكد العجني أنه كان لحكومات ناصر والسادات ومبارك محاولات محدودة لتقنين الأوضاع، إلا أنها ركزت غالبًا على المباني القائمة أو الزراعات الدائمة، ولم تشمل الأراضي الفضاء أو الزراعات الموسمية، وهي غالبية الأراضي.
يشير مصطلح "حق الوصول للأرض" إلى قدرة الأفراد والجماعات على استخدام الأراضي والتحكم فيها والانتفاع بها، ويعتبر العجني أن الدولة تتعامل مع هذا الأمر بازدواجية "القانون ينص على أحقية تملك أرض وضع اليد بعد حيازتها لمدة 15 سنة وفق شروط محددة، لكن عندنا في مطروح المسألة مختلفة تمامًا. والقانون ده لا يطبق معنا مطلقًا".
النهج الجديد.. الاستيلاء والإزاحة
خلال العقد الأخير، تبنت الدولة نهجًا يحصر ملكيتها للأراضي غير المسجلة قانونيًا "وضع اليد"، تزامنًا مع توسيع سلطات بعض الجهات الرسمية في تملك الأراضي والشراكة مع القطاع الخاص، كما يظهر جليًا في مشروع رأس الحكمة.
"النظام الحالي عنده مشروعين مهمين: مشروع الهندسة الاجتماعية وضبط السكان وحركتهم، ومن هنا نفهم جانب كبير من إزاحة السكان داخل المدن، والمشروع التاني تعظيم الإيرادات، ودا شايف إن الأرض مصدر مهم وسريع لاستخراج القيمة، عبر البيع للخليج"، يشرح الباحث علي الرجّال.
إزاحة المجتمعات البدوية في نطاق الشمال الغربي ليست جديدة وبدأت في أواخر الثمانينيات مع تجليات النيوليبرالية
تكشف الباحثة العمرانية أمنية خليل أنه جرت إزاحة نحو 2.8 مليون مواطن على الأقل من القاهرة الكبرى، ضمن عمليات إعادة هيكلة المجال العمراني واستخراج قيمة الأراضي. بينما لا تتوافر تقديرات بخصوص عدد السكان الذين انتقلوا من أماكنهم بمناطق الساحل الشمالي ومطروح لصالح مشروعات القرى السياحية.
إزاحة المجتمعات البدوية في نطاق الشمال الغربي ليست جديدة، يشير الرجّال لبدايتها في أواخر الثمانينيات مع انتشار الحالة النيوليبرالية وإنشاء القرى السياحية، "لكن دلوقتي الدولة عايزة تتوسع في مساحات أكثر لاستغلال الأرض في مشاريع ضخمة، باعتبار الأرض المصدر الرئيسي للثروة. وعشان الدولة تعمل ده، بتزيح السكان من المنطقة ببساطة"، منوهًا بأن "كل المشاريع السياحية الكبيرة مؤخرًا مصحوبة بإزاحة السكان".
القبائل في قلب التحولات
أثّرت القرى والمنتجعات السياحية، بدءًا من أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات، في تغيرات اجتماعية عدة طالت أبناء القبائل البدوية المقيمة في شرق مطروح، حيث منطقة الساحل الشمالي، التي اعتمدت من قبلُ على الرعي والزراعة للمعيشة.
يشرح الباحث في الشأن البدوي منعم العبيدي كيف تغيرت حياة القبائل شرق مطروح عن نظيرتها غربه "من مطروح للسلوم، أي على الجانب الغربي، دي المناطق اللي لسه فيها الحياة القديمة؛ الاعتماد على مياه الأمطار والزراعات الموسمية زي القمح والشعير والتين والزيتون وتربية الأغنام".
أما في الجانب الشرقي فتبدلت حياة البادية بعد تصاعد استثمارات القرى السياحية "اعتمدوا أكتر على القرى السياحية في توفير فرص عمل لأغلب السكان"، يلفت العبيدي إلى الأنشطة الاقتصادية للسكان الذين انتقل بعضهم من الرعي والزراعة للعمل في الحفر والمباني أو الحدادة والنجارة "القرى السياحية خلقت رواج اقتصادي ماكانش موجود قبل كده، بخلاف المنطقة الغربية".
تتفرع القبائل في مطروح "بس الأساس خمس قبائل: قبيلة الجميعات، والقطعان، والسنينة، وعلي أبيض، وعلي أحمر. هذه القبائل الأساسية يتفرع منها قبائل عدة ممتدة من السلوم ومطروح والساحل الشمالي وبرج العرب حتى الإسكندرية والبحيرة والدلتا شرقًا"، بحسب الباحث منعم العبيدي. وفي رأس الحكمة تنتشر قبائل عدة أبرزها الصناقرة والحرابي والجميعات والزعيرات والشتور والقواسم والموسة والمحافيظ.
نال سكان المنطقة بعض المزايا "الدخل أصبح أعلى، خاصة للذين عملوا في المقاولات والبناء مع القرى السياحية، وده فتح لهم مجالات كثيرة، وأصبحوا يملكون معدات ثقيلة وشركات توريدات ومصانع طوب ومحاجر رمل، وشغّلوا معاهم ولاد عمومتهم؛ فأصبح فيه نوع من الحركة طوال السنة"، يقول العبيدي لـ المنصة.
المستقبل المجهول
يشعر أهالي رأس الحكمة بالقلق إزاء التحولات السريعة والمستقبل المجهول؛ ينطق قدورة العجني بلسان الأهالي ويتفق معه موسى خميس "حالنا اتغير في يوم وليلة ومش عارفين بكره فيه إيه".
حسب أربعة من السكان تحدثوا إلى المنصة، يواجه الأهالي عدة عقبات منها رغبة الحكومة في الإخلاء السريع، وضَعف وتأخر التعويضات، حسب عطية الزعيري ابن قبيلة الزعايرة. إضافة للبيروقراطية والفساد التي يشير إليها إبراهيم صنقر، وهو أحد شيوخ قبيلة الصناقرة، لافتًا لوجود "موظفين بيوقفوا حالنا عشان رشاوي".
وحددت الحكومة تعويضات المباني بين 2000 و5000 جنيه للمتر، والأراضي غير المسجلة بـ150 ألف جنيه للفدان والمسجلة بـ170 ألفًا، ثم رُفع تعويض الفدان إلى 300 ألف جنيه بعد صفقة الإمارات 2024.
الأرض ثمنها في حدها الأدنى حاليًا 2 مليون جنيه للفدان وأنت بتدي الناس 150 ألف جنيه فهل دا تعويض؟
لكن الأهالي يطالبون بزيادة التعويضات لتناسب الأسعار الحالية، مشيرين لاستلام أجزاء منها وفق أسعار 2018، الوقت الذي بدأت فيه مفاوضات الدولة معهم. يوضح صنقر أنه حصل على التعويض "على قسطين؛ واحد في 2021 والتاني في 2024 بعد ما كل حاجة غليت"، وهو نفس ما يشكو منه الزعيري الذي قال إنه لم يستلم سوى قسط واحد حتى الآن.
"لما يكون الأرض ثمنها في حدها الأدنى حاليًا 2 مليون جنيه للفدان وأنت بتدي الناس 150 ألف جنيه، فهل دا تعويض والتزام بالقانون؟!".
يصف ممدوح الدربالي، نقيب محامين مطروح الأسبق، ومن أبناء قبيلة الجمعيات والمممثل القانوني لبعض الأهالي، فارق التعويضات بأنه "جريمة" و"غُبن" يُبطل العقد قانونًا، معلنًا نيته اللجوء للقضاء لضمان تعويض عادل.
يعتبر الدربالي ما يحدث "جريمة تهجير قسري"، مؤكدًا أن القانون هو الذي يجب أن يحدد التعويضات وليس الدولة. "نزع الملكية للمنفعة العامة يتطلب تعويضًا عادلًا بسعر وقت النزع وليس قبله بسنوات"، يؤكد الدربالي معتبرًا الإجراءات الحالية "صورة مزيفة لتطبيق القانون" واعتداءً على الدستور والملكية الخاصة.
وعن الأراضي البديلة يعترض موسى خميس على تخصيص ألف متر فقط لكل عائلة في "شمس الحكمة" للبناء السكني، متسائلًا كيف سيعيش بعد ترك 50 فدانًا زراعيًا، مع عدم توفير بدائل زراعية أو السماح بأنشطة تجارية "احنا سبنا أرضنا في يوم وليلة".
يتفق معه الشيخ إبراهيم صنقر وينتقد عدم مراعاة طبيعة حياتهم البدوية في مدينة شمس الحكمة ذات الشقق والمساحات الصغيرة، موضحًا أنه بنى منزلًا فيها بسبب ضغط الإخلاء السريع، قبل أن تعتبرها الحكومة لاحقًا مدينة خدمية توفر مجموعة واسعة من الخدمات لرأس الحكمة خلال مرحلة بنائه، ولها شروط محددة للبناء تُسحب تراخيصها عند مخالفتها "كان مفروض أنام أنا وعيالي في الشارع ولا نعمل إيه؟!".
"الناس كلها تشعر بالقلق من بكره، وكل واحد بقى بيدور بشكل فردي على حل يلاقي بيه مصدر رزق، يشتري محل أو لودر، أو يسيب المنطقة خالص ويتعلم مهنة، أو يدور على استثمار"، يقول العجني مشيرًا إلى أن أخطر ما في الأمر هو تمزيق النسيج الاجتماعي للقبيلة الواحدة "فيه تغيير ديموغرافي بيحصل، فيه عائلات كانت موجودة في محيط محدد مع بعضها واتفرقت وفقًا لظروفها وإمكانياتها، واحد راح قعد في شمس الحكمة وواحد في جنوب مطروح والتالت في جنوب الضبعة، وهكذا".
"الغفرة" و"العجارة" تعويضًا عرفيًا عن الإزاحة
تشي مظالم أهالي رأس الحكمة بنمط طالما اتبعته الدولة تاريخيًا من غياب توفير بدائل ودمج في الخطط الاقتصادية، ما أدى إلى ظهور صيغ عرفية تعويضًا عن عمليات التهميش والإزاحة، حسب الباحث علي الرجّال، من بينها "الغفرة" و"العجارة" اللتان جلبتا انتقادات للقبائل البدوية.
و"الغفرة" هي الحراسات الإجبارية التي يفرضها أبناء القبائل لحماية المشروعات مقابل أجر، عبر اتفاق مباشر مع مالكيها، مع حصول المُهجَّرين منهم على "حق" توريد مواد البناء لتلك المشاريع. أما "العجارة" فهي إتاوات تفرضها مجموعات قبلية على عمليات البيع والشراء والبناء في المناطق العمرانية الجديدة المُقامة على أراضيها التاريخية، ومصطلحها مُشتق من "العقارة"، لكن بنطق القاف جيمًا قاهرية.
يُرجع الرجّال بداية ظهور هاتين الصيغتين مع تنامي الاستثمارات العقارية والسياحية في المناطق الساحلية خلال التسعينيات، مع رغبة وزير الإسكان آنذاك حسب الله الكفراوي، في بناء قرى سياحية لاستغلال فوائض المصريين العاملين في الخليج.
تخلق الدولة تاريخيًا أوضاعًا غير قانونية تجنبًا للتمرد
"أغلب أراضي الساحل الشمالي ملك تاريخي لأبناء المنطقة، ولكنها غير مسجلة. واجه المستثمرون معضلة هوية الحائزين على الأرض، وتم حلها عرفيًا بدفع ثمن الأرض للدولة وتقدير عرفي لأصحاب الأرض. وفرض السكان الغفرة والعجارة كشكل من التعويض في ظل غياب مصادر دخل بديلة"، يوضح الرجّال.
ويؤكد على أن الدولة المصرية تاريخيًا "بتخلق أوضاع غير قانونية وتتركها قائمة، في سعيها لإدارة المناطق بدلًا من فرض القانون بشكل كامل، لتجنب التمرد أو الجريمة المنظمة".
بينما يُبرر إبراهيم صنقر وجهة النظر البدوية في ممارسات الغفرة والعجارة بأن "دي صيغة استفادة متبادلة، هوفر لك حماية من أي سرقة، وده مقابل للأرضي اللي أنت خدتها وهتستفاد منها. ما أنا مش هخرج كدة وأسيبلك كل حاجة وأقعد أدور بقى هاكل وأشرب منين. وبعدين أنت كمستثمر هتجيب كده كده حد أمن وحد مقاولات، مش أنا أولى؟". ولكنه يشير إلى غياب معيار ثابت لتحديد المقابل المادي للغفرة.
لكن الدربالي يعتبر هذه صيغة "غير كافية على الإطلاق. ما التنمية في الاستيلاء على أرض الناس وتشغيلهم غفرة عليها، وتقولي هاتلي شوية أسمنت وزلط في مجتمع مكوّن من مئات الآلاف من الأسر والعائلات، والأرض هي مصدر رزقه الوحيد".
ويتفق العجني في أن هذه الصيغ، تحديدًا "العجارة" وتوريد أعمال البناء، كان لهما أثر سلبي على النسيج الاجتماعي، إذ ساهمتا في تفاقم الخلافات بين أبناء العمومة والقبيلة الواحدة بسبب التنافس على الاستئثار بالعائد المادي.
اتحاد القبائل العربية: وسيط أم أداة؟
برز حديثًا "اتحاد القبائل العربية" ككيان تنظيمي يزعم تمثيل مصالح البدو، حيث ناقش في اجتماعٍ مشكلة "تمليك الأراضي" بمطروح. كما اجتمع رئيسه إبراهيم العرجاني مع مستثمرين إماراتيين وأهالي رأس الحكمة لـ"تذليل العقبات أمام تطوير المنطقة وبنائها".
لكن ثلاثة مصادر من رأس الحكمة نفت وجود أي دور للاتحاد في تسهيل التفاوض مع الدولة ودفع التعويضات "مفيش أي حضور حقيقي ليهم على الأرض ولا سمعنا عنهم"، يقول مصدر من السكان الذي يتفاوض مع الحكومة ممثلاً عن نفسه وآخرين.
ينتقد الدربالي، المنتمي لقبيلة الجميعات، دور اتحاد القبائل متهمًا إياه بـ"تمثيل مصالح الدولة وليس الناس".
تواصلت المنصة مع أحمد رسلان، نائب رئيس اتحاد القبائل والممثل عن مطروح فيه، الذي نفى ذلك قائلًا أن "التفاوض على التعويضات بيتم بين الأهالي والمسؤولين الحكوميين مباشرة بدون أي وسيط، واحنا ملناش دخل بالموضوع لا من قريب ولا من بعيد".
يحذر ممدوح الدربالي نقيب محامين مطروح الأسبق من أن اتحاد القبائل قد يؤدي للتأثير على النسيج الاجتماعي القبلي مستقبلًا بما يهدد الأمن القومي "نحن ضد تقسيم الشعب المصري بناءً على عصبيات، وسيحدث تضارب مصالح يؤدي لمشاكل بين أبناء القبائل".
"طول عمرنا فيه اتحادات قبائل. الجديد هو صيغة التنظيم بالشكل ده. ده مستوى جديد مشفناهوش قبل كده"، يشير الرجّال المتخصص في الدراسات الأمنية، ويحذر "المستوى ده من التنظيم المؤسسي الكبير، حديث جدًا وقوي جدًا، معرفش ممكن يروح فين. بس الأكيد إنه خطر".
يلاحظ الرجّال "لو تم دمج السكان بشكل إيجابي، مكانش هيبقى فيه مشكلة. لكن طالما متمش دمجهم، هيبقى فيه فئات من البشر على الهامش هتسبب إزعاج شديد".
يعتقد أن "في سلوك السلطة ما يشبه الطبيعة الاستعمارية القائمة على إزاحة السكان الأصليين.. وترغم جميع الأطراف على المساومة وتدفعهم إلى الرشوة والعنف".
بصفته ممثلًا قانونيًا لعدد من الأهالي ينوي الدربالي اللجوء للقضاء وإرسال إنذارات إلى سفارة الإمارات وشركة أبوظبي القابضة ومجلس الوزراء لوقف ما اعتبره تهجيرًا قسريًا "بنتعارك على حق المواطنة والحقوق الاقتصادية، مش طالبين إلا تعويض مناسب، إنما تاخدوا من الناس قوتهم وأرضهم وترموهم في الظهير الصحراوي وتخلوهم في الشتات؟!".
أما موسى خميس فلا يزال يفكر في مستقبله المجهول "بيقولوا لنا بكرة تستفادوا من المشروع وتشاركوا في أعمال المقاولات، لكن أنا ماليش إلا في الزراعة. حتى الوعود مش مضمونة، إفرض المستثمر الخليجي قالك لا مش عايز الناس دي وليا شركاتي هنعمل ساعتها ايه؟!".
(*)اسم مستعار بناءً على طلب المصدر