تصميم: يوسف أيمن- المنصة

يومياتي مع كورونا| مش خايفة على نفسي لكن على ولادي

منشور الثلاثاء 11 أغسطس 2020

الاسم: اعتدال حامد.* المهنة: عاملة نظافة. مكان العمل: مستشفى عزل العجمي. السن: 32 سنة.


بقالي 12 سنة بشتغل عاملة نظافة وماسكة المغسلة في المستشفى هنا، ومن أول ماقالوا يا عزل وأنا قولت هفضل معاهم، مش هسيب مكاني، يعني إيه عزل، زيه زي أي يوم عادي، أهو كله شغل في الآخر، الصعب فيه بس كان عيالي، معايا 3 عيال، مش متعودين أسيبهم وأغيب المدة دي كلها، وكان ابني لسه طالع من عملية قلب مفتوح، فكانت صعبة عليا أوي اسيبه في الوقت ده، بس أهو اكل العيش عشان خاطرهم بردوا. أول مادخلت كنت بفكر في حاجة واحدة بس، لو جرالي حاجه عيالي دول هيروحوا فين؟ هيجرالهم إيه؟ ومين هيراعيهم من بعدي؟ كنت خايفة أوي، وده اللي خلاني أحافظ على نفسي، ألبس الواقيات على طول، وكل شوية أعقّم نفسي بكلور وكحول، في المغسلة أتعامل مع الهدوم بحذر، عاملين غسّالة للحالات وغسّالة للدكاترة، ماحاولش أقرب وشي للهدوم، أمسكها وإيدي فيها جوانتي، أغليها وأطهرها كذا مرة، عشان أضمن أنها نضفت واتطهرت، خوفي على عيالي بقا مخليني خايفة على نفسي. أنا مش معتبرة اللي احنا فيه ده عزل ولا حبس، هو كله شغل، طلعت كل يوم طلعت كل أسبوعين، شغلي ومسؤوليتي، وأنا كمان بعيد عن الخطر لأن مش بتعامل مع الحالات على طول، بتعامل بس مع الهدوم و الملايات، والحاجات اللي بتنزلي المغسلة، هي اللي بمسكها، بس أخدت التدريب بتاع مكافحة العدوى، وكمان مع خبرتي في الشغل، ببقا عارفة أتعامل إزاي مع هدوم العيانيين بأمراض معدية، وكمان بيبقا معايا مساعدين عشان لوحدي ماقدرش أسدّ على المستشفى دي كلها، دكاترة بممرضين بعمال، ده غير المرضى اللي كل يوم أعدادهم بتزيد.

لما جيت مشيت أول مرة عيالي كانوا بيعيطوا، أختي ساكنة تحت شقتي، ربنا يباركلها أخدتهم، هم مش متعودين أسيبهم، أي عيل بيبقا متعلق بأمه، وهم كانوا بيناموا في حضني، مسكت نفسي لحد مادخلوا عند خالتهم، وبعدين أول ما نزلت فضلت أعيط، صعبوا عليا أوي، وصعب عليا ابني اللي سيباه ولسه طالع من عمليات، سبتها على ربنا وروحت، لما وصلت المستشفى بقيت بكلمهم كل تلت أربع ساعات، عاوزة أعرف بيعملوا إيه، وبيروحوا فين وبيلعبوا زاي، وأكلوا ايه وعايشيين إزاي، مستحيل تطمني على ضناكي وهو مش قدامك.

على الله وخلاص

بقعد أعد الأسبوعين لحد معاد التحليل، وأول مانتيجته طلعت مهما تكون متأخرة بلم شنطتي و بجري، أختي تفضل تقولي استني للصبح ماتمشيش بالليل، أقولها لا هرجع أنام وسط عيالي، لو رجعت لقيتهم نايمين بصحيهم، وبجبلهم وأنا راجعة حاجات بيحبوها، مافيش حاجه اسمها عزل منزلي، أنا بيتي مش كبير هتعزل فين؟ وبعدين أنا كل أسبوعين بخرج أسبوعين، عشان أطمّن على ولادي، هقوم عازلة نفسي عنهم في البيت كمان؟ بعقم نفسي وباخد بالي وبسيبها على الله وخلاص، ببقا عاوزة أعوضهم غيابي، بفضل قاعدة معاهم مابعملش حاجه، وبطبخلهم الأكل اللي بيحبوه محشي وفراخ و مكرونة بشاميل، كل اللي ببحبوه بعمله. ساعات أزعق لعيالي وأقولهم يناموا لوحدهم، عشان ببقا خايفة عليهم، أكون مصابة وأعديهم، بس لما بلاقيهم ناموا أنا اللي بغطس وأنام جنبهم، بقعد أدعي ربنا يحميهم، وبعد ما الأسبوعين يخلصوا بسيبهم و بمشي تاني.


* هذه شهادة لعاملة بمستشفى عزل العجمي، تنشرها المنصة بعد التأكد من هوية الكاتبة والتحقق من شهادتها عبر اتباع الطرق المهنية والقانونية الملائمة، والحفاظ على خصوصية المرضى إن أتى ذكرهم، مع عدم التدخل في صياغة الشهادة من جانبنا إلا لضبط اللغة إن كانت بالفصحى.