صورة برخصة المشاع اﻹبداعي: Michael Dorausch- فليكر

سهرة رأس السنة مع كورونا: احتفالات ومخاوف على أعتاب العام الجديد

منشور الأربعاء 30 ديسمبر 2020

تستقبل دعوة صديقتها المعتادة "متنسيش زي كل سنة احنا في ميعادنا"، فتترد في الإجابة؛ بين الذهاب للاحتفال في منزلها بليلة رأس السنة كما تعودت في الأعوام الماضية، أو الاعتذار خوفًا من تصاعد الموجة الثانية للجائحة بعد أن تجاوزت الأعداد الرسمية للإصابات اليومية ألف حالة وفقا للبيان اليومي الصادر عن وزارة الصحة، مقارنة بالشهور الماضية التي انخفضت فيها الأعداد دون المائتين.

اعتادت سالي أيوب على الاحتفال كل عام بالسنة الجديدة في منزل صديقتها "كل سنة اتعودنا نسهر ليلة رأس السنة للصبح عند صاحبتنا، عددنا بيكون كتير وبنتلم، بناكل ونشرب ونغني للصبح، بس السنة دي الحقيقة أنا خايفة، نفسي أروح طبعًا واحتفل بس خايفة من التجمع ده والكورونا، خاصة إن كل الأخبار بتقول إن الموجة التانية أشد وأشرس".

تناشد الدولة المواطنين بضرورة الالتزام باﻹجراءات الاحترازية، ومع أخبار انتشار الجائحة، تزاحِم المخاوف أمنيات العام الجديد الذي يحل وسط تحذير من التجمعات المعتادة كل عام،  خاصة بعد قرار مجلس الوزراء إلغاء كافة الاحتفالات بمناسبة رأس السنة، واتخاذ إجراءات الغلق حيال أي منشأة تنظم أي احتفالية، بالإضافة إلى المنع الكامل لسرادقات الأفراح والعزاء وأي تجمعات، وفقًا لبيان مجلس الوزراء، كما تم التشديد على وقف أية فعاليات أو احتفاليات أو مهرجانات خلال الفترة المقبلة، والغلق الكامل لدور المناسبات، والتشديد الكامل على كل الفنادق فيما يتعلق بالأعداد المحددة في الأفراح، و أن تقتصر على الأماكن المفتوحة.

ترددت سالي لفترة، ثم قررت الاعتذار عن حفل صديقتها "أنا قررت بعد تفكير إني اعتذر لصاحبتي بعد ما اتأكدت إن العدد هيكون كبير، وهو العدد اللي بيحضر كل سنة، والمكان مش كبير قوي، وطبعًا فيه أكل وشرب فمش هنقدر نلتزم بالكمامات ومش هيكون فيه مسافات بيننا".

"حاجة تكسر المود"

الاحتفالات المنزلية هي إحدى الطرق البديلة التي لجأ إليها الراغبون في الاحتفال برأس السنة، وهو الطريق الذي رفضته سالي، بينما قررت عُلا أحمد فقررت تنظيم "عزومة صغيرة" لأسرتها "أنا كنت مظبَّطة أحجز أنا وجوزي في مكان ونسهر ونخرج، بس للأسف دلوقتي مع قفل الأماكن وإلغاء الاحتفالات، قررت أعمل عزومة صغيرة لإخواتي وبابا، نسهر ونجيب لب ومكسرات ومشروبات ونقضي ليلة كويسة، ومش هيبقى العدد كبير، وكمان هنكون عملنا حاجة تكسر المود".

 

شجرة استقبال رأس السنة الجديدة بمنزل علا عوض- بإذن للمنصة

وتابعت "لما لقيت إن مفيش احتفال، قررت أجيب شجرة صغيرة وفيها بابا نويل وألوان وأحطها في البيت، كنوع من التغيير والاحتفال، احنا مضطرين نعمل ده لحد ما الأزمة دي تعدي، ونقدر نرجع لخروجاتنا بتاعت زمان وتكون في أمان".

تخشى سالي وعلا من انتشار العدوى، وتريان أن المسؤولية جماعية، وعلينا تحملها حتى ننجو من الجائحة، أما مريم حمدي، فقرَّرت السفر مع أصدقائها في رحلة لمدينة نويبع لخمسة أيام تبدأ مع ليلة رأس السنة "دول صحابي اللي بشوفهم في الشغل كل يوم، فأنا مش شايفة إن فيها مشكلة إننا نسافر سوا، كأننا في الشغل يعني".

استأجرت مريم وأصدقائها حافلة تكفي عددهم للسفر "احنا عددنا 20، وقررنا نأجر أوتوبيس يودينا، ويبقى يرجعنا، وهنقعد في نويبع في كامب، وده كله في الهوا يعني، بس الحقيقة مش هنقدر نبتدي السنة الجديدة كده من غير حاجة نعملها تكسر الروتين".

قرار السفر اتخذته أيضا سمر طارق، ولكن بمفردها "أنا خايفة من الفيروس، وفي نفس الوقت خايفة من الضغط العصبي إنه يأثر عليا، علشان كده ققرت أسافر لوحدي الفيوم، هو مكان قريب من القاهرة، وأظن مش هيكون زحمة أووي، وهكون لوحدي فمش هيكون معايا زحمة، بس حاسة إنه لازم أعمل كده في نهاية السنة وبداية السنة الجديدة".

استطاعت سمر حجز حجرة في أحد الفنادق في قرية تونس بمدينة الفيوم بسهولة قبل حوالي خمسة أيام من السنة الجديدة "حجزت بسهولة قوي ومعتقدش إنه في زحمة لأني سألت الموظف اللي حجزت معاه بالتليفون على نسبة الإشغال، وقالي إنها موصلتش لـ50%".

رامي عادل قرر الجمع بين الخروج والسفر "اتفقت مع صحابي نتعشى بره، وبعدين نطلع بالعربية على إسكندرية نسهر على البحر، بصراحة مش شايف فيها حاجة، لأن الواحد محتاج يفصل من كل المشاكل اللي عاش فيها السنة اللي فاتت كلها، ما بين مشاكل في الشغل وبعدين الكورونا اللي بدأت في مارس، وهيبقى عددنا 5 وكأننا في فرح ولا نادي، ودي أماكن مفتوحة الدولة سامحة إننا نروحها عادي وده معناه إن الوضع مش كارثي أوي يعني".

يرى عادل أن فتح المطاعم والسماح بإقامة الأفراح في الصالات المفتوحة أمور تدعو للطمأنينة، كما أن الموجة الأولى من الفيروس أتت بأعداد مشابهة من الإصابة ومرت، وفي الموجة الثانية من الفيروس يبدو أن هناك مقاومة أكثر ووضعًا قابلًا للسيطرة، بحسب قوله.

كان وزير السياحة واﻵثار، الدكتور خالد العناني، قال إن مصر اتخذت ضوابط صارمة في مواجهة كورونا، ومن بينها ألا يتجاوز معدل إشغال الفنادق 50% من عدد الغرف الفندقية، مشيرًا إلى أن اتحاد الغرف السياحية ساند الحكومة في موقفها.

فيما قال مساعد وزير السياحة والآثار للرقابة على المنشآت الفندقية، عبد الفتاح العاصي، في تصريحات تليفزيونية، إن إدارات الفنادق ملتزمة أمام الوزارة بألا ترتفع معدلات الإشغال عن النسبة المحددة، مع قياس درجات حرارة النزلاء وتوافر المطهرات ومواد التعقيم.

لكن سمر تعتقد أن هناك حالة من التراخي في تطبيق الإجراءات خارج نطاق السوشيال ميديا "الحقيقة إن أنا في الشارع بحس إن أنا الوحيدة اللي خايفة من كورونا، يعني ناس ماشية عادي ومن غير كمامات، وده ساعات بيطمِّن إن الوضع مش خطير أو مش كل اللي بييجي له كورونا يعني بيموت، فبقيت بحس إن أنا الوحيدة اللي خانقة نفسي أو مش بخرج وكله مقضيها عادي".

إنكار الخطر

ما تعيش فيه سمر ورامي يسمى إنكار للخطر، وهي واحدة من الحيل الدفاعية التي يلجأ لها الإنسان عند التعرض للمواقف الكبيرة أو المشاكل والأزمات، وفقًا للطبيبة بمستشفى العباسية للأمراض النفسية، حسناء الدباوي.

قالت الدباوي للمنصَّة، إن إنكار الخطر هو إحدى الحيل النفسية للخروج من توترات الضغوط الكبيرة التي يواجها، والتي يلجأ إليها الشخص مع المشاكل الكبري، فيصوِّر له العقل أن المشكلة انتهت وزال خطرها، ليتمكن من العيش دون قلق أو تفكير مباشر في الأمر.

ويمكن للإنكار على المدى القصير من الوقت أن يساعد الإنسان في التكيف مع الموقف، ولكنه يتحول إلى مشكلة خطيرة مع المدى الطويل، كما أنه وفقًا للطب النفسي لا يمكنك تصنيف الإنكار كفعل عقلاني.

تحت عنوان "إنكار الجائحة.. لماذا لا يتقبل بعض الناس الحقائق عن فيروس كورونا؟"، نشرت سي إن إن تقريرًا، وضحت فيه أن مفهوم الإنكار يستخدم في علم النفس لوصف كيفية تعامل الناس مع الواقع، وهو لا يعد ضمن أفضل الآليات التي تعرف باسم آليات الدفاع.

ووفقًا للتقرير يعد الإنكار بمثابة وسيلة للناس للدفاع عن أنفسهم ضد القلق، موضحًا أنه عندما يواجه الناس فترات فيها الكثير من القلق الذي يُنظر إليه على أنه تهديد، يطوِّر الناس استراتيجيات لحماية أنفسهم وتمنحهم الإحساس بالأمن والأمان، وأحد تلك الاستراتيجيات هي ببساطة إنكار وجود مصدر التهديد.


اقرأ أيضًا: كورونا: تجارب وأفكار حول التضامن والمسؤولية الاجتماعية

 

نصب سالاسبلس التذكاري في لاتفيا. الصورة: إدجار بنيانس- فليكر، مفتوحة المصدر

الخوف من الفيروس والإصابة به دفع إيمان إسماعيل لاتخاذ قرار البقاء في المنزل دون تجمعات أو حفلات "الفيروس بقى منتشر قوي وبشكل مخيف، علشان كده قررت أقضى الليلة دي لوحدي في البيت، مش هعرف حتى أروح أي زيارة حتى لو في بيت أو تجمع عائلي، لا هبقى قاعدة مبسوطة ولا هعرف أندمج، فقررت أقضيها في البيت وادعي ربنا في السنة الجديدة تنزاح الغمة دي".

الرغبة في الاحتفال والإحساس بالخوف من الذنب حاصرا هدى مكي، التي ترغب في قضاء ليلة رأس السنة في جو مختلف عن الروتين المعتاد، ولكنها تخشى كذلك من الإصابة ونقل العدوى ﻷفراد أسرتها "المعادلة صعبة قوي، نفسي أخرج طبعًا وأقابل صحابي، بس كمان كل ما أفكر إني ممكن أتعدي وأنقل العدوى لبابا أو ماما مش هقدر أسامح نفسي أبدًا، الشعور ده خلاني ألغي أي تفكير في أي خطط أو تجمعات في اليوم ده".

اتخذ محمد مجدي قرار الاحتفال منفردًا في المنزل أيضًا، خوفًا من انتقال العدوى "أنتخة بقى ونوم على الكنبة وفرجة على التليفزيون، لحد ما ربنا يزيح الغمة ونعرف نحتفل تاني، ويمكن تنتهي الأزمة دي بعد شهر ولا 2 وساعتها الواحد ممكن يقابل صحابه تاني ويحتفل في أمان".

إقامة الحفلات المنزلية أو السفر في رحلات؛ خياران لاستقبال عام جديد ممنوع إقامة الحفلات الجماعية لاستقباله، بينما يظل تفادي الإصابة بالفيروس، على رأس أولويات من اختاروا  التباعد الاجتماعي في تلك الليلة، واضعين النجاة منه على رأس أمنيات العام الجديد.