تصميم: يوسف أيمن- المنصة

طاولة المقامر وشياطينه| روح العطر: دوستويفسكي في السينما العالمية

منشور الخميس 18 نوفمبر 2021

 

تستمد السينما الكثير من غناها باعتمادها على أصول أدبية، وكثيرًا ما يتجادل عشاقها حول الأفلام التي تفوقت على أصولها الأدبية وتلك التي أساءت إلى تلك الأصول وجاءت أقل منها. 

ذلك النقاش ليس مهمًا في علاقة السينما بروايات دوستويفسكي، حيث أدرك الكثير من صناع السينما في الغرب أن كل رواية من رواياته بحر، يمكن لمن يحاول استلهام حبكتها الكاملة أن يغرق فيه، لذلك يكتفون بمحاكاة لحظة، أو فكرة.  

منذ عام 1923 هناك عشرون فيلمًا استلهمت الجريمة والعقاب وحدها في البلاد الكبرى: روسيا والولايات المتحدة وألمانيا وإنجلترا وإيطاليا والهند. الإحصائية لم تشمل سينما الدول الأصغر، كما لم تشمل استلهامات باقي روايات دوستويفسكي، كما لا تشمل أثر أسلوب دوستويفسكي وشخصياته في تكوين مخرجين كبار استفادوا من روح عطره.

حبل هيتشكوك المخيف

مثل مستقطر عطر حاذق، يتوقف ألفريد هيتشكوك في فيلمه حَبْل (Rope) (1948) أمام الفكرة الفلسفية الخطرة المؤسِسة لـ الجريمة والعقاب وهي حق الأشخاص المميزين أو الخارقين في القتل من أجل دفع التاريخ إلى الأمام.

حقق هيتشكوك فيلمًا يحبس الأنفاس، بميزانية ضئيلة بلا شك، حيث لم تخرج الكاميرا من شقة الشاب براندون، الذي نراه في البداية مع صديقه فيليب يخنقان صديقهما ديفيد كنتلي بحبل، في الحقيقة هي جريمة براندون وحده، هو معادل راسكولنيكوف، بينما لا يبدو فيليب المرتعد شريكًا، بل الشطر المذعور والنادم من راسكولنيكوف.

الإعلان التشويقي لفيلم Rope


يمدد الصديقان الجثة في تابوت كان صاحب الشقة قد اقتناه كتحفة، ويستخدمه صندوقًا لتخزين الكتب. ويحاول براندون السيطرة على ذعر فيليب دون جدوى، يؤكد له أن "الله والشيطان، الخير والشر، تم اختراعهما للإنسان العادي الذي يحتاج إليهما". هذه العبارة تكشف عن اعتقاد القاتل بأنه ليس عاديًا ومن حقه أن يكون فوق الخير والشر، مثلما اعتقد بطل دوسويفسكي، ولنتذكَّر أن راسكولنيكوف ارتكب جريمته وانصرف من مسرحها دون أن يره أحد، وأن المحقق اصطاده من مقال سابق له يدافع فيه عن حق المميزين في القتل.

يخطو هيتشكوك خطوة أبعد بفكرة الإنسان السوبر التي أمن بها راسكولنيكون وجلبت للعالم النازية والفاشية؛ يأخذها إلى العبث، فبطله لم يقتل لإنقاذ الفقراء من شر المرابية العجوز، بل من أجل المتعة ونزق متعة تجربة القتل، يقول البطل "لطالما تطلعت إلى امتلاك موهبة فنية، لكن القتل يمكن أن يكون فنًا كذلك".

خطط براندون الجريمة، وخطط لإقامة حفل يحضره  أصدقاء آخرون والسيد كنتلي والد الضحية، وهو ناشر، وكان بمثابة معلم لهؤلاء الشباب وسبق أن انزعج من خطورة تبنيهم لفلسفة الإنسان السوبر التي يستند إليها الزعم المخبول: حق المميزين في القتل. 

يحاول فيليب أن يثني براندون عن إقامة الحفل في وجود الجثة، فيرد عليه بأن الحفل بمثابة توقيع الفنان على اللوحة. 

بالمداراة مرة والتوبيخ مرة يطلب من شريكه أن يتماسك "هناك جريمة وحيدة لن نرتكبها؛ جريمة أن نضعف" وهذه في الحقيقة هي الجريمة التي أدان راسكولنيكوف نفسه بها وقرر أنه يستحق السجن بسببها.

إضافة إلى الأساس الفكري الذي استند إليه راسكولنيكوف يضيف هيتشكوك هجائية للمجتمع المترف المتفنن في القسوة والحمق.

إمعانًا في التلذذ اهتدى القاتل إلى استخدام التابوت مائدة للاحتفال. وبدأ المدعوون في التوافد، وظل غياب ديفيد محور الحديث طوال السهرة، وكذلك فكرة الحق في القتل المجنونة. يتوتر السرد طوال الوقت كما في رواية دوستويفسكي. عبر الحوار وحركة الكاميرا المذهلة؛ فيبدو السر على وشك الانكشاف في كل لحظة. هي بالضبط لعبة القط والفأر نفسها التي تعرض لها راسكولنيكوف، ومثلما يجعل الذعر راسكولنيكوف على وشك الاعتراف في لحظات كثيرة، جعلت النشوة براندون يخاطر بالاقتراب من الاعتراف.

 لكن السهرة تنتهي عقب تلقي السيد كنتلي مكالمة من زوجته تسأله إن كان ابنه في السهرة معه، لأنها قلقة عليه. وينصرف كنتلي حاملاً هدية من براندون، وهي مجموعة من الكتب في طبعات أولى يهوى الناشر اقتنائها، محزومة في الحبل الذي شُنق به ابنه. وبانصرافه يبدأ الآخرون في الانصراف.  

 تنتهي السهرة على هذا النحو، لكن روبرت كاديل الصديق الأكثر شكًا خلال السهرة يحتال للعودة بدعوى نسيان سجائره، ومثل قاضي التحقيق زاميوتف يبدأ في تضييق الخناق على القاتلين حتى يعترفا، لكنه لا يتعاطف معهما كما تعاطف زاميوتف مع راسكولنيكوف، بل أطلق رصاصات من النافذة استدعى بها الشرطة.

أن تكون هناك

أن تكون هناك (Being There) فيلم  المخرج هال آشبي مقتبس من رواية بالعنوان ذاته للكاتب الأمريكي بولندي الأصل جيرزي كوزينيسكي Jerzy Kosiński. بطلها بستاني أنيق في بيت منعزل على أطراف المدينة. تستعير هذه الشخصية من رواية الأبله سذاجة الأمير ميشكين وانعدام أنانيته وشهواته وأصله المجهول.

البستاني، لا يقرأ ولا يكتب، ولم يغادر مكانه أبدًا، ويستمد كل ما يعرفه عن العالم الخارجي من خلال مشاهدة التليفزيون. وعقب وفاة سيده يتعرض للطرد من البيت، ويخرج إلى الشارع دون مقاومة أو ادعاء حق. يستجيب لقرار الورثة ويمضي بتسليم غريب، لكن مصادفة ستجعل سيارة تصدمه، وتنزل منها سيدة تسأله إن كان من الممكن أن تقدم له الرعاية في بيتها بدلاً من المستشفى فلا يمانع.

الإعلان التشويقي لفيلم Being There


نرى السيارة تعبر بوابة ضخمة محروسة لقصر شاسع، وسنرى أن المرأة متوسطة العمر زوجة لرجل مسن على فراش المرض، ولديهم في البيت مستشفى كامل الاستعدادات.

 وبالسهولة التي نَفَذَ بها الأمير ميشكين إلى قلوب الجنرال إيبانتشي وزوجته وبناته، نَفَذَ تشانس البستاني إلى قلب المرأة والرجل الذي سنكتشف أنه شديد النفوذ، وتقريبًا هو أب روحي يصنع الرؤساء والسياسات في حزبه. تستمر إقامة تشانس في بيت العجوز ويأتي الرئيس للتشاور مع حاميه فيقدم له تشانس، باعتباره صديقًا، ويسألانه عن رأيه في كيفية الخروج من أزمة تمر بها البلاد؛ فيتفوه ببعض عبارات عن العناية بالحدائق، يعتبرها الرئيس مجازًا لما يجب أن يحدث في الدولة؛ ويذكر "تشانس" بالاسم في خطابه إلى الأمة الأمريكية مستخدمًا عباراته عن فصول النمو وفصول الحصاد. في البيت الأبيض يبدأ جهاز الدولة العميق في البحث عن ماضي الرجل، دون أن يعثروا على أي شيء يدل على وجوه. ويبدأ تضارب أجهزة الأمن بشأنه وشكوك جهاز بأن الجهاز الآخر أخفى ملفه من السجلات لسبب.

فحصوا حتى ملابسه، وتوصلوا إلى أنها من علامات تجارية فخمة تعود إلى عقود خلت، ولم يعرفوا أن تشانس Chance، ولنا أن نتأمل دلالة الاسم، يرتدي من ملابس مخدومه السابق. 

 رغم غياب المعلومات عن ماضيه تمددت شهرة تشانس. واصلت الصحف وشبكات التليفزيون مطارداتها العنيدة لتشانس جاردنر، والجميع يجد لعباراته البسيطة معاني كبيرة، حتى عندما يعترف بأنه لا يقرأ ولا يكتب في أكثر من لقاء، لا ينصرف ذهنهم إلى معنى الأمية أبدًا. وعندما لم تجد القيادات من ترشحه ليكسب الرئاسة لم تجد سوى تشانس.

يذهب الفيلم في اتجاهات مختلفة؛ فإلى جانب إبداعه لميشكين أمريكي يقدم هجائية لهشاشة وضحالة الطبقة السياسية والإعلام، وهو كذلك يومئ إلى أن التليفزيون لا يقدم للمجتمع إلا المزيد من البلهاء، وقد نرى أحدهم رئيسًا ذات يوم.

 لكن السؤال الأكبر الذي يطرحه الفيلم هو: هل من نظام في الكون أم أن العشوائية تحكم مصائرنا؟ هل هو التدبير أم الحظ والفرصة غير المنتظرة؟ لا جواب لدى آشبي لأن دوستويفسكي نفسه لم يستطع  الإجابة على هذا السؤال.

في نفسه شيء من دوستويفسكي

وودي آلان أحد المبدعين الكبار في السينما الأمريكية، اقتحم الحياة الفنية في سن الخامسة عشرة عندما بدأ في عرض النكت التي يبتدعها على كُتَّاب الكوميديا، ولم يبدأ في الظهور مؤلفًا وممثلاً إلا بعد أن قدم للآخرين نحو عشرين ألف نكتة. والنكتة بطبعها تقف على قدمين: المحاكاة والسخرية؛ لذلك  من الطبيعي أن نرى آثار الآخرين في أعماله، دون أن ينتقص ذلك من أصالة أعماله شيئًا. في أفلامه يحتفي بالكتب والكَّتاب والفن والفنانين على نحو مبهج وخلاَّق، لكنه وقف مطولاً أمام اثنين من السينمائيين؛ إنجريد برجمان وفديريكو فيلليني، وكاتب واحد هو دوستويفسكي. لم يمر عقد من مسيرة آلان الممتدة الغزيرة دون أن يعود فيها إلى إحدى روايات هذا العبقري محاكيًا، أو معارضًا، هزلاً أو جدًا.

قدَّم وودي آلان  فيلم الحب والموت عام 1975، وهو  محاكاة ساخرة للأدب الروسي، لكنه في الحقيقة محاكاة ساخرة لدوستويفسكي بالأخص. يستعير من رواية تولستوي الحرب والسلام ملمح غزو نابوليون لروسيا، وما عدا ذلك ليس إلا وجوه دوستويفسكي، في مزج بين سيرته الشخصية وبين شخصيات العديد من رواياته، ويقوم آلان بالتمثيل في الفيلم ناسجًا في أدائه على منوال شارلي شابلن، واحتفظ صانع النكت العتيد بالعديد منها لدوستويفسكي، هازئًا من الروح الفلسفية والاستطرادات الطويلة في المنولوجات التي تطبع أعماله.

الإعلان التشويقي لفيلم Love and Death


الفيلم من إنتاج شركة شابلن التي منحت المخرج الشاب عقدًا يستحيل أن يتحقق لغيره، إذ ينص على عدم أحقية الشركة في تعديل تصوراته. ولا أعرف إن كان هناك من أشار إلى علاقة للفيلم بالحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، حيث تبدو السخرية من استطرادادت دوستويفسكي الفلسفية مضفورة بسخرية الليبراليين من الخطاب الشيوعي الذي يصورونه رصًا فارغًا لكلمات كبيرة غامضة، هل يمكن لشركة شابلن أن تتبنى ذلك؟

 على أية حال، كانت الالتفاتة الثانية الواضحة من آلان لدوستويفسكي  جدية وعميقة ككل قراءة ثانية (وهي ضرورية في حالة دوستويفسكي الذي لا يمكن الإحاطة بأبعاده من قراءة واحدة). 

في فيلم جرائم وجنح (Crimes and Misdemeanors) (1989) يتناول آلان قصتين متوازيتين إحداهما تتعلق بحياة منتج أفلام وثائقي مُحبط مهنيًا، ومحبط عاطفيًا في ظل زواج بارد طويل، يقضي أوقاتًا طويلة مع ابنة أخته الطفلة، ويقابل منتجة برامج تليفزيونية ويقع في حبها لكنها تفضل عليه منتجًا فارغًا يصنع مسلسلات رائجة.

أما الخط الثاني فهو لطبيب عيون ناجح متزوج ويقيم علاقة عاطفية مع امرأة أخرى، وتبدأ العشيقة في الإلحاح على إعلان علاقتهما ثم تتمادى في تهديده. يستشير حاخامًا من أقربائه ومرضاه؛ فينصحه بمحاولة الانفصال الهادئ، لكن النصيحة عديمة الجدوى مع عشيقة مضطربة نفسيًا، وعلى الجهة الأخرى يقدم له شقيقه الحل، ويتولى نيابة عنه استئجار قاتل محترف يقتل العشيقة. ويصاب الطبيب بفزع بعد قتلها، ويذهب إلى الشقة في وجود الجثة كما فعل راسكولنيكوف في الجريمة والعقاب، ويحمل بعض الأشياء التي يمكن أن تشير إلى وجوده. ورغم الإفلات من المساءلة الجنائية يبقى للطبيب تأنيب الضمير، وتستيقظ فيه كل مبادئ تربيته الدينية رغم أنه غير متدين في تطابق مع مشاعر وسلوكيات بطل الجريمة والعقاب بعد أن قتل المرابية.

الإعلان التشويقي لفيلم Crimes and Misdemeanors


الفيلم واحد من أطول أفلام  وودي آلان، وتدور فيه حوارات عن النازيين وأخلاقية القتل وهل هذه الأخلاقية محايدة أم مرتبطة بالقوة؟ ماذا لو خرج هتلر منتصرًا، هل كان سيُعتبر مجرمًا؟

يرتكز الفيلم بشكل أساسي على الجريمة والعقاب، دون أن نفتقد عطر روايات أخرى، مثل مُذلون مهانون في تشابه علاقة السينمائي المحبط وابنة أخته يتيمة الأب مع علاقة الكاتب المُحبط مع الطفلة اليتيمة سونيا، كما يمكننا أن نجد في علاقة الطبيب وشقيقه شيئًا من علاقة اثنين من أبناء كارامازوف: ديمتري المندفع القادر على القتل، وإيفان رجل الفلسفة الوجودي، الذي لم يقتل أباه، لكنه سافر لكي يترك لديمتري تنفيذ تهديده دون أن يكون شاهدًا.

المحاكاة ليست ساخرة أو هازئة هذه المرة، وتبدو معارضةً فكريةً أكثر منها استلهامًا مطابقًا لدوستويفسكي؛ فوودي آلان سليل أسرة ناجية من الهولوكوست، وهذه الخبرة المؤلمة جعلته يعتقد أن الجرائم تبقى دون عقاب، وأن العدالة فكرة مستحيلة. 

القصاص من قاتل لا يعيد المقتول إلى الحياة، وفي حالة القتلة المميزين "الزعماء" تكون العدالة أكثر استحالة؛ إذ لا يمكن أن نضع روح رجل مهووس مثل هتلر في كفة وملايين الأرواح التي أزهقها في كفة. 

الجريمة بلا عقاب مجددًا

يعود وودي آلان للتأكيد على استحالة العدالة مرة أخرى في فيلم Match Point (2005) حيث يستلهم في هذا الفيلم واقعة القتل من رواية الجريمة والعقاب لكن كريس، مدرب التنس والقاتل في الفيلم لا يشبه راسكولنيكوف؛ بل يشبه الأمير ميشكين في السهولة التي اخترق بها مجتمع بطرسبرج الراقي. نزح الشاب الأيرلندي الفقير من أيرلندا، ليعمل مدرب تنس لشاب من أسرة ثرية، وسرعان ما تقبلته الأسرة، في سرعة وسهولة تبني أسرة الجنرال إبينتشن للأمير دون أن تستقصي حول ماضيه وحقيقة نسبه. البطولة النسائية للفيلم معقودة لـنولا رايس فتاة مثيرة تعادل في الفيلم ناستاسيا فيليبوفنا الجميلة اللعوب في رواية الأبله.

الإعلان الترويجي لفيلم Match Point


عنوان الفيلم Match Point يشير إلى اللحظة التي تصنع الفوز، وقد تكون بسبب تحول عشوائي في مسار الكرة. وهذه التحولات المفاجئة هي سمة أصيلة في سرد دوستويفسكي. 

ضمن المشاهد الأولى نرى الشاب الطموح في سريره وبيده كتاب لدوستويفسكي، هو الجريمة والعقاب فيما يبدو من الصورة. وفي مشهد آخر نرى حميه المستقبلي يخبر ابنته، في معرض التعبير عن إعجابه بخطيبها المحتمل، بأنه تحدث معه حول دوستويفسكي. في حواراته مع أبطال الفيلم الآخرين يبدو الفتى الأيرلندي متمسكًا بأن الحظ في الحياة هو الأساس لا المهارة. وهذا ينبثق من أحد هموم أبطال دوستويفسكي الراسخة؛ هل العالم منظم أم تحكمه المصادفات؟

بعد هذا الزرع المبكر لحضور دوستويفسكي، يتزوج المدرب الشاب من كلو ابنة العائلة الثرية، ويقيم علاقة مع نولا خطيبة شقيقها، وتثمر العلاقة حملاً يهدد استقراره الأسري فيقرر قتل العشيقة، واضعًا خطة تبدو معارضة أدبية لخطة وملابسات قتل  راسكولينيكوف للمرابية العجوز. 

في الجريمتين هناك ثلاثة أرواح أُزهقت. في الجريمة والعقاب أراد راسكولينيكوف أن يقتل المرابية، واختار توقيت غياب أختها إليزابيتا البلهاء الحامل، لكنها عادت فجأة فاضطر لقتلها حتى لا تنكشف جريمته. وفي الفيلم يذهب كريس لقتل نولا الحامل فيقتل معها جارتها العجوز الثرية بالقصد لتبدو جريمة سرقة.

بخلاف Crimes and Misdemeanors التي لم تقترب فيها الشبهات من الطبيب أو شقيقه، يقع كريس في دائرة الاتهام، لكن لديه محققان ضجران ولديهما نوع من التعاطف معه، وكأنهما يريدان منح القاتل غير المحترف فرصة في الحياة، وهذا بدوره  يذكرنا بالمحقق زاميوتف في الجريمة والعقاب كان متعاطفًا كذلك مع القاتل.  كان لديه فضول مهني ورغبة في التحقق من صدق شكوكه. شدد الخناق على راسكولنيكوف حتى اعترف له بأنه القاتل بجلسات ودية خارج مكاتب الشرطة، ولم يكن يريد منه الاعتراف رسميًا، حتى أنه استقال من الشرطة، لكن راسكولينيكوف أصرَّ واعترف رسميًا وذهب إلى السجن، بينما يُفلت وودي آلان كريس من العقاب، لكنه لم يعفه في من عذاب الضمير مثلما فعل بالطبيب في Crimes and Misdemeanors وكأنه يريد أن يقول إن الندم هو القصاص الوحيد الممكن.


للعودة إلى الصفحة الرئيسية للملف.