طلاب يؤدون الامتحان الرقمي تجريبيًا- الصورة: الصفحة الرسمية لوزارة التربية والتعليم

عادة إلغاء الامتحانات الرقمية: ما المكسب الوحيد من التابلت؟

منشور الخميس 20 يناير 2022

استقبلت الطالبة إيمان محمد، التي تدرس بالصف الثاني الثانوي، قرار إلغاء وزارة التربية والتعليم الامتحانات الإلكترونية لنصف العام، بفرحة ممزوجة بالحسرة؛ بين سعادة لزوال كابوس "سقوط السيستم" مؤقتًا، وحسرة على ضياع ثلاثة أشهر من التمرين على التابلت سدى.

قبل أيام من انطلاق اختبارات النصف الدراسي الأول، قرر طارق شوقي وزير التربية والتعليم أن تكون الامتحانات للصفين الأول والثاني الثانوي ورقية، ليصبح العام الدراسي الحالي هو الرابع على التوالي الذي تتراجع فيه الوزارة عن إجراء امتحانات إلكترونية لصفوف الثانوية الثلاثة، إما لسقوط السيستم، أو الخوف من حدوث مشكلات تقنية يصعب السيطرة عليها.

تقول إيمان الطالبة بمدرسة الخطيب في محافظة القاهرة، للمنصة، إنها كانت تأهبت نفسيًا للامتحانات إلكترونية، خاصة وأن الوزير  شدد أكثر من مرة على ذلك، وبدأت تُدرب نفسها على منصة حصص مصر، على طريقة أسئلة الفهم والاختيار من متعدد، وأسلوب التعامل مع الامتحان الرقمي، لكن الوزارة نسفت كل شيء في اللحظة الأخيرة، كما يحدث كل عام، حتى تغيرت خطتها كليا.

واعتادت وزارة التعليم، أن تلغي الامتحانات الرقمية كل سنة في آخر لحظة، ما تسبب في إرباك الطلاب والأهالي، حتى بدت القرارات الخاصة بامتحانات الثانوية العامة، مشكوكًا فيها، لكثرة التراجع عنها واستبدال قررات أخرى بها  مغايرة لها تمامًا، كان آخرها ما جرى في امتحانات شهادة الثانوية العامة 2021، عندما تم إلغاء أسئلة التابلت قبل الامتحان بأسبوعين.

وبإلغاء الوزير، الامتحانات الإلكترونية للفصل الدراسي الأول من العام الجاري، وتأكيده أن الترم الثاني سيكون ورقيًا أيضًا، فإن المنظومة التعليمية والطلاب، لم يستفد أي منهما من التابلت على الإطلاق، فلم تُجرى بواسطته أية امتحانات منذ اعتماد تطبيق المنظومة الرقمية في الامتحانات خلال العام الدراسي 2018- 2019.

في 2019 سقطت المنظومة الإلكترونية وتقرر آنذاك استكمال الطلاب باقي الامتحانات ورقيًا، وفي 2020، قررت الوزارة نجاح من تعرض لمشكلة تقنية، ما نسف التقييم العادل بين الطلاب، وفي عام 2021، كانت أيضًا ورقية بدعوى "إجراء تقييم نزيه خالٍ من الغش".

هذا بالنسبة للصفين الأول والثاني الثانوي، أما الصف الثالث الثانوي العام، الذي يتقرر بناء على درجته مستقبل الطالب في التعليم الجامعي، فإن الرئيس عبد الفتاح السيسي تدخل في يونيو/حزيران الماضي، ليقرر أن تكون الامتحانات مزيجًا بين الورقي والإلكتروني، ثم خرج بعدها الوزير في مؤتمر صحفي، قبل الامتحانات بأسبوعين، ليقرر أن تكون الأسئلة ورقية، والإجابات أيضًا كذلك، بطريقة البابل شيت، ثم يتم تصحيحها إلكترونيا، على أن يقتصر دور التابلت داخل لجان الامتحانات، على وصول الطالب للكتاب الإلكتروني، باعتبار أن الامتحان كان بطريقة أوبن بوك، ووقتها جرى استخدام التابلت في الغش بعد قيام بعض الطلاب باختراقه.

الفشل من أول الطريق

كانت فكرة إدخال التابلت في المنظومة التعليمية بادئ الأمر، قائمة على أن يتم تطبيق التعلم الرقمي، والامتحانات الرقمية على المرحلة الثانوية بصفوفها الثلاثة، لتخريج طلاب يتم تقييمهم على مقدار ما يحصلونه من فهم ويجرونه من بحث، ومن حينها توقفت الوزارة عن طباعة الكتب، ووضعتها على التابلت وأنشأت بنك المعرفة ليبحث الطلاب عبره عن المعلومات التي يحتاجونها بكل مادة، ثم بدأت الوزارة إنشاء بنية تكنولوجية في المدارس، وتوصيلها بشبكة الإنترنت، وخصصت لهذا الغرض مليارات الجنيهات، لكن كانت النتيجة مخيبة للآمال.

ربما لا يدرك كثيرون أن الإخفاق في تطبيق التابلت بالتعليم ليس جديدًا، حيث سبق وطبقت مصر التجربة ذاتها تقريبًا، لكن على نطاق ضيق، وفشلت أيضًا، فخلال عام 2014 وقت أن كان محمود أبو النصر وزيرًا للتعليم في عهد الرئيس المؤقت عدلي منصور، أدخل التابلت للمنظومة التعليمية، بأن ألغى الكتاب المدرسي في المحافظات الحدودية، كتجربة مبدئية تمهيدًا لتعميم التابلت في كل المحافظات.

كانت البداية بمحافظات شمال وجنوب سيناء والبحر الأحمر وأسوان ومرسى مطروح ودمياط، وتم توزيع التابلت على طلاب الصف الأول الثانوي العام، تحديدًا، كبديل للكتاب، لكن سريعًا ما تعطلت الأجهزة، وخرجت عن المنظومة، بسبب عدم وجود بنية تكنولوجية بمدارس هذه المحافظات، وخلال شهور قليلة، تراجعت وزارة التعليم عن تلك الخطوة، وقررت إلغاء التجربة وطباعة الكتب للطلاب.

 

طلاب يؤدون الامتحان الرقمي تجريبيًا- الصورة: صفحة وزارة التربية والتعليم

ووفق تصريحات طارق شوقي وزير التربية والتعليم، لفضائية سكاي نيوز، خلال شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وقت زيارته للإمارات للمشاركة في معرض إكسبو دبي 2020، فإن التابلت كلف الدولة، منذ بدء تطبيق المنظومة الإلكترونية، ما يتجاوز عشرة مليارات جنيه، في حين أن تكلفة البنية التكنولوجية بالمدارس الثانوية بلغت ثلاثة مليارات ونصف المليار جنيه.

ويعني ذلك، أن المنظومة الإلكترونية كلفت خزانة الدولة خلال ثلاث سنوات فقط، 13.5 مليار جنيه (تابلت وبنية تكنولوجية)، والشيء الوحيد الذي وفرته الحكومة من تلك التجربة، أنها لم تنفق شيئا على طباعة كتب الثانوية التي كانت تتكلف، وفق تصريحات سابقة للوزير، مليار جنيه سنويًا، أي أنها وفرت ثلاثة مليارات من الطباعة، لتخسر 10.5 مليار جنيه.

باب "الفذلكة"

يقول وائل كامل وهو أكاديمي تربوي بجامعة حلوان، وولي أمر لطالبين بالإعدادية، أحدهما سيلتحق بالثانوية العام المقبل، إن الإلغاء المتكرر للامتحانات الإلكترونية، يعكس أن الخلل الذي كان موجودًا في المنظومة منذ أكثر من ثلاث سنوات، لا يزال قائمًا، وأضاع على الطلاب فرصة التقييم العادل والمناسب، ما سينعكس سلبًا على مستقبلهم التعليمي، بدليل أن مستوى طلاب الدفعة الأولى بالجامعة "ضعيف للغاية"، وهؤلاء من تخرجوا من الثانوية العام الماضي.

وأضاف للمنصة، أن أزمة الامتحانات الإلكترونية كشفت سوء التخطيط الحاصل في المنظومة التعليمية بصفة عامة، وابتعادها عن أرض الواقع، للتأكد من ملائمة البيئة المصرية لهذه النوعية من التقييمات، لكنها أيضًا كشفت أن وجهات نظر الناس كانت صحيحة بضرورة عدم التطبيق قبل وجود خطة استراتيجية وتخطيط سليم قبل أن يحدث ما يجري حاليًا.

في كل مرة، كان يعلن الوزير أن الامتحانات ستكون إلكترونية، يتذمر الأهالي ويطالبون بأن تكون ورقية، لأنهم يريدون تقييمًا عادلًا ومنضبطًا لأولادهم دون "وقوع السيستم"، فهم لم ينفقوا الآلاف سنويًا، على التعليم والدروس الخصوصية، ثم ينجح الجميع، ولا أحد يعرف مستوى ابنه الحقيقي، أو يتم تشتيته بقرارات فجائية لتربك حساباته قبل الامتحانات بأيام.

من هؤلاء الطالبة إيمان محمد، التي سيتم تقييمها عبر امتحانات تضعها المدارس لأول مرة، منذ تطبيق منظومة التابلت، ففي كل عام كان يتم امتحان الطلاب بأسئلة تضعها الوزارة نفسها، وتطبعها المديريات، وكانت الامتحانات تقيس الفهم ونواتج التعلم، أما الآن، فالمعلم الأول بكل مادة في كل مدرسة، هو من سيضع الامتحان.

تتساءل إيمان "هو كده المدرسة هتعرف أصلًا تحط امتحان بيقيس الفهم، ولا هتتفذلك بأسئلة خرافية بعيدة عن الأسلوب اللي اتعودنا عليه، طالما إن الوزارة رفعت إيديها وقالت معنديش ليكم أسئلة، واتصرفوا انتوا؟".

وأضافت للمنصة أن "الوزارة على حد علمي، كانت بتحط هي الامتحانات علشان محدش يلعب في طريقة الأسئلة، لا معلم، ولا موجه، ولا غيره، وعلشان لما تيجي تمتحن الطالب في شهادة الثانوية، يبقى متدرب كويس في أولى وتانية على أسئلة الفهم، يا ترى المدارس عندها نفس الفهم بتاع الوزارة، وليه احنا طلبة بندفع تمن حاجة ملناش ذنب فيها.. أنا امتحنت ورقي في أولى، وهمتحن ورقي في تانية، ومعايا تابلت، طب هعمل بيه إيه؟.. طب أنا هدخل على المنصات التعليمية اللي عليها أسئلة فهم ليه، الوزارة حطاها، ودي الوقت المدارس هي اللي هتحط الامتحان.. كل ده ليه".

من وجهة نظر الدكتور رضا مسعد، رئيس قطاع التعليم العام سابقًا، ورئيس امتحانات الثانوية العامة لثلاث سنوات متتالية (من 2011 إلى 2013)، فإن المعطيات على الأرض تقول إن بعض المدارس الثانوية ليست جاهزة ولم يتم حل مشكلاتها التقنية بعد، وبالتالي فإن عقد الامتحانات بدون استعداد، يضرب مبدأ تكافؤ الفرص.

وقال للمنصة إن "المفروض أنت بتدرس إلكتروني يبقى تمتحن إلكتروني، غير كده لأ، والخوف إن الامتحانات الإلكترونية تطبق في الصف الثالث الثانوي بنفس عدم الاستعداد، لكن يبدو أن إلغاء الامتحانات الإلكترونية للصفين الأول والثاني استعداد مبكر لتطبيقها في الصف الثالث، بحيث توفر الوزارة طاقاتها وتصلح الأخطاء، لأن تعرض مدرسة واحدة لمشكلة تقنية لن يمر مرور الكرام".

كثيرًا ما دافع طارق شوقي، عن تجربة التابلت، بأنها نجحت إلى حد كبير في إنقاذ الطلاب خلال جائحة كورونا، واستفادوا من الأجهزة في الدخول على المنصات التعليمية التي أتاحتها الوزارة، وأتيح لهم التعلم عن بُعد، فيما يرد متحفظون على هذه المبررات، بأن طلاب المنازل بالثانوية لا يتم تسليمهم التابلت، لكنهم نجحوا أيضًا، من دون المنصات التعليمية أو التعلم الإلكتروني.

ولا يُمانع عماد محمد، وهو معلم وولي أمر أيضًا لطالبة تدرس بالصف الثالث الثانوي هذا العام، أن يتم تطبيق الامتحانات الإلكترونية، شريطة وجود بنية تكنولوجية ضخمة بالمدارس، لا يمكن معها سقوط السيستم فجأة، أو اختفاء إجابات ابنته أثناء الامتحان، أو صعوبة دخولها على المنظومة بسبب الإنترنت، وخلافه، أما في الوضع الحالي فهناك ارتباك يرى أنه لم يسبق له مثيل.

يقول عماد للمنصة "كان ممكن المليارات اللي اتصرفت على التابلت تحل جزء من مشكلات الكثافات الطلابية ببناء مدارس جديدة، أو يتم تعيين آلاف المعلمين بها لسد العجز.. لو كان الهدف فعلًا إجراء امتحانات نزيهة بدون غش وتسريب، كان ممكن نعمل زي باقي الدول اللي بتعمل امتحانات منضبطة ومفيش تسريب ولا غش، لأن الحكومة عندها إمكانيات وطرق كتيرة تسيطر بيها على الامتحانات، ولو على التصحيح الإلكتروني للامتحانات بدون تدخل بشري، فالوزارة عملت امتحانات ورقية السنة اللي فاتت في تالتة ثانوي وصححتها إلكتروني ومكنش فيها أخطاء في التصحيح.. المشكلة مش في كل ده، المشكلة في عناد الوزارة ومحاولتها كل سنة إثبات إنها صح، وكل الناس غلط، وللأسف علشان تثبت كده صرفت مليارات، وبرضو طلعت غلط".

يضيف الأب، ممتعضًا "نفسي الوزير يجاوبني.. هو التابلت عمل إيه للتعليم في مصر؟.. الطلبة هكرته وبتدخل بيه على الإنترنت، والدروس الخصوصية لسه مستمرة ومحدش بيبص على المنصات الرقمية اللي الوزارة عملتها لشرح المناهج، والامتحانات الإلكترونية كل سنة بتتلغي، ولما قال التابلت هيبقى مفتوح على الكتاب وقت الامتحان، الطلبة دخلت بيه على الإنترنت وكانت بتغش بيه، ومنهم اللي كان مثبت تطبيق فيسبوك وتليجرام وواتس آب، وكان بيتواصل مع أصحابه بره اللجنة يصور لهم الامتحان وياخد منهم الإجابات.. هو التعليم بتاع التابلت؟".

 

طالبات الدبلومات الفنية يؤدون الامتحان الورقي- الصورة: الصفحة الرسمية لوزارة التربية والتعليم

المعضلة أن الوزارة عندما قررت إلغاء الامتحانات الإلكترونية للصفين الأول والثاني، يوم السبت الماضي، وقعت في الخطأ نفسه، بأن أتاحت للطلاب الدخول بالتابلت للامتحانات، بدعوى الوصول منه للكتب الإلكترونية الموجودة عليه، ولم تُدرك أن أي طالب، يمكنه بسهولة الوصول إلى محركات البحث، ومواقع التواصل الاجتماعي أيضًا من داخل اللجنة.

بالتالي قد يصبح التابلت أداة للغش وتصوير وتسريب الامتحان، رغم أن أحد أسباب تمسك الوزارة به، أنه يقلل التدخل البشري في الامتحانات والتصحيح، لمنع التلاعب والغش والتسريب، ما يضرب أحد الأسباب الرئيسية الذي تسوق لها الوزارة حول أهميته، بكونه وسيلة تكنولوجية يصعب معها التلاعب والغش، بعكس الامتحانات الورقية التي يمكن تصويرها وتسريبها.

وشهدت امتحانات الثانوية العامة، يوليو/ تموز الماضي، تسريب أسئلة كل المواد، وكان دخول التابلت للجان أحد وسائل التسريب، بدليل أن طارق شوقي وزير التعليم، كان ينشر في نهاية يوم الامتحان على صفحته الرسمية بفيسبوك، قائمة بالطلاب الغشاشين ومسربي الأسئلة، ويكون من بين الأجهزة المضبوطة في ذلك، جهاز التابلت، حيث يتم تصوير الأسئلة بكاميرا الجهاز، ونشرها على شبكات التواصل الاجتماعي، بعدما قام طلاب باختراق الجهاز وتوصيله بالإنترنت وتنزيل التطبيقات الاجتماعية عليه.

يؤكد الأكاديمي وائل كامل، أن سماح الوزارة بدخول التابلت للجان امتحانات الصفين الأول والثاني رغم إلغاء الامتحانات الإلكترونية، يعكس لأي درجة هي متمسكة بإيجاد "ميزة" للتابلت، والإيحاء بأنه مهم، لذلك تسمح بدخوله اللجان تحت مسمى أنه "وسيلة للوصول إلى الكتاب الإلكتروني" لأن الامتحان "أون بوك".

ويوضح أن عقد الامتحان ورقيا بدون أي دور للتابلت "سيعرض الوزارة لاتهامات متكررة، بأنها أهدرت المال العام، بشراء أجهزة لم يتم استغلالها في أي شيء، أما استخدامه للوصول للكتاب الإلكتروني أثناء الامتحان، فهذا يعطي أهمية نسبية للتابلت".

وقال "نفسي أسأل وزير التعليم، هو سمع مين قبل ما يطبق التابلت، مين الصوت اللي بيسمعه، احنا كده بنجرب في الولاد، ما يحدث تدمير للعملية التعليمية، أنا كولي أمر، كل يوم بصرف، والمدرسة اتحولت من مقدم خدمة إلى مجرد مكان للامتحان.. الأجيال دي هتتخرج ضعيفة تربويا، والتابلت لا يقيس الهرم المعرفي الكامل للطالب.. ياريت الحكومة تفهم إن الوزير طارق شوقي مش تربوي، هو تكنولوجي ومتخصص في البرمجيات، للأسف الوزارة بتفكر بشكل منفرد، والنتيجة إنه تم إلهاء أولياء الأمور والطلاب بعيدا عن المهمة المطلوبة.. المذاكرة وتحسين المستوى، وكل واحد بقى يركز على قضية التابلت، وبس".

لكن مصدرًا مسؤولًا بالوزارة من الدائرة المقربة إلى الوزير، تحدث للمنصة شريطة عدم الكشف عن هويته، قال إن الإخفاق في منظومة التابلت لا تتحمله الوزارة وحدها، بل وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات أيضًا، فهي تتحمل النسبة الأكبر من المسؤولية، لأنها المعنية بتجهيز البنية التكنولوجية في المدارس الثانوية، لتستقبل الامتحانات الإلكترونية وعلى أكمل وجه، وتستطيع تحمل أكبر عدد من الطلاب الموجودين على السيستم في الوقت نفسه.

وأضاف "احنا كوزارة مهمتنا نحط امتحانات، ونشتري تابلت للطالب، ونحط عليه الكتب والمنصات الرقمية بتاعتنا، ونقول لوزارة الاتصالات احنا عندنا امتحانات في الفترة من كذا لكذا، المفروض هي اللي تبقى معنية بتجهيز المدارس من سيرفرات وشبكات واي فاي للامتحانات دي لأن وزارة التعليم مش بتاعت تكنولوجيا، ولا عندها مهندسين في التكنولوجيا، بدليل إن الرئيس السيسي لما قرر يلغي الامتحانات الإلكترونية السنة اللي فاتت في 3 ثانوي، اجتمع قبلها بوزير الاتصالات ووزير التعليم وسألهم عن الاستعدادات اللي مجهزينها، وبعدها قرر أنها تبقى ورقية.. يعني الاتصالات شريكة".

وحول ما إذا كانت الوزارة بريئة كليّا، قال المصدر "بالقطع لا.. لكنها لم يكن بمقدورها المجازفة بمستقبل الطلاب، وتحمل مسؤولية إجراء امتحانات إلكترونية، ولديها معرفة مسبقة بأن بعض المدارس ليست مستعدة، والسيرفرات لن تتحمل هذا العدد من الطلاب.. لدينا 700 ألف طالب، صعب أن يتحملهم سيستم واحد في نفس التوقيت، إلا بقدرات تكنولوجية هائلة، وللأسف لم يكن لدينا أدوات لقياس مدى قدرة البنية التحتية بالمدارس، لأننا لسنا مهندسين في التكنولوجيا، نحن نضع سياسات تعليمية، ووزارة الاتصالات مسؤولة عن الشق الفني".

ما يلفت الانتباه، أن الدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، قال خلال منتدى شباب العالم الذي عُقد الأسبوع الماضي بشرم الشيخ، إن وزارته نفذت مشروعا لتوصيل خدمات الإنترنت فائق السرعة إلى 2563 مدرسة تعليم ثانوي في كل محافظات مصر بطول 4500 كيلو متر من السنترالات إلى المدارس، أيّ أن وزارة الاتصالات قامت بدورها، وفق كلام طلعت،  وهو ما يثير تساؤلات كثيرة، حول الجهة المسؤولة عن فشل الامتحانات الإلكترونية.. التعليم، أم الاتصالات، أم الاثنين معًا.

لا تهتم الطالبة إيمان، بكون وزارة الاتصالات أم التعليم، هي المسؤولة عن هذا التخبط، ففي النهاية هناك تجربة متكررة الفشل سنويًا، تسببت في أن يتم تشتيت طلاب الثانوية العامة خلال أربعة دفعات متتالية، وجعلهم يركزون على التابلت أكثر من الاهتمام بالمذاكرة والاستعداد للامتحانات، وتقول "جعلونا نهتم بترقب شكل الامتحان، مرة إلكتروني، مرة ورقي، مرة مركزي الوزارة مسؤولة عنها، مرة المدارس هي اللي مسؤولة عنه، وأجبرونا على أن نهمل الهدف الأهم، حتى أصحبنا نهتم بالتابلت أكثر من التعليم، والنتيجة: فشل التابلت، وانهيار التعليم".