أصدقاء الغريب| علاقة عبر الكلمات

منشور الأربعاء 4 أبريل 2018

اسمي رحيل من الأسكندرية. كنت في الإعدادية أعتقد عندما مررت بجانب بائع الكتب المجاور لمدرستي أثناء عودتي للمنزل عندما جذبني عنوان الرواية أسطورة نادي الغيلان. كانت هذه هي بداية معرفتي بالعراب. أتذكر أنني ظللت طيلة الليل أقرأها واستمتعت حقًا وكأنني أكتشف حلمًا جديدًا. أعتقد أنني من يومها لم أعد أذهب إلى مكان يبيع الكتب إلا وأنا أبحث عن اسمه. أبحث عن أثر له وعن جزء منه يسكن كل ورقه وكل حرف.

وكبرت علي كلماته حتي تخرَّجت وبدأت دراستي العليا بالقاهرة. وعندها علمت أنه أخيرا سوف يأتي العراب إلى مكتبة الأسكندرية لحفل توقيع، لم أصدق نفسي.

كان هذا منذ سنة بالضبط. كان عليّ أن أسافر لدراستي، لكنني تركت كل شيء ورائي من أجل بضع لحظات أراها فيه وجها لوجه. وقفت في الطابور الطويل الذي انتظره، استمعت لكلماته وقابلته وجها لوجه أخيرًا وأخذت صورة تذكارية، ووقَّع لي على كتبه. ربما أُعتَبَرُ من المحظوظين الذين أخذوا شيئا من حبره علي ورقهم الذابل. ربما لم تبك عيناي سوى الآن، الآن فقط وأنا أحكي استوعبت أنه بالفعل لم يعد موجودًا. أعتقد أن دموعي تلك تؤكد هذا الواقع.

كنت أظن أنني لو لم أبكِ سيظل الأمر حلمًا سيئًا وأستيقظ. لكنني بكيت، لم أستطع أن أقاوم أكثر. ما أتمنى أن يحدث الآن هو أن نواصل مسيرته، أن نحقق كلماته وأن ننير بأضوائه الباقيه شعلاتنا. أن نزرع حب القرءاة في أطفالنا القادمين، كما هو زرعها فينا . أن نحقق وصاياه وأن ندعو له.

سيظل حيًا بداخلي للأبد، فهو أبي الروحي الذي كنت دائمًا طفلة بين كلماته. طفلة تضحك مع كل سخرية تخرج من فمه الناضج. وتتأمل مع كل حكمة تنبع بداخله. دمت حيا بداخلنا يا أبي. يا أبا الجميع.

مقالات الرأي تعكس آراء وتوجهات كتابها، وليس بالضرورة رأي المنصة.