سكرين شوت من فيديو نشره جيش الاحتلال الإسرائيلي لمجزرة الطحين - المتحدث باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي (إكس)
فلسطينيون يحتشدون للحصول على مساعدات قبل فتح جيش الاحتلال النار عليهم، 29 فبراير 2024.

وثيقة كشفت تعاونها مع جوجل.. إسرائيل تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي في حرب غزة

محمد الخولي
منشور الأحد 14 أبريل 2024 - آخر تحديث الأحد 14 أبريل 2024

كشفت وثيقة خاصة بعملاق خدمات التكنولوجيا والإنترنت الأمريكي شركة جوجل، عن تقديمها خدمات حوسبة سحابية لوزارة الدفاع الإسرائيلية، ودخولها في مفاوضات لتعميق الشراكة مع تل أبيب أثناء الحرب على غزة، حسب تحقيق نشرته مجلة تايم الأمريكية.

وأظهرت الوثيقة، التي اطلعت عليها المجلة، أن وزارة الدفاع الإسرائيلية لديها "منطقة هبوط" خاصة بها على سحابة جوجل Google Cloud، أي نقطة دخول مؤمنة إلى البنية التحتية الحوسبية التي توفرها الشركة، وتسمح للوزارة بتخزين ومعالجة البيانات والوصول إلى خدمات الذكاء الاصطناعي.

وتواجه جوجل منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، اتهامات من قبل موظفين بها بالسماح لجيش الاحتلال الإسرائيلي باستخدام تقنيات الشركة للتعرف على الوجوه في حربه بالقطاع.

وفي 4 مارس/آذار الماضي، قطع إيدي هاتفيلد، وهو مهندس برمجيات في Google Cloud، كلمة المدير الإداري لشركة Google Israel، باراك ريجيف، في مؤتمر صناعة التكنولوجيا الإسرائيلي، وهو مؤتمر سنوي يروج لصناعة التكنولوجيا الإسرائيلية، وصرخ "أنا مهندس برمجيات Google Cloud، وأرفض المساهمة في التكنولوجيا التي تدعم الإبادة الجماعية أو الفصل العنصري أو المراقبة". 

ودشن موظفون في جوجل وأمازون حملة باسم لا تقنية للفصل العنصري/No Tech for Apartheid، للاحتجاج ضد مشروع نيمبوس، واستقال عاملان في جوجل الشهر الجاري احتجاجًا على المشروع.

ونيمبوس هو اتفاق مثير للجدل بين الحكومة الإسرائيلية وشركتي جوجل وأمازون يتعلق بالذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية بقيمة 1.2 مليار دولار أمريكي. وسبق وأشارت تقارير منشورة في الصحافة الإسرائيلية إلى أن جوجل وأمازون محظور عليهما بموجب العقد منع أسلحة معينة في جيش الاحتلال الإسرائيلي من استخدام تقنياتها وفقًا للمشروع.

وحسب مجلة تايم يحتاج تشغيل نظام الذكاء الاصطناعي، على الأرجح، بنية تحتية حوسبية سحابية، مشيرة إلى أنها اطلعت على مسودة عقد مؤرخة في 27 مارس 2024، لا يحدد ما إذا كانت وزارة الدفاع ستستخدم سحابة جوجل ا في أي تطبيقات عسكرية أو في أغراض الاستهداف، إلا أن موظفين بجوجل تحدثوا مع المجلة وقالوا إن "الشركة ليس لديها قدرة كبيرة على مراقبة ما يفعله العملاء على البنية التحتية السحابية التي توفرها، وخاصة الدول ذات السيادة مثل إسرائيل".

وأشارت تايم إلى أنها طلبت تعليقًا من وزارة الدفاع الإسرائيلية إلا أنها لم تستجب لذلك.

وأظهرت الوثيقة أن الوزارة الإسرائيلية سعت إلى الحصول على مساعدة استشارية من جوجل من أجل توسيع قدرتها على الوصول إلى سحابة جوجل ساعية للسماح لـ"وحدات متعددة" بالوصول لتقنيات الأتمتة/automation technologies، وفقًا لمسودة العقد.

وتكشف الوثيقة أيضًا قيام جوجل بتحرير فواتير لوزارة الدفاع الإسرائيلية بأكثر من مليون دولار أمريكي مقابل الخدمة الاستشارية، مشيرة إلى أنه على الرغم من أن نسخة العقد، التي اطلعت عليها مجلة تايم، ليست موقعة من قبل جوجل أو وزارة الدفاع، لكن هناك تعليقًا بتاريخ 27 مارس على الوثيقة، لموظف تابع لجوجل يطلب نسخة تنفيذية من العقد، وذكر أن التوقيعات "سيتم استكمالها بشكل مباشر (offline) حيث أن هذه الصفقة جزء من مشروع نيمبوس مع إسرائيل".

وأشارت الوثيقة إلى أن جوجل أعطت للوزارة تخفيضًا قدره 15% على السعر الأصلي لرسوم الاستشارات بسبب "إطار عمل نيمبوس".

واعتبرت المجلة أن هذه أول مرة يكتشف فيها علنًا وجود عقد يبين أن وزارة الدفاع عميل لدى سحابة جوجل.

ووصفت جوجل مؤخرًا عملها لصالح الحكومة الإسرائيلية بأنه" لأهداف مدنية إلى حد كبير"، وقال متحدث باسم جوجل لتايم في تقرير منشور في 8 أبريل/نيسان الجاري "كنا واضحين جدًا في أن عقد نيمبوس متعلق بالأعمال التي تشغلها وزارات في الحكومة الإسرائيلية مثل المالية والرعاية الصحية والنقل والتعليم على منصتنا التجارية".

وأضاف "عملنا ليس موجهًا لأعمال عسكرية سرية أو شديدة الحساسية تتعلق بالخدمات الاستخباراتية أو الأسلحة".

ولفتت مجلة تايم أيضًا خلال تحقيقها الأخير إلى أنها اتصلت بمتحدث باسم جوجل في 10 أبريل الجاري لطرح أسئلة حول عقد وزارة الدفاع٬ لكنه امتنع عن التعليق.

ووصفت الوثيقة محاولة وزارة الدفاع الإسرائيلية إلحاق/onboard المزيد من الوحدات على سحابة جوجل بأنها "المرحلة 2" من مشروع أوسع لبناء البنية التحتية السحابية للوزارة، فيما لم تصف الوثيقة المرحلة الأولى بشكل صريح، وتشير إلى "عمل سابق نفذته جوجل نيابة عن الوزارة".

وحسب العقد "أنشأت الوزارة بالفعل بنية تحتية لمنطقة هبوط سحابة جوجل كجزء من استراتيجيتها السحابية الإجمالية ولتمكين وزارة الدفاع من نقل التطبيقات لمنصة سحابة جوجل".

وعن المرحلة الثانية يشير العقد إلى أن وزارة الدفاع الإسرائيلية "تهدف إلى تمكين منطقة الهبوط الخاصة بها من خدمة العديد من الوحدات الرئيسية والفرعية. ومن ثم، ترغب في خلق العديد من نماذج الأتمتة المختلفة في منطقة الهبوط الخاصة بها لصالح الوحدات المختلفة استنادًا إلى الممارسات الرائدة التي تعتمدها جوجل، وذلك مع العمليات المناسبة لدعم وتطبيق الممارسات الرائدة، بغرض إرساء بنية الأمن والحوكمة باستخدام أدوات جوجل".

ووثيقة تايم الأمريكية ليست أول تحقيق يتحدث عن استخدام جيش الاحتلال الإسرائيلي التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في الحرب على قطاع غزة، إذ كشف تحقيق استقصائي مشترك لمجلة "+972" وموقع "Local Call" بداية الشهر الجاري، عن تطوير جيش الاحتلال برنامجًا قائمًا على الذكاء الاصطناعي يعرف باسم "لافندر"،  وهو نظام يستخدم لتحديد جميع النشطاء المشتبه بهم في الأجنحة العسكرية لحماس والجهاد الإسلامي بما في ذلك العناصر ذات الرتب المنخفضة واعتبارهم أهدافًا محتملة للتفجيرات.

ونقل التحقيق عن مصادر قولها إنه "خلال الأسابيع الأولى من الحرب، اعتمد الجيش بشكل شبه كامل على لافندر، وسجل ما يصل إلى 37000 فلسطيني كمسلحين مشتبه بهم وتم تحديد منازلهم لشن غارات جوية محتملة".

ونقل التحقيق عن ستة ضباط استخبارات إسرائيليين، خدموا جميعًا في جيش الاحتلال خلال الحرب الحالية على غزة، وكان لهم تورط مباشر في استخدام الذكاء الاصطناعي لتحديد أهداف للاغتيال، أن "لافندر لعب دورًا مركزيًا في قصف غزة خاصة في المراحل الأولى من الحرب".

وفي تصريح صحفي قالت قيادة مركز الذكاء الاصطناعي 8200 الإسرائيلي، إن "إحدى الأدوات المهمة التي قمنا ببنائها وتشغيلها اليوم هي نظام يعرف كيفية العثور على الأشخاص الخطرين"، لافتًا إلى أن ذلك يتم "بناءً على مدخلات من قائمة الأشخاص الذين تم تجريمهم وإدخالهم في النظام. حيث يقوم النظام بهذه العملية في ثوانٍ، وهو ما كان في الماضي يتطلب عمل مئات الباحثين لعدة أسابيع".