حساب جيش الاحتلال الإسرائيلي على إكس
رفع العلم الإسرائيلي داخل معبر رفح من الناحية الفلسطينية، 7 مايو 2024

هل تمثل سيطرة إسرائيل على معبر رفح خرقًا لمعاهدة السلام؟

محمد نابليون
منشور الثلاثاء 7 مايو 2024

بعد ساعات من تداول أنباء عن قرب التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، عبر المفاوضات التي تتم برعاية مصرية قطرية أمريكية، باغت جيش الاحتلال الإسرائيلي متابعي مسار المفاوضات باجتياح شرق مدينة رفح بمعداته الحربية، وصولًا إلى معبر رفح من الجانب الفلسطيني.

وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، الثلاثاء، السيطرة على الجانب الفلسطيني من معبر رفح، فيما أشارت هيئة المعابر في غزة إلى توقف حركة المسافرين ودخول المساعدات بشكل كامل إلى القطاع.

التصعيد الإسرائيلي، الذي وصفته السلطات المصرية بـ"الخطير"، كان محل تنديد من وزارة الخارجية المصرية، التي طالبت في بيان، الثلاثاء، جميع الأطراف الدولية المؤثرة بـ"التدخل وممارسة الضغوط اللازمة لنزع فتيل الأزمة الراهنة، وإتاحة الفرصة للجهود الدبلوماسية لتحقق نتائجها المرجوة".

وفي الوقت الذي لم يشر فيه بيان الخارجية إلى ما إذا كان الإجراء الإسرائيلي يتضمن خرقًا لمعاهدة السلام وملحقها الأمني الموقعين بين مصر وإسرائيل من عدمه، عدّ خبيران عسكريان الخطوة الإسرائيلية مخالفة واضحة لبنود المعاهدة، تتضمن مراوغة متوقعة من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو لتعطيل مسار التفاوض.

أهداف إسرائيل

يرى المسؤول السابق بجهاز المخابرات الحربية وخبير الأمن القومي اللواء محمد عبد الواحد، أن نتنياهو يتبنى منذ اللحظات الأولى الحل العسكري والأمني، قائلًا "كل مقارباته كانت مقاربات أمنية وعسكرية بعيدة كل البعد عن أي مقاربة سياسية، ويرفض التفاوض بشكل عام".

وبرر عبد الواحد لـ المنصة دخول الحكومة الإسرائيلية مسار التفاوض رغم توجهات نتنياهو تلك، بقوله إنه "يذهب للتفاوض للإيحاء فقط للآخرين، سواء الداخل وما يعانيه منه من ضغوط بسبب الأسرى، أو للمجتمع الدولي، أنه يريد السلام وتحرير الأسرى بخيار التفاوض".

وأوضح أن رغبة نتنياهو في دخول رفح وراءها أهداف عدة معلنة وغير معلنة منها السيطرة على قطاع غزة، ووضع ترتيبات أمنية داخله، عوضًا على الاستفادة الاقتصادية والعسكرية والأيديولوجية إرضاءً لليمين المتطرف هناك، وقال "نتنياهو يسعى لفرض أمر واقع بتنفيذ عملية عسكرية يستطيع من خلالها الضغط على المقاومة"، مضيفًا "ومع كل هذا هتلاقيه بيتفاوض برضه".

واتفق مع هذا الطرح الخبير العسكري والاستراتيجي اللواء سمير فرج بقوله لـ المنصة إن "نتنياهو بيعمل كل ده علشان يعطل مسار التفاوض والوصول لقرار بوقف إطلاق النار".

وحول الدور المنتظر من مصر تجاه ذلك، أكد فرج "يجب إن إحنا نتحلى بالحكمة والصبر، ونحتفظ بحقنا في الرد لحين الوصول إلى اتفاق هدنة".

وتابع "نتنياهو عاوز يولع الدنيا، وإحنا لو مشينا وراه يبقى هو حقق هدفه، إحنا الكرة في إيدينا ونقدر نعمل اللي إحنا عاوزينه في التوقيت اللي إحنا عاوزينه".

وأكدت وزارة الخارجية في بيانها أن التصعيد الإسرائيلي الخطير يهدد حياة أكثر من مليون فلسطيني يعتمدون اعتمادًا أساسيًا على معبر رفح باعتباره شريان الحياة الرئيسي لقطاع غزة، والمنفذ الآمن لخروج الجرحى والمرضى لتلقي العلاج، ولدخول المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى الفلسطينيين فى غزة.

خرق المعاهدة

ولم يتردد أي من الخبيرين العسكريين في وصف ما أقدمت عليه إسرائيل بالخرق الواضح لمعاهدة السلام بينها وبين مصر، إذ قال عبد الواحد إنه وفقًا لبنود المعاهدة فإن المنطقة "د" وهي آخر نقطة في الحدود الفلسطينية مع مصر التي يقع فيها محور فيلادلفيا ومعبر رفح، محظور الوجود العسكري عليها إلا بعدد معين من القوات الإسرائيلية "ولا يجوز لإسرائيل إنها تزود أي فرد أو إنها تدخل بقوات عسكرية كبيرة أو معدات حربية ثقيلة كالتي أظهرتها مقاطع الفيديو المصورة هناك إلا بالتنسيق مع مصر".

وأكد عبد الواحد أنه "دون التنسيق، يعتبر ما أقدمت عليه إسرائيل إخلالًا بمعاهدة السلام والبروتوكول الأمني للمعابر الموقع عام 2005".

ومن ناحية أخرى يرى اللواء سمير فرج أن التوغل الإسرائيلي حتى الجانب الفلسطيني من معبر رفح يعد خرقًا لبنود أخرى من معاهدة السلام بوصفه يمثل "تهديدًا غير مباشر للأمن المصري"، قائلًا "إحنا نرد عليه في التوقيت اللي إحنا عاوزينه". 

ودعت مصر، عبر وزارة الخارجية، الجانب الإسرائيلي، إلى "ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، والابتعاد عن سياسة حافة الهاوية ذات التأثير بعيد المدى، التي من شأنها أن تهدد مصير الجهود المضنية المبذولة للتوصل إلى هدنة مستدامة داخل قطاع غزة".

سيناريوهات التعامل المصري 

وحول السيناريوهات المصرية المتوقعة للتعامل مع الموقف، أكد عبد الواحد أن الأمر يظل متروكًا للقيادة السياسية، لمواجهة الخرق الإسرائيلي بوصفه إجراء ضد السيادة المصرية ويعرض الأمن القومي للخطر، قائلًا "يبقى فيه عمليات على الحدود بهذا الشكل من شأنه أن يربك المنطقة، بمعنى إنه يخلق منطقة طول النهار فيها قصف وضرب للمستشفيات والأماكن الحساسة فيخلق بيئة غير مواتية للحياة الطبيعية في رفح، ثم بعد ذلك يزق السور بدبابة فيكسره ويخلي الفلسطينيين يدخلوا بالقوة لسيناء زي ما حصل في 2008".

وأوضح أن القرار السياسي الخاص برد الفعل المصري يخضع لحسابات الربح والخسارة وترتيبات القوى الإقليمية والدولية، مضيفًا "أتخيل إنه يبقى فيه تفاهمات، بحيث لا يتم السماح بدخول الفلسطينيين بالقوة إلى سيناء، ولكن تظل سيطرة القوات الإسرائيلية بهذا الشكل على معبر رفح تهدد الأمن القومي المصري، ومصر تظل حذرة لهذا الموضوع".

أما فرج فمع تأكيده أيضًا على امتلاك القيادة السياسية ممثلة في رئيس الجمهورية لزمام تحديد رد الفعل المصري في هذا الشأن، بوصفه قرار دولة، فإنه أكد أن أبسط رد فعل قد تتبناه مصر هو تجميد العمل بمعاهدة السلام "وستصبح إسرائيل وقتها هي الخاسرة".

وكانت إسرائيل، أكدت أمس إصرارها على مواصلة العملية في رفح، رغم إعلان حركة حماس الموافقة على المقترح المقدم من الوسطاء بشأن الهدنة، في وقت قال مسؤول أمريكي إن الضربات الإسرائيلية على رفح "لا تمثل عملية عسكرية كبرى".

وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، في بيان أمس إن "مجلس الحرب قرر بالإجماع مواصلة العملية في رفح من أجل ممارسة ضغط عسكري على حماس وتحقيق الأهداف الأخرى للحرب"، وفق موقع العين الإخبارية.

وأضاف أن "مجلس الحرب قرر إرسال وفد إلى القاهرة للتفاوض على اتفاق يحمل شروطًا مقبولة لإسرائيل".

وتنص بنود اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل على إنهاء الحرب بين الدولتين وإقامة علاقات ودية بينهما، وتم توقيعها في البيت الأبيض يوم 26 مارس/آذار 1979 بعد أشهر من اتفاق إطاري للسلام في منتجع كامب ديفد الرئاسي بالولايات المتحدة الأميركية يوم 17 سبتمبر/أيلول 1978.

وقع الاتفاقية كل من الرئيس المصري محمد أنور السادات ورئيس الحكومة الإسرائيلية مناحيم بيغن وحضرها الرئيس الأميركي جيمي كارتر، وتعدّ أول خرق للإجماع العربي الرافض للاعتراف بإسرائيل.

وبعد التوقيع مرّت العلاقات بين مصر وإسرائيل بمحطات من التوتر وتبادل الاتهامات حول مدى الالتزام بمقتضيات الاتفاقية، وفي 11 فبراير/شباط 2024 تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن تهديد مصري بتعليقها "إذا تحرك جيشها بريا في رفح".