موقع الهيئة القومية للتأمين
أصدرت محكمة استئناف القاهرة حكمًا يمهد للطعن على دستورية إحدى مواد قانون التأمينات والمعاشات

"يُميز الوزراء وكبار الموظفين".. حكم قضائي يهدد دستورية قانون المعاشات

محمد نابليون
منشور الاثنين 2 ديسمبر 2024 - آخر تحديث الاثنين 2 ديسمبر 2024

أصدرت محكمة استئناف القاهرة مؤخرًا حكمًا قضائيًا، صرَّحت فيه لمحامي دار الخدمات النقابية والعمالية بالطعن أمام المحكمة الدستورية العليا، على دستورية المادة 27 من قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات،  لتميزها كبار موظفي الدولة في قواعد صرف معاشاتهم عن باقي فئات الموظفين المؤمن عليهم  بالمخالفة للدستور.

ورفعت دار الخدمات النقابية الدعوى بعدما فوجئ العامل السابق بمطار القاهرة الجوي شعبان عمر، لدى بلوغه السن القانونية للتقاعد في 2022 بتسوية معاشه ليتقاضى فقط 2800 جنيه شهريًا، في حين أن راتبه الشهري كان يبلغ 11 ألف جنيه قبل التقاعد، وقضى مدة خدمة تجاوزت 35 عامًا، حسب بيان لدار الخدمات أمس.

وطالبت الدار في الدعوى التي رفعتها بالوكالة عن عمر، برقم 9242 لسنة 2023 أمام محكمة جنوب القاهرة في 25 ديسمبر/كانون الأول 2023، بتسوية معاشه أسوة بكبار موظفي الدولة، استنادًا للمادة المشار إليها، والتي تقر قواعد مغايرة لاحتساب معاشات كبار موظفي الدولة تميزهم دونًا عن باقي الموظفين، مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها صرف الفروق المالية بأثر رجعي من تاريخ خروجه على المعاش.

لكن محكمة أول درجة رفضت الدعوى، قبل أن تقيم الدار استئنافًا على الحكم وتقبله محكمة الاستئناف، وتصرح للدار بالطعن على المادة أمام المحكمة الدستورية، وقررت تأجيل الدعوى لجلسة 9 مارس/آذار 2025 لاتخاذ إجراءات الطعن.

وتنص المادة 27 من قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات رقم 148 لسنة 2019 على أن "يسوى معاش كل من يشغل فعليًا منصب نائب رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الشيوخ ورئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء ونوابهم والمحافظين ونوابهم بواقع جزء من عشرة أجزاء من أجر التسوية عن كل سنة خدمة قُضيت في المنصب".

وذكرت الدار أن الهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية تستند لمعيار يسمى "المعامل الاكتواري" في احتساب المعاشات، تفرّق بموجبه بين طريقة احتساب معاشات كبار موظفي الدولة بواقع  1/10 أي جزء من عشرة أجزاء من أجر التسوية عن كل سنة قضاها الموظف في الخدمة، في حين يتم احتساب معاشات باقي الفئات بواقع  1/45 أي جزء من 45 جزء من ذلك الأجر.

وتعرِّف دار الخدمات "المعامل الإكتواري" بوصفه رقم يستخدم لحساب مقدار المعاش الذي يحصل عليه العامل عند التقاعد، ويعتمد على عوامل مثل العمر، عدد سنوات العمل، والمدخرات، موضحة أن زيادة الرقم المقسوم عليه المعامل، تؤدي إلى تقليص المبلغ الإجمالي للمعاش.

من جانبه تساءل المستشار القانوني لدار الخدمات النقابية أشرف الشربيني، عن مبرر تمييز كبار الموظفين في احتساب المعاش إلى هذا الحد، قائلًا "ما أنت بتدي له مرتب كبير وبالتالي فأكيد معاشه هيبقى كبير، لكن أنت تلعب في المعامل الإكتواري بالشكل الفظيع ده بدون مبرر خاصة إنه حتى لو احتسب لهم المعاش بنفس طريقة احتساب معاشات باقي الموظفين معاشاتهم هتبقى كبيرة برضه".

وأضاف الشربيني لـ المنصة، أنهم في طور إعداد الدعوى الدستورية للطعن على نص المادة، مرجحًا إقامتها أمام المحكمة الدستورية في غضون ثلاثة أسابيع، مؤكدًا أن المحكمة الدستورية العليا سبق لها التأكيد في أحكام لها على عدم جواز تغيير المعامل الإكتواري لاحتساب المعاشات بين فئات الموظفين المختلفة.

وفي السياق ذاته، أكدت الدار أن طريقة احتساب المعاشات تلك تشكل ظلمًا فادحًا يؤسس لعدم المساواة بين المواطنين، وتعمّق الفجوة الاجتماعية في ظل أزمة اقتصادية طاحنة تعاني منها غالبية فئات الشعب "وبناءً عليه نأمل أن تقضي المحكمة الدستورية بعدم دستورية المادة 27 من قانون التأمينات الاجتماعية، تأسيسًا لمبدأ العدالة والمساواة بين جميع المواطنين".

وأشارت إلى أن تلك المادة تخالف بشكل صريح نص المادة 53 من الدستور التي تنص على أن "المواطنين لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعي، أو الانتماء السياسي، أو الجغرافي، أو لأي سبب آخر".

وعلقت الدار "نؤمِن بأن تحقيق المساواة يتطلب النظر في النصوص القانونية بما يتماشى مع الدستور، الذي يضمن تكافؤ الفرص والمساواة في الحقوق والواجبات، وألا يُسمح باستمرار هذا التمييز الجائر الذي يكرس التفاوت بين فئات الشعب ويضر بمبادئ العدالة الاجتماعية".

يأتي ذلك في وقت ينظر البرلمان  تعديل قانون الإيجار القديم الذي لطالما أثار الجدل، إثر حكم من المحكمة الدستورية في 9 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بعدم دستورية ثبات أجرة الأماكن المؤجرة لأغراض السكن الخاضعة للقانون رقم 136 سنة 1981، المعروف بقانون الإيجار القديم، وألزمت مجلس النواب بالتدخل "لإحداث التوازن في العلاقة الإيجارية".