
عشية الحشد في رفح.. إلغاء مظاهرة لـ"الحركة المدنية" ضد تهجير الفلسطينيين
عشية حشد جماهيري أمام معبر رفح، شارك فيه المئات أمس الجمعة لرفض مقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتهجير سكان غزة إلى مصر والأردن، أصدر قاضي الأمور المستعجلة بمحكمة جنوب القاهرة، أحمد خفاجي، يوم الخميس الماضي، قرارًا بإلغاء تظاهرة للحركة المدنية الديمقراطية كان مقررًا تنظيمها بعد غدٍ الاثنين أمام السفارة الأمريكية بالقاهرة، من أجل السبب ذاته.
وتقدم منسق الحركة المدنية الديمقراطية طلعت خليل، وعدد من قيادات وأعضاء الحركة، الأربعاء الماضي، بطلب إلى مأمور قسم شرطة قصر النيل لتنظيم الوقفة الاحتجاجية أمام السفارة الأمريكية، وأوضحوا أنهم سيرددون شعارات تندد بتصريحات ترامب الداعية لتهجير سكان غزة، وسيسلمون السفارة في نهاية الوقفة عريضةَ احتجاج.
وضمت قائمة الموقعين على الطلب من قيادات الحركة المدنية كلًا من حمدين صباحي، ورئيس مجلس أمناء الحركة المدنية الديمقراطية مدحت الزاهد، ورئيس حزب المحافظين أكمل قرطام، ورئيسة حزب الدستور جميلة إسماعيل، ورئيس حزب الكرامة السيد الطوخي، وأستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة مصطفى كامل السيد، ورئيس الجمعية الوطنية للتغيير عبد الجليل مصطفى، إلى جانب عدد آخر من قيادات وأعضاء الحركة.
واستند القرار إلى مذكرة قدمها مدير أمن القاهرة، اللواء طارق راشد، زعم فيها وجود "تحركات قد تهدد الأمن والسلم" في حال الموافقة على إقامة الوقفة الاحتجاجية التي ستشهد مشاركة عدد ممن وصفهم بـ"العناصر الإثارية"، لم يُسمِّهم.
كما قالت المذكرة الأمنية إن موقع الوقفة يخالف قرار مديرية أمن القاهرة رقم 37 لسنة 2017، الذي يحظر التظاهر في محيط 800 متر من أي موقع حيوي أو مرفق عام أو مقر بعثة دبلوماسية.
إلى ذلك، شارك المئات أمس في حشد نظمته أحزاب وقوى سياسية وجمعيات أهلية من مختلف محافظات الجمهورية، في وقفة أمام معبر رفح رُفعت فيها أعلام مصر وفلسطين، ورددت هتافات رافضة لتصريحات ترامب وأخرى ضد تهجير الفلسطينيين بالإضافة إلى "أنا دمي فلسطيني" وفق تغطية صحيفة الشرق الأوسط، التي نقلت عن محافظ شمال سيناء اللواء خالد مجاور قوله "جميع طوائف الشعب المصري تتظاهر أمام معبر رفح البري تأييدًا لقرار الرئيس عبد الفتاح السيسي بعدم تهجير الشعب الفلسطيني".
كما عرضت القاهرة الإخبارية لقطات تظهر مئات المحتجين وهم يلوحون بأعلام مصرية وفلسطينية وأردنية بالقرب من معبر رفح الحدودي، وهي منطقة عسكرية تخضع لحراسة مشددة لا يمكن الوصول إليها إلا بمواكبة رسمية.
"بعيدًا عن المظاهرات المعلبة"
وتعليقًا على الإشارة إلى مشاركة "عناصر إثارية" في الوقفة، قال منسق الحركة طلعت خليل لـ المنصة "دي حجة دايمًا وزارة الداخلية بتقولها في كل طلباتنا التي نقدمها لعمل مظاهرات"، متسائلًا " إلى متى سيظل الأمن يفكر بهذه الطريقة؟".
وردًا على ما استند إليه قرار إلغاء المظاهرة من أسباب، أكد خليل أن ذلك أيضًا يأتي ضمن الأسباب الواهية التي دائمًا ما يستند إليها الأمن في إلغاء مظاهراتنا "لأننا قدمنا الطلب مستوفيًا للشروط والبيانات الشخصية التي نص عليها قانون التظاهر، وبالتالي فإننا نظل مسؤولين عن المظاهرات إذا ما خرجت عن إطارها المقدم عنه الطلب ونحاسب وفقًا للقانون".
وشدد خليل على ضرورة أن تعيد وزارة الداخلية النظر في موقفها من أحزاب الحركة المدنية الديمقراطية وطلباتها "لأن اللُحمة الشعبية لا بد أن تكون قوية ومعبرة بعيدًا عن المظاهرات المعلبة"، على حد وصفه.
ويجزم خليل بأن المظاهرات التي تتبناها السلطات لا تحقق الهدف منها، موضحًا "الخارج يعلم تمامًا عبر السفارات الأجنبية بالكامل وليست السفارة الأمريكية وحدها، أن هذه المظاهرات موجهة من الحكومة وليست مظاهرات شعبية حقيقية، وهذا يصعب الموقف السياسي المصري وهذا ما نخشاه".
وفي النهاية أكد خليل، أن أخذ تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي المناهضة للتهجير على محمل الجد، يستدعي اتخاذ بعض الإجراءات تتضمن السعي حثيثًا للبدء في عمليات إعادة إعمار غزة بمشاركة مصرية قوية، إلى جانب فتح المجال العام المصري لعمل جبهة داخلية قوية وموحدة وما يستلزمه ذلك من إخراج كافة سجناء الرأي "دي أمور عملية".
ونظريًا، يتيح القانون رقم 107 لسنة 2019 الحق في تنظيم التظاهرات السلمية بمجرد إخطار قسم أو مركز الشرطة الذي يقع بدائرته مكان التظاهرة قبل بدايتها بثلاثة أيام عمل على الأقل وبحد أقصى 15 يوم عمل، على أن يتضمن الإخطار مكان التظاهرة وموعد بدئها وانتهائها وموضوعها وأسماء الأفراد أو الجهة المنظمة لها.
لكن تعديلات تشريعية أدخلتها السلطات على القانون في عام 2017 منحت وزبر الداخلية أو مدير الأمن المختص الحق في اللجوء إلى محكمة الأمور المستعجلة، لإلغاء أو إرجاء موعد التظاهرة، حال حصول جهات الأمن على معلومات جدية أو دلائل عن وجود ما يهدد الأمن والسلم.
ويعد رفض طلب الحركة المدنية هذه المرة، هو الثالث من نوعه منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، إذ سبق لمحكمة الأمور المستعجلة إلغاء طلبين سابقين للحركة كان آخرهما في 8 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بينما رُفض الطلب الأول في أعقاب أيام قليلة من اندلاع الحرب في أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وتمنع السلطات، منذ بداية الحرب على قطاع غزة، تنظيم أي تظاهرات أو وقفات احتجاجية للتضامن مع أهالي القطاع، عبر إلقاء القبض على المشاركين فيها، وكان آخرها في 7 أكتوبر الماضي، حينما ألقت قوة من الشرطة بلباس مدني القبض على بضع أفراد تجمعوا أعلى كوبري 15 مايو، فوق نيل الزمالك، حاملين أعلام فلسطين ولبنان، في ذكرى مرور عام على طوفان الأقصى.