صفحة هيئة قناة السويس على فيسبوك
حركة الملاحة في قناة السويس، 6 أغسطس 2023

تهديدات ترامب بتهجير سكان غزة تؤخر تعافي "قناة السويس"

محمد إسماعيل
منشور الاثنين 3 فبراير 2025

توقع مسؤولون بخطوط الشحن ووكالات ملاحية أن تؤثر تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن تهجير الفلسطينيين إلى الأردن ومصر، على سرعة تعافي قناة السويس، مؤكدين لـ المنصة أن عودة حركة الملاحة في القناة إلى طبيعتها ستحتاج بعض الوقت، وقد تشهد تحسنًا في منتصف العام الجاري.

واليوم، شهدت قناة السويس عبور ناقلة البترول CHRYSALIS ضمن قافلة الجنوب في رحلتها القادمة من ميناء سيكا بالهند إلى ميناء سيدي كرير بالإسكندرية، في العبور الأول للناقلة التي ترفع علم ليبيريا منذ تعرضها لهجوم في منطقة البحر الأحمر يوليو/تموز الماضي.

ومنذ ديسمبر/كانون الأول 2023، بدأت الخطوط العالمية، تعديل مسارها للدوران من رأس الرجاء الصالح بدلًا عن منطقة البحر الأحمر التي تعد أقصر الطرق التجارية بين أوروبا وآسيا عبر المرور من قناة السويس، بهدف تجنب هجمات مسلحة نفذتها جماعة الحوثي اليمنية ضد السفن العابرة، ردًا على التصعيد العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة.

وساهمت تداعيات الحرب الإسرائيلية في خفض إيرادات قناة السويس، التي تعد ضمن مصادر البلاد الرئيسية من النقد الأجنبي، بأكثر من 60% خلال العام المالي 2023-2024.

ونجحت الوساطة المصرية القطرية الأمريكية منتصف يناير/كانون الثاني الماضي، في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة بين جيش الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس، الأمر الذي تعول عليه هيئة قناة السويس لتحقيق مستهدفاتها من الإيرادات التي تقدر بحوالي 10 مليارات دولار كل عام.

لكن في 21 يناير، أعلنت إم إس سي ميديترينيان شيبنغ/MSC Mediterranean Shipping أكبر شركة لشحن الحاويات في العالم أنها لم تحدد بعد موقفها النهائي للعبور من قناة السويس، كون الأوضاع في منطقة البحر الأحمر لم تتضح بعد.

التعافي ليس قبل منتصف 2025

ويقول رئيس مجلس إدارة مجموعة شركات تورنيدو للملاحة واليخوت محمد موسى إن الهدنة التي تم الاتفاق على تطبيقها في قطاع غزة ظهرت بوادرها سريعًا إذ بدأت الخطوط الملاحية في عقد لقاءات مع هيئة قناة السويس، ما يشير إلى "يقين هذه الكيانات بأن الممر المائي المصري الأفضل والأمثل لها حتى وإن توفرت بدائل أخرى".

وأضاف موسى لـ المنصة أن هناك "رغبة قوية" لتهدئة الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، ما سينعكس على توجهات الخطوط الملاحية، خاصة وأن "شركات أمريكية ملاحية تضررت بسبب الاعتماد على رأس الرجاء الصالح كمسار بديل للمجرى المصري".

لكن التعافي المرتقب لحركة الملاحة في القناة لا زال مرهونًا بثلاث عوامل رئيسية، وفقًا للمدير التجاري لخط وان اليابانى أحمد طارق، أهمها استقرار الأوضاع بشكل كامل، وانخفاض تكاليف التأمين على السفن من مستوياتها المرتفعة حاليًا، إضافة إلى ضمان عدم وجود أي حروب تجارية مرتقبة تشنها الولايات المتحدة الأمريكية على منطقة الشرق الأوسط.

وأضاف طارق لـ المنصة أن إيرادات قناة السويس "ستتعاظم" بعد مرور الوقت الكافي لاستقرار الأوضاع في الممر المائي، مشيرًا إلى أن الاستثمارات التي ضختها شركات الشحن العالمية في السفن الجديدة خلال الفترة من 2020 وحتى نهاية العام الماضي تعزز من فرص نمو هذه الإيرادات في الفترة المقبلة.

وأشار إلى أن الخطوط الملاحية ستبدأ من مارس/آذار المقبل وضع خريطتها الملاحية للعام المقبل، وستأخد في اعتبارها العودة للعبور من قناة السويس، لكن ذلك سيظل مرهونًا بالعوامل السابقة.

وقال إن "شركات الشحن تعاملت على مدار الـ15 شهرًا الماضية في الممرات البديلة، ولم يكن لديها أي مشاكل سوى في زمن الرحلة والتكاليف الإضافية، وهذه الأمور قليلة التأثير مقارنةً بمخاطر منطقة باب المندب في الوقت الراهن".

الأمن قبل الحوافز المالية

واستبعد طارق أن تكون الحوافز والتخفيضات التي تقرها هيئة قناة السويس، هي العامل الرئيسي لعودة العبور من المجرى الملاحي المصري، موضحًا أن "الرسوم المنخفضة بمثابة عامل مساعد ومشجع بالتأكيد، لكن لا يعني ذلك تجاهل الشركات المخاطر الكبرى والأقساط التأمينية المرتفعة على المراكب والبضائع حال تغيير مسارها لمنطقة باب المندب بدلًا عن رأس الرجاء الصالح بالوقت الراهن".

وقبل عام زادت قناة السويس رسوم العبور من خلالها، وقال رئيس هيئة القناة في تصريحات إعلامية إن الرسوم ليست العامل الحاسم في جذب السفن للقناة في ظل المخاوف الأمنية آنذاك من التوتر في المنطقة.

واتفق المدير العام لشركة سيدي كرير للخدمات الملاحية أسامة عبد المعطي مع الرأي السابق، وأكد أن هيئة قناة السويس تسعى في الوقت الحالي إلى محاولة اقناع الخطوط الملاحية بالعودة مرة أخرى وفي أقرب وقت ممكن، لكن "التوترات الجيوسياسية مازالت قائمة وتحديد طبيعة وشكل المرحلة المقبلة صعب خاصة بعد تصريحات الرئيس الأمريكي بتهجير الشعب الفلسطيني وهناك تخوفات بعدم اكتمال الهدنة المعلنة".

وأوضح عبد المعطي لـ المنصة أن خريطة الشحن العالمية بكل مجالاتها ستكون أكثر وضوحًا في منتصف العام الجاري، في ظل صعوبة تغيير مسار رحلاتها وتعاقداتها في فترة قصيرة.

والأسبوع الماضي، دعا ترامب مصر والأردن لاستقبال عدد من سكان قطاع غزة، لكن دعوته قوبلت بالرفض القاطع من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بقوله إن ترحيل وتهجير الشعب الفلسطيني "ظلم لا يمكن أن نشارك فيه"، كما قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي إن الأردن للأردنيين، وفلسطين للفلسطينيين.

لكن الرئيس الأمريكي جدد دعوته في وقت لاحق الجمعة الماضية، خلال لقاء مع الصحفيين في البيت الأبيض، قائلًا إن مصر والأردن "سيفعلان ذلك (...) نحن نقدم لهما الكثير، وسوف يفعلان ذلك".

والجمعة الماضية، شارك المئات في حشد نظمته أحزاب وقوى سياسية وجمعيات أهلية من مختلف محافظات الجمهورية، في وقفة أمام معبر رفح رُفعت فيها أعلام مصر وفلسطين، ورددت هتافات رافضة لتصريحات ترامب وأخرى ضد تهجير الفلسطينيين، وفق تغطية صحيفة الشرق الأوسط.

ومنذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة أثير موضوع توطين سكان القطاع في سيناء، وهو ما أكدت مصر رفضه مرارًا.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2023، رفض السيسي تهجير سكان قطاع غزة إلى صحراء سيناء، معتبرًا أن "ذلك يعني تصفية القضية الفلسطينية".