أقر المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية/الكابينت، فجر الجمعة، خطة اقترحها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو "للسيطرة العسكرية الكاملة" على مدينة غزة، بالتوازي مع توفير مساعدات إنسانية للفلسطينيين "خارج مناطق القتال"، وفق ما نقل I24 NEWS الإسرائيلي.
وخلال الاجتماع الذي استمر أكثر من ست ساعات، رفض الكابينت مقترحًا بخطة بديلة قدمها رئيس أركان جيش الاحتلال إيال زامير، وصوّت لصالح خطة نتنياهو التي تقوم على خمسة مبادئ أساسية هي: نزع سلاح حركة حماس، واستعادة الأسرى الإسرائيليين "أحياءً أو جثامين"، وفرض سيطرة أمنية إسرائيلية على القطاع، وإقامة إدارة مدنية بديلة لا تضم حماس أو السلطة الفلسطينية، وضمان استمرار الأمن عبر تواجد عسكري دائم.
وبحسب القناة 14 الإسرائيلية، تتضمن الخطة السيطرة على مدينة غزة على مراحل، مع نقل السكان إلى جنوب القطاع بعد توزيع مساعدات واسعة، وهو ما عارضه وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير. ونقلت القناة عن مصدر حضر الاجتماع قوله إن "الخطة ليست الأمثل، لكنها أفضل من مقترح زامير".
ووصفت القناة القرار بأنه لا يرضي قطاعات من الرأي العام الإسرائيلي لعدم تضمينه تشجيع "هجرة الفلسطينيين إلى الخارج"، لكنها اعتبرت أن زيادة الضغط العسكري قد تسرع في إطلاق سراح الأسرى.
وقال المراسل السياسي للقناة يعقوب باردوجو، إن قرار مجلس الوزراء "يتجه نحو أمور لم نكن نعرفها من قبل، ويجب أن نبدأ بالبند الخامس الذي ينص جوهريًا على أنه سينقل المسؤولية في قطاع غزة فورًا إلى هيئة مدنية لا تتضمن حماس أو السلطة، بعد القضاء على حماس".
وأضاف باردوجو "نتحدث منذ أشهر عن هيئة إماراتية-سعودية تُعنى بالقضية المدنية في غزة، الخطة التي أقرّها مجلس الوزراء، على حدّ علمي، مُنسقة بشكلٍ مباشر مع الرئيس ترامب، وهذا يُشير إلى أن خطة الهجرة الطوعية التي يُريدها بشدة ستُدمج أيضًا في المادة الخامسة من قرار مجلس الوزراء".
في المقابل، هاجم زعيم المعارضة يائير لابيد القرار، واصفًا إياه بأنه "كارثة ستؤدي إلى المزيد من الكوارث"، واتهم بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش بدفع نتنياهو إلى خطوات "عشوائية وطويلة الأمد" تهدد بانهيار سياسي واقتصادي.
الإبادة مستمرة
من جانبه، اعتبر المحلل السياسي الفلسطيني عصمت منصور، في تصريح لـ المنصة، أن القرار يعني "استمرار حرب الإبادة الجماعية وقطع الطريق أمام أي تسوية أو جهود دبلوماسية"، مضيفًا "حتى لو وافق نتنياهو فيما بعد على تشكيل لجنة فلسطينية لإدارة غزة، فستكون وفق شروط محددة وتعجيزية، وأقل من سقف توقعات واحتياج الفلسطينييم بعد ما عانوه قرابة عامين".
وأوضح منصور أن قرار إسرائيل الأخير يأتي وفق خطة وضعها نتنياهو وحدد مبادئها الخمسة، وهو ما يؤكد استكماله لخطته الأساسية منذ اليوم الأول لحرب الإبادة، ونيته باحتلال كامل القطاع وتحويل المدن إلى رمال وخيام كما حدث في معظم مناطق سيطرته العسكرية على طول الحدود الشرقية والجنوبية والشمالية، وتحول رفح وجباليا وبيت لاهيا وبيت حانون وشرق خانيونس وغزة، إلى مناطق مدمرة بالكامل سكانها نازحون في خيام على الشريط الغربي.
وتابع "نتنياهو يريد الوصول إلى هدفه بتهجير الغزيين إلى الخارج، وخطته تستكمل ما بدأه قبل عامين حيث ينوي دفع المواطنين من المناطق الشمالية إلى الجنوب"، مؤكدًا أنّ الخطة الفلسطينية الوحيدة التي من المفترض العمل عليها لمواجهة المخططات الإسرائيلية، هي إنهاء الإنقسام الفلسطيني بقرارات سياسية حاسمة وواضحة.
ودعا منصور حماس إلى تبني خطة سياسية واضحة والتخلي عن الشعارات التي تطرحها في المقابلات الصحفية والإعلامية والبيانات الصادرة عنها، محذرًا من استمرار الاحتلال في التوسع والسيطرة بالضفة الغربية وغزة ما لم يحدث ذلك.
وحماس تناشد المجتمع الدولي
وجاء رد حماس عبر بيان نشرته على تليجرام اتهمت فيه إسرائيل بالتلاعب في الألفاظ "استبدال مصطلح "احتلال" بـ"سيطرة"، ليس سوى التفاف مفضوح للهروب من مسؤوليته (الاحتلال) القانونية عن تبعات جريمته الوحشية ضد المدنيين، ويمثل في ذات الوقت اعترافًا ضمنيًا بأن مخططه يمثل انتهاكًا لاتفاقيات جنيف".
وفسرت الحركة عبر بيانها أن القرار يعني عدم كتراث نتنياهو "وحكومته النازية بمصير أسراهم"، مضيفة أن القرار "يفسّر بوضوح سبب انسحاب الاحتلال المفاجئ من جولة التفاوض الأخيرة، التي كانت على وشك التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى".
وأعاد بيان حماس مصر وقطر إلى المشهد قائلًا أنه "خلال التواصل مع الوسيطين المصري والقطري، قدّمت الحركة كل ما يلزم من مرونة وإيجابية لإنجاح جهود وقف إطلاق النار"، واستعدادها "الذهاب نحو صفقة شاملة للإفراج عن جميع أسرى الاحتلال دفعة واحدة، بما يحقق وقف الحرب وانسحاب قوات الاحتلال".
وحذرت حماس في بيانها من أن خطط نتنياهو ستبوء بالفشل، وحملت الإدارة الأمريكية المسؤولية الكاملة عن جرائم الحرب التي يرتكبها الاحتلال، بسبب منحها الغطاء السياسي والدعم العسكري المباشر.
كما طالبت الأمم المتحدة، ومحكمتي العدل الدولية والجنائية الدولية، بالتحرك العاجل لوقف هذا المخطط.
وفي 18 مارس/آذار الماضي، رفضت إسرائيل استكمال المرحلة الثانية من هدنة أقرتها في يناير/كانون الثاني الماضي، كان من المقرر أن تمتد إلى نهاية العدوان على غزة، واستأنفت حربها في القطاع التي بدأتها منذ السابع من أكتوبر 2023.