نظَّم مناصرون لحزب الله اللبناني مساء أمس، تظاهرات احتجاجية وقطعوا طرقًا رئيسية في عدد من المدن، رفضًا لقرار الحكومة حصر السلاح بيد الدولة، قبل أن يوقف الجيش عددًا منهم لدى وصولهم إلى العاصمة بيروت.
وكانت الحكومة اللبنانية كلَّفت الجيش بوضع خطة لنزع السلاح، في اجتماع مطوّل بالقصر الجمهوري الخميس، وافقت خلاله على المقدمة الواردة في الورقة الأمريكية من دون إقرار البنود الزمنية، وتضمنت إنهاء الوجود المسلح على كامل الأراضي بما فيه حزب الله ونزع سلاحها، وهو ما قال الحزب عنه إنه "سيتعامل معه وكأنه غير موجود".
وعلى خلفية الاحتجاجات، أصدرت قيادة الجيش اليوم، بيانًا حذّرت فيه من "تعريض أمن البلاد للخطر في ظل التحديات الراهنة"، مشددة على أنها لن تسمح بقطع الطرقات أو المساس بالسلم الأهلي، وأكدت أهمية وحدة اللبنانيين وتضامنهم لتجاوز المخاطر، مع احترام حق التعبير السلمي.
وأشار بيان الجيش إلى أنه "في ظل ما يواجهه لبنان من تحديات استثنائية في المرحلة الراهنة، ولا سيما استمرار العدو الإسرائيلي في اعتداءاته وانتهاكاته للسيادة الوطنية، إلى جانب الوضع الأمني الدقيق؛ ظهرت دعوات من قبل أفراد عبر مواقع التواصل الاجتماعي للقيام بتحركات احتجاجية، ونشر مقاطع فيديو مفبركة تهدف إلى إثارة التوتر بين المواطنين".
وأكدت قيادة الجيش "احترام حرية التعبير السلمي عن الرأي"، لكنها في القوت ذاته شددت على أنه "لن يُسمح بأي إخلال بالأمن أو مساس بالسلم الأهلي، أو قطع الطرقات أو التعدي على الأملاك العامة والخاصة".
وأمس، صعّد النائب عن حزب الله، محمد رعد، لهجته مهددًا بالتمرد على القرار الحكومي، قائلاً "الموت ولا تسليم السلاح للحكومة"، كما وصف نائب رئيس المجلس السياسي لحزب الله محمود قماطي، موافقة الحكومة اللبنانية على الورقة الأمريكية بأنها "قرار سلبي" في تاريخ لبنان، مشيرًا أن القرار "لن يمر ولن ينفذ" لأنه "غير قابل للتنفيذ" على أرض الواقع.
وقال قطامي للجزيرة إن القرار يمثل نعيًا للسيادة والاستقلال والحرية في لبنان، مشيرًا إلى أن هذا القرار يضرب الإجماع الوطني الذي كان قائمًا قبل القرار.
ورأى أنه "ورقة وهمية غير قابلة للصرف، مثل شيك بدون رصيد"، مضيفًا أن الهدف من الموافقة هو مجرد إعطاء ورقة للضغط الدولي؛ لكنهم سيعلنون لاحقًا عدم قدرتهم على التنفيذ.
وفي المقابل، اعتبر رئيس حزب القوات اللبنانية، سمير جعجع، أن "ملف السلاح انتهى"، مؤكدًا أن تجاهل قرار الحكومة سيضع الحزب خارج القانون، معربًا عن أمله بأن يتخذ حزب الله القرار المناسب خلال يومين.
ورغم التصعيد، أفادت تقارير لبنانية باستمرار الاتصالات، ولو بشكل غير مباشر، بين الحكومة والحزب، في محاولة لاحتواء التداعيات وضبط الشارع، تمهيدًا للعودة إلى الحوار حول ملف السلاح، وضمان مشاركة الوزراء الشيعة في الحكومة، وفق العربية.
وفي سياق متصل، ذكرت مصادر أن المبعوث الأمريكي توم برّاك، سيعود قريبًا إلى بيروت لبحث القرار مع المسؤولين اللبنانيين، بعد أن قدّم مذكرة تتضمن جدولًا زمنيًا وآلية لنزع سلاح الحزب قبل نهاية العام.
وشنت إسرائيل في 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023، عدوانًا على لبنان تحول إلى حرب واسعة في 23 سبتمبر/أيلول 2024، ما أسفر عن أكثر من 4 آلاف قتيل ونحو 17 ألف جريح.
وفي 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، بدأ سريان اتفاق لوقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل، لكن تل أبيب خرقته، وهو ما أسفر عن 269 قتيلًا و568 جريحًا، وفق بيانات رسمية.
وفي تحدٍ لاتفاق وقف إطلاق النار، نفذ جيش الاحتلال الإسرائيلي انسحابًا جزئيًا من جنوب لبنان، بينما يواصل احتلال 5 تلال لبنانية سيطر عليها خلال الحرب الأخيرة.
وتشترط إسرائيل نزع سلاح حزب الله وسيطرة الجيش اللبناني على المنطقة الحدودية للانسحاب، بينما يعتبر حزب الله أن التخلي عن السلاح تسليمًا لإسرائيل مؤكدًا أن تل أبيب لن تلتزم بتعهداتها.