تزايدت التهديدات والضغوط من قبل إدارة شركة مصر العامرية للغزل والنسيج بمحافظة الإسكندرية على العمال لكسر إضرابهم المستمر منذ 15 يومًا، فيما تلقى نحو 15 عاملًا اتصالات هاتفية من أفراد من الأمن الوطني طلبوا منهم "إنهاء الإضراب حتى لا يتم اتهامهم بالتحريض وتعطيل العمل"، وفق عدد من العمال والعاملات تحدثوا لـ المنصة.
وعقد القائم بأعمال الرئيس التنفيذي للشركة محمد سيد عبد السلام، الذي تولى منصبه أمس خلفًا لأحمد عمرو رجب بعد تقديم الأخير استقالته تحت ضغط الإضراب، اجتماعًا تفاوضيًا الثلاثاء مع نحو 20 عاملًا، بحضور أعضاء من مجلس إدارة بنك مصر المالك للشركة، ومديرو القطاعات، لكن حسب عاملين حضرا الاجتماع لـ المنصة، لم تقدم الإدارة سوى "عروضًا هزيلة"، وبينما كانت "تتفاوض معهم بوجه" كانت "تتوعدهم بالعقاب وتصعد من تهديدها لهم بوجه آخر".
وقال أحد العمال لـ المنصة إن عبد السلام عقد أولًا اجتماعًا مع مديري القطاعات لا يعلم العمال ما دار فيه، ثم التقى ممثلين عن العمال من مصانع النسيج والملابس والتجهيز، وأقسام أخرى، مضيفًا أن عبد السلام قال لهم إن التدرج الوظيفي في الأجر الذي يطالبون به يحتاج إلى مدة لدراسة إمكانية تطبيقه مع إدارة بنك مصر من أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع.
وأضاف العامل، الذي طلب عدم نشر اسمه، أن عبد السلام وأعضاء مجلس إدارة بنك مصر سألوا العمال عما يمكن أن يقبلوا به مؤقتًا لاستئناف العمل "فرد العمال نريد زيادة حافز الجهد من 150 إلى 650 جنيهًا، وإقرار حافز تطوير أسوة بشركة غزل المحلة بقيمة 700 جنيه، وإذا تعثر إقرار حافز الجهد فيمكن زيادة حافزي الإنتاج والـ2%، أي أن أجمالي الزيادة التي طلبناها حتى يتم دراسة التدرج الوظيفي تتراوح بين 1000 و1200 جنيه، لكنهم رفضوا".
وقال عامل ثانٍ إن عبد السلام أخبرهم خلال الاجتماع أن مسؤول مديرية العمل لفت انتباهه إلى أخطاء في احتساب الأجر الشهري، من بينها احتساب الإضافي على الأجر الأساسي فيما يجب احتسابه على الشامل، وأن كل ملاحظات مسؤول مديرية العمل سيتم تعديلها في راتب الشهر المقبل، لكنه لا يستطيع تنفيذ الزيادة التي يطالبون بها الآن، لكن "يمكن زيادة حافز الجهد بنسبة 100% ليصبح 300 جنيه بدلًا من 150 جنيه، إضافة إلى تنفيذ القرار الصادر بتاريخ 11 أغسطس/آب، بزيادة بدل الوردية من 400 إلى 600 جنيه، وتوفير سيارة إسعاف مجهزة"، وأصدر منشورًا عقب الاجتماع بذلك، كما وعد بتسديد الديون المتأخرة على الشركة لهيئة التأمينات الاجتماعية.
منشور الإدارة الذي أصدرته أمس بتوقيع الرئيس التنفيذي الجديدتهديد بغلق الشركة
وتقدم العمال خلال الاجتماع باقتراحات لتوفير الزيادات المطلوبة دون تحميل الشركة أية أعباء، يوضح عامل آخر "اقترحنا إلغاء العمل يوم السبت، وده يوفر تقريبًا 700 ألف جنيه شهريًا غير تكلفة الغاز والكهرباء، خاصة وأن العمل فيه ضعيف والإنتاجية محدودة، واقترحنا إنهاء عقود المستشارين ومديري الإدارات والقطاعات اللي عينهم الرئيس السابق، واللي بيتقاضوا رواتب من 50 إلى 120 ألف جنيه شهريًا، خاصة إن أعمالهم يستطيع كوادر الشركة القيام بها بكفاءة أعلى".
وأشار العامل إلى أن القائم بأعمال الرئيس التنفيذي للشركة وأعضاء مجلس بنك مصر رفضوا إقالة المستشارين ومديري القطاعات.
وأكد العامل أن عبد السلام هدد خلال الاجتماع بغلق الشركة لمدة شهر إلا إذا لم يستأنفوا العمل "قالنا أحسن لي أقفل المصنع هوفر غاز وكهربا ومواصلات".
وأشار عاملان آخران لـ المنصة إلى أنه عقب انتهاء الاجتماع، ومع دخول الوردية الثانية، بدأ مديري الإدارت بتهديد العمال بالفصل والحبس، إذا لم يستأنفوا العمل، وظهر فجأة عبد السلام وسط العمال، طالبًا منهم تشغيل المصانع، وأن فردًا من الأمن الوطني، أمسك بأحد العمال ممن رفضوا التشغيل، وقال للعمال "قدامكم ربع ساعة إما تشتغلوا أو هنقفلها وناخدكم معانا"، ما اضطر نحو 50 عاملًا بأقسام النسيج والتجهيز إلى تشغيل الماكينات، لكن عمال الوردية الثالثة في مصنع النسيج عندما جاءوا مساء الثلاثاء رفضوا العمل.
وقال ثلاثة عمال آخرين لـ المنصة إنهم تلقوا اتصالات هاتفية مساء الثلاثاء وهم في منازلهم من ضباط بالأمن الوطني أحدهم عرف نفسه أنه برتبة عميد، وطالبهم بإنهاء الإضراب حتى لا يتم اتهامهم بالتحريض، وأن ذلك حدث مع نحو 15 عاملًا من زملائهم.
استمر الضغط على العمال خلال الوردية الأولى صباح اليوم الأربعاء، وحسب إحدى العاملات لـ المنصة هددت مديرة مصنع الملابس ومعها بعض المشرفات العمال بالفصل إذا لم يستأنفوا العمل، واضطر عدد من عمال مصنع النسيج، وهو المصنع الأكبر من حيث الإنتاج والعدد، للعمل تحت الضغط فيما أصر آخرون على استئناف الإضراب، ورفض عمال مصنع التجهيز، الذي يضم الطباعة والصباغة، التشغيل حتى موعد نشر التقرير.
ودخل عمال العامرية للغزل والنسيج، البالغ عددهم 1000 عامل، في إضراب عن العمل في 30 يوليو/تموز الماضي احتجاجًا على ما وصفوه بـ"التلاعب في تطبيق الحد الأدنى للأجور"، وعدم مراعاة التدرج الوظيفي، مطالبين بإقالة الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب للشركة أحمد عمرو رجب ومستشاريه، "لتعنتهم الشديد ضد العمال".
وشهدت شركة مصر العامرية للغزل والنسيج العديد من الاحتجاجات خلال السنوات الأخيرة، ففي عام 2019 نظم العمال إضرابًا للمطالبة بتعديل الرواتب، وفي عام 2015 نظم عدد من العاملين بالشركة وقفة احتجاجية أمام مديرية القوى العاملة بالإسكندرية لاستمرار إغلاق الشركة والمماطلة في تشغيلها.
وفي أكتوبر/تشرين الأول عام 2013 دخل عمال الشركة في إضراب عن العمل بعد ما أشيع عن إنهاء عقود حوالي 300 عامل مؤقت بالشركة.
وشركة مصر العامرية للغزل والنسيج هي شركة مساهمة مصرية مملوكة بالكامل لبنك مصر، وتضم عددًا من المصانع منها النسيج والملابس والغزل والتبيض والصباغة والطباعة.