أفرجت شرطة لندن عن أحمد عبد القادر الشهير بـ"ميدو" بعد أقل من 48 ساعة من انتشار فيديو القبض عليه، وذلك حسبما أعلن أحمد ناصر الذي سبق وألقت الشرطة الهولندية القبض عليه أيضًا قبل أن تخلي سبيله، في وقت دعا حزب الجبهة الوطنية، الموالي للسلطة، إلى رفع الحواجز الخرسانية والإجراءات الأمنية "المبالغ فيها" من محيط السفارة البريطانية في القاهرة.
وقال ناصر الشهير بـ"دبابة" على فيسبوك "الرئيس السيسي البطل قال ولاد مصر خط أحمر، البطل أحمد عبد القادر ميدو خرج بعد ما ركعهم هما وأسيادهم في قلب لندن عاصمة الخونة والجواسيس، دولة جبارة أصيلة موقف تاريخي مشرف للدولة المصرية انتفضت بكل رجالها ورموزها عشان ابنها الأسد اللي شرفنا ورفع راسنا قدام العالم كله. وجعهم وهيرجع يوجعهم أكتر، شكر للوزير الدكر بدر عبد العاطي".
وكان وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بدر عبد العاطى طالب في اتصال هاتفي مع مستشار الأمن القومي البريطاني جوناثان باول بـ"سرعة التعرف على ملابسات القبض على عبد القادر والأسباب التي أدت لذلك"، مؤكدًا "تطلعنا للتعرف على نتائج التحقيقات وسرعة الإفراج عنه"، حسب بيان وزارة الخارجية المصرية أمس
وكلف الوزير، حسب البيان، السفارة المصرية في لندن بالتواصل مع الجهات البريطانية المختصة لسرعة استجلاء ملابسات القبض على عبد القادر وأسبابه وتقديم كافة الخدمات القنصلية له والعمل على سرعة الإفراج عن عن ميدو، الذي ألقي القبض عليه مساء أمس الأول الاثنين.
"لن نحمي من لا يحمينا"
من جهته اعتبر حزب الجبهة الوطنية القبض على ميدو "أحد أبناء مصر المخلصين"، حسبما وصفه الحزب، "خطوة تمثل خرقًا صارخًا لأبسط مبادئ العدالة، واعتداء فجًا على حقوق الإنسان، وتجاوزًا لكل قواعد العلاقات الدبلوماسية والاحترام المتبادل بين الدول".
وحرض الحزب ضد السفارة البريطانية في القاهرة وبعثتها الدبلوماسية، قائلًا في بيان أمس "لن نحمي من لا يحمينا".
وبينما طالب الحكومة البريطانية بتقديم "اعتذار رسمي للدولة المصرية وشعبها العظيم عن هذه التجاوزات غير المبررة"، دعا كذلك إلى إعادة النظر في المعاملة الممنوحة للبعثات الدبلوماسية بالقاهرة"، وفي مقدمتها السفارة البريطانية بجاردن سيتي، التي "تحولت بفعل الحواجز الخرسانية والإجراءات الأمنية المبالغ فيها إلى منطقة مغلقة تعيق حياة المواطنين وتفرض واقعًا مشوهًا وسط العاصمة".
كما دعا إلى "إزالة تلك الحواجز وإلزام السفارة البريطانية بما تلتزم به السفارات الأجنبية الأخرى العاملة في مصر، على قاعدة المساواة الكاملة والمعاملة بالمثل".
وفي فبراير/شباط الماضي، وافقت لجنة الأحزاب السياسية على تأسيس حزب الجبهة الوطنية، الذي يضم في هيئته التأسيسية وزراء ومحافظين سابقين إلى جانب نواب حاليين وسابقين ورجال أعمال، من بينهم نجل رئيس اتحاد القبائل والعائلات المصرية عصام إبراهيم جمعة العرجاني، وذلك بعد نحو 40 يومًا من تدشينه.
واتحاد القبائل العربية، تأسس برئاسة رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، مطلع مايو/أيار العام الماضي، وأعلن اختيار الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيسًا شرفيًا له، بهدف "توحيد صف القبائل العربية وإدماج كافة الكيانات القبلية في إطار واحد دعمًا لثوابت الدولة الوطنية ومواجهة التحديات التي تهدد أمنها واستقرارها في كل الأزمنة"، قبل أن يتغير اسمه إلى اتحاد القبائل والعائلات المصرية.
حكاية دبابة وميدو
تصدر دبابة وميدو حملة على فيسبوك خلال الفترة الماضية لما أطلقا عليه اسم "حماية السفارات المصرية من الاعتداء عليها"، وذلك ردًا على حملات أخرى تدعو إلى حصار وإغلاق أبواب السفارات المصرية احتجاجًا على ما عدوه "مشاركة من مصر في حصار سكان قطاع غزة عبر إغلاق معبر رفح".
وكان وزير الخارجية قال منتصف الشهر الحالي إنه أصدر تعليمات واضحة إلى جميع السفارات المصرية بالخارج "باليقظة وعدم السماح لأي شخص، أيًا كان، بلمس سور السفارات"، مستنكرًا واقعة وضع شاب مصري أقفالًا حديدية على أبواب السفارة المصرية في هولندا قبل نحو ثلاثة أسابيع، ومؤكدًا أن مثل هذه الحوادث تأتي ضمن "حملة نوايا خبيثة" تهدف إلى تشتيت الانتباه عن ممارسات إسرائيل.
وتداولت مواقع السوشيال ميديا فيديو وُصف بأنه مسرّب من اجتماع عبر الفيديو كونفرانس بين عبد العاطي وعدد من السفراء المصريين، ظهر فيه الوزير يوجه عتابًا شديدًا للسفير المصري في هولندا عماد حنا على خلفية الأحداث.
وقال عبد العاطي في الفيديو "حد اتمسك بيحط شوية بويه هاته من قفاه ودخله على جوه ويتكتف ويتجاب الشرطة، وتقولها الراجل ده اتحرش بالسفارة.. أي سور مجرد يلمسه ولا الحيط.. غير مقبول إن أي بني آدم ييجي يحط قفل ولا بتاع نطلع عين أبوه وتجيبه على جوه"، متابعًا " أنا عملت الكلام ده وأنا ساكن في بروكسل في عز الفوضى في عز 2012".
وانتشر أول أمس فيديو يظهر فيه أفراد من شرطة لندن وهم يلقون القبض على أحمد عبد القادر، وسط مقاومة شديدة منه، مع أصوات تسبه في الخلفية.
وبالتزامن ألقت الشرطة الهولندية القبض على أحمد ناصر، قبل أن تخلي سبيله، حسب ما أعلن ناصر في بوست على فيسبوك، دون الكشف عن تفاصيل القبض عليه.
وانتفضت المواقع الصحفية ووسائل الإعلام القومية والتابعة للشركة المتحدة أمس الثلاثاء للدفاع عن "ميدو"، الذي وصفته بـ"البطل المصري"، من بينها الأهرام والوطن واليوم السابع.
وعبر حسابه على إكس، قال الناشط المصري المقيم في هولندا أنس حبيب، الذي نشر دعوات للتظاهر أمام السفارات المصرية "بعد رحلة لمدة 3 أسابيع قام فريق المحاماة الخاص بنا بتتبعه (ميدو) في عدة عواصم أوروبية وعمل بلاغات ضده. ذهبنا إلى لندن خصيصًا لمعرفتنا بأنه سيتتبعنا وبالفعل قد حصل وجاء إلى لندن ثم عرفنا مكان تواجده بوسائلنا الخاصة".
وأضاف حبيب الذي سبق ووضع قفلًا على باب السفارة المصرية في لاهاي "هذا البلطجي (ميدو) كان يحمل سلاحًا أبيض وفي حالة سُكر واضحة ثم قام بإشهار السلاح ضدنا وتهديدنا به وكله موثق بالفيديو".
وتابع "بعد أن رأينا السكينة قمنا بإخطار الشرطة التي قامت على الفور باعتقال البلطجي وتجريده من السلاح الأبيض واصطحبته إلى قسم الشرطة وجار الآن عمل بلاغ فيه في قسم الشرطة في لندن بتهمة حمل سلاح أبيض بدون ترخيص والتهديد بالقتل".
أما الإنفلونسر المحسوب على السلطة لؤي الخطيب فقال في بوست على فيسبوك "أي كلام عن مخالفات قانونية مزعومة اتسببت في القبض على أحمد عبد القادر في لندن، مردود عليها بأنه في نفس الوقت اتقبض على أحمد ناصر في هولندا، وإن الشرطة بتلاحق يوسف حواس بردو هناك".
واعتبر الخطيب أن هذا يعني وجود "حملة منسقة والهدف منها رجالة مصريين كل جريمتهم هي الدفاع عن سفارات بلدهم".
ونقل موقع القاهرة 24 عن مصادر قولها إن الشرطة الهولندية تلاحق يوسف حواس، بوصفه أحد قيادات اتحاد شباب المصريين بالخارج، وذلك "على خلفية مشاركته في واقعة حماية مبنى السفارة المصرية في هولندا".
ووصفت وسائل إعلام مصرية وحسابات على فيسبوك عبد القادر بأنه رئيس اتحاد شباب المصريين في الخارج، وناصر بنائب رئيس الاتحاد، فيما يعرف عبد القادر نفسه على تويتر بأنه "رئيس مؤسسة ona العالمية للاستثمار الرياضي، ولاعب الزمالك السابق، ورئيس كيان اتحاد شباب مصر في الخارج".
وبحثت المنصة عن علاقة عبد القادر وناصر باتحاد شباب المصريين في الخارج لكنها لم تجد ما يؤكد علاقتهما بمجلس إدارته، ففي 3 أبريل/نيسان 2024 أعلنت وزارة الرياضة تدشين "اتحاد شباب المصريين بالخارج"، على أن يكون برئاسة محمود حسين رئيس لجنة الشباب بمجلس النواب.
وأشارت الوزارة وقتها إلى أن هذا الاتحاد "يضم أكثر من 3 آلاف عضو من أبناء مصر بالخارج مقيمين فى مختلف دول العالم".
وفي 21 أغسطس/آب الجاري نشرت وزارة الرياضة بيانًا عن لقاء بين وزير الرياضة أشرف صبحي ومجلس إدارة اتحاد شباب المصريين بالخارج برئاسة محمود حسين.
ووفق صحيح مصر فإن الكيان المسمى "اتحاد شباب مصر في الخارج"، أعلن تأسيسه عام 2017 حين اجتمع عدد من الشباب المصريين المقيمين في الخارج في مقر وزارة الهجرة خلال فترة تولي نبيلة مكرم حقيبة الوزارة.
وفي عام 2020، عقدت نبيلة مكرم مؤتمرًا حضره نحو 20 شابًا من اتحاد شباب المصريين في الخارج، بحضور رئيس الوزراء مصطفى مدبولي. غير أن صور اللقاء لم تُظهر وجود أحمد عبد القادر أو أحمد ناصر بين المشاركين.
ونظم الاتحاد بعض الوقفات في الخارج أثناء زيارات السيسي الخارجية، كما تلقى أعضاء الاتحاد دعوات لحضور منتديات شباب العالم بحضور الرئيس في مدينة شرم الشيخ خلال السنوات الماضية.
وربط الإنفلونسر لؤي الخطيب بين القبض على عبد القادر واستمرار حبس الناشط السياسي الحاصل على الجنسية البريطانية علاء عبد الفتاح، مشيرًا إلى أن عبد الفتاح "يرتكب جرايم في مصر، فبريطانيا تديله الجنسية مكافأة على مجهوداته.. وأحمد عبد القادر يدافع عن سفارات بلده فبريطانيا تعمل له كمين وتخطفه.. في أوضح من كده؟".
وأضاف "عمومًا بالمناسبة دي عايز أقول لكم إن ابنكم علاء عبد الفتاح مش خارج إلا لما يخلص مدته في 2027 ده لو مش مطلوب في قضايا تانية، وابننا هيخرج هيخرج".
في الأثناء تصدر على إكس هاشتاج "لا للإفراج على على عبد الفتاح".
وأُلقي القبض على عبد الفتاح في 28 سبتمبر/أيلول 2019، بتهم "نشر وبث وإذاعة أخبار وبيانات كاذبة داخل وخارج البلاد، وإساءة استخدام وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي، ومشاركة جماعة إرهابية مع العلم بأغراضها، والانضمام إلى جماعة أنشئت على خلاف أحكام القانون"، وحكم عليه بالسجن 5 سنوات في ديسمبر/كانون الأول 2021، بعد عامين من الحبس الاحتياطي.
وكان من المفترض الإفراج عنه نهاية سبتمبر الماضي، وفق تصريح سابق لخالد علي لـ المنصة، إذ قال إن السلطات لم تحتسب مدة الحبس الاحتياطي ضمن العقوبة واعتبرتها ابتداءً من تاريخ تصديق الحاكم العسكري على الحكم، بوصفه صادرًا من محكمة أمن دولة طوارئ في 3 يناير/كانون الثاني 2022.