طالب مزارعو القصب في محافظتي قنا وأسوان بصرف مستحقاتهم المتأخرة لدى مصانع السكر، تزامنًا مع إضراب عمال عدد من مصانع الشركة المصرية للسكر والصناعات التكاملية، وفق عدد من الفلاحين تحدثوا لـ المنصة.
وقبل أسبوعين اندلعت الاحتجاجات في مصانع الشركة المصرية للسكر والصناعات التكاملية، وشملت تجمهرًا في ساحات المصانع وإضرابات واعتصامات للعمال للمطالبة بزيادة الرواتب.
وبدأت الاحتجاجات في مصنعي إدفو وكوم أمبو بأسوان، ثم لحق بهما مصنع أرمنت بالأقصر، ومصنع دشنا بمحافظة قنا، وتبعهم مصنع المعدات بمجمع سكر الحوامدية في الجيزة، السبت الماضي، قبل أن ينهي عمال مصنعي أرمنت و"معدات الحوامدية" إضرابهما، أمس الأحد، تحت ضغط التهديد بالفصل وإبلاغ الأمن الوطني، من قبل الإدارة، حسب تصريحات أحد عمال مصنع المعدات بمجمع سكر الحوامدية لـ المنصة.
وتماطل مصانع السكر في قنا وأسوان في صرف بقية مستحقات مزارعي القصب، رغم مرور أكثر من 4 أشهر على آخر توريد للمحصول في الموسم الماضي الذي بدأ في يناير/كانون الثاني وانتهى في أبريل/نيسان، وتراكمت الديون على الفلاحين ما تسبب في عجزهم عن تجهيز الأرض للموسم الجديد، حسب 10 مزارعين تحدثوا لـ المنصة.
وكشف مصدر مطلع على ملف توريد المحاصيل بوزارة التموين عن تأخر صرف 3 مليارات جنيه من إجمالي 14 مليارًا هي مستحقات مزارعي القصب رغم انتهاء موسم التوريد للحكومة في مايو/أيار الماضي بسبب عدم توفير الاعتمادات المالية اللازمة من جانب وزارة المالية.
وأكد المصدر، لـ المنصة طالبًا عدم نشر اسمه، أن هناك مفاوضات تجرى بين وزارتي التموين والمالية للإسراع في سداد باقي المبالغ المستحقة خلال الفترة المقبلة، خاصة وأن عمليات السداد عادة ما تتم قبل نهاية شهر يوليو/تموز على أقصى تقدير.
وقال محمد مهدي، أحد مزارعي قصب السكر بقرية وادي النقرة، التابعة لمركز نصر النوبة في محافظة أسوان، إنهم عانوا منذ بداية الموسم الماضي بسبب ضعف المياه جراء تهالك محطات الرفع، ما أدى إلى بوار آلاف الأفدنة، ومع ذلك كافح الفلاحون حتى خرجوا من الموسم آملين أن يعوض عائد المحصول خسائرهم، لكن ذلك لم يحدث.
وأضاف مهدي لـ المنصة أن إدارة مصنع سكر كوم أمبو زادت من معاناتهم، حيث "استنزفتهم" عن طريق خصم من نصف طن إلى طن من كل حمولة قصب تحت بند "الشوائب"، إضافة إلى أن طن القصب يتكلف على الفلاح نحو 300 جنيه نقل، فيما لا يتقاضى الفلاحون من الشركة سوى 100 جنيه فقط.
وتابع مهدي "وردنا المحصول إلى مصنع سكر كوم أمبو على مراحل كان آخرها في بداية مارس/آذار الماضي، واستلمنا آخر دفعة من المستحقات وتبقى لنا نسبة 10%، وإللي بيطلق عليها التصافي، وكان من المفترض أن نستلمها في يونيو/حزيران الماضي، لكن إدارة المصنع ماطلت في صرف التصافي، إضافة لـ100 جنيه مشال عن كل طن ضمن المستحقات المتأخرة".
وأشار مهدي إلى أن المستحقات المتأخرة له لدى شركة كوم أمبو للسكر تبلغ 225 ألف جنيه، كان من المفترض أن يسدد بها قسط أرضه التي اشتراها من إحدى شركات الاستصلاح الزراعي التابعة لوزارة الزراعة، لافتًا إلى أن الشركة ستقدم "الشيك" إلى النيابة بعدما حل موعد سداده.
أما محمود شقيق محمد مهدي الذي يمتلك بضعة أفدنة بوادي النقرة فيقول لـ المنصة إنهم عجزوا عن تجهيز الأرض للموسم الجديد بسبب تأخر المستحقات، مشيرًا إلى أن أرضهم ليست لها حصة من الأسمدة المدعمة، حيث يشترونها من السوق الحر، ما يضاعف تكلفة الزراعة.
وكان وضع مزارعي القصب في قوص بمحافظة قنا مطابقًا لمزارعي النقرة، حيث لم تصرف "التصافي" والبالغ نسبتها 10% لدى مصنع سكر قوص حتى الآن، حسب مزارعين تحدثا لـ المنصة، وفي الأقصر يعاني الفلاحون أيضًا من مماطلة مصنع أرمنت في صرف المستحقات "مش عارفين نسدد ديون البنك الزراعي، عليا سلفة زراعية بمبلغ 200 ألف جنيه وليا مستحقات أكتر من 300 ألف، ما ينفعش يبقى ليا فلوس عند المصنع، وكل يوم يبعتولي في البنك واتهرب منهم علشان مش قادر أسدد السلفة"، يقول أحمد علي أحد مزارعي القصب في الأقصر.
أما وضع مزارعي القصب بأراضي الإصلاح الزراعي في نجع حمادي بمحافظة قنا فأكثر صعوبة، حيث أكد ثلاثة مزارعين لـ المنصة تراكم مديونية كبيرة لدى مصنع سكر نجع حمادي تصل نسبتها إلى 40% من إجمالي سعر المحصول الذي تم توريده قبل 4 أشهر.
واستهدفت وزارة التموين شراء نحو 6 ملايين طن قصب لإنتاج 650 ألف طن من السكر خلال موسم 2024-2025، بينما استلمت الوزارة نحو 5.476 مليون طن عبر 8 مصانع تابعة لشركة السكر والصناعات التكاملية، من بينها مصانع كوم أمبو وإدفو في أسوان وأرمنت بالأقصر وأبو قرقاص بالمنيا.
من جهته أكد رئيس مجلس المحاصيل السكرية مصطفى عبدالجواد لـ المنصة أن نقص السيولة المالية لدى شركة السكر والصناعات التكاملية حال دون صرف بقية مستحقات المزارعين حتى الآن.
وأوضح أن المستحقات المتأخرة تخص توريدات القصب لمصانع كوم أمبو وقوص ونجع حمادي، متوقعًا سدادها خلال الفترة المقبلة على دفعات فور توفير الاعتمادات المالية اللازمة.
ويجمع مزارعو القصب الذين تحدثوا لـ المنصة من المحافظات الثلاث على أن الكثير من الفلاحين متذمرون من طرق تعامل مصانع السكر معهم، سواء بتأخير مستحقاتهم أو محاولة السطو على جزء من "عرقهم" بخصم أطنان من الوزن تحت بند "الشوائب" وعدم محاسبتهم على تكاليف نقل المحصول بمبلغ عادل يعوض ما يدفعونه، فضلًا عن مشكلات توفير الأسمدة ما يجعلهم يفكرون في العزوف عن زراعة القصب خلال الموسم المقبل.