عُقد أمس السبت اجتماعٌ بشركة نايل لينين جروب للنسيج والمفروشات بالمنطقة الحرة في العامرية، ضم أعضاء اللجنة النقابية بالشركة و15 عاملًا آخرين، مع لجنة من مديرية العمل بالإسكندرية برئاسة وكيل المديرية محمد كمال، وذلك في أعقاب وفاة طفلة رضيعة على ذراع والدتها العاملة بالشركة بعد أن رفضت إدارة الشركة منح الأم إجازة أو إذنًا لمرافقة طفلتها المريضة إلى المستشفى، واحتجزتها لثلاث ساعات داخل المصنع.
كما حضر الاجتماع العاملة دعاء محمد والدة الرضيعة المتوفاة، ووالدها وهو ليس عاملًا بالشركة، فيما صاغ ممثلو العمال وأعضاء النقابة مع لجنة الوزارة مطالب العمال في عدة بنود، سيتم عرضها على الإدارة اليوم.
ودخل عاملات وعمال الشركة في إضراب عن العمل يومي الأربعاء والخميس الماضيين تضامنًا مع زميلتهم والدة الرضيعة المتوفاة، مطالبين بمحاسبة المسؤولين، في وقت حاصرت قوات من الشرطة مدعومة بسيارات الأمن المركزي العمال المحتجين، وتعدت على عاملين بالضرب واحتجزتهما داخل إحدى سيارات الشرطة، إلى أن اضطرت إلى إطلاق صراحهما تحت ضغط العمال، قبل أن يعلن العمال تعليق إضرابهم الخميس انتظارًا لنتائج المفاوضات، فيما منحت إدارة الشركة العمال إجازة أمس واليوم لحين انتهاء الأزمة وتجنبًا للتصعيد.
وخلا الاجتماع من ممثلين عن إدارة شركة لينين جروب، وهو ما أرجعه عمال ونقابيون حضروا الاجتماع في حديثهم لـ المنصة إلى الخوف من وقوع صدام بين العمال والإدارة، خلال الاجتماع، حيث "تسود حالة شديدة من الاحتقان وسط العمال جراء الحادث المأساوي".
وقال رئيس اللجنة النقابية المستقلة بلينين جروب محمد عبد اللطيف لـ المنصة "المطالب شملت أكثر من مستوى منها ما هو متعلق بشكل مباشر بالحادث المأسوي الذي وقع لزميلتنا، دعاء ومصابها، حيث طالبنا بمحاسبة المسؤولين عن الحادث، وهو ما بدأت الإدارة بالفعل في تنفيذه حيث تم وقف المديرة التي رفضت منح الأم إجازة، وتحويلها إلى التحقيق الإداري"، مضيفًا أنهم طالبوا بتخفيف الشروط التعسفية الموضوعة من الإدارة التي تحول دون حصول العمال على حقهم في الإجازة في الوقت الذي يرغبونه ووفقًا لظروفهم الطارئة.
وأشار عبد اللطيف إلى أن الاجتماع ناقش أن تتكفل الشركة بتعويض مالي مرضٍ للأم، كما وعد وزير العمل على لسان لجنة الوزارة أيضًا بصرف تعويض مالي من الوزارة للعاملة.
وتابع عبد اللطيف "أما فيما يتعلق بقضية العاملات بشكل عام فقد طالبنا إلزم الإدارة وضع لوحة عرض في أماكن تركز العاملات، تستعرض بشكل دائم باب تشغيل النساء في قانون العمل الجديد، وحقوقهن التي يكفلها القانون، وكيفية التصرف عند التعرض لأي تمييز، أو ممارسات ضدهن، كما تم مناقشة موضوع حضانة الأطفال، وتجهيزها بشكل لائق يحافظ على أبناء العاملات، ويضمن توفير كافة سبل الرعاية لهم".
كما طالب العمال بعدم استقطاع الجزاءات من الراتب الشامل والالتزام باستقطاع الجزاءات من الراتب الأساسي، وإنشاء صندوق الجزاءت وتخصيص إيراداته للإنفاق على الحالات الاجتماعية للعمال.
وأشار عبد اللطيف إلى أنه من ضمن المطالب قضية معلقة منذ فبراير/شباط الماضي، حيث اتهمت الشركة 7 عمال بسرقة مواد كمياوية، ورغم أن النيابة حفظت القضية إلا أن الشركة أوقفت العمال الـ7 ولم تصرف لهم سوى نصف الراتب لمدة شهرين "فقمنا بطباعة أوراق القضية وقرار النيابة وقدمناه إلى لجنة وزارة العمل، مطالبين الإدارة بصرف نصف رواتب العمال التي تم خصمها، ومنحة غلاء المعيشة التي لم يتقاضوها خلال المدة التي تم وقفهم فيها عن العمل".
وقال عامل ثانٍ ممن حضروا الاجتماع لـ المنصة إن العمال أكدوا على مطالبهم القديمة، مثل عدم ربط منحة الغلاء بأيام الغياب، لأنها تدخل ضمن الحد الأدنى للأجور، ولا يحق للشركة الخصم منها، كما طالبوا بصرف الرواتب بحد أقصى يوم 5 من كل شهر، وصرف بدل مخاطر 7 أيام شهريًا، ووقف إجبار العمال على العمل نصف ساعة إضافية يوميًا بلا أجر.
وأشارت عاملة ثالثة لـ المنصة إلى أن دعاء محمد والدة الرضيعة المتوفاة لم تتقدم حتى الآن ببلاغ إلى الشرطة في واقعة وفاة طفلتها، حيث لم تتمكن من ذلك الخميس الماضي، لأن ضباط قسم الدخيلة "عرقلوا تحرير المحضر"، حد وصفها.
وأضافت العاملة أن زميلتها دعاء لم تحسم بعد موقفها ما إذا كانت ستحرر محضرًا أم لا، لأن الضغوط عليها كبيرة وأنها في حال اختارت تحرير محضر ضد إدارة الشركة بالتسبب في وفاة ابنتها، فإنها ربما ستواجه بالفصل، فضلًا عن وقف أي تعويضات محتملة، وتشكك العاملة في أن دعاء سوف تخوض هذه المعركة، إلا أنها "تتمنى أن تسلك دعاء طريق القضاء للحصول على حق ابنتها".
وأكد المتحدثون لـ المنصة أن وكيل وزارة العمل بالإسكندرية محمد كمال شدد على أن كل ما ورد في نصوص قانون العمل الجديد 14 لسنة 2025 من حقوق للعمال سواء فيما يتعلق بالأجور أو أي حقوق أخرى سيتم تنفيذها داخل لينين جروب، وأن الوزارة ملزمة بتنفيذ ذلك.
روت دعاء محمد والدة الرضيعة في شهادتها لـ المنصة الخميس الماضي بقولها "كنت في إجازة وضع لمدة ثلاثة أشهر، رجعت منها من 10 أيام، بنتي تعبت جدًا، عندها ميكروب في المعدة، حاولت أتصل بالتليفون علشان أخد إجازة ما عرفتش، اضطريت أجي الشركة الساعة 7 صباحًا، علشان كنت غايبة قبلها بيوم معاها في المستشفى، لأن اللي بيغيب بدون إذن لمدة يومين بيتخصم منه الـ2000 جنيه بدل غلاء المعيشة، واحنا محتاجين كل جنيه من المرتب".
وأضافت الأم أن مديرتها المباشرة رفضت منحها إجازة أو إذنًا رغم أنها رأت ابنتها المريضة على يدها، وظلت ثلاث ساعات تتوسل، كانت خلالها في حكم المحتجزة لأن الأمن يرفض خروج أي عامل قبل موعد انصراف الوردية إلا بإذن أو تصريح خروج، وفي النهاية أبلغها موظف في الإتش آر أنه وافق على الإجازة على الرغم من رفض المديرة، وما إن خرجت من أبواب الشركة حتى فارقت طفلتها الحياة بين ذراعيها.
وطالبت قوى سياسية ومؤسسات حقوقية نسوية وعمالية بالتحقيق في ملابسات وفاة ابنة العاملة، حيث أصدرت مؤسسة قضايا المرأة المصرية ومؤسسة المرأة الجديدة ودار الخدمات النقابية والعمالية وحركة الاشتراكيين الثوريين بيانات منفصلة بإدانة الواقعة، داعية إلى التحقيق مع مسؤولي الشركة.