أصدرت محكمة جنح 6 أكتوبر أمس السبت، حكمًا غيابيًا بحبس متهمة 6 أشهر مع الشغل، وكفالة 10 آلاف جنيه لإيقاف التنفيذ لحين نظر المعارضة، لإدانتها بتسميم مجموعة من الكلاب داخل كمبوند دجلة بالمز بمدينة 6 أكتوبر الجديدة، حسبما قال مصطفى خيري محامٍ عن مقدمي البلاغ ضد المتهمة لـ المنصة.
وفي مايو/أيار الماضي حرر مجموعة من السكان بلاغات ضد ساكنة اتهموها بـ"تسميم الكلاب بالكمباوند والشروع في قتل المواطنين بعد إصابة أحد السكان بسم محظور دوليًا"، ليصدر بحقها الحكم الذي عده المحامي "حكمًا رادعًا يأتي في ظل انتشار وقائع تسميم الكلاب"، مؤكدًا أن المحكمة استندت إلى أدلة دامغة بينها اعتراف صريح ومصور للمتهمة.
ولاقت تلك الواقعة اهتمامًا بالغًا في مايو الماضي عندما انتشرت فيديوهات لكلاب مسمومة غارقة في دمائها بطرقات الكمباوند، وسط مطالب لوزارة الداخلية والنيابة العامة بالتحقيق، والقبض على الجناة، ووقف تعذيب وقتل الكلاب بالشوارع.
وأوضح خيري أن عقوبة "الحبس مع الشغل" تعكس قوة الجريمة وثبوتها، حيث تعني تشغيل المتهمة داخل محبسها طوال فترة العقوبة، حال صدور حكم نهائي واجب النفاذ بحبسها من محكمة الجنح المستأنفة.
وأشار خيري، الذي حضر التحقيقات، إلى أن النيابة العامة وجهت للمتهمة تهمة "تسميم الكلاب مما أدى إلى وفاتها"، لافتًا إلى أن الأدلة المقدمة ضدها كانت قوية وشملت شهادات ما يقرب من 6 شهود، بينهم ممثلون عن جمعيات حقوق الحيوان، وسكان من المنطقة حضروا الواقعة، بالإضافة إلى أحد المجني عليهم الذي تعرض لشبهة تسمم أثناء محاولته إزالة بقايا السم.
وكشف المحامي عن دليل حاسم في القضية، قائلًا "يوجد فيديو صوّره السكان وقت الواقعة، تظهر فيه المتهمة وهي تعترف صراحةً بارتكاب الجريمة، وعندما واجهها الأهالي قائلين: انتي اللي قتلتي الكلاب؟ ردت قائلة: آه أنا قتلت آه أنا اللي عملت"، مضيفًا أن هذا الفيديو تم تفريغه بمعرفة النيابة العامة وضُم إلى أوراق القضية".
وأكد خيري أن المتهمة حاولت خلال تحقيقات النيابة التراجع عن اعترافها، مدعيةً أنها قالت "أنا عملت" ولم تقل "أنا قتلت"، لكن الأدلة المتمثلة في الفيديو وشهادات الشهود كانت كافية لإدانتها.
وتابع "الفكرة كلها أنه حتى لو كان هناك أذى من أي حيوان، فلا تكون النتيجة قتله بالسم، الهدف هو حماية الإنسان وحماية الأرواح في نفس الوقت، نأمل أن يكون هذا الحكم رادعًا لكل من يفكر في ارتكاب مثل هذه الجرائم".
وفيما بدا أنه توجه رسمي ضد ظاهرة التعدي على الكلاب الضالة، أكدت النيابة العامة في أواخر أغسطس/آب الماضي تصديها الحازم لجرائم الاعتداء على الحيوانات، مشيرةً إلى أنها تابعت باهتمام بالغ وقائع مؤلمة تم تداولها مؤخرًا وأثارت استنكارًا واسعًا. وأوضحت النيابة أن هذه الأفعال لا تخالف فقط القيم الدينية والإنسانية التي تحرم إيذاء الحيوان، بل تعد فعلًا مجرَّمًا بنصوص القانون، وترتب مسؤولية جنائية على مرتكبيها، كما تشكل إخلالًا جسيمًا بالمنظومة الأخلاقية للمجتمع.
وأعلنت النيابة العامة أنها ستباشر سلطاتها في التحقيق والمساءلة "بلا تهاون"، وستتخذ الإجراءات القانونية الرادعة ضد كل من يثبت ارتكابه لهذه الجرائم، بهدف تحقيق الردع العام والخاص. كما أهابت بالمواطنين أن يكونوا عونًا لها عبر الإبلاغ الفوري عن أي وقائع مماثلة، وصولًا إلى ضبط مرتكبيها ومساءلتهم، وصونًا لضمير المجتمع من التبلد أمام صور العنف والإيذاء.
وكان محمد عادل، أحد سكان الكمباوند، الذي تعرض للإصابة بالسُم، قال لـ المنصة وقت واقعة تسميم الكلاب، إنها ليست المرة الأولى لمثل تلك الحالة هناك "نعاني يوميًا من مناوشات مع السكان الكارهين لوجود الحيوانات الأليفة، الذين يتعرضون لنا كمهتمين بالرفق بالحيوان بالسب والشتائم، بل كادت تصل في إحدى المرات للاشتباك بالأيدي أثناء وضعي أكل ومياه للكلاب والقطط".
وأوضح "من سنتين قُتل أكثر من 150 كلب بسم الأستركنين المحرم دوليًا بالكمباوند بلا رحمة"، على حد قوله.
وأضاف عادل "المشكلة أن الكمباوند من غير سور، والكلاب عادت من جديد، ولكي نتلاشى مشاكل التسميم والقتل قررنا كسكان مهتمين بالحيوانات وبالجهود الذاتية، التنسيق مع جمعيات الرفق بالحيوان لتنفيذ استراتيجية مصر للتنمية المستدامة، بأن تكون مصر بلا سعار 2030، وبالفعل تم تطعيم كل كلاب الكمبوند الشهر الماضي".
وفي عام 2021، أطلقت مصر الاستراتيجية الوطنية للقضاء على مرض السعار، من خلال التطعيم وحملات توعية للمواطنين.
"لكن فوجئنا بتسميم الكلاب اللي طعمناها، وتحولت شوارع الكمباوند لساحة من جثث الكلاب، بينهم كلبين جولدن ولابرادور مملوكين لسكان في الكمباوند، وعندما حاولت المساعدة في جمع بقايا المأكولات المخلوطة بالسم خوفًا على الأطفال، جرح أحد أصابعي ونزف، وبعدها بعشر دقائق دخلت في حالة إعياء شديد" قال عادل.
اتصلت زوجته بالإسعاف "التي نقلتني غارقًا في عرقي وبتنميل في اليد والذارع، مصحوبًا بضيق في التنفس وقيء لمستشفى أكتوبر العام، لكن أخبروني بضروة التوجه لقسم السموم بالقصر العيني لعدم تخصصهم في هذه الحالات، بالفعل قام الأطباء بالقصر العيني باللازم من تحاليل وفحوصات، ولدينا تقرير طبي بذلك".
وأشار عادل إلى تحريره محضرًا بقسم شرطة ثالث أكتوبر ثم تحول لبلاغ للنيابة العامة يحمل رقم 2932 لسنة 2025 ضد إحدى الساكنات التي تعترف في فيديو لها بتسميمها للكلاب "أنا واثق في القضاء والقانون المصري، الموضوع بقى أكبر من تسميم الكلاب اللي مش هنتهاون في حقها، ووجهت النيابة لهذه المرأة تهمة الشروع في القتل"، موضحًا أن النيابة أمرت بعرض الكلاب المسمومة على الطب البيطري للفحص والتشريح ومعرفة نوعية السم وخطورته.
وكفلت المادة 45 من الدستور المحافظة على الحيوان والرفق به، وكذلك المادتان 355 و357 من قانون العقوبات، إذ جرمتا التعدي على الحيوان أو استعمال القسوة معه.
وتنص المادة 357 على أن "يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر أو بغرامة لا تتجاوز مائتي جنيه كل من قتل عمدًا بدون مقتض أو سمَّ حيوانًا من الحيوانات المستأنسة".