مجلس النواب
رئيس مجلس النواب حنفي جبالي، 1 أكتوبر 2025

جبالي يحرج وزير العدل: لماذا تراجعت عن رفض اعتراضات الرئيس على "الإجراءات الجنائية"؟

صفاء عصام الدين
منشور الخميس 2 تشرين الأول/أكتوبر 2025

تعرَّض وزير العدل عدنان فنجري لضغوط من رئيس مجلس النواب المستشار حنفي جبالي الذي سأله عدة مرات قبيل ختام الجلسة العامة اليوم الخميس عن أسباب تراجعه عن رفض اعتراضات رئيس الجمهورية على مشروع قانون الإجراءات الجنائية. 

وكانت وافقت اللجنة العامة بمجلس النواب على اعتراض رئيس الجمهورية على بعض مواد مشروع قانون الإجراءات الجنائية. وأوصت في تقريرها بدراسة الأسباب والمبررات، فيما رفضت الحكومة، ممثلة في وزير العدل عدنان فنجري، عددًا من الاعتراضات التي سجلها الرئيس في كتابه الموجه لمجلس النواب الذي تضمن رفض 8 مواد من مشروع القانون الذي وافق عليه المجلس نهائيًا في أبريل/نيسان الماضي.

كان فنجري أقر تراجعه عن رفض اعتراضات الرئيس في بداية الجلسة العامة اليوم، فيما وجَّه النائب أيمن أبو العلا رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الإصلاح والتنمية خلال كلمته انتقادات للوزير، وقال "مينفعش يستقل بينا ويقول تراجعت عن كلامي". وطالب أبو العلا الوزير بتوضيح أسباب تراجعه. 

وبعد انتهاء كلمات النواب، منح جبالي الكلمة لوزير العدل مجددًا الذي خاطب جبالي "قلت في بداية الجلسة إن المضبطة بالأمس مسجلة بالصوت والصورة، هذا حديث طيب، وفاجأتني بسؤال ربما تكون إجابتي له فهمها البعض خطأ، هل أنت تراجعت عما قلته بالأمس في الجلسة أم مصر عليه؟ قلت تراجعت، وسبقتها أنني أعددت مذكرة برأي وزير العدل رفعتها لمجلس الوزراء أكدت فيها على ما سبق أن قلته بالأمس وأضفت إليها، وأكدت في المذكرة كل ما قلته بالأمس وأصر عليه".

وتدخل رئيس المجلس "بالأمس قلت إن بدائل الحبس كافية لماذا تراجعت في المذكرة؟"، ورد الوزير على موقفه من مادة أخرى فقاطعه جبالي "سيادة الوزير أنا أدير الجلسة لنكون منظمين، بالأمس قطعت بقوة وخبطت على البينش كدة، وقلت البدائل كافية، اليوم في المذكرة قلت مش كافية ما الذي دفعك للتراجع؟". 

وأمام إصرار الوزير على الحديث عن نصوص أخرى، قال جبالي "جاوب الأول بدائل الحبس الاحتياطي"، فرد فنجري موضحًا أنه تحدث في اجتماع اللجنة العامة أمس عن أن المشروع نظم بدائل الحبس تنظيمًا كاملًا، وأن اقتراح الأسورة الإلكترونية، سبق رفضه، ولفت إلى اعتذار مندوب وزارة الداخلية عن الرد في الاجتماع على هذه النقطة. 

وواجهه جبالي بتغير موقفه مجددًا "بالأمس قررت صراحة وبعنف أن بدائل الحبس في المشروع كافية، وفي المذكرة خالفت الرأي، رأيك في التراجع خلاص سجلناه"، وحاول الوزير توضيح أنه لم يتراجع عن كل موقفه موضحًا تراجعه عن كفاية بدائل الحبس الاحتياطي بعد الدراسة وإضافة البدائل للمذكرة التي قدمها. 

وعرج جبالي على رفض الوزير أمس تعديل المادة الخاصة بالسماح لرجال الضبط دخول المنازل دون إذن قضائي في حالات الخطر والاستغاثة، وقال رئيس مجلس النواب "أمس قلت يستحيل حصر حالات الخطر كما جاءت باعتراض السيد رئيس الجمهورية، ضربت بإيدك وقلت يستحيل تحديد حالات الخطر"، فرد الوزير "انتهيت لنص مثل الحريق أو الغرق أو ما شابه ذلك ويترك الأمر لقاضي النيابية العامة". وسأل جبالي "ما الذي دعاك للتراجع سيادة الوزير؟".

لم يجب الوزير عن أسباب التراجع وانتهت الجلسة العامة بالموافقة على تشكيل لجنة خاصة برئاسة وكيل مجلس النواب، أحمد سعد الدين لدراسة اعتراضات رئيس الجمهورية وإعداد تعديلات وتقرير يعرض لاحقًا على الجلسة العامة، ومن بين أعضاء اللجنة النائبة مها عبد الناصر، والنائب أحمد الشرقاوي، والنائب ضياء الدين داود، والنائب أيمن أبو العلاء رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الإصلاح والتنمية، والنائب علاء عابد، والنائب محمد عبد العزيز، وكيل لجنة حقوق الإنسان، والنائب طارق رضوان، رئيس لجنة حقوق الإنسان، والنائب إبراهيم الهنيدي رئيس لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية.

وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي رد الشهر الماضي مشروع قانون الإجراءات الجنائية إلى مجلس النواب لمزيد من الدراسة، وهو القرار الذي قُوبل بترحيب واسع من خبراء قانونيين وحقوقيين فضلًا عن مجلس النواب نفسه.

واعترض السيسي على نص المادة 48 من المشروع لعدم تحديد المقصود بحالات الخطر التي تجيز لرجال السلطة العامة دخول المنازل، مما قد يمس بالحماية الدستورية المقررة لها. ووجَّه الرئيس بضرورة تحديد أو تعريف هذه الحالات منعًا للتوسع في التفسير وامتدادها لحالات لم يقصدها المشرع الدستوري.

وحسب تقرير اللجنة، رفضت الحكومة والمجلس مقترحًا مماثلًا، استنادًا إلى أن صياغة المادة التي تأتي اتساقًا مع المادة 58 من الدستور التي استثنت من حرمة المنازل حالات الخطر أو الاستغاثة ولم تحددها. 

كما أن المادة تقابل المادة 45 من القانون القائم التي أوردت حالات الخطر على سبيل المثال لا الحصر، وأضاف التقرير "يستحيل تحديد هذه الحالات في قائمة مغلقة لأن الخطر ظرفي ومتغير".

ولفت تقرير اللجنة إلى موقف وزير العدل الذي أكد استحالة تحديد حالات الخطر على سبيل الحصر، مشيرًا إلى إمكانية إضافة عبارة "أو ما شابه ذلك" على غرار القانون القائم.

ورغم أن وزارة العدل نفت أمس الأربعاء ما نشره عدد من المواقع الإلكترونية بشأن رفض الوزير إضافة بدائل جديدة للحبس الاحتياطي، فإن تقرير اللجنة أكد رفض الوزير اعتراض الرئيس على نص المادة 114 من مشروع القانون، معتبرًا أن بدائل الحبس الاحتياطي في مشروع القانون كافية مع توضيح وجود صعوبات مالية وتقنية وفنية في إضافة بدائل إلكترونية جديدة للحبس الاحتياطي.

كما تمسك وزير العدل بنص المادة 411 من مشروع القانون كما هو دون تعديل، بينما كان وجه الرئيس بتعديل النص الذي يلزم المحكمة بانتداب محامٍ في غياب المتهم أو وكيله عند نظر الاستئناف دون منحه فرصة للحضور، بما قد يتعارض مع مبدأ كفالة حق الدفاع وأصل البراءة.

وكانت منظمات حقوقية طالبت بضرورة إجراء مراجعة شاملة وكاملة لمشروع قانون الإجراءات الجنائية، محذرةً من أن اقتصار التعديلات على عدد محدود من المواد لن يعالج "العوار الجسيم" الذي شاب القانون بأكمله.

وشددت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية على أن المشكلة الرئيسية في القانون لا تكمن في مواد معيبة فحسب، بل في "فلسفته الحاكمة ذاتها"، واعتبرت الجبهة المصرية لحقوق الإنسان أن اقتصار التعديل وفقًا لما تداولته وسائل إعلام على 8 مواد فقط سيجعلها "شديدة المحدودية، ولا يعالج العوار الجسيم الذي تضمنته مواد مشروع القانون الأخرى".