تصوير محمد سليمان، المنصة
وزير الري هاني سويلم متحدثًا خلال أسبوع القاهرة الثامن للمياه، 14 أكتوبر 2025

بعد حديث أمريكي عن مساع للحل.. مصدر بـ"الري": لا عودة لمفاوضات سد النهضة بشكلها السابق

محمد سليمان
منشور الثلاثاء 14 تشرين الأول/أكتوبر 2025

نفى مصدر مطلع على ملف سد النهضة بوزارة الري المصرية وجود أي اتصالات أو مشاورات حالية تتعلق بوساطة جديدة بين مصر وإثيوبيا بشأن ملئ وتشغيل السد، مؤكدًا أن العودة إلى المفاوضات بشكلها السابق "غير مطروحة في الوقت الراهن بعد فشلها في التوصل إلى نتائج ملموسة".

وفي وقت سابق من اليوم، قال مساعد وزير الخارجية الأمريكي ومستشار الرئيس دونالد ترامب لشؤون إفريقيا مسعد بولس إن سد النهضة أصبح واقعًا وإن الولايات المتحدة تسعى لإيجاد حلول سلمية للخلاف حوله.

وكشف بولس، في مداخلة مع قناة العربية/الحدث، عن احتمالية أن يكون هناك مبادرة من ترامب تجمع بين الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد لحل المشكلة، مردفًا بأن ملف سد النهضة لا يتعلق فقط بثلاثة بلدان، بل بكل الدول المستفيدة من نهر النيل.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2023، أعلنت مصر انتهاء المسارات التفاوضية بشأن سد النهضة، مؤكدة أنها تحتفظ بحقها المكفول بموجب المواثيق الدولية للدفاع عن أمنها المائي والقومي في حال تعرضه للضرر.

لكن المصدر الذي فضل عدم نشر اسمه، أكد أن استئناف أي حوار مستقبلي يتطلب إرادة سياسية حقيقية من الجانب الإثيوبي للوصول إلى اتفاق قانوني عادل وملزم ينظم عمليتي الملء والتشغيل، بما لا ينتقص من حق أديس أبابا في التنمية ولا من حصة مصر المائية.

وأضاف أن الفترات الأخيرة أكدت أهمية وجود آلية واضحة لتبادل البيانات والمعلومات لعدم تضرر دول المصب، مشيرًا إلى أن تشغيل السد لا يقل خطورة عن عملية الملء نفسها، إذ يمكن أن يؤدي إطلاق كميات قليلة من المياه إلى جفاف، بينما تسبب إطلاق كميات كبيرة في توقيت غير مناسب في فيضانات بالسودان مطلع الشهر الجاري.

ومطلع أكتوبر/تشرين الأول الجاري، اجتاحت فيضانات غير مسبوقة السودان، تزامنًا مع فتح إثيوبيا "بوابات الطوارئ" في مفيض سد النهضة، ما تسبب في إعلان الإنذار الأحمر بـ6 ولايات شملت العاصمة الخرطوم والنيل الأبيض وسنار والنيل الأزرق، حيث تأثرت القرى والمناطق الزراعية والمناطق السكنية. 

وفي سياق متصل، قال وزير الموارد المائية والري هاني سويلم إن الوزارة طورت خلال العامين الماضيين نماذج رياضية متقدمة لرصد مياه الأمطار والتنبؤ بكميات المياه المتجهة إلى السد العالي، بما يتيح استعدادًا مبكرًا لأي تغيرات في تدفقات النيل.

وأوضح سويلم، خلال مشاركته في إحدى جلسات أسبوع القاهرة للمياه، اليوم، أن مصر تتابع تشغيل السد الإثيوبي "بدقة وعلى مدار الساعة" عبر الأقمار الصناعية، مشيرًا إلى أن إثيوبيا أطلقت مؤخرًا كميات كبيرة من المياه بشكل متعمد، ما تسبب في أضرار لكل من مصر والسودان.

وأكد الوزير أن الدولة تعمل على تطوير أنظمة الرصد والمراقبة في السد العالي ومفيض توشكى باستخدام أحدث التقنيات، تحسبًا لأي طارئ.

والأحد الماضي، قال السيسي خلال كلمة مُسجلة في الجلسة الافتتاحية لأسبوع القاهرة الثامن للمياه، إن مصر لن تقف مكتوفة الأيدي "أمام النهج غير المسؤول الذي تتبعه إثيوبيا في ما يتعلق بنهر النيل"، وستتخذ كل التدابير لحماية مصالحها وأمنها المائي.

وأضاف السيسي أن القاهرة على مدار 14 عامًا من التفاوض المضني مع الجانب الإثيوبي واجهت تعنتًا لا يفسر إلا بغياب الإرادة السياسية وسعي لفرض الأمر الواقع، ومزاعم باطلة بالسيادة المنفردة على نهر النيل، بينما الحقيقة الثابتة أن النيل ملكية مشتركة لجميع الدول المتشاطئة ومورد جماعي لا يحتكر.

في المقابل، أعلنت الحكومة الإثيوبية اليوم، رفضها "القاطع" لاتهام السيسي، مؤكدة حقها السيادي في استخدام مواردها المائية، ومشددة على أن النيل "ليس ملكًا لدولة واحدة، بل هو مورد مشترك يجب أن يكون مصدرًا للتعاون لا التهديد".

وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قال السيسي إن نهر النيل قضية ترتبط بحياة الشعب المصري وبقائه، كونه يشكل المصدر الرئيسي للمياه في البلاد، بنسبة تتجاوز 98%، مضيفًا أن الحفاظ على هذا المورد الحيوي هو "مسألة وجود".

وفي مارس/آذار 2024 أقرّ وزير الري هاني سويلم بتأثر مصر بسد النهضة، لكنه أكد أن "الدولة المصرية قدرت تتعامل معاه بتكلفة ما"، مؤكدًا في الوقت ذاته أن "اتفاقية إعلان المبادئ بتقول لو تسبب السد في أضرار لدول المصب، فيه ثمن لازم يندفع، ولازم مصر هتطالب به في يوم من الأيام".