سكرين شوت من البث المباشر لجلسة المراجعة الدورية على موقع مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة
جانب من الاستعراض الدوري الشامل لملف حقوق الإنسان في مصر، 28 يناير 2025

للمرة الثالثة و"بلا منافسة".. مصر تحتفي بمقعد في مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان

محمد نابليون
منشور الأربعاء 15 تشرين الأول/أكتوبر 2025

حصلت مصر، أمس، على عضوية مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة للمرة الثالثة في تاريخها، في خطوة اعتبرتها وزارة الخارجية "انتصارًا جديدًا للدولة المصرية وتجسيدًا لمكانتها المرموقة"، بينما عدها مراقبون حقوقيون "فوزًا دبلوماسيًا محسومًا مسبقًا"، مؤكدين أن التحدي الحقيقي يكمن في ترجمة هذه العضوية إلى التزامات ملموسة على الأرض.

وفي الوقت الذي عدّ فيه بيان صادر عن وزارة الخارجية، حصول مصر على 173 صوتًا وفوزها بواحد من أربعة مقاعد مخصصة للمجموعة الإفريقية للفترة 2026-2028 "تأكيدًا على حجم الدعم الدولي لترشحها"، قال المدير التنفيذي للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية حسام بهجت، لـ المنصة، إن الفوز جاء دون منافسة انتخابية فعلية، بعد أن قدم الاتحاد الإفريقي قائمة مغلقة بعدد مرشحين يوازي عدد المقاعد المتاحة، وهي آلية دبلوماسية تضمن فوز المرشحين المتفق عليهم مسبقًا.

واعتبرت وزارة الخارجية أن هذا الفوز "يعكس الثقة في الدور المصري الفاعل في مجال حقوق الإنسان"، وأنه "ركيزة أساسية في جهود الدولة لتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية"، مستندة إلى ما وصفته بـ"التقدير الدولي للإنجازات التي حققتها الدولة المصرية ودورها المحوري في دعم السلام والاستقرار بالمنطقة".

ويرى بهجت أن حصد ذلك المقعد لا يمثل غطاءً أو شهادة حسن سير وسلوك للدولة العضو، مؤكدًا أن "العديد من أعضاء مجلس حقوق الإنسان لديهم سجلات مشينة في أوضاعهم الحقوقية الداخلية"، مشددًا في الوقت نفسه على أن العضوية لا تمنح حصانة ضد النقد أو المساءلة الدولية.

وبينما ربطت وزارة الخارجية بين الفوز بالمقعد و"التطورات التي شهدها الملف الحقوقي في السنوات الأخيرة، ومنها الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان وتطوير منظومة العدالة الجنائية وتمكين المرأة والشباب"، دعا بهجت إلى ضرورة أن تكون هذه العضوية فرصة للحكومة المصرية لإظهار جديتها في التعامل مع الملف الحقوقي عبر "التزامات طوعية" واضحة ومحددة خلال فترة عضويتها.

وشدد بهجت على ضرورة أن تكون هذه الالتزامات "ملموسة، ومحددة، وقابلة للقياس"، وأن تبتعد عن "الصياغات العمومية" التي اتسمت بها مبادرات سابقة مثل الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان "فبدلاً من الوعود الفضفاضة، يتطلب الأمر خطوات عملية يمكن تقييمها".

وفي السياق، لم يقلل المحامي الحقوقي وعضو الأمانة الفنية للحوار الوطني نجاد البرعي من اعتبار حصول مصر على ذلك المقعد "فوزًا يستدعي التبريكات"، لكنه يتفق مع بهجت بأن الفوز "يلقي على الحكومه التزامًا ثقيلًا بتسهيل عمل المنظمات الحقوقية المصرية والتعاطي الإيجابي معها لملاحقة الذين ينتهكون حقوق الإنسان بجدية".

وأضاف البرعي في بوست على حسابه بفيسبوك، أن الأمر يستلزم أيضًا تصفيه ملف الحبس الاحتياطي المكرر والمطول، والأهم التروي في مناقشة مشروع قانون الإجراءات الجنائية، مشددًا على أنه لا يجوز إصدار هذا القانون الذي ينتهك حق الدفاع ويهدر حقوق المواطنين الأساسية إلا بعد مناقشات واسعة.

وتابع "مصر اليوم مطالبة بأن تراجع كثيرًا من السياسات المتعلقة بحقوق الإنسان، وأظن أن الحقوقيين المصريين مستعدين لمساعدة السلطات على إنفاذ القانون من أجل ضمان احترام حقوق الإنسان وتنفيذ القانون بحسن نية"، معتبرًا أن هذا الاختيار يمثل فرصة للجميع لبدء صفحة جديدة "فلنكن على قدر المسؤولية".

وإلى ذلك، أكدت وزارة الخارجية في ختام بيانها أنها ستعمل على تطوير آليات المجلس "بما يراعي الخصوصيات الثقافية والظروف الوطنية للدول".

ويعرِّف مجلس حقوق الإنسان نفسه بوصفه "الهيئة الحكومية الدولية في منظومة الأمم المتحدة المسؤولة عن تعزيز حقوق الإنسـان وحمايتها في جميع أنحاء العالم، وعن معالجة حالات انتهاكات حقوق الإنسان وتقديم التوصيات بشأنها".

ويتكون من 47 دولة عضوة تتمتّع بالقدرة على مناقشة جميع قضايا وحالات حقوق الإنسان الموضوعية التي تتطلب اهتمامه على مدار العام، كما تحظى بامتيازات استراتيجية ودبلوماسية تمنحها نفوذًا ملحوظًا على الساحة الدولية، إذ يتمثل الامتياز الأكبر في التحول من موقع المتلقي للقرارات إلى صانع ومؤثر مباشر في تشكيل الخطاب العالمي لحقوق الإنسان.

وحسب المبادئ التأسيسية الواردة بقرار إنشاء المجلس، تمنح العضوية الدولة القدرة على المشاركة في صياغة القرارات، وتحديد أجندة المجلس عبر اقتراح جلسات طارئة أو لجان تحقيق، والتأثير على تعيين الخبراء المستقلين للأمم المتحدة، كما يمنحها حق التصويت سلطة مباشرة في تقرير مصير القضايا الحقوقية الدولية، سواء بإدانة دول أخرى أو بحماية حلفائها من خلال بناء التحالفات الدبلوماسية.