دعت حملة Stop Pollution التونسية للمشاركة في "مسيرة سلمية" غدًا الجمعة، تحت شعار "الشعب يريد تفكيك الوحدات"، تنطلق من سوق جارة إلى ساحة النزلة بشط سيدي عبد السلام في قابس، في جولة جديدة من التظاهرات نتيجة تدهور الأوضاع البيئية وتوالي حالات الاختناق بسبب التلوث.
وخلال أكتوبر/تشرين الأول الجاري، تصاعدت الاحتجاجات في قابس، جنوب تونس، وسط موجة من الغضب الشعبي نتيجة تدهور الأوضاع البيئية، إذ خرج الآلاف من السكان للتعبير عن سخطهم من انبعاثات صناعية سامة تنتج عن المجمع الكيميائي التابع للدولة، مطالبين بالإغلاق الفوري وتفكيك وحدات المجمع الكيمائي بعد أن التفّت أنظار الجميع إلى حالات اختناق جماعي خاصة بين صفوف طلبة المدارس خلال الفترة الماضية.
وردد المتظاهرون، الذين ارتدى معظمهم اللون الأسود للتعبير عن الغضب، شعارات مثل "الشعب يريد تفكيك الوحدات"، و"نريد أن نعيش"، و"قابس تستغيث"، و"نريد أن نتنفس"، وحسب إحصائيات غير رسمية نشرتها BBC، قارب عدد المحتجين الأربعين ألفًا، خرج فيها السكان وطلبة الجامعات والمدارس مطالبين في حقهم في العدالة المناخية.
وقالت Stop Pollution في بيان الأربعاء الماضي "تحيّي حملة Stop Pollution كلّ المواطنات والمواطنين الذين ساهموا في مواصلة الملحمة التاريخية التي خطّتها قابس طيلة أسابيع كان أبرزها الإضراب العام الشعبي يوم 21 أكتوبر 2025 حين توحّد أكثر من 100 ألف مواطنة ومواطنة حول مطلبٍ واحدٍ صريحٍ وواضح (الشعب يريد تفكيك الوحدات)".
وتسبب التلوث وما نتج عنه من وفيات في صفوف طلاب المدارس في موجة قلق متصاعدة داخل قابس التي تشهد منذ سنوات مطالبات بإغلاق أو نقل الوحدات الصناعية التابعة للمجمع الكيميائي بعيدًا عن المناطق السكنية.
فيما أشارت منظمات بيئية إلى أن المجمع، الذي يُنتج نحو 57% من حمض الفسفور الوطني المستخدم في الصناعات والأسمدة، أصبح مصدر تلوث خطير يهدد صحة السكان والبيئة البحرية في الجهة، مع تسجيل ارتفاع في الأمراض التنفسية والسرطانية بين الأهالي.
وأنشأت السلطات في تونس المُجمّع منذ 53 عامًا وبداخله وحدات لتصفية مادة الفوسفات ويحولها إلى جملة من المواد الأخرى كالحامض الكبريتي والحامض الفسفوري الذي يحتوي على مادة الفوسفوجيبس. كما أن الموقع يحظى بحماية الجيش والشرطة على مدى هذه السنوات، وفق BBC.
هذا وتعيش المحافظة حالة يصفها بيئيون وسكان المنطقة بالصعبة والقاسية نتيجة تعرّض طلبة المدارس والسكان على حد سواء من حالات اختناق وأمراض تنفسية وهشاشة العظام وسرطانات جراء انبعاثات غازية ناجمة عن الوحدات الصناعية للمجمع الكيميائي.
وكانت الحكومة التونسية أعلنت عام 2017 التزامها بإنهاء إلقاء مادة الفوسفوجيبس في البحر. ونصّ القرار الحكومي على تفكيك الوحدات الصناعية القديمة التابعة للمجمّع الكيميائي، وتعويضها بمصانع جديدة تحترم المعايير البيئية الدولية.
ورغم اتخاذ السلطات في تونس لهذا القرار منذ سنوات ما يزال حسب BBC إلقاء المواد السامة في البحر، ما زاد من تضرر السكان والصيادين المحليين ونفوق الأسماك بشكل متواصل ما جعل الناس تعود إلى الشوارع للمطالبة بتنفيذ التعهدات.
وفي مارس/آذار 2025، زادت حالة الاحتقان بالمحافظة بعد صدور قرار حكومي جديد يقضي بحذف مادة الفوسفوجيبس من قائمة النفايات الخطرة، فيما اعتبره سكان المحافظة تراجعًا خطيرًا عن الالتزامات والتعهدات السابقة.