جمعت الولايات المتحدة معلومات استخباراتية تؤكد استخدام جيش الاحتلال الإسرائيلي الفلسطينيين خلال العدوان على غزة دروعًا بشرية.
وقال مسؤولان أمريكيان سابقان لم تسمهما رويترز إن الولايات المتحدة جمعت العام الماضي معلومات استخباراتية من مسؤولين إسرائيليين يناقشون كيف أرسل جنودهم فلسطينيين إلى أنفاق في غزة، يعتقد الإسرائيليون أنها قد تكون مفخخة.
وأوضح المسؤولون أن المعلومات تمت مشاركتها مع البيت الأبيض وتحليلها من قبل مجتمع الاستخبارات في الأسابيع الأخيرة من إدارة الرئيس السابق جو بايدن. فيما يحظر القانون الدولي استخدام المدنيين دروعًا بشرية أثناء العمليات العسكرية.
تقرير رويترز الصادر أمس الأربعاء ليس الأول من نوعه، إذ أكد عدد من الفلسطينيين والجنود الإسرائيليين لأسوشيتد برس في مايو/أيار الماضي أن جيش الاحتلال يجبر الفلسطينيين بشكل منهجي على العمل دروعًا بشرية في غزة، ويرسلهم إلى المباني والأنفاق بحثًا عن متفجرات أو مسلحين. وأضافوا أن "هذه الممارسة الخطيرة أصبحت شائعة خلال 19 شهرًا من الحرب".
وحسب رويترز، لطالما أعرب مسؤولون في إدارة بايدن عن مخاوفهم بشأن التقارير الإخبارية التي أشارت إلى أن الجنود الإسرائيليين يستخدمون الفلسطينيين لحماية أنفسهم في غزة. ولم يُنشر سابقًا أي تقرير عن جمع واشنطن لأدلتها الخاصة بهذا الموضوع.
وقال مسؤولون أمريكيون إن المعلومات الاستخباراتية الأمريكية التي تم جمعها في الأشهر الأخيرة من عام 2024 أثارت تساؤلات داخل البيت الأبيض ومجتمع الاستخبارات حول مدى استخدام هذا التكتيك على نطاق واسع وما إذا كان جنود إسرائيليون يتصرفون بناء على توجيهات صادرة عن القادة العسكريين.
ولم يقدم المسؤولون تفاصيل حول ما إذا كان الفلسطينيون المشار إليهم في المعلومات الاستخباراتية سجناء أم مدنيين، ولم تتمكن رويترز من تحديد ما إذا كانت إدارة بايدن ناقشت المعلومات الاستخباراتية مع الحكومة الإسرائيلية، ولم يستجب مسؤولون سابقون في البيت الأبيض في عهد بايدن لطلبات التعليق لرويترز. كما لم تستجب وكالة المخابرات المركزية لطلبات التعليق.
وفي بيانٍ له، قال جيش الاحتلال الإسرائيلي إنه "يحظر استخدام المدنيين دروعًا بشرية أو إجبارهم بأي شكل من الأشكال على المشاركة في العمليات العسكرية". وأضاف البيان أن قسم التحقيقات الجنائية في الشرطة العسكرية يحقق في "شبهات تتعلق بمشاركة فلسطينيين في مهام عسكرية".
وقال المسؤولون الأمريكيون السابقون إنه إذا ثبتت إدانة إسرائيل بارتكاب جرائم حرب، فقد تُحمّل الولايات المتحدة مسؤولية تزويد إسرائيل بالأسلحة. ومن المرجح أيضًا أن يُجبر ذلك الولايات المتحدة على وقف تبادل المعلومات الاستخباراتية مع إسرائيل.
وقال ضابط إسرائيلي في مايو الماضي، لم تسمه أسوشيتد برس، إن الأوامر كانت تأتي في كثير من الأحيان من الأعلى، وفي بعض الأحيان كانت كل فصيلة تقريبًا تستخدم فلسطينيًا لتطهير المواقع.
وقال الشاب الفلسطيني أيمن أبو حمدان لأسوشيتد برس إن المرة الوحيدة التي لم يكن فيها مقيدًا أو معصوب العينين كانت عندما استخدمه جنود إسرائيليون كدرع بشري، مضيفًا إنه كان يرتدي زيًا عسكريًا وكاميرا مثبتة على جبهته، وأُجبر على دخول منازل في قطاع غزة للتأكد من خلوها من القنابل والمسلحين. وعندما انتهت إحدى الوحدات منه، نُقل إلى التالية.
وقال عن فترة احتجاز جيش الاحتلال له في شمال غزة لأسبوعين ونصف في الصيف الماضي "ضربوني وقالوا لي: ليس لديك خيار آخر؛ افعل هذا أو سنقتلك".
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2024، اعترف جنود إسرائيليون أنهم شاهدوا أو شاركوا في عمليات استخدام معتقلين فلسطينيين دروعًا بشرية في الحرب الجارية في غزة، حسب تحقيق أجرته صحيفة نيويورك تايمز، مؤكدين أنها "تُنفذ بدعم لوجستي كبير ومعرفة القادة في ساحة المعركة".
وفي عام 2005، حظرت المحكمة العليا في إسرائيل استخدام الفلسطينيين دروعًا بشرية، ردًا على التماس ضد "إجراء الجار" الذي يطبقه جيش الاحتلال في الضفة الغربية، حيث يجبر الجنود المدنيين على التقدم أمامهم عند مداهمة المنازل هناك.
وأدّب الاحتلال 6 جنود آخرين لاستخدامهم مدنيين دروعًا بشرية في 2009، وفق هيومن رايتس ووتش. وفي مايو 2002 أيضًا، أصدر جيش الاحتلال الإسرائيلي "أمرًا صريحًا" بحظر اتخاذ الجنود الإسرائيليين لدروع بشرية، حسب المنظمة الحقوقية.
وسبق أن نشرت هآرتس الإسرائيلية، والجارديان البريطانية تحقيقًا أكدت فيه أيضًا استخدام جيش الاحتلال الفلسطينيين المدنيين دروعًا بشرية في غزة.
واعتمد التحقيق وقتها على نتائج توصلت لها منظمة "كسر الصمت"، وهي مجموعة أسسها قدامى المحاربين الإسرائيليين لتوثيق الانتهاكات العسكرية لجيش الاحتلال، وقال مديرها التنفيذي ناداف فايمان إن هذه الممارسة كانت منتشرة على نطاق واسع في مختلف الوحدات التي تقاتل في غزة، حتى أنه يمكن اعتبارها في الواقع "بروتوكولًا".
وفي تحقيق أسوشيتد برس، قال ناداف فايمان إن روايات استخدام المدنيين الفلسطينيين "تشير إلى فشل منهجي وانهيار أخلاقي مُريع".