اقتحم جيش الاحتلال الإسرائيلي، صباح اليوم الاثنين، مقر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، في حي الشيخ جراح بمدينة القدس المحتلة.
وفي بيان على فيسبوك، اعتبرت محافظة القدس اقتحام الاحتلال مقر الأونروا "انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي وتعدّيًا خطيرًا على حصانة ورفعة مؤسسات الأمم المتحدة، ومخالفة واضحة لميثاق المنظمة الدولية وشروط عضويتها وقراراتها، لا سيما قرار مجلس الأمن رقم 2730 الذي يُلزم الدول باحترام وحماية مؤسسات الأمم المتحدة والعاملين في المجال الإنساني، وهو ما ينطبق بشكل مباشر على الأونروا ومؤسساتها وموظفيها".
وقالت المحافظة إن قوات معززة من الاحتلال اقتحمت المقر عند ساعات الصباح الأولى، واحتجزت موظفي الحراسة وصادرت هواتفهم، ما أدى إلى انقطاع التواصل معهم وتعذّر معرفة ما يجري داخل المقر، بالتزامن مع إغلاق المنطقة بالكامل وقيام قوات الاحتلال بأعمال تفتيش واسعة طالت مرافق المبنى كافة.
وأوضحت أن هذا الاقتحام يأتي في سياق "سلسلة من الاعتداءات التي نفّذها مستعمرون ونواب في الكنيست الإسرائيلي، عقب دخول قرار حكومة الاحتلال حظر عمل الأونروا في القدس الشرقية حيّز التنفيذ بتاريخ 30 يناير/كانون الثاني الماضي، وهو القرار الذي أدى إلى مغادرة الموظفين الدوليين للمدينة لانتهاء تصاريحهم الإسرائيلية، بينما لم يتواجد الموظفون المحليون في مقار الوكالة خلال الاقتحام".
وأكدت محافظة القدس أن القدس الشرقية أرض محتلة بموجب القانون الدولي، ولا يُعترف بضمها للاحتلال، مشددة على أن "استهداف وكالة أممية تُعنى بخدمة اللاجئين يشكّل مساسًا خطيرًا بالمنظومة الدولية وبصلاحيات الأمم المتحدة". وأضافت أن "هذا الاقتحام يمثّل تحديًا مباشرًا لاعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة، قبل أيام بأغلبية ساحقة، تجديد ولاية الأونروا".
وجددت المحافظة تأكيدها على فتوى محكمة العدل الدولية التي شددت على عدم وجود أي سيادة لإسرائيل على الأرض الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس، وأنها جزء لا يتجزأ من مناطق عمليات الأونروا، داعية المجتمع الدولي إلى الانضمام إلى الموقف الفلسطيني الرافض للقرارات الإسرائيلية الأخيرة باعتبارها أدوات لترسيخ الاحتلال والاضطهاد ضد الشعب الفلسطيني.
من جهتها، قالت الأونروا إن شاحنات ورافعات إسرائيلية شوهدت تدخل المقر، ولا تتوفر حتى الآن معلومات إضافية، حيث قطعت القوات الإسرائيلية الاتصالات، كما لا يوجد حاليًا أي موظف من الأمم المتحدة داخل المقر.
وشددت على أن دخول قوات الاحتلال الإسرائيلية غير المصرح به للمقر، يعد انتهاكًا غير مقبول لامتيازات وحصانات "الأونروا" كوكالة تابعة للأمم المتحدة، مشيرة إلى أن إسرائيل طرف في اتفاقية امتيازات وحصانة الأمم المتحدة، التي تنص على حرمة مقرات الأمم المتحدة (محصنة من التفتيش والمصادرة)، وأن تكون ممتلكاتها وأصولها محصنة من الإجراءات القانونية.
وتنص المادة الثانية من الاتفاقية العامة لامتيازات الأمم المتحدة وحصانتها على أن "تتمتع الأمم المتحدة وممتلكاتها وموجوداتها، أيًا كان مكانها أو كان حائزها، بالحصانة القضائية الكاملة ما لم تتنازل عنها صراحة، في أي حالة خاصة، وعلى ألا يشمل هذا التنازل أي إجراء من إجراءات التنفيذ".
والأونروا هي وكالة أممية تأسست في 1949 وفوضتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بمهمة تقديم المساعدة الإنسانية والحماية للاجئي فلسطين المسجلين في مناطق عمليات الوكالة إلى أن يتم التوصل إلى حل عادل ودائم لمحنتهم.
وتعمل الأونروا في الضفة الغربية والتي تشمل القدس الشرقية، وقطاع غزة، والأردن، ولبنان، وسوريا.
عداء إسرائيل للأونروا ليس وليد اليوم ولم يكن اقتحامها مقر الأونروا غريبًا، إذ اتهم جيش الاحتلال الإسرائيلي الأونروا، في يناير 2024، بمشاركة بعض موظفيهم في عملية طوفان الأقصى، ثم أعلنت الأمم المتحدة، 5 أغسطس/آب من العام نفسه، نتائج تحقيق مكتب خدمات الرقابة الداخلية بشأن 15 موظفًا، وخلص إلى أن هناك 9 موظفين "ربما شاركوا" في العملية، وسيتم فصلهم.
بعدها، صدَّق الكنيست الإسرائيلي، 28 أكتوبر/تشرين الأول 2024، على تشريع يحظر عمل الأونروا في إسرائيل، وصرّح نتنياهو بعد التصويت بوجوب محاسبة العاملين "المتورطين في أنشطة تهدد أمن إسرائيل"، مع تأكيده على إتاحة المساعدات لغزة "دون تعريض أمن إسرائيل للخطر".
وسبق أن أكد المفوض العام لوكالة الأونروا فيليب لازاريني على إكس، في 31 ديسمبر/كانون الأول الماضي، مقتل 258 موظفًا في الأونروا إضافة إلى "ما لا يقل عن 745 شخصًا في ملاجئنا أثناء سعيهم للحصول على حماية الأمم المتحدة، وأُصيب أكثر من 2200 آخرين"، مشيرًا إلى تسجيل نحو 650 حادثة استهدفت مباني ومنشآت الوكالة الأممية.