أعلنت وزارة الدفاع الإسرائيلية، اليوم الاثنين، بدء العمل في إنشاء جدار على الحدود مع الأردن يمتد لنحو 500 كيلومتر من جنوب هضبة الجولان حتى شمال إيلات، ما يعني المضي قدمًا في مخطط تطويق وضم الضفة الغربية المحتلة.
وقدرت وزارة الدفاع الإسرائيلية تكلفة المشروع، الذي يشمل إنشاء جدار متعدد الطبقات، بنحو 5.5 مليار شيكل (أكثر من مليار و710 ملايين دولار)، وذلك بعد يوم من إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن بلاده ستحتفظ بالسيادة الأمنية الكاملة على المنطقة الممتدة من نهر الأردن حتى البحر المتوسط.
وفي يوليو/تموز الماضي صوَّت الكنيست الإسرائيلي لصالح مشروع قانون يدعو الحكومة إلى "فرض السيادة الإسرائيلية" على الضفة الغربية، وينصَّ على أن الضفة الغربية وغور الأردن "تشكلان جزءًا لا يتجزأ من الوطن التاريخي للشعب اليهودي"، ويدعو إلى اتخاذ خطوات استراتيجية لتثبيت ما وصفوه بـ"الحق التاريخي" وتحقيق الأمن القومي.
والأربعاء الماضي، قالت صحيفة هآرتس الإسرائيلية إن جيش الاحتلال يبني سياجًا في غور الأردن، ويعزل الفلسطينيين عن 11 ألف فدان من أراضيهم، موضحة أنه من أجل بناء الحاجز سيهدم جيش الاحتلال منازل وحظائر أغنام وبنى تحتية، وستُحاط إحدى القرى بالكامل بالسياج.
وحسب هآرتس، يُجري الاحتلال مراحل متقدمة في بناء جدار فاصل جديد في عمق غور الأردن، على بُعد 12 كيلومترًا على الأقل غرب الحدود الأردنية. سيفصل هذا الجدار القرى الزراعية والتجمعات الرعوية الفلسطينية عن أراضيها، وسيعزل هذه التجمعات الفلسطينية عن بعضها البعض، على غرار جدار الفصل في غرب الضفة الغربية المحتلة.
والحدود الأردنية هي أطول حدود مشتركة مع إسرائيل، ويبلغ طولها 335 كيلومترًا، منها 97 كيلومترًا مع الضفة الغربية.
وعمليًا، تُعدّ الحدود مع الأردن هادئة إلى حد كبير، لكن إسرائيل منذ عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023، تعيش هاجس هذا الهجوم، وتطلق إنذارات بين الحين والآخر حول احتمال استنساخه في الضفة أو عبر الأردن، حسب الشرق الأوسط.
وشهدت الحدود مع الأردن عمليات ضد إسرائيل، لكنها كانت متباعدة، ومنها عملية سلطان العجلوني عام 1990 عندما اجتاز المُنفّذ الحدود الأردنية، وهاجم موقعًا عسكريًا للاحتلال الإسرائيلي، وقتل رائدًا في الشرطة.
وشهد عام 1997 عمليتين، كان منفذ إحداهما أحمد الدقامسة وهو جندي أردني أطلق النار باتجاه مجموعة من الطلاب الإسرائيليين في منطقة الباقورة، وأسفرت العملية عن مقتل 7 فتيات إسرائيليات، وكانت العملية الأخرى من تنفيذ سونا الراعي التي هاجمت جنودًا عند نقطة التماس في معبر الملك حسين.
كما وقعت عملية التفجير التي نفذها محمد السكسك عام 2007 عندما تسلل عبر الأردن إلى إيلات، وقتل 3 إسرائيليين.
وجاءت إحدى العمليات التي نفذها ماهر الجازي في سبتمبر/أيلول العام الماضي في جسر الملك حسين، عندما ترجل من شاحنته، وأطلق النار على عناصر أمن الحدود الإسرائيليين، وقتل 3 منهم.
وفي وثيقة صدرت أواخر أغسطس/آب الماضي، وُقّعت من قائد القيادة المركزية اللواء آفي بلوث، وُصف الجدار العازل الجديد بأنه جزء من مشروع عسكري يُسمى "هوت هاشاني" أو "الخيط القرمزي".
وإلى جانب التبني غير الرسمي لـ"خطة ألون" التي سعت إلى ضم غور الأردن إلى الأراضي الإسرائيلية، أعلن الاحتلال مناطق واسعة من غور مناطق عمليات عسكرية مغلقة أمام الوجود الفلسطيني، رغم أن التجمعات الفلسطينية كانت تعيش هناك وتعتاش على الرعي والزراعة. كما منعت إسرائيل أي بناء إضافي في القرى الدائمة، ومنعت ربط التجمعات الأخرى بالبنية التحتية للمياه والكهرباء، وفق هآرتس.
وفي العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، فُرضت قيود صارمة أخرى على الحركة، مما حدّ في بعض الأحيان من دخول الفلسطينيين غير المسجلين كسكان في غور الأردن إلى المنطقة.
من جهتها، أدانت وزارة الخارجية الأردنية، في بيان اليوم الاثنين، خطة لتوسيع وإنشاء مستوطنات استعمارية غير شرعية في الضفة الغربية المحتلة، واعتبرتها خرقًا فاضحًا للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وتقويضًا لحق الشعب الفلسطيني غير القابل للتصرف في تقرير مصيره وإنهاء الاحتلال وتجسيد دولته المستقلة، مشيرة إلى فتوى محكمة العدل الدولية التي أكّدت عدم قانونية الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية وبطلان بناء المستوطنات وإجراءات ضمّ أراضي الضفة الغربية المحتلة.
وتأتي خطة إنشاء جدار على الحدود مع الأردن في وقت يشن الاحتلال عدوانًا واسعًا على شمال الضفة الغربية المحتلة، أطلق عليه اسم "الأحجار الخمسة"، إذ تمتدّ العمليات إلى خمس مناطق في محافظة طوباس، وشملت مدينة طوباس وقرية تياسير شرقًا، وعقابا شمالًا، وبلدة طمون ومخيم الفارعة جنوبًا، ومع تصاعد الدعوات اليمينية المتطرفة داخل الحكومة الإسرائيلية لضم الضفة.
وقبل نهاية الشهر الماضي، وافقت لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست على مشروع قانون يتيح للمستوطنين شراء أراضٍ في الضفة المحتلة بصورة مباشرة.
ولم تكن هذه الدعوة الأولى لضم الضفة الغربية، ففي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي دعا وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش إلى بسط السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية، وقال وقتها "2025 عام السيادة (الإسرائيلية) في يهودا والسامرة (التسمية التوراتية للضفة الغربية)".
وفي فبراير/شباط الماضي، قدم مشرعون جمهوريون في مجلس النواب الأمريكي مشاريع قوانين لحظر استخدام مصطلح الضفة الغربية في الوثائق الحكومية الأمريكية، واستبداله بعبارة "يهودا والسامرة"، وذلك بهدف تعزيز ودعم مطالبة إسرائيل بالسيطرة على الأراضي التي احتلتها في حرب عام 1967.