قضت محكمة الجنح الاقتصادية المستأنفة، أمس، بتخفيف العقوبة الصادرة بحق التيكتوكر سوزي الأردنية (مريم أيمن)، إلى الحبس ستة أشهر، بدلًا من حكم أول درجة الذي قضى بحبسها سنة وتغريمها 100 ألف جنيه، وذلك في القضية المُدانة فيها بـ"إساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، ونشر محتوى خادش للحياء، والاعتداء على المبادئ والقيم الأسرية".
وخلال جلسة نظر الاستئناف، قدم محامي المتهمة، مؤمن عز الدين، مذكرة دفاع طالب فيها ببراءتها، مستندًا إلى عدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل في ذات الوقائع أمام محكمة الطفل.
ولم تتضح على الفور أسباب المحكمة في تخفيف الحكم على سوزي، ولكن مذكرة دفاعها التي حصلت المنصة على نسخة منها، أشارت إلى أن الفيديوهات التي عوقبت بسببها كانت نفسها الفيديوهات محل القضية رقم 1609 لسنة 2024 جنح المطرية، والتي صدر فيها حكم استئنافي نهائي بتغريمها، معتبرة أن إعادة محاكمتها عن الوقائع نفسها تخالف النص القانوني الذي يحظر محاكمة المتهم أمام نفس الوقائع مرة ثانية بعد الفصل فيها قضائيًا.
وبشأن اتهامها بـ"هدم قيم المجتمع"، انتقد الدفاع غموض النص الوارد بقانون مكافحة الجرائم الإلكترونية، معتبرًا أن العبارة جاءت "عامة وفضفاضة دون معيار قانوني منضبط"، بما يفتح الباب للتوسع في التجريم بالمخالفة لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات. واستشهدت المذكرة بأحكام المحكمة الدستورية العليا التي أكدت ضرورة وضوح النصوص العقابية وتحديد أركان الجريمة على نحو دقيق لا لبس فيه.
وعن مقاطع الفيديو محل الاتهام، أوضحت المذكرة أن المحتوى لم يُنشر للعامة، وإنما جاء في إطار بث مباشر محدود مع الأصدقاء، قبل أن يتم اجتزاؤه والتلاعب به من قبل صفحات مجهولة، تُعرف بـ"صفحات المصممين"، بهدف تحقيق الانتشار والترند.
ووصف الدفاع المحتوى محل الاتهام بأنه "كوميدي طفولي"، خالٍ من العري أو الإيحاءات الجنسية، قائلًا "لم نجد في ذلك المحتوى أي من الأفعال الحقيقية التي تخدش الحياء، بل تعاملت بها المتهمة بتلقائية وفطرة قلبية".
وتعود القضية إلى حملة شنتها وزارة الداخلية في يوليو/تموز الماضي على عدد من صانعي المحتوى على السوشيال ميديا، ولا سيما تطبيق تيكتوك، أعلنت خلالها ضبط عدد منهم بينهم "سوزي الأردنية"، بتهم تتعلق بنشر مقاطع "خادشة للحياء، والخروج على الآداب العامة، وإساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي".
وأثارت الحملة انتقادات حقوقية واسعة، من بينها المبادرة المصرية للحقوق الشخصية التي اعتبرت أنها جاءت في أعقاب موجة تحريض إلكتروني وبلاغات قانونية استهدفت بشكل خاص نساء من خلفيات اجتماعية بسيطة.
وأشارت المبادرة إلى أن هذه الملاحقات جرت في سياق ما وصفته بـ"ذعر أخلاقي وأمني"، غذته خطابات رسمية، أسهمت في شيطنة مستخدمي تيكتوك، لا سيما النساء، وبلغت ذروتها بحديث عن وجود "عصابات دولية للاتجار بالأعضاء البشرية" تعمل عبر التطبيق.
وحذرت المبادرة من تحول المادة 25 من قانون جرائم تقنية المعلومات، الخاصة بـ"قيم الأسرة المصرية"، إلى أداة لتجريم التعبير وقمع الحريات بصورة انتقائية، كاشفة عن رصدها ملاحقة أكثر من 151 شخصًا في ما لا يقل عن 109 قضايا بهذه التهمة منذ عام 2020، مع ترجيح أن يكون العدد الفعلي أكبر.
واعتبرت المبادرة أن هذه الممارسات تندرج ضمن ما وصفته بـ"مشروع الضبط الاجتماعي"، الذي يستهدف التحكم في المظهر والرأي والسلوك، ويحمل طابعًا طبقيًا واضحًا، ويمثل نموذجًا لـ"السلطوية الأخلاقية" الهادفة إلى تضييق المجال العام ومنع أي تعبير قد يعكر صفو هيمنة الدولة.