ويكيبديا
الحدود المصرية الإسرائيلية

روايات مصرية وإسرائيلية متباينة حول مقتل 4 جنود قرب معبر العوجة

سالم الريس
منشور السبت 3 يونيو 2023 - آخر تحديث الأحد 4 يونيو 2023

تواصلت الروايات من الجانبين المصري والإسرائيلي على مدار اليوم بشأن تبادل لإطلاق النار على الحدود المصرية- الإسرائيلية أسفر عن مقتل جندي مصري، و3 إسرائيليين.

وبينما نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وصفه للحادث بأنه "عابر"، وأنه "لن يؤثر على العلاقات بين البلدين"، رأى خبراء تحدثت إليهم المنصة أن الحادث سيلقي بظلاله على علاقات التعاون الأمني بين القاهرة وتل أبيب .  

وقال عصمت منصور، الخبير الفلسطيني في الشأن الإسرائيلي، إن الحادث الذي وقع صباح اليوم بالقرب من معبر العوجة على الحدود المصرية-الإسرائيلية، "سوف يلقي بأثره على العلاقات بين البلدين،  والتعاون الوثيق، الاستخباراتي والأمني، لاسيما  ما يتعلق بالحدود وسيناء".

وأضاف منصور، في اتصال هاتفي مع المنصة  أنه "لمس من البيان المصري، عدم تبني الحادث"، حيث اعتبرته مصر "حادثا فرديا"، وواضح أنّ "هناك رغبة في احتواء الموقف وتأكيد أنه لن يكون له تداعيات أمنية أو سياسية".

وتوقع منصور أن تتضح الحقيقة خلال أيام عبر "التحقيق المشترك بين البلدين".

وكان المتحدث العسكري الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، أعلن في ساعات مبكرة من صباح اليوم، عن حادث وصفه بـ"الأمني" في معبر العوجة، ليوضح  لاحقًا أنه أسفر عن مقتل 3 جنود إسرائيليين في اشتباكين وقعا في ساعات مختلفة، إضافة إلى مقتل عنصر أمن مصري.

وبعد ساعات من الإعلان الإسرائيلي، جاء بيان المتحدث العسكري للقوات المسلحة المصرية العقيد  غريب عبد الحافظ، وقال فيه إنه "فجر اليوم، قام أحد عناصر الأمن (المصري) المكلف بتأمين خط الحدود الدولية بمطاردة عناصر تهريب المخدرات.. وأثناء المطاردة قام فرد الأمن باختراق حاجز التأمين وتبادل إطلاق النيران، مما أدى إلى وفاة 3 أفراد من عناصر التأمين الإسرائيلية، بالإضافة إلى وفاة فرد التأمين المصرى أثناء تبادل إطلاق النيران".

وأشار المتحدث العسكري في تغريدته على تويتر، إلى أنّ الجيش المصري يقوم بالمتابعة والبحث والتفتيش والتأمين للمنطقة و"اتخاذ الإجراءات القانونية حيال الواقعة" بحسب وصفه.

لم يوضح الرد المصري الأولي، مَن الذي تسبب في قتل الجنود الإسرائيليين وعنصر الأمن المصري، فقط اكتفى بالإشارة إلى عملية تهريب مخدرات، وتبادل لإطلاق النار، فيما ادعى المتحدث العسكري الإسرائيلي أدرعي، الذي وصف فرد الأمن المصري بالـ"مخرب"، أن "الأخير هو الذي نفذ الاعتداء على الحدود المصرية الإسرائيلية".

وأضاف أدرعي في تغريدته على تويتر   أنه "في ساعات الظهر رصدت القوات العسكرية (الإسرائيلية) خلال أعمال التمشيط، المخرب نفسه داخل الأراضي الإسرائيلية، حيث اندلع تبادل لإطلاق نار تمكن خلاله الجنود والقادة من قتل المخرب"، وأوضح أنه "وخلال الاشتباك الثاني قُتل جندي إسرائيلي ثالث، وأصيب ضابط بجروح طفيفة".

ونوه منصور، الخبير في الشأن الإسرائيلي، إلى أنّ الحادث وُصف بالأمني، لأنّ عملية قتل 3 جنود تعد "خسارة كبيرة مجانية بالنسبة لإسرائيل"، بحسب قوله.

وأوضح أن منطقة الحدود المصرية الإسرائيلية، بين سيناء والنقب، والتي يتجاوز طولها 200 كيلومتر، تعرف بالمنطقة النشطة لتجارة المخدرات وعمل المهربين، ولم يكن أمام إسرائيل إلا أن تقول بأن الأمر متعلق بتجارة المخدرات.

استغلال الحادث

من جانبه، شكك عزيز المصري، الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني من قطاع غزة، في الرواية الإسرائيلية التي تتحدث عن عملية تهريب مخدرات، قيل إن قيمتها تقارب الـ 600 ألف دولار. وقال إنه "حتى اللحظة هناك ضبابية لدى الطرفين المصري والإسرائيلي، ولا أحد منهم يمتلك معلومات دقيقة حول تفاصيل ما حدث منذ ساعات الفجر ، وقيل أنه عملية تهريب مخدرات، وما حدث من اشتباكات في ساعات الظهيرة".

وأشار المصري في حديثه للمنصة، إلى  "مرور وقت طويل بين الحدثين، ما يعطي إشارة أن الحدثين على الأغلب لا رابط بينهما، وربما يكون إطلاق النار من الجندي المصري جاء ردًا على عملية إطلاق نار من الجنود الإسرائيليين بشكل مسبق".

وأكدّ المصري، أن "الحادثة ستدفع العناصر اليمينية في الحكومة الإسرائيلية إلى المطالبة بإعادة النظر في اتفاقية كامب ديفيد، وبعض النقاط التي تخص تواجد وحجم الجيش المصري في سيناء"، لكنه استدرك قائلا أنه "لا يعتقد أن الأمر سيؤدي إلى أي تغيير استراتيجي بين البلدين".

وأشار إلى المطالبات المصرية خلال الفترة الأخيرة بتغيير الأوضاع في سيناء إلى صالحهم، وتابع "في اعتقادي لن تقبل مصر أي ابتزاز إسرائيلي خلال الفترة المقبلة".

وكانت مصر عززت من تواجد قواتها العسكرية في المناطق الحدودية في رفح المصرية، بموجب اتفاقية بين الجيش المصري والإسرائيلي قبل قرابة عامين، دون الإفصاح عن تفاصيل حول الاتفاقية، فيما حذرت الإدارة الأمريكية لاحقًا من التقارب المصري-الإسرائيلي الذي سمح بزيادة تواجد الجيش المصري في سيناء.

وحول حادثة اليوم، قال السفير حسين هريدي، مساعد وزير الخارجية المصري السابق، إن "ما حدث من تضخيم إعلامي إسرائيلي لحادثة معبر العوجة، يأتي في إطار حرص الحكومة الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو على توتير أجواء المنطقة".

جاءت تصريحات السفير خلال اتصال هاتفي له مع قناة الجزيرة، تحدث فيه حول الاستعطاف الإسرائيلي المتكرر خلال السنوات الأخيرة، وعلى لسان رئيس الوزراء الإسرائيلي، ومفاده أن "الدولة العبرية تواجه العديد من المخاطر والتهديدات، وأنها تسعى إلى تضخيمها من أجل تخفيف الضغوط التي تمارسها الإدارة الأمريكية".

وأضاف هريدي أن "نتنياهو يصرح بأنّ الحادثة لن تؤثر على العلاقات المصرية-الإسرائيلية، وإذا ما قارنا تصريحه الذي يخاطب فيه مصر والمجتمع الإسرائيلي، سنجد تضخيما للحادث في البيانات الإسرائيلية، هدفه إرسال رسائل للإدارة الأمريكية أنّ الخطر يلاحقهم من عدة جهات".

وحول آليات التعاون الرسمية بين مصر وإسرائيل، قال هريدي  إن "هناك مكاتب اتصال عسكرية بين مصر وإسرائيل، ومن وجهة النظر المصرية، مكتب الاتصال هو من سيقوم بالتحقيق الدقيق بعيدًا عن أي اعتبارات سياسية"، مشيرًا إلى أنّ مصر يهمها معرفة تفاصيل ما حدث، وما إذا كان بالفعل عمل فردي أم أنها خطة موضوعة من جهة ما، وأن ما حدث اليوم هو "طلقة بداية العملية".

روايات متضاربة

وبحسب الرواية الإسرائيلية، فإنه وفي الساعة الثالثة والنصف فجر السبت 3 يونيو/حزيران، تم إحباط عملية تهريب مخدرات من سيناء إلى إسرائيل، بلغت قيمتها 600 ألف دولار، وفي الساعة السادسة والنصف صباحًا سُمع إطلاق نار، فُقد على إثره الاتصال بمجند ومجندة إسرائيليان.

أجرى الجيش الإسرائيلي عمليات تمشيط أولية، عثر خلالها على الجثتين بعد قرابة 3 ساعات من عملية إطلاق النار، وأعلن حينها عن حادث أمني. وفيما بعد، وقت الظهيرة، جرى تبادل لإطلاق النيران داخل الجانب الإسرائيلي، أسفر عن مقتل جندي إسرائيلي وإصابة ضابط آخر، فيما تم قتل شرطي من القوات المصرية.

وتتناقض الرواية الإسرائيلية مع الرواية المصرية التي قالت أنّ عنصر الأمن المصري كان في عملية مطاردة لتجار مخدرات، واخترق حاجز التأمين، فيما قالت الرواية الإسرائيلية أنّ العنصر المصري تسلل إلى الداخل أثناء عملية إحباط تهريب المخدرات وهو من قام بقتل الجنود الإسرائيليين.

وقال المتحدث العسكري الإسرائيلي أدرعي، أنّ رئيس الأركان العامة الإسرائيلية، الجنرال هرتسي هاليفي، أجرى تحقيقًا وتقييمًا للوضع في مكان الحادث، مع قائد القيادة الجنوبية وقائد الفرقة 80، وصرح هاليفي "نجري تحقيقًا شاملًا ومعمقًا مع الجيش المصري وسنستخلص العبر المطلوبة".

وفي إطار متابعة الحادث،  الحادث أجرى  الفريق أول  محمد زكي، القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي، اتصالا هاتفيا مساء اليوم، ووزير ر الدفاع الإسرائيلي يواف جالانت "لبحث ملابسات الحادث، وتقديم واجب العزاء فى الضحايا  من الجانبين والتنسيق المشترك لاتخاذ ما يلزم من  إجراءات لمنع تكرار مثل هذه الحوادث مستقبلاً"، بحسب بيان المتحدث العسكري للقوات المسلحة المصرية. 

وسجلت السنوات الأخيرة، انخفاضا في عمليات تهريب المخدرات بين مصر وإسرائيل، حيث تراجعت قيمة عمليات تهريب المخدرات لأقل من نصف مليار دولار عام 2021، بعدما كانت وصلت أكثر من مليار دولار عام 2019.