خلال الأعوام الثلاثة الماضية، أُزيلت عشرات المقابر لشخصيات تاريخية أثرَت الحياة العامة في مصر خلال القرن الماضي، وذلك باسم المنفعة العامة، وهو الأمر الذي لم يتوقف مؤخرًا، بل مزيدًا من مقابر المشاهير والمؤثرين في طريقها للهدم، وفي مقدمتها ضريح الفنان صلاح ذو الفقار.
كانت البداية بقرار الرئيس عبد الفتاح السيسي رقم 1429 في عام 2020 باعتبار مشروع محور الفردوس من أعمال المنفعة العامة. ومشروع محور الفردوس سابقًا "جيهان السادات حاليًا" يمتد لحوالي 9 كيلومترات تقريبًا ويربط بين وسط القاهرة والطريق الدائري ومدن شرق القاهرة.
وكان القرار الثاني الذي تسبب أيضًا في هدم الكثير من المقابر الذي صدر في ديسمبر/كانون الأول 2022، واعتبر محور متحف الحضارة من أعمال المنفعة العامة. وبحسب متن القرار رقم 3504 لسنة 2021، المحور يربط بين شارع صلاح سالم وحتى محور جيهان السادات.
وبالاستعانة ببعض الصور وخرائط الأقمار الصناعية التي نُشرت عبر فيسبوك في الحساب الشخصي للصحفي البريطاني lee keath، تُظهر حجم الهدم الذي تعرضت له مقابر الإمام الشافعي.
مخطط الطرق السريعة في مقابر الإمام الشافعيوتُظهر الخريطة الأولى المخطط النهائي المفترض للطرق السريعة التي يتم العمل عليها حاليًا من جانب وزارة النقل.
مقابر مخطط هدمهاالمواقع باللون الأصفر الموضحة على الخريطة هي التي من المُخطط هدمها خلال الأيام المقبلة، وذلك بسبب وجودها في المسار المخطط لامتداد محور متحف الحضارة، ومن بين تلك المواقع ضريح أسرة الفنان صلاح ذو الفقار، وضريح عائلة ثابت باشا، وضريح عائلة الدرملي، وضريح عائلة علي باشا العبادي، ومجمع ضريح عائلة بركات باشا وهي عائلة من المعلمين والسياسيين المشاهير أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين.
ضريح الفنان صلاح ذو الفقار وانتقدت أستاذة العمارة والتصميم المساعدة سالي رياض، في تصريح للمنصة مواصلة أعمال الهدم في ظل التوصيات التي خرجت بها اللجنة المكلفة بهذا الأمر، وقالت "إذا كانوا مش هينفذوا توصيات اللجنة فليه عملوها؟". وأكدت أن "الحكومة تتعامل مع المباني التاريخية والمميزة بجفاء غير مبرر".
وتابعت رياض أن "وضع علامات إزالة على مقابر محمود سامي البارودي ومحمد فاضل باشا والجبل، والعظم وإسماعيل سليم وعلي فهمي، وهدم شواهد داخل مقبرة أمير الشعراء أحمد شوقي وهدم مقبرة بجوار مقبرة ورش بن نافع".
ضريح عائلة الدرملي وسبق وقال وحيد الماردينلي مالك حوش "الدرملي" في الإمام الشافعي إنه أقام دعوى قضائية في مجلس الدولة ضد رئيس الوزراء بصفته، وضد عدد من المسؤولين، لوقف قرار نزع ملكية عدد من المقابر من بينها مقبرة الدرملي، مشيرًا في تصريح للمنصة، إلى أن الحوش يضم 7 مقابر رئيسية بالإضافة إلى المقابر الفرعية، ومساحته الإجمالية حوالي 900 متر مربع، مؤكدًا أن "المقابر الموجودة بالحوش بها طراز معماري فريد ويجب الحفاظ عليها لا هدمها".
ضريح عائلة علي باشا العباديوقال الباحث المستقل المهتم بالتراث والآثار وخصوصًا المقابر الأثرية مصطفى الصادق، للمنصة إن عمليات الإزالة مستمرة دون الالتفات إلى ما أوصت به لجنة تطوير المنطقة التاريخية بضرورة المحافظة على المنطقة والعمل على الحفاظ عليها المعروفة بـ"لجنة الرئيس".
وسجّلت منظمة اليونسكو منطقة القاهرة التاريخية في عام 1979 كموقع تراثٍ عالميّ. ولكن في السنوات الأخيرة، كررّت اليونسكو شكواها من "الإهمال الذي تتعرض له المنطقة، مهددة بشطبها من قائمة التراث العالمي، وبنقلها لقائمة التراث المعرّض للخطر".
وتضمّ منطقة القاهرة التاريخية مدافن العديد من الشخصيات البارزة، سواء في التاريخ المصري أو الإسلامي. ويعدّ ضريح الإمام الشافعي أحد أشهر الأضرحة بتلك المنطقة.
