أعلنت الأمم المتحدة رسميًا ولأول مرة حالة المجاعة في مدينة غزة، محذرة من امتدادها إلى دير البلح وخانيونس بنهاية سبتمبر/أيلول المقبل، وذلك في سابقة هي الأولى من نوعها في منطقة الشرق الأوسط بعد أشهر من التحذيرات بشأن تفاقم الأزمة الإنسانية في القطاع الذي يعاني حصارًا إسرائيليًا قاتلًا.
وذكرت الأمم المتحدة في بيان أمس، أن التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي أشار إلى أن أكثر من نصف مليون شخص في قطاع غزة يواجهون ظروفًا كارثية أي المرحلة الخامسة من التصنيف، ومن خصائصها الجوع الشديد والموت والعوز والمستويات الحرجة للغاية من سوء التغذية الحاد.
وذكر التصنيف أن 1.07 مليون شخص آخر، يمثلون 54% من المواطنين الفلسطينيين في القطاع، يواجهون المرحلة الرابعة وهي مرحلة انعدام الأمن الغذائي الحاد، فيما يواجه 396 ألفًا أي 20% من السكان، المرحلة الثالثة.
وقال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، توم فليتشر، إن المجاعة "كان يمكن تفاديها بالكامل لو لم تُمنع الأمم المتحدة من إدخال المساعدات الغذائية بشكل ممنهج"، معتبرًا أن ما يحدث لحظة عار جماعي يجب أن تؤرق العالم.
من جهته، وصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش الوضع بأنه "جحيم جديد يضاف إلى جحيم غزة"، مشددًا على أن "المجاعة ليست مجرد نقص في الغذاء، بل انهيار متعمد للأنظمة الضرورية لبقاء الإنسان".
وأضاف "هذه كارثة من صنع الإنسان واتهام أخلاقي وفشل للبشرية، وبصفتها قوة احتلال تتحمل إسرائيل التزامات واضحة بموجب القانون الدولي لضمان وصول الغذاء والإمدادات الطبية".
وتشهد حركة إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم الذي تسيطر عليه قوات الاحتلال إسرائيلي تراجعًا ملحوظًا، ما يفاقم معاناة أكثر من مليوني فلسطيني تحت عدوان مستمر وحصار مشدد على كافة المعابر.
وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، إن المجاعة في غزة نتيجة مباشرة لإجراءات الحكومة الإسرائيلية، مؤكدًا أن الوفيات الناجمة عن التجويع قد ترقى إلى جريمة حرب هي القتل العمد.
وشدد خبراء المنظمة على أن تجويع المدنيين لأغراض عسكرية يشكل جريمة حرب.
وأشار المفوض العام لوكالة الأونروا فيليب لازاريني إلى أن ما تشهده غزة مجاعة مصممة ومفتعلة، مُحمّلًا إسرائيل المسؤولية المباشرة عن حظر دخول الغذاء والإمدادات الأساسية.
وقال لازاريني "شهور من التحذيرات لم تُجدِ نفعًا، المجاعة مؤكدة الآن، لكن لا يزال بالإمكان احتواؤها عبر وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات".
وتسيطر إسرائيل على الجانب الفلسطيني من معبر رفح منذ السابع من مايو/أيار 2024، وتمنع إدخال المساعدات إلى المواطنين في غزة في حصار كامل على القطاع الذي يواجه أيضًا قصفًا يوميًا يقتل ويصيب العشرات فضلًا عن هدم المباني والبنية الأساسية منذ السابع من أكتوبر 2023.
في المقابل، رفضت وزارة الخارجية الإسرائيلية التقرير الأممي ووصفت نتائجه بأنها "تستند إلى أكاذيب حماس"، مؤكدة في بيان رسمي أنه "لا توجد مجاعة في غزة"، وأن "منظمات لها مصالحها الخاصة" تقف وراء ما اعتبرته "حملة تضليل".
وقبل أيام دعا مسؤولون أمميون إلى تحرك عاجل بعد أن أعلنت السلطات الصحية في غزة وفاة أكثر من 100 طفل جراء سوء التغذية منذ بداية العدوان الإسرائيلي.
وحذرت الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية من استمرار قتل وإصابة المواطنين في قطاع غزة نتيجة القصف وأثناء محاولتهم الحصول على الغذاء.
وأشار برنامج الغذاء العالمي إلى أن أكثر من ثلث السكان يعانون من نقص الغذاء لأيام متواصلة، ويتفاقم سوء التغذية الحاد، مع تعرض أكثر من 300 ألف طفل لخطر شديد.