تصميم سيف الدين أحمد، المنصة 2025
العدالة المائية في مصر بين صغار الفلاحين والمشروعات الكبرى

إعادة توجيه المياه.. ريُّ المشروعات الكبرى بعطش الفلاحين

منشور الأربعاء 3 أيلول/سبتمبر 2025

خلال سنوات ملء إثيوبيا سد النهضة، تصاعدت المخاوف في مصر من تأثيره على مواردها المائية، لتتصدر النقاشات العامة خلال السنوات الخمس الماضية. لكن في الوقت الذي تتوجه فيه أنظار الجميع نحو التهديدات المائية القادمة من القرن الإفريقي، تنخرط الحكومة المصرية في تنفيذ مشاريع عملاقة تهدف إلى إعادة توجيه المياه لاستصلاح مساحات شاسعة من الصحراء.

هذه الجهود التي تبدو واعدة، تثير تساؤلات حول أولويات توزيع المياه في مصر، وتأثير هذه السياسات على منتجي الغذاء والسيادة الغذائية للبلاد. وفي ظل الحديث المستمر عن العطش والندرة المائية، تتراجع العدالة المائية إلى الهامش، وتغيب الأسئلة الواجبة بشأن كيفية إدارة مصر مواردها المائية، ولصالح من.

منذ أن أعلنت إثيوبيا بدء بناء سدِّها عام 2011؛ تُكرر مصر الإعراب عن قلقها العميق من تقليص حصتها من مياه النيل بما قد يُسبب اضطراباتٍ كبيرةً في قطاعي الزراعة والاقتصاد. ومع فشل جولات التفاوض المتوالية لحل النقاط العالقة بشأن السد، خاصة في السنوات الخمس الأخيرة، تصاعدت حدة الخلافات والتوتر الجيوسياسي بين مصر وإثيوبيا.

سردية الخوف والعطش

إنشاءات سد النهضة. بإذن خاص من رويترز

لكن رغم ذلك، لا يبدو أن ملء خزان السد الإثيوبي أثّر حتى الآن على حصة مصر من المياه. فبعد الملء الثالث، أكد رئيس مصلحة الري بوزارة الري والموارد المائية لقناة صدى البلد أن حصة مصر لم تشهد نقصًا "طوال السنوات الماضية" بسبب الفيضانات العالية في أعالي النيل.

أما الدكتور ضياء الدين القوصي، مستشار وزير الري الأسبق، فقال بعد إتمام الملء الرابع للسد، إن مصر "حتى الآن لم تتأثر بعمليات الملء الأربع". أما بالنسبة للملء الخامس العام الماضي، فلم يؤثر بدوره على حصة مصر التي وصلت كاملة، وفق الدكتور عباس شراقي.

يعزز مصداقية هذه المعلومات، ما نشره مشروع G-REALM، الذي يقدم تسلسلًا زمنيًا لتغيّرات منسوب المياه في بعض أكبر البحيرات والخزانات المائية في العالم، وهو تابع لوزارة الزراعة الأمريكية، بأن التغيّرات التي لحقت بمنسوب المياه في بحيرة ناصر من 2020 إلى 2024، بقيت عند مستويات مشابهة أو أعلى قليلًا من التي رُصدت في العقد السابق. 

كما يشير منحنى التغيّر في الارتفاع المعدل إلى أن مستوى المياه كان في الفترة نفسها مستقرًا نسبيًا وسجّل أحيانًا ارتفاعًا طفيفًا، ما ينفي فرضية انخفاض مستويات المياه مقارنة بالسنوات السابقة على الملء.

وفي مؤتمر أسبوع القاهرة الدولي للمياه عام 2019، عرض الدكتور إلكو فان بيك، وهو خبير هولندي في مجال الموارد المائية وقدّمته الوزارة باعتباره قائد فريق دراسة تأثير سد النهضة على مصر، دراسةً تستبعد احتمال تأثر مصر بعجز مائي كبير جراء عمليات الملء الإثيوبية، إلا إذا تزامنت إحداها مع موسم جفاف الأمطار.

كما خلصت إلى النتيجة ذاتها دراساتٌ أكاديميةٌ أخرى، مثل دراسة عادل صالحي وسارة بن عبد الوهاب المنشورة عام 2022 بمجلة الإدارة المستدامة للموارد المائية العلمية، وتناقش أثر المِلْأَين الأول والثاني على دول المصب، وكذلك الورقة المنشورة بمجلة نيتشر المرموقة عام 2020 لمجموعة من الباحثين المشتغلين على قضايا المياه منذ سنوات.

ولأن عمليات الملء جرت في ظل فيضانات كانت في معظمها أعلى من المتوسط؛ غمرت السيول والفيضانات السودان، بينما اضطرت مصر إلى تصريف ملايين الأمتار المكعبة من المياه إلى مفيض توشكى، لحماية جسم السد بعد وصوله للحد المطلوب والمخطط له محليًا.

ما الدور الذي لعبته سردية الخوف في تمرير التغيرات التي تشهدها سياسات توزيع المياه في مصر؟

ورغم أن بإمكاننا القول الآن، وبعد اكتمال ملء بحيرة السد الإثيوبي، إن الخطر على دول المصب قد تلاشى؛ فإن ماكينة الإعلام، مدعومةً ببعض الأبحاث الأكاديمية، استمرت في إنتاج سردية مثيرة للذعر بشأن تأثير سد النهضة، وهي سردية أُجهضت في الواقع على مدار الخمس سنوات الماضية.

ساهمت الصحافة والأوساط الأكاديمية معًا في تعميم خطاب الكارثة والخوف. وفي سياق يعبِّر بوضوح عن هيمنة خطاب الكارثة المائية والجفاف والعطش المرتبطين بسد النهضة، على خطابي السلطة والمعارضة، يُعتبر التقرير الذي أنتجته الجزيرة بالتعاون مع جهات أكاديمية تحت عنوان "خنق النيل"، تجسيدًا واضحًا لحالة إنتاج الذعر التي لم تقتصر على الجهات الرسمية المصرية ومنصاتها الإعلامية فحسب، بل شملت أيضًا منصات عربية كبيرة.

كل هذا ساهم في أن تهيمن سردية الكارثة المحتملة على المشهد العام في مصر. المعارضة من جانبها، استغلت هذا الخطاب للهجوم على نظام الرئيس السيسي واتهامه بالتفريط في حق مصر التاريخي في مياه النيل. وفي المقابل، وجدت الدولة في هذه السردية التضخيمية وسيلة فعالة للضغط على المجتمع الدولي لاتخاذ موقف أكثر صرامة من إثيوبيا، ودفعها للتوصل إلى اتفاق ملزم بشأن قواعد الملء والتشغيل، خاصة في أوقات الجفاف.


لكن في خضم هذا الخطاب المهيمن حول سد النهضة، يبرز سؤال كبير وغالبًا ما يجري تجاهله: كيف استخدمت الدولة هذا الخطاب داخليًا؟ وما الدور الذي لعبته تلك السردية في تمرير التغيرات التي تشهدها سياسات توزيع المياه؟

هنا تظهر فرضية مثيرة: هل كان التمادي في التركيز على مخاطر سد النهضة ذريعةً لتبرير مشاريع التوسع الزراعي الكبرى في مصر، بما أُعيد توجيهه من موارد مائية هائلة؟ وهل ساهمت تلك المشاريع في تفاقم أزمات المياه التي تعاني منها المجتمعات الريفية والزراعية منذ سنوات، دون أن يكون لسد النهضة التأثير الكبير الذي قدَّمته سردية الخوف السائدة؟

شكّل التمادي في التركيز على مخاطر سد النهضة، ذريعةً لتبرير مشاريع التوسع الزراعي الكبرى في مصر، على حساب الفلاحين

هل سقت مياه الفلاحين أرض الباشا؟

في العقد الأخير، شهدت مصر توسعًا هائلًا في مشروعات استصلاح الأراضي الزراعية، مع إطلاق الحكومة العديد من المبادرات الطموحة لتحويل مساحات واسعة من الصحراء إلى أراضٍ زراعية، وأعادت إحياء مشروعات قديمة من الموت، مثل "المليون ونصف فدان" و"توشكى والعوينات"، و"الدلتا الجديدة" بما فيه النهر الصناعي الجديد، ويفترض أنها جميعًا تهدف إلى تحقيق تنمية زراعية واسعة النطاق.

لكن رغم الطموحات الكبيرة، تظل تساؤلات حاسمة حول كيفية تخصيص الموارد المائية وتوجيهها لهذه المبادرات، وتأثيراتها على مستقبل الزراعة في مصر.

توشكى تقوم من الأموات

وزير الزراعة السابق السيد القصير يتفقد مشروعات تنمية توشكى وزراعات القمح والنخيل والمانجو، 11 ديسمبر 2021

يقع مشروع توشكى في الصحراء الغربية على بعد حوالي 225 كيلومترًا جنوب أسوان، وكان جزءًا من حلم كبير راود كل رؤساء مصر لتحويل الصحراء إلى واحة زراعية خضراء. رغم الطموحات الكبيرة، واجه المشروع منذ انطلاقه عام 1997 العديد من التحديات، حالت دون استكماله في موعده عام 2017، وبتكلفته التي قُدِّرت بنحو 70 مليار دولار.

كان الهدف الرئيسي إنشاء دلتا زراعية جديدة في جنوب الصحراء الغربية، وزيادة الرقعة الزراعية بمساحة تصل إلى مليون فدان، بالإضافة إلى إنشاء مجتمعات صناعية وعمرانية جديدة، وتوفير 45 ألف فرصة عمل سنويًا، مع آمال بأن يستوعب في نهايته بين 4 إلى 6 ملايين شخص من السكان.

خُصّصت للمشروع 5 مليارات متر مكعب من مياه النيل المخصصة لمصر التي يبلغ إجماليها 55.5 مليار، تُسحب من بحيرة ناصر بواسطة محطة رئيسية تتطلب 250 ميجاوات من الطاقة لضخ المياه في ترعة الشيخ زايد. تمتد القناة الرئيسية بطول 47.45 كيلومترًا وبعرض 30 مترًا في قاعها، وتتضمن قنطرة للتحكم في مناسيب المياه، بالإضافة إلى مفيض لتصريف المياه الزائدة.

مع ضخ المياه في ترعة الشيخ زايد عام 2003، بدأت الاستثمارات الخليجية بالتدفق إلى المنطقة. استحوذت شركتان سعوديتان هما المملكة والراجحي، وشركة الظاهرة الإماراتية، على معظم أراضي المشروع، بتخصيص 100 ألف فدان لكل شركة، فيما خُصص 62 ألف فدان لشركة جنوب الوادي الحكومية المصرية ليصبح الإجمالي 362 ألف فدان من إجمالي 450 ألفًا مستهدفة.

لم تُستكمل أعمال الفروع الأربعة للترعة، ولم تُوزّع كامل المساحة المستهدفة إلى أن اندلعت ثورة يناير. خلال سنتي الثورة بين 2011 و2013، زادت النقاشات حول أراضي شركة المملكة المملوكة للأمير السعودي الوليد بن طلال، لتتنازل في النهاية تحت الضغط الشعبي والإعلامي عن المساحة غير المستصلحة التي بلغت 75 ألف فدان، واحتفظت بـ25 ألفًا الباقية.

في عام 2014، عاد اهتمام الدولة بمشروع توشكى، وزادت المساحة المخطط استصلاحها إلى حوالي مليون فدان وأُدرجت ضمن الخطة الرئاسية الطموحة لاستصلاح أربعة ملايين فدان، حيث أعيد توجيه الدعم له وتحويله إلى مشروع "توشكى الخير". في عام 2017، اشترى جهاز مشروعات الخدمة الوطنية المساحة المتبقية من شركة المملكة.

في يوليو/تموز 2019، صدر القرار الرئاسي رقم 337 لسنة 2019، متضمنًا سحب 219 ألف فدان من الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية لتعود إلى ملكية الدولة، وإعادة تخصيص 102 ألف فدان للهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، وتخصيص 275 ألف فدان لجهاز مشروعات الخدمات الوطنية بالقوات المسلحة لأغراض الاستصلاح والاستزراع.

وحسب تقرير نشرته صحيفة المال ثم حذفته، سُحبت مساحات كبيرة من الأراضي من شركات كبرى تعمل في توشكى. بقي لجنوب الوادي 44.2 ألف فدان، وللراجحي 16.8 ألف، وللظاهرة 37.5 ألف. في المقابل، خُصص لشركة "الريف المصري الجديد" 108 آلاف فدان، ولوزارة الإسكان 10 آلاف فدان لإقامة مدينة توشكى الجديدة.

لكن بعد سنة ونصف السنة، صدر قرار جمهوري جديد رقم 621 لسنة 2020، يلغي القرار السابق، ويُخصص 930 ألف فدان لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية بمنطقة منخفض توشكى في محافظتي أسوان والوادي الجديد. نصف هذه المساحة يقع في توشكى والنصف الآخر في نطاق محافظة الوادي الجديد (العوينات).

مع إحياء مشروع توشكى عام 214، تضاعفت المساحة التي خُصصت له في بدايته. وفي السنوات الأخيرة، شهد المشهد الزراعي طفرة في حجم المساحة المنزرعة كما تـظهرها الصور الجوية، مع نمو زراعات عديدة مثل الحبوب والبرسيم الحجازي، وتطوير أكبر مزرعة نخيل في العالم من أجل التصدير للشركة الوطنية، بطاقة 4 ملايين نخلة.

يزيد نمو المساحات المزورعة عمومًا في توشكى خلال الفترة نفسها التي نتحدث فيها عن العطش وعجز المياه، دون طرح الأسئلة اللازمة عن عدالة التوزيع، وعن النفاذ غير المحدود للمستثمرين وللشركة الوطنية للمياه والطاقة، في الوقت الذي تُغلَّظ فيه إجراءات التقشف المائي على الفلاحين في الدلتا والوادي.

دلتا جديدة على حساب القديمة

على بُعد أكثر من 1200 كيلومتر إلى الشمال الشرقي، يقع مشروع الدلتا الجديدة؛ أحد أبرز محاولات مصر توسيع رقعتها الزراعية. يعتمد المشروع على نهر صناعي طوله 114 كيلومترًا، كلَّف أكثر من 5 مليارات دولار وفق تقرير نشرته الجارديان؛ من مياه النيل والمياه الجوفية ومياه صرفٍ معادة التدوير.

تُقدّر حصة المشروع المائية بأكثر من 3.5 مليار متر مكعب سنويًا. ويتكون من مرحلتين؛ الأولى مشروع مستقبل مصر والثانية مشروع محور الضبعة. يهدف مشروع "مستقبل مصر" في نهايته إلى استصلاح 2.2 مليون فدان.

تنطلق القناة التي تجلب مياه النيل للنهر الصناعي من فرع رشيد وتقطع الحقول شرقًا نحو الصحراء، وهي معدة لنقل 10 ملايين متر مكعب من مياه النيل يوميًا عبر ترعة تسحب المياه من خط رشيد شرقًا لتحرمها من استكمال مسارها التاريخي نحو فلاحي شمال الدلتا، لتروي هذه المياه الوفيرة أراضي مشروعات الهيئة الهندسية وغيرها من المستثمرين، الموجهة بشكلٍ أساسيٍّ للتصدير وفق الخطط المعلنة.

يتضمن مشروع الدلتا الجديدة أيضًا أكبر محطة لمعالجة مياه الصرف الزراعي في العالم، وهي جزء أساسي منه. تتمتع بقدرة إنتاجية تصل إلى 7.5 مليون متر مكعب يوميًا من مياه الصرف الزراعي، مما يسهم بشكل كبير في استصلاح مليوني فدان في منطقة الدلتا الغربية. تُقدّر تكلفتها الإجمالية بحوالي 20 مليار جنيه مصري.

وإذا كان استلاب مياه النيل مباشرةً بقناةٍ تُغذّي النهر الصناعي يأتي خَصمًا مباشرًا من مياه الفلاحين، فإن إعادة تدوير مياه الصرف الزراعي يُعدُّ استلابًا غير مرئيٍّ لجزءٍ من مياههم التي كانوا يستخدمونها لاستكمال حصصهم وريِّ أراضيهم.

وتحذر الورقة التي أعدَّها باحثون مشتغلون على قضايا إدارة المياه في مصر، بعنوان "استنزاف مياه الصرف من دلتا النيل لري الأراضي الصحراوية في مصر"، من تقويض قدرة دلتا النيل على إنتاج الغذاء، بسبب توجيه هذه المياه إلى مشاريع استصلاح الأراضي الصحراوية. وتوضّح أن ذلك يحدث على حساب صغار المزارعين في الدلتا، ويعرِّضهم لفقدان موارد المياه الحيوية التي يعتمدون عليها للري، ويسبب لهم تحدياتٍ اجتماعيةً واقتصاديةً وبيئيةً كبيرةً، خاصة لأولئك المزارعين الذين يعتمدون على هذه المياه في نهاية نظم الري.

أعمال تبطين إحدى الترع في النوبارية، الإسكندرية، في إطار "المشروع القومي لتأهيل وتبطين الترع المتعبة". 11 يناير 2021

العدالة المائية الغائبة

بفضل الاستثمار في هذه المشروعات الكبرى، ارتفعت الصادرات الزراعية الطازجة بشكل ملحوظ، لتبلغ عام 2023 حوالي 7.4 مليون طن، بقيمة إجمالية وصلت إلى 3.7 مليار دولار، وهذه الأرقام غير المسبوقة في تاريخ الصادرات المصرية، سجَّلت ارتفاعًا  في النصف الأول من 2024.

لكنَّ مليارات الأمتار المكعبة من مياه النيل والأمطار والصرف الصحي المعالج التي ضُخَّت في هذه المشروعات جاءت خصمًا من صغار الفلاحين، الذين يوفرون الغذاء للسوق المحلية، في سنوات تفاقم أزمات الغذاء، بوصول معدلات التضخم الغذائي هي الأخرى إلى مستويات غير مسبوقة عام 2023، مُسجّلةً 63%.

تزامنت إعادة تخصيص الموارد المائية في مصر بهذا الشكل، مع تصاعد الحديث المتكرر عن العطش والكوارث المحتملة، وسيادة خطاب التحذير من ندرة المياه وخنق النيل. يظهر التناقض بوضوح، عندما يطارد هذا الخطاب الفلاحين الصغار والمتوسطين في وادي النيل والدلتا المهمشة ويُميت الزراعات عطشًا، ولا نرى له أثرًا عند الحديث عن الزراعة التصديرية.

هيمن هذا الخطاب الانتقائي على المجال العام. رغم التأكيدات الأكاديمية والرسمية المتكررة بعدم تأثر حصة مصر المائية، كان أحد الفلاحين في كفر الشيخ يخبرني بيقين في أحد اللقاءات الميدانية أن نقص المياه هذا العام سببه سد النهضة. الأمر الذي أكده فلاح آخر للميادين، وفلاح ثالث في الأقصر لصحيفة فرنسية.

بذريعة مواجهة الندرة المائية، حُرم صغار الفلاحين من مياههم. وباسم الخوف من العطش، جرى إسكاتهم. هيمنة سردية الخطر القادم من إثيوبيا، على عدم دقِّتها، قللت من قدرة الفلاحين على مقاومة سياسات إعادة توجيه المياه. لذلك، لم يعُد فكُّ الارتباط بهذه السردية واستعادة النقاش حول قضايا التوزيع الداخلي والتفاوتات الطبقية في الوصول إلى المياه ترفًا، بل ضرورة اجتماعية لحماية الفئات الأكثر هشاشة والمهمشين في المجتمع.


تنشر المنصة هذا المقال ضمن برنامج "زمالة محمد أبو الغيط للصحفيين والباحثين" في عامه الأول.