
تخفيضات 20% على الأجهزة الكهربائية.. مبادرة أتلفها الركود
أراد عبد اللطيف مجدي، الموظف الخمسيني، الاستفادة من مبادرة تخفيض أسعار الأجهزة الكهربائية لشراء تكييف صغير، لكنه لم يجد أي نسبة خصم على الجهاز الذي وقع اختياره عليه.
عبد اللطيف الذي توجه إلى فرع شركة العربي بمنطقة المقطم، حيث يسكن، سأل عن سعر التكييف ليجده كما هو، وعندما استفسر عن نسبة الخصم التي تبلغ 20% أكد له الموظفون أنه ليست لديهم أي معلومات عنها، "مافيش ولا سلعة عليها خصم في الفرع، ولا أي تخفيض على أي منتج" يقول لـ المنصة.
كانت عددٌ من مصانع الأجهزة الكهربائية، منها العربي، وبيكو، ويونيون إير، أعلنت عن مبادرة لخفض الأسعار استجابةً لدعوة الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، خلال اجتماعه مع التجار والمصنّعين، بعد صعود قيمة الجنيه أمام الدولار خلال الفترة الأخيرة.
يُقدَّر حجم سوق الأجهزة المنزلية في مصر بنحو 7 مليارات دولار خلال عام 2025
لم يلمس عبد اللطيف أثر المبادرة التي حرص رئيس الوزراء على متابعتها خلال الأسابيع الماضية، لينتهي إلى إعلان نجاحها في خفض الأسعار بنسبة تصل إلى 35%، وهو ما يبرره رئيس مجلس إدارة مجموعة العربي، لـ المنصة بأن الفرع الذي طلب عبد اللطيف منه خصم الـ20% غير تابع للشركة.
"الفروع اللي تبعنا ملتزمة بالعروض والخصومات التي أعلنا عنها، لكن لا يمكن إلزام المحلات اللي مش تابعة لينا بالتخفيض"، يوضح محمد العربي مطالبًا في الوقت نفسه بموافاته بالتفاصيل الخاصة بالفرع للتحقق منها.
ويُقدَّر حجم سوق الأجهزة المنزلية في مصر بنحو 7 مليارات دولار خلال عام 2025، ومن المتوقع أن يرتفع ليصل إلى نحو 10.75 مليار دولار بحلول عام 2030، مسجلًا معدل نمو سنوي مركب يبلغ 8.97% خلال فترة التوقعات بين عامي 2025 و2030.
المبادرة تعمل.. ولكن
حال سما إبراهيم لم يختلف كثيرًا عن عبد اللطيف، فالمرأة الثلاثينية نجحت في شراء الثلاجة التي كانت تريدها بعد أن تابعت عروض أحد متاجر الأجهزة الإلكترونية على السوشيال ميديا بخصم 2000 جنيه، لكن ذلك كلفها دفع المبلغ كاش والتخلي عن فكرة التقسيط بكريدت كارد.
إعلان الشركات والمصانع عن الخصومات ظهر صداه في معارض الأجهزة الكهربائية، وفق ما يقوله الحج صلاح، صاحب أحد المعارض بمنطقة شبرا الخيمة لـ المنصة "فسعر ثلاجة توشيبا 14 قدم انخفض بنحو 4 آلاف جنيه ليصل إلى 26 ألف جنيه، كما تم الإعلان عن خصم على ثلاجات تورنيدو بنحو 30%"، قبل أن يستدرك بأن هذه المنتجات "مش متوفرة في السوق".
يوضح أن "الأجهزة اللي عليها خصم مش متوفرة عند المنتجين، فمثلًا ممكن يكون فيه طلب على منتج فنطلب 20 قطعة، ولا توفر الشركة المنتجة سوى نصف هذه الكمية أو ربعها، بالتالي لا يستفيد المستهلك من التخفيض".
هذا ما يؤكد عليه علاء زكي، مسؤول المشتريات في إحدى الجمعيات الخيرية التي تساعد في تجهيز الفتيات المقبلات على الزواج، حيث لم يستطع توفير كامل الأجهزة المطلوبة منه، بالأخص الغسالات، كما أن "مراوح السقف مش متوفرة عند أغلب المحلات خصوصًا في الصيف مع زيادة الطلب عليها"، يقول لـ المنصة.
دخول عمالقة الأجهزة المنزلية إلى السوق المصرية أسهم في استقرار الأسعار طوال عام 2025
حسب ما تعلن محلات بي تك، فإن سعر غسالة إل جي أتوماتيك 7 كم تراجع من 18,200 جنيه إلى 17,490 جنيه، كما تراجع سعر غسالة شارب 13 كيلو تحميل علوي من 21,279 إلى 17 ألف جنيه، كما تراجع سعر ثلاجة كريازي نوفروست 450 لتر من 32 ألف جنيه، لتصل إلى 29 ألف جنيه.
لكن مسؤول المشتريات بالجمعية الخيرية يصرُّ من وقع خبرته على أنه "لا يوجد تخفيض في الأسعار. اللي حصل هو تثبيت ليها من بداية السنة مع ارتفاع طفيف عن السنة اللي فاتت"، ضاربًا مثلًا بأن غسالات تورنيدو نصف أتوماتيك 10 كيلو بلغ سعرها 6500 جنيه هذا الأسبوع، في حين أنه كان يشتري هذه الغسالة العام الماضي بـ5900 جنيه.
كلمة السر.. ركود
تستغل الشركات المصنعة مبادرة خفض الأسعار، بشكل رئيسي، في تسويق السلع التي تشهد ركودًا في البيع، هذا ما يؤكد عليه مصدرٌ مسؤولٌ بغرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات، مشيرًا إلى أنه من الصعب على المصنعين تخفيض أسعار الأجهزة "لأنها جايبة أخرها، بس التاجر عنده فرصة أفضل إنه يخفض من هامش الربح اللي بيحصل عليه".
الحكومة تناقض نفسها.. تطالب المصنعين بخصومات وترفع أسعار خدماتها للمواطنين
يضيف المصدر، الذي طلب عدم نشر اسمه، لـ المنصة "صعب المُصنع يخفض أسعار كل المنتجات اللي عنده. لكن ممكن يخفض في سعر منتج واحد ويستغني عن هامش الربح خلال فترة المبادرة"، مشيرًا إلى اختلاف قدرة المنتجين "فيه مصانع تقدر، ومصانع ما تقدرش".
ويلفت إلى تناقض الحكومة التي تطالب المصنّعين بخصومات في الوقت الذي ترفع فيه أسعار خدماتها للمواطنين، بالأخص "مصروفات استخراج الأوراق الرسمية من الجهات الحكومية، أو حتى التكاليف التي تُفرض على المصنّعين، وتزيد التكاليف، مثل رسوم وجمارك مستلزمات الإنتاج المستورد، ومصروفات التشغيل وتكلفة الطاقة، فضلًا عن التكلفة التي يتحملها المستثمر في حالة التوسع مع ارتفاع تكلفة الأراضي الصناعية".
وتشهد سوق الأجهزة ركودًا ملحوظًا يبلغ نحو 30% مقارنة بالفترات العادية، وذلك مع الانخفاض الواضح في القوة الشرائية، حسب تصريحات سابقة لرئيس شعبة الأجهزة الكهربائية باتحاد الصناعات، لذا فإن المبادرة تأتي لتنشيط حركة البيع كما يرى محمد المهندس رئيس غرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات.
"المُصنع من مصلحته يشتغل أكثر ويبيع أكثر، ومش عايز المنتجات تفضل موجودة في المخزن، لأنه محتاج سيولة لإعادة شراء مستلزمات الإنتاج"، يقول المهندس لـ المنصة مؤكدًا أن بعض المصانع تلجأ لتخفيض الأسعار، وأيضًا البيع، بدون فوائد، وعلى مدد أطول.
وهو ما يؤكد عليه رئيس شركة العربي؛ "الشركة بتستغل أي فرصة لتحقيق زيادة في الأرباح، ولذلك تسهل على المشتري بنظام التقسيط بدون فوائد".
على الجانب الآخر، لا تؤتي هذه المبادرة أُكلها لسبب آخر يتعلق بضعف القوة الشرائية للمواطنين، فكما يقول حسن مبروك، نائب رئيس شعبة الأجهزة الكهربائية باتحاد الصناعات، لـ المنصة "حتى مع وجود تخفيضات. الأسر الآن مشغولة بشراء وتوفير المستلزمات المدرسية وسداد رسوم الجامعات والمدارس".