فيسبوك
صورة أرشيفية لمحمد القصاص

محمد القصاص: لا تعويض عن 22 شهرًا في السجن

منشور الاثنين 9 ديسمبر 2019

مساء 8 فبراير/ شباط 2018، كان ، نائب رئيس حزب مصر القوية محمد القصاص، في طريق صلاح سالم عائدًا من فرح صديقه متجهًا إلى منزله. لكن وعلى غير إرادته، لم تكتمل رحلته للبيت، قطعها تدخل الشرطة التي ألقت القبض عليه، ومن يدها تسلّمه مقر الأمن الوطني، ومنه انتقل لنيابة أمن الدولة.

في تلك الليلة، تعطّلت أيضًا رحلة القصاص السياسية لحساب رحلة أخرى جبرية مع الحبس الاحتياطي، استمرت لمدة 22 شهرًا على ذمة القضية رقم 977 لسنة 2017، والمعروفة باسم "مكملين 2"، حتى قررت نيابة أمن الدولة إخلاء سبيله في ساعة متأخرة من مساء أمس.

بموجب قرار الأمس "من المقرر أن يخرج القصاص من محبسه الانفرادي الحالي بسجن طرة شديد الحراسة 2، بموجب إشارة ترسلها نيابة أمن الدولة إلى السجن بقرار إخلاء سبيله، لينتقل منه مع أول سيارة ترحيلات إلى قسم الخليفة"، وفقًا لما يذكره للمنصّة، محاميه عبد الرحمن هريدي.

على مدار 22 شهرًا حاولت كل من محامي وأسرة القصاص نقله من محبسه الانفرادي إلى زنزانة عادية، وذلك بطلبات قدمتها إلى نيابة أمن الدولة، لكن الرد كان يأتي دائمًا بأن هذا اﻷمر "من اختصاص مصلحة السجون".

ويُعد الحبس الانفرادي واحدة من العقوبات التأديبية للسجين، في حال ارتكابه جرائم أو مخالفات في السجن، لكنه وفقًا للدستور والمواثيق والاتفاقيات الدولية لابد وأن يخضع لضوابط، وهو ما "لا يتوفر في حالة السجون المصرية" وفقًا لما ذكرته المبادرة المصرية للحقوق الشخصية.

وفي وقت سابق، وجّهت منظمة العفو الدولية، انتقادات لمصر بسبب الحبس الانفرادي، ﻷنها "تستخدمه كعقاب إضافي مروِّع للسجناء ذوي الخلفيات السياسية، وتطبِّقه بطريقة وحشية وتعسفية، بهدف سحق إنسانيتهم".

عن المسار الحالي المقرر أن يمر به القصاص، يوضح هريدي أن "الخليفة ليس إلاّ قسم ترحيلات، ما يعني أنه لن يقضي فيه سوى عدة ساعات على أقصى تقدير، ومنه سينتقل إلى قسم مصر الجديدة الذي يتبعه القصاص ومعه ملف قضيته، وهناك من المفترض ألاّ يستغرق الأمر أكثر من ساعتين".

يستدرك المحامي، وقد أبدى تخوفّا من أي مفاجآت غير محتملة، قائلًا "ده الخط الرسمي، لكن في قضايا الرأي، غالبًا ما يتم عرض المتهم المخلي سبيله على الأمن الوطني إما بإشارة تطالب بترحيله لمقره أو على ضباط يتواجدون داخل القسم، وغالبًا ما يطلبون مناقشته، وللأسف هناك حالات لسجناء عادوا للسجن مرة أخرى".

يواجه القصاص في القضية 977 اتهامات من بينها "الانضمام لجماعة أنشئت على خلاف أحكام القانون، ونشر أخبار كاذبة عن الأوضاع السياسية والاقتصادية بالبلاد بقصد تكدير السلم العام في إطار أهداف جماعة الإخوان الإرهابية".

ويعتبر محمد القصاص واحدًا من النشطاء الذين أسسوا حزب التيار المصري في يونيو/ حزيران 2011، وكان أيضًا واحدًا من أعضاء "تنسيقية 30 يونيو" التي تأسست ضد حكم الرئيس الأسبق محمد مرسي.

لا تعويض

على مدار عامين، وحين كان القصاص قيد الحبس الانفرادي، كانت أسرته في الخارج تصارع على أكثر من مستوى، سواء القانوني بمحاولة إخلاء سبيله أو على الأقل نقله من الانفرادي، أو إنسانية مثل محاولة زيارته لفترة أطول من 10 دقائق هي "المدة المسموح لهم بزيارته فيها، وذلك لمرتين فقط شهريًا، وليس أسبوعيًا مثل بقية السجناء"، وفقًا لما ذكرته زوجة القصاص، إيمان البديني.

في اتصال هاتفي سابق معها، كشفت البديني للمنصّة أن زوجها الذي "يعاني من اضطراب ضغط الدم والسكر، ممنوع من التريض، ويقتصر الترفيه عنه على كتب تصرفها له إدارة السجن من مكتبتها، أما خروجه من محبسه فيكون ﻷمرين فقط جلسات التحقيق في النيابة، أو الزيارة التي كان محرومًا منها في أول شهرين له في الحبس".

تعرّض القصاص للحرمان من حريته على مدار عامين من الحبس انفراديًا، فهل يمكن تعويضه بخطوات قانونية؟

يجيب المحامي عبد الرحمن هريدي عن هذا الأمر بقوله "ليس للمحبوس احتياطيًا أي تعويض، ﻷنه ما زال على ذمة قضية، ما يعني أنه تحت الطلب ويمكن حبسه مرّة أخرى طالما في القضية متهمين آخرين، لكن لو تم البت في القضية بالحفظ تمامًا، فيصبح الوضع كأن لم يكن، لكن حتى في هذه الحالة لا يوجد أي تعويض للمحبوس احتياطيًا عن فترة حبسه".

بخلاف القصاص، قضى عدد من السجناء على ذمة قضايا سياسية مدد حبس احتياطية طويلة، كان منهم السفير معصوم مرزوق والباحث الاقتصادي رائد سلامة، والدكتور يحيى القزاز الذين أخلي سبيلهم على ذمة القضية 1305 لسنة 2018، بعد 9 أشهر من الحبس الاحتياطي.

ويفسر هريدي هذا الأمر، قائلًا "المحبوس احتياطيًا هو شخص على ذمة قضية، لم يحصل على حكم براءة أو حتى وجود خطأ في القضية، والقانون يمنح النيابة صلاحيات للتعامل مع المتهمين في حدود مدّة حبس لا تتعدى 24 شهرًا، والنيابة من منطلق أن المتهمين أقرب لأن يكونوا ارتكبوا جرم أو تحت أيديها أدلة على ارتكابهم لها، وبمجرد استيفاء الأدلة خلال التحقيقات؛ فإن القضية إما تحال للمحاكمة أو يتم حفظها".