قال محامون إن ستة من الذين قبض عليهم على خلفية الاحتجاجات المحدودة التي وقعت في 20 سبتمبر من العام الماضي، بينهم صحفيان ومحاميان، أعيد تدويرهم في قضية جديدة حملت رقم 855 لسنة 2020، يواجهون فيها تهمًا من بينها "الانضمام لجماعة إرهابية" و"استقطاب عناصر جديدة" من السجناء الآخرين، وتم التحقيق معهم وصدرت بحقهم قرارات بالحبس الاحتياطي.
وألقي القبض على المحبوسين الستة، وهم المحاميين عمرو إمام وماهينور المصري والصحفيين محمد صلاح وسولافة مجدي بالإضافة إلى رضوى محمد وأمل الكيلاني، العام الماضي على ذمة القضية 488 لعام 2019. وكلهم كانوا قيد الحبس الاحتياطي باستثناء صلاح الذي أفرج عنه في وقت سابق الشهر الماضي.
وتضم القضية الجديدة كذلك الناشط السيناوي اليساري أشرف أيوب.
وقال المحامي الحقوقي جمال عيد مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان في تصريحات إلى المنصة إن هذه القضية الجديدة "ما هي إلا شكل من أشكال الانتقام والتنكيل واستمرار التدوير دون سند قانوني، فلا توجد أي أحداث أو وقائع لفتح قضية جديدة".
وشنت قوات الأمن حملة اعتقالات واسعة وعشوائية مع تظاهر المئات في عدة مدن مصرية في 20 سبتمبر الماضي، بعد دعوات أطلقها المقاول محمد علي من مقر إقامته في إسبانيا، ادعى فيها وجود فساد في عمليات مقاولات حصل عليها من القوات المسلحة.
وبلغ عدد المقبوض نحو 3765 شخصا، وفقا للمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، أفرج عن معظمهم لاحقًا وبقي نحو مئتي شخص يواجه معظمهم تهمًا من بينها "مشاركة جماعة إرهابية أهدافها"، و"نشر وإذاعة أخبار وبيانات كاذبة"، و"إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي".
من المشاركة إلى الانضمام
وقال المحامي خالد علي الحاضر عن ماهينور المصري وسولافة مجدي إن موكلتيه تواجهان اتهامًا بـ "الانضمام لجماعة إرهابية" بينما أسقطت النيابة، بعد إجراء التحقيقات، تهمتي "نشر شائعات كاذبة" و"إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي" عن ماهينور بعد التحقيقات.
وأوضح علي عبر حسابه على فيسبوك "زعمت التحريات أن هناك عناصر بالخارج (خارج السجن) تنشر اشاعات كاذبة وتتواصل مع عناصر بالداخل، وهذه العناصر تتواصل مع المتهمين باعتبار لديهم القدرة على التأثير فى العناصر الاثارية، وان التواصل بيتم خلال التريض فى السجن وخلال الخروج لجلسات النيابة والمحكمة".
وتابع "طبعًا دفعنا ببطلان التحريات بأن الزيارات ممنوعة من ستة أشهر، والتريض ممنوع، ومفيش خروج من السجن منذ كورونا، وطلبنا ضم دفاتر الزيارات والترحيلات، واتهام مأمور السجن ورئيس المباحث، ومسؤول الترحيلات، والنبطشيات بالاشتراك فى الجرائم لو صحت، وكيف يُقبل عقلًا ومنطقًا اتهامهن بنشر إشاعات وأخبار كاذبة واساءة استخدام وسائل التواصل وهن بالحبس، وليس معهن أيا وسائل اتصال".
من جهته قال نبيه الجنادي محامي الفتاة رضوى محمد التي ألقي القبض عليها في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي على ذمة القضية رقم 488 لعام 2019 بعد نشرها تسجيلًا مصورًا على الإنترنت، إنه فوجئ أول أمس الثلاثاء 25 أغسطس، باستدعائها دون علمه أو علم أسرتها للتحقيق معها في قضية جديدة، ووجهت لها تهم "الانضمام إلى جماعة إرهابية وعقد اجتماعات داخل السجن لاستقطاب عناصر جديدة" واستخدام الزيارات وجلسات النظر في أمر تجديد الحبس لنقل المعلومات للخارج" حسبما ذكر للمنصة.
ما حدث لرضوى حدث أيضا للمحامي الحقوقي بالشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان عمرو إمام، والمحبوس أيضًا على ذمة القضية 488 لعام 2019، وتم التحقيق معه أمس الأربعاء 26 أغسطس بعد وضعه على ذمة القضية 855 لعام 2020، ووجهت له تهم الانضمام إلى جماعة إرهابية، وتمويل وإمداد هذه الجماعة بهدف ارتكاب جريمة إرهابية، وفقا للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان.
وذكر عيد أن إمام مثُل أمام الدائرة الأولى جنايات إرهاب القاهرة للنظر في أمر مد حبسه من عدمه، وقررت المحكمة تجديد حبسه لمدة 45 يومًا، ليفاجأ محاموه وزملائه في اليوم التالي بتواجده بنيابة أمن الدولة للتحقيق معه وتدويره في القضية الجديدة.
وفي 23 أغسطس قررت نيابة أمن الدولة حبس الناشط والصحفي محمد صلاح 15 يومًا على ذمة التحقيق معه في القضية 855 كذلك، بتهم الانضمام لجماعة إرهابية وتمويل تلك الجماعة ونشر وإذاعة أخبار كاذبة، بعد 34 يومًا من إخلاء سبيله حيث قضيى تسعة أشهر منذ القبض عليه في نوفمبر الماضي.
أما الناشطة السياسية أمل كيلاني فتم التحقيق معها أيضا في 25 أغسطس وواجهت نفس الاتهامات في القضية الجديدة، وهي محبوسة حالية على ذمة القضية 488، وفقا لبيان صادر عن الجبهة المصرية للحقوق والحريات.
الجنادي أوضح للمنصة أن موكلته رضوى لم تلتقِ بأحد منذ تعليق الزيارات في السجون بسبب فيروس كورونا في مارس الماضي، مشيرًا إلى أنها الآن أصبحت "متهمة في قضيتين يجدد حبسها في القضية الأولى كل 45 يوما في محكمة الجنايات، ومن المتوقع أن يجدد حبسها في القضية الثانية كل 15 يوما أمام نيابة أمن الدولة، وهو الأمر المتبع في كافة القضايا، بعد توجيه الاتهامات يجدد حبس المتهم أمام نيابة أمن الدولة 10 مرات كل 15 يوما، ثم يجدد الحبس عقب ذلك أمام محكمة الجنايات كل 45 يومًا".
ولم يكن لرضوى نشاط سياسي كما أنها لم تكن اسمًا معروفًا على مواقع التواصل الاجتماعي قبل أن يتردد اسمها بكثرة مع القبض عليها على خلفية بثها مقاطع فيديو تنتقد خلالها إهمال الدولة لمجالات الصحة والتعليم، تزامنت مع دعوات المقاول محمد على السابقة للتظاهر.
الشبكة العربية أصدرت بيانا، جاء فيه أن محاميها عمرو إمام في جلسة التحقيق معه، قال إنه محبوس منذ أكتوبر الماضي بسجن الزراعة في طرة، في زنزانة إنفرادية، وطالب في التحقيقات تحديد الجماعة الارهابية المتهم بالانضمام إليها، وتحديد الأشخاص الذين قام بعقد اللقاءات معهم داخل محبسه، وأيضا كيفية حصوله على الأموال، وكيف احتفظ بها داخل محبسه، وكيف تم إخراج تلك الأموال خارج أسوار السجن في ظل منع الزيارات وعدم عقد الجلسات منذ قرارات وقف تعليق الزيارات بسبب مع بداية جائحة كورونا.
وتضم القضية 488 لسنة 2019 أيضًا المحامية والناشطة ماهينور المصري وخالد داوود رئيس حزب الدستور السابق، والصحفية سولافة مجدي وزوجها محمد صلاح، المصوران الصحفيان، اللذان تم القبض عليهما في نوفمبر الماضي، وأيضا الناشطة السياسية إسراء عبد الفتاح.
وقالت النيابة في بيان أصدرته في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، إن النائب العام المستشار حمادة الصاوى أمر بإخلاء سبيل عدد من المتهمين فى أحداث سبتمبر، لثبوت تواجدهم بأماكن التظاهر وبين المتظاهرين دون قصد التظاهر خلال أحداث وقائع المظاهرات، كما أمر بإخلاء سبيل الأطفال والطلاب والنساء والشيوخ الذين ثبت تظاهرهم ولم يثبت ارتباطهم "بدعوات الجماعات التي تستهدف هدم مؤسسات الدولة".