منذ انتخاب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مُددت حالة الطوارئ في شبه جزيرة سيناء 6 مرات، ولكن اليوم هي المرة الأولى التى يُعرض فيها القرار أمام نواب البرلمان المصري للمناقشة، حيث يلقي رئيس الحكومة المصرية بيانًا يشرح أسباب القرار، وفقًا لأحكام الدستور المصري الجديد.
يأتي القرار الرئاسي في الوقت الذي تخوض فيه قوات الجيش والشرطة المصرية "حربًا ضد الإرهاب" في شمال سيناء مع جماعات مسلحة متشددة أبرزها تنظيم أنصار بيت المقدس الذي أعلن مبايعته لتنظيم الدولة الإسلامية، زادت حدتها مع عزل الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي في يوليو/تموز 2013.
أحدث قرار رئاسي
في 4 مايو/ آيار، كشفت الجريدة الرسمية عن قرار جمهوري صدر بتاريخ 28 أبريل/نيسان لتمديد حالة الطوارئ في مناطق محددة كلها تقع في محافظة شمال سيناء لمدة 3 أشهر اعتبارًا من الواحدة صباح الجمعة 29 أبريل 2016.
وبنص القرار رقم 187 لسنة 2016 المكون من ست مواد، فإن المناطق تبدأ شرقًا من تل رفح مارًا بخط الحدود الدولية، وحتى العوجة غربًا من غرب العريش وحتى جبل الحلال، وشمالًا من غرب العريش مارًا بساحل البحر، وحتى خط الحدود الدولية في رفح، وجنوبًا من جبل الحلال وحتى العوجة على خط الحدود الدولية. ويترتب على إعلان حالة الطوارئ تطبيق حظر التجوال في المناطق سالفة الذكر من السابعة مساء وحتى السادسة صباح اليوم التالي. ويُستثنى من ذلك مدينة العريش، عاصمة محافظة شمال سيناء، والطريق الدولي من كمين الميدان، وحتى الدخول لمدينة العريش من الغرب؛ ليكون حظر التجوال من الواحدة صباحًا وحتى الخامسة صباح اليوم نفسه، أو لحين إشعار آخر.
وحسب المادة الثالثة، يُعاقب كل من يخالف الأوامر الصادرة من رئيس الجمهورية بتطبيق أحكام القانون رقم 162 لسنة 1958 (قانون الطوارئ)، ويُعمل بأحكام هذا القرار بعد موافقة مجلس النواب.
وعلى خلاف المرات السابقة التي انفرد فيها الرئيس المصري بقرار تمديد حالة الطوارئ، في ظل غياب برلمان منتخب، فإن تطبيق القرار هذه المرة لن يتم قبل أن تعرض الحكومة بقيادة رئيسها أسباب فرض حالة الطواريء في بيان أمام مجلس النواب.
في 7 مايو، قال وزير الشؤون القانونية ومجلس النواب المصري مجدي العجاتي، إن الحكومة أخطرت البرلمان بالقرار الرئاسي، و بالاتفاق مع رئيس مجلس النواب سيُحدد موعد ليلقي رئيس الحكومة بيانًا أمام المجلس عن أسباب إعلان حالة الطوارئ والظروف التي أدت إلى هذا الإعلان.
وحدد العجاتي الإجراءات التي تعقب إلقاء بيان رئيس الوزراء، وهي: إحالة البيان إلى اللجنة العامة فور تشكيلها، وفقًا للائحة، لتتولى دراسة البيان، وتقديم تقرير عنه للمجلس متضمنًا رأيها في مدى توافر الأسباب التي أدت إلى صدور القرار.
دستورية"إعلان حالة الطوارئ"
إحالة القرار إلى البرلمان يأتي وفقًا للمادة 154 من الدستور المصري الصادر في عام 2014، والتي نصها كالتالي: "يعلن رئيس الجمهورية - بعد أخذ رأي مجلس الوزراء- حالة الطوارئ، على النحو الذي ينظمه القانون، ويجب عرض هذا الإعلان على مجلس النواب خلال الأيام السبعة التالية ليقرر ما يراه بشأنه. وإذا حدث الإعلان في غير دور الانعقاد العادي، وجب دعوة المجلس للانعقاد فورًا للعرض عليه. وفي جميع الأحوال، تجب موافقة أغلبية عدد أعضاء المجلس على إعلان حالة الطوارئ، ويكون إعلانها لمدة محددة لا تجاوز ثلاثة أشهر، ولا تمد إلا لمدة أخرى مماثلة بعد موافقة ثلثي عدد أعضاء المجلس. وإذا كان المجلس غير قائم، يعرض الأمر على مجلس الوزراء للموافقة، على أن يعرض على مجلس النواب الجديد في أول اجتماع له. ولا يجوز حل مجلس النواب أثناء سريان حالة الطوارئ".
"الطوارئ" في عهد السيسي
مع تعديل بسيط في الفترة الزمنية، يُصدر السيسي قرارًا جمهوريًا، كل ثلاثة أشهر، بتمديد حالة الطوارئ، بديباجة واحدة منذ إعلانها أول مرة في أكتوبر/تشرين الأول 2014، وجاءت في أعقاب مقتل 33 جنديًا مصريًا في هجوم تبنته جماعة أنصار بيت المقدس، استهدف نقطة أمنية في كرم القواديس بالشيخ زويد، وكان ذلك بعد 5 أشهر من تولى السيسي رئاسة البلاد.
ومنذ بداية عام 2016، مُددت مرة واحدة، جاءت قبل ساعات من انعقاد الجلسة الأولى للبرلمان في 10 يناير/كانون الثاني، حيث نشرت الجريدة الرسمية أن القرار يُطبق بدءًا لمدة ثلاثة أشهر اعتبارًا من الساعة الواحدة من صباح الأربعاء الموافق 27 يناير 2016.
وخلال عام 2015، مدّد السيسي حالة الطوارئ 4 مرات.
البرلمان الجديد و"حالة الطوارئ"
لم يتم تضمين القرار الجمهوري بتمديد حالة الطوارئ في يناير الماضي في حزمة القوانين التي صدرت في عهد السيسي، وتم الاكتفاء بعرضه فقط على النواب. وهو ما آثار اعتراض عدد من النواب، مطالبين بالتصويت عليه.
بدوره، أوضح رئيس البرلمان علي عبد العال أن عدم تصويت النواب على القرار لا يخالف الدستور، لأنه تم مد حالة الطوارئ فى غير وجود مجلس النواب، وتم أخذ موافقة مجلس الوزراء كما يقضى الدستور، وتابع قائلًا: "يجب التفرقة بين الحالتين؛ الأولى وهى وجود المجلس فيجب موافقة أغلبية أعضاء البرلمان، أما فى حالة عدم وجود المجلس فيعرض الأمر على مجلس الوزراء وهذا ما حدث على أن يتم عرضه على مجلس النواب الجديد فى أول اجتماع له، وقد تم عرض الأمر وتم إغلاق باب المناقشة فيه".
مع تمديد حالة الطوارئ للمرة الثانية في ظل وجود برلمان منتخب، تصدى عبد العال مرة أخرى لانتقادات وجهها نواب البرلمان لإصدار القرار الرئاسي دون تصويت النواب عليه. فنفى عبد العال وجود خطأ مادي في القرار، لأنه نص في ديباجته على العمل بأحكام القرار بعد موافقة مجلس النواب عليه، مشيرًا إلى أن المادة 131 من اللائحة الداخلية للمجلس نصت على إخطار رئيس مجلس الوزراء المجلس بفرض الطوارئ. ويحضر رئيس الوزراء إلى المجلس يوم الثلاثاء للحديث عن الأسباب والظروف التي أدت إلى هذا الإعلان بتمديد حالة الطوارئ.
ورفض النائب علاء عبد المنعم ما ماحدث، واعتبر أن القرار به خطأ مادي يجب تصحيحه، مشيرًا إلى أن القرار صدر بتاريخ 28 أبريل حسبما هو منشور في الجريدة الرسمية، وتنص مدته الأولى على العمل فيه منذ صباح الجمعة 29 أبريل وكان لزامًا على الحكومة عرض الأمر على المجلس خلال 7 أيام والتي انتهت في 5 مايو، مع إلقاء رئيس الوزراء بيانًا قبل هذا التاريخ.
واتفق معه في الرأي الخبير الدستوري شوقي السيد الذي أقر نفس الملاحظة حول استنفاذ الأيام القانونية لعرض القرار على البرلمان. وأوضح السيد أن السيسي تجاوز في قراره المادة الدستورية التي تشترط عرضه على البرلمان، مستندًا إلى مادة 53 من قانون الإرهاب الصادر فى 2015، وتنص فقرتها الأولى: "متى قام خطر من أخطار الجرائم الإرهابية أو ترتب عليه كوارث بيئية، أن يصدر قرارًا باتخاذ التدابير المناسبة للمحافظة على الأمن والنظام العام، بما فى ذلك إخلاء بعض المناطق أو عزلها، أو حظر التجول فيها، على أن يتضمن القرار تحديد المنطقة المطبق عليها لمدة لا تجاوز 6 أشهر"، وفي فقرتها الثالثة: "ويجوز لرئيس الجمهورية مد مدة التدبير المشار إليها بالفقرة الأولى من هذه المادة بعد موافقة أغلبية أعضاء مجلس النواب".
ويذكر أن عدة منظمات حقوقية انتقدت قانون مكافحة الإرهاب الذي صدر بقرار جمهوري في أغسطس 2015، بدعوى أنه يمهد لفرض حالة طواريء دائمة، نتيجة لمنح صلاحيات واسعة في القبض والتحقيق مع المتهمين.