نص كلمة السيسي خلال المؤتمر الصحفي مع نظيره الروسي 17/10/2018

منشور الخميس 18 أكتوبر 2018

شكرًا فخامة الرئيس، واسمح لي في البداية وقبل ما أبدأ كلمتي إن أنا باسمي وباسم الشعب المصري أتقدم لروسيا، لدولة روسيا، وشعبًا وحكومة، التعازي في الحادث الأليم الذي حدث اليوم.

أصدق التعازي لأسر الضحايا، وأطيب التمنيات بالشفاء العاجل للمصابين.

بسم الله الرحمن الرحيم،

فخامة الرئيس فلاديمير بوتين، السيدات والسادة،

أود بداية أن أشكر مجددًا صديقي العزيز الرئيس بوتين على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة خلال هذه الزيارة المهمة التي تؤكد وتعكس قوة العلاقات التاريخية الوثيقة التي تربط بين مصر وروسيا.

ويسرني هنا أن أؤكد لكم بالغ سعادتي بالزخم الكبير الذي اكتسبته العلاقات المصرية الروسية، على مدار الأعوام الأربعة الماضية، والإنجازات التي تحققت في مختلف المجالات، وعلى رأسها مشروع التعاون الضخم بين البلدين المتمثل في اتفاقية إنشاء المحطة النووية في الضبعة.

وهو المشروع الذي يعد بدون شك عنوانًا لنقلة نوعية في مستوى التعاون بين بلدينا الصديقين، بالإضافة إلى مشروع المنطقة الصناعية الروسية في شرق بورسعيد، الذي ينقل التعاون الاقتصادي بين البلدين من مرحلة التبادل التجاري إلى مرحلة التعاون في التصنيع، والذي أثق أنه سيفضي إلى طفرة حقيقية في حجم ونوعية الاستثمارات الروسية المباشرة في مصر.

لقد تكللت كذلك جهودنا المشتركة في تعزيز أواصر علاقات الصداقة بين بلدينا، بالتوقيع على اتفاقيـ، اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة، التي سنكتب من خلالها فصلًا جديدًا، على درب التعاون فيما بيننا، وستفتح آفاقًا ممتدة للارتقاء بمستوى علاقاتنا الثنائية وشراكتنا الاستراتيجية.

كما تجدر الإشارة إلى اتفاقي مع الرئيس بوتين على إعلان عام 2020 عامًا ثقافيًا بين مصر وروسيا، حيث نأمل أن يشهد هذا العام العديد من المناسبات الاحتفالية التي تعكس التواصل الثقافي والحضاري والفني بين البلدين والشعبين الصديقين.

السيدات والسادة،

وكما تتعاون مصر وروسيا في تأمين مستقبل أفضل لشعبيهما، فإن التنسيق بيننا يمتد ليشمل تناول المستجدات الإقليمية في المنطقة، إيمانًا منا بالأهمية القصوى لاستعادة الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، بشكل يحقق مصالح شعوبها ويضمن مستقبلًا أفضل لشبابها بعد المعاناة الطويلة من قسوة الحرب وما تسببت فيه من دمار.

وفي هذا السياق تطرقنا إلى القضية الفلسطينية، ولمسنا التقارب الكبير في مواقف مصر وروسيا إزاء عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية، لاسيما تأكيد الثوابت المتمثلة في ضرورة التوصل إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين، ووفقا لحدود عام 1967 ولأحكام القانون الدولي ومبادرة السلام العربية.

كما حظيت تطورات الأوضاع في سوريا بحيز مهم من النقاش، حيث اتفقنا على أهمية مواصلة التشاور والتنسيق بين مصر وروسيا حول هذا الملف الحيوي، والعمل على تفادي المزيد من التصعيدا لميداني في سوريا بالتوازي مع بحث سبل دعم الحل السياسي.

 وذلك من خلال تشجيع المبعوث الأممي على إطلاق عمل لجنة صياغة الدستور في أقرب فرصة كخطوة مهمة لتهيئة الظروف المناسبة لاستئناف المفاوضات السياسية، وصولا إلى حل سياسي شامل يحقق الطموحات المشروعة للشعب السوري الشقيق، ويحافظ على وحدة الدولة السورية، وسلامتها الإقليمية.

وبخصوص الأوضاع في ليبيا، فقد تطرقت المباحثات إلى مستجدات الأزمة على الصعيدين السياسي والأمني، وتبادلنا التقييم حول جميع الاتصالات والتحركات التي تقوم بها مختلف الأطراف الفاعلة في ليبيا، وحرِصت في هذا للإطار على إحاطة الرئيس بوتين برؤية مصر إزاء الحل السياسي في ليبيا، والجهود المبذولة من القاهرة على صعيد توحيد المؤسسة العسكرية الليبية، لتمكينها من القيام بمهامها بفاعلية.

كما ناقشنا تداعيات الاشتباكات الأخيرة التي شهدتها مدينة طرابلس، وما أظهرته من خطورة الاعتماد على الميليشيات في توفير الأمن، الذي يجب أن يكون مهمة حصرية للقوات الأمنية النظامية والجيش الوطني، وأكدنا أهمية التزام المجتمع الدولي بالتنفيذ الكامل لمبادرة المبعوث الأممي غسان سلامة للحل في ليبيا بجميع عناصرها.

 وما يتطلبه ذلك من تجنب الدخول في مسارات موازية للحل، لن تفضي إلا لإطالة الأزمة وتوسيع هوة الخلاف في الرؤى بين الأطراف المعنية، كونها لا تحظى بالضرورة بتوافق ليبي أو دولي.

كما اتفقت مع فخامة الرئيس بوتين على أهمية تعزيز تبادل المعلومات بين الأجهزة المختصة، اتصالا بجهود التصدي للإرهاب، خاصة فيما يتعلق بانتقال الإرهابيين من مناطق عدم الاستقرار إلى دول أخرى، وارتكابهم لأعمال إرهابية بتلك الدول، وأكدنا كذلك ضرورة منع الدول لمرور هؤلاء الإرهابيين عبر أراضيها، وتبادلنا المعلومات بشأنهم مع كافة الدول الأخري، والمنظمات الدولية المعنية.

 كما أكدت انفتاح مصر للتعاون المكثف مع روسيا في هذا المجال باعتبار البلدين شريكين تقليديين تجمعهما رؤية واضحة ومشتركة إزاء هذا التحدي الخطير على استقرار المنطقة، كما قمت باستعراض نتائج العملية الشاملة سينا 2018 والنجاحات الفائقة التي حققتها في إطار جهود مصر في مكافحة الإرهاب.

فخامة الرئيس،

السيدات والسادة،

مرة أخري أجدد شكري للرئيس بوتين على دعوته الكريمة لي لزيارة روسيا، باسمي وباسم الشعب المصري، وأؤكد متانة العلاقات الاستراتيجية التاريخية بين البلدين، وتطلعنا لمواصلة تطويرها خلال الفترة المقبلة، بما يلبي تطلبات، تطلعات شعبينا نحو الاستقرار والتنمية، وشكرًاً جزيلا، شكرًا فخامة الرئيس.


القيت الكلمة في مؤتمر صحفي مع الرئيس بوتين بمدينة سوتشي الروسية، بحضور وفدين من البلدين.


خدمة الخطابات الكاملة للسيسي تجدونها في هذا الرابط