الصفحة الرسمية للرئيس على فيسبوك
الرئيس السيسي خلال الجلسة

نص كلمة السيسي في جلسة آليات بناء المجتمعات والدول 4/11/2018

منشور الثلاثاء 6 نوفمبر 2018

 

اسمحيلي إن أنا أولًا أحيي كل ال، السادة المتحدثين، وبشكرهم على تواجدهم معنا، وبشكرهم على حجم الثراء اللي هم قاموا بيه أثناء الحوار، والمساهمات بتاعتهم في موضوع أنا بعتبره من أهم الموضوعات، على الأقل في منطقتنا، اللي هي بتعج بالصراعات يعني.

ولكن إن كان ليا مساهمة، أنا بس هأكد للي بيسمعني إن أنا مش بتناول المسألة من منظور سياسي، فبنقي الألفاظ وبنقي الأفكار، وببعد عن النقاط اللي ممكن تسبب اشكاليات.

أنا هاتكلم معاكم، كتجربة مصرية شاهد عليها وعلى الأحداث اللي بتمر في المنطقة.خدوا الكلام بتاعي وفكروا فيه، هو يؤخذ ويرد، كلامي يؤخذ ويرد، اللي تلاقوه مناسب منه، يعني، اهتموا بيه، واللي مش مناسب مايجراش حاجة.

أول نقطة أنا المساهمة بتاعتي هاتبقى من جزئين: جزء ما قبل الأزمة، وجزء ما بعد الأزمة. جزء ما قبل الأزمة هو تقدير المواطنين والرأي العام في بلادهم لحجم التراجع، لحجم التخلف، لحجم المطالب اللي هم عايزين يحققوها، أتصور إن إحنا اللي شوفناه في الدول اللي مرت بال، بالأزمات دي. التكلفة الإنسانية، والتكلفة المالية، والتكلفة الأخلاقية اللي دفعتها الدول دي، أكبر كتير من لو كان الأمر استمر بدون تغيير.. أقولها تاني؟

التكاليف اللي دفعتها الدول اللي دخلت في الأزمات ديت، أنا بقول من كل الوجوه، وأرجو إن إنتم نتظروا للصورة بشكل كلي، ماتنظرولهاش بشكل يعني جزئي بسيط، يعني..

أنا مش هاتكلم على التكلفة المالية، لكن عايز أقولكم، يا ترى الطفل، أو الطفلة، اللي قعدت تسع سنين في معسكر لاجئين، ده هاتطلع شخصيتها عاملة إيه؟ يا ترى هاتطلع شخصية سوية؟ وإذا كنا بنتكلم على مئات الألوف والملايين، فإحنا بالإصلاح اللي إحنا تصورنا إن إحنا ممكن نعمله في بلادنا من خلال التحرك الغير مدروس..أنا هقول غير مدروس، مش هقول أبدًا إنه مؤامرة، لأ هو غير مدروس.

تصورنا إن إحنا ممكن نغير واقعنا بـ، من خلال هذا التحرك، وإحنا في ال، وإحنا بنعمل التحرك ده، إحنا بنفتح أبواب الجحيم على بلادنا، أنا بقول على بلادنا لأن إحنا كنا بلد من البلاد المرشحة إنها تبقى كدة، وانا كنت بقول من سنتين تلاتة خلي بالكم من الانتحار القومي، الانتحااار القومي. 

وأنا بقول الكلام ده في شباب من أوروبا، يمكن مايبقاش عندهم التصور ده، والمشاكل اللي موجودة عندنا في المنطقة العربية والمنطقة الأفريقية أو في الدول الأفريقية، ويبقى هم بالتالي شايفين الكلام ده يعني عايزين يقولولي يعني ده معناه إن إحنا لا نغير؟ ده معناه إن إحنا نسكت؟ أنا ماقلتش كدة، بس بقولكم على الباب اللي إنتوا هاتفتحوه، لأن قوة حشد الشباب، أو حشد الأمر العام، لتغيير الأمر بقوة، قد يخرج، وفي الغالب بيخرج عن السيطرة، ولما يخرج عن السيطرة، ينشئ فراغ هائل، هذا الفراغ الهائل يؤدي إلى تدافع القوى المحلية والأجنبية أو الخارجية من أجل التدخل في شؤون الدولة، وتتداعى مؤسسات الدولة، مؤسسة وراء مؤسسة.

تبدأ في الغالب بالمؤسسات الأمنية والقوات المسلحة، ثم بقية المؤسسات تيجي بالتبعية، ومن هنا لما نيجي نغير بالمسار اللي هو أنا بعتبر إن كان فيه ميزة للواقع اللي حصل في دول موجودة في منطقتنا، وإحنا منهم، وإحنا منهم، وبين عدم التغيير، قد يكون، قد يكون التجربة بتقول يبقى الصبر، وأنا هاخد من كلمة الدكتور غسان تعبير أكتر من رائع، هو النزاع، أو الحوار مع النفس، كلمة رائعة جدًا لأنك إنت ممكن تخش في خلاف مع الآخرين، وصراع مع الآخرين، لكن إنك إنت تخش في صراع مع نفسك من أجل كبح قدرتك، جهدك، قناعتك، رفضك للواقع اللي إنت عايز تغيره، من أجل مصلحة أكبر وأشمل، هي مصلحة وطن بشعبه هايُدمّر تدمير كامل، عشان الحركة اللي إنت اتحركت بيها، عشان الإجراء اللي إنتم عملتوه في بلادكم، اللي اتعمل أكيد بحسن نية من أجل الإصلاح.

مسار الإصلاح في تقديري المتواضع كـ..إنسان، زيكم، شاف بلده رايحة للدمار، والخراب، إحنا تراجعنا حتى بعد كل الجهد اللي إحنا بنعمله، كل اللي بنتمناه إن إحنا نصل للحالة اللي كنا موجودين عليها قبل 2011 في مصر، وكل الناس اللي موجودة في الدولة هنا، تقول الجهد المبذول خلال الخمس سنين غير مسبوق، لكن بكل الجهد ده، وبكل الإجراءات اللي إحنا نجحنا فيها، أنا بقولكم، إحنا المؤشرات الاقتصادية وحجم الاستقرار والأمن، إحنا لما فتحنا الباب للفوضى من غير ما نقصد نتج عنها انكسر حاجز استخدام السلاح من جانب الجماعات اللي هي موجودة معانا في مصر، هي كانت موجودة قبل كدة، وكانت عايشة معانا قبل كدة، ولكن بمجرد إنه اتيحت الفرصة والباب اتفتح، بقى عندها استعداد للقفز على السلطة حتى لو استخدمت السلاح.

أنا هقول ليكوا كلكوا، إذا كان أقل تقدير اتقال في إن سوريا تحتاج 300 مليار دولار، 300 مليار دولار، وأقصى تقدير ترليون دولار. أنا عايز حد يقولي، أنهي حكومة في سوريا، مهما كانت بقى جت من الأغلبية أو من الأقلية، هاتقدر تعمل إيه مع التحدي ده؟ إنتوا فاكرين في العالم حد هايمد إيده، وأنا بقولها على الملأ، يطبق 300 مليار دولار ويديها لدولة ولا إيه؟ دول بيتخانقوا على 10مليار. (تصفيق). 

هو الصراع اللي موجود في العالم معمول على إيه؟ على النفوذ وعلى الأموال والمصالح. حد يديك 300 مليار دولار تصلح بلدك؟ مش انت اللي كسرتها؟ مش انت اللي خربتها؟ (تصفيق) أصلحلك أنا ليه؟ لا أنا ماصلحلكش، أنا أصلح بلدي، وأبني بلدي، وأبني لشبابي في الدول المتقدمة، لكن ليكم إنتوا، إنتوا اللي بتعملوا في بلادكم كده، وإنتوا اللي بتخربوا بلادكوا، (تصفيق) أنا بقولكوا الكلام ده، والله لن تسمعوه من أحد أبدًا، في موقعي اللي أنا فيه ده، وأنا إن شاء الله بحاول أكون صادق، والمبعوث الدكتور دي ميستورا يعرفني كويس. التقينا سويًا وتحدثنا حديث خاص، ويعلم إن الكلام اللي بقوله ده هي قناعات ناتجة عن خبرات لممارسات عشناها، مش كلام إحنا بنقوله، ده إحنا عشنا كل يوم، كل يوم بنعيش في مرار، ومعاناة، لأجل نحافظ على بلدنا، وعلى مصير 100مليون مصري، 100مليون مصري! (تصفيق).

مين.. الدكتور غسان بيقول إن في ليبيا عندهم دول ريعية، فتقدر يخشلها دولارات من مصادر البترول. إحنا في مصر ماعندناش يا دكتور، ماعندناش ده، فكانت هاتتخرب وتضيع، وماترجعش تاني، وتبقى ملايين من المصريين بتهاجر على أوروبا أو على دول الجوار، أو تضيع في الصحرا وفي البحار.

(صوت من الجمهور "تحيا مصر!") (تصفيق)

أنا بقول التجربة دي لشباب جاي من كل حتة في العالم يشوفنا ويسمعنا، ويمكن بينظر إلينا وماعندوش الفرصة إنه يتدبر ما يحدث في بلادنا، في منطقتنا، يقول هم كدة ليه؟ بيموتوا بعض ليه؟ هم بيعملوا كدة ليه؟ هم بيهدوا بلادهم ليه؟ لأ.. هو الحكاية ان هم حاولوا يغيروا، بس هم ماكانوش يعرفوا، إن لما ييجوا يغيروا، بيعملوا فراغ ضخم، فراغ كبير، الفراغ ده لا يملأ إلا بالأشرار، لا يملأ إلا بالأشرار، حتى لو كان الحكام اللي قبل كدة مش جيدين؟ أيوة.

ماحدش هايقولكوا الكلمة دي خالص. إوعوا من الشعارات والكلام المعسول الذي يقضي بكم إلى الضياع. اشتغلوا، (تصفيق)، اصبروا، تحملوا، قاسوا، عانوا! زي ما إنتوا عايزين، بس ما تعانوش في الخراب، ما تعانوش بالخراب، يعني قاسوا زي ما إنتوا عايزين باللي انتوا بالواقع اللي مش عاجبكوا، إنما ماتعانوش بإن إنتوا تدمروا بلادكم، لأنها لن تعود، البلاد اللي راحت، الأخت اللي اتكلمت من باكستان، الوزيرة الفاضلة أهلًا وسهلًا بيكي، إحنا بنتكلم على دولة جنب منكم، بقالها 50 سنة لم تعود، لم تعود.

كام مليون ماتوا في أفغانستان؟ كام مليون ماتوا في العراق؟ كام مليون ماتوا في سوريا وليبيا والدول التانية؟ مين يدفع التمن ده؟ إنتوا اتكلمتوا عن فترة ما قبل الحرب الباردة، أو فترة الحرب الباردة، طب ما، هي ده معناه إن أدوات الصراع اتغيرت بعد ما كانت، أو بعد ما أصبحت الحرب المباشرة مكلفة جدًا جدًا، و يعني، تبعاتها خطيرة، إلى حروب بشكل جديد؟ تدمير الدول بشكل مختلف؟

طب بردو حد يقولي وإنت، الرئيس المصري يتكلم كدة؟ أيوة يا جماعة، لأن إحنا بنتكلم على انقاذ أوطان، وانقاذ ملايين، إذا كنا إحنا بنحترم الإنسانية بجد، وبنقول إن إحنا بشر حقيقيين، طب ما تقولوا الحقيقة للناس، وتفهموهم حكايتهم إيه، عشان تبقى إحنا، إحنا عندنا إنسانية بجد، مش بندعي الإنسانية يعني، عشان يبقى عندنا إنسانية بجد، لا ندعي الإنسانية.

اللي أنا عايز أقوله، أنا قلت إن إحنا هانتكلم على فترة ما قبل. فترة ما بعد بقى تكلم وتحدث بلا حرج. شوف، عايز تتكلم عن هدم مؤسسات الدولة، تكلم. مؤسسة مؤسسة. عايز تتكلم عن قيم ومعايير الدولة الوطنية الضائعة، تكلم. عايز تتكلم على القيم الأخلاقية والإنسانية التي ستُهدَر نتيجة الحالة اللي إحنا بنتكلم عليها، اتكلم.

قولي مين يرجعلي ده؟ قولي مين يرجعلي القيم الأخلاقية، والإنسانية، اللي كانت موجودة في المجتمع، بعد ما يدخل في معسكرات اللاجئين لمدة 10سنين. الطفل ده شاف إيه؟ الطفلة دي شافت إيه؟ الطفل ده اتعامل إزاي؟ الطفلة دي اتعاملت إزاي؟ أنا عايز أقول للناس اللي بتسمعني كلها؛ أنتم لا تقوموا الإرهاب فقط، أنتهم تجهزوا كيانات جديدة للإرهاب، هذا الأمر تغذية للإرهاب، لأن هذه العناصر، هذه ال، ال، ال، البشر اللي أنا بتكلم عليهم، في الغالب، برامج إعادة إعمارهم، زي ما اتقال من الدكتور دي ميستورا، اعادة اعمار النفسي والإنساني، ده برنامج ضخم جدًا نعمله لكام مليون، هم هايعمروا نفسهم الأول، أنا مش بقلل من الفكرة، لا ده حقيقي، لكن،  ولا هانبني البلد ولا هانصلح الطرق، ولا هانعمل البنية الأساسية، ولا هانعملهم المدارس اللي اتكسرت؟ ولا هانجهز مستشفيات تعالجهم؟ ولا هانجهزلهم فرص عمل؟ لأن هم كانوا اتخانقوا وطلعوا يتحركوا عشان عايزين يشتغلوا. لا ده ولا ده ولا ده.

ودي مش نظرة يائسة. إحنا في مصر بفضل الله سبحانه وتعالى، وبفضل وعي شعبها، وبفضل وعي شعبها، انتبه، انتبه للدرس بسرعة واستوعبه بجلاء، أنا بقول كدة والله ما بجامل المصريين. بدليل إن إحنا في الإجراءات الإصلاح الاقتصادي اللي اتعملت كانت من أقسى ما تم تنفيذه في تاريخ مصر الحديث. في تاريخ مصر الحديث. لو ماكانوش (تصفيق) لو ماكانش المصريين استوعبوا، وبقم حريصين على بلدهم، كانوا اتحركوا، وكانوا بيتحركوا على أقل من كدة بكتييير جدًا، عشان يغيروا.

أرجع تاني وأقول، إعادة، بعد بقى النزاع ما ينتهي، ونبتدي نعمل إعادة الإعمار، إنت هاتخش في اشكاليات كتير، عايز تعمل دستور، عشان البناء الدستوري اللي اتحطم، فلما ييحي تعمل الدستور، حسب بقى الوضع، إنت كان في تدخل داخلي ولا، آسف، خارجي ولا لأ؟ وفي مجموعة مصالح ولا لأ؟ وبتاع، ونقعد نتخانق في موضوع لجنة الدستور شهور طويلة، يا ترى هايبقى عند الدولة، والقائمين عليها ساعتها، الاستيعاب إن أهمية خروج الدستور بعوار، أفضل من إن إحنا نراوح مكاننا، نفضل في مكاننا، ومانعملش دستور؟ أنا بقول لأ، نعمل دستور، ويبقى فيه عوار، أحسن ما نعمـ، مانعملش دستور، ونقعد نتخانق، وهلم جرا بقى.

المؤسسات التنفيذية التي لا تقبل العناصر اللي قامت بالصراع إن يبقى ليها دور، فتفقد الخبرات والكوادر التي يمكن أن تدير الدولة في الظروف الصعبة دي، بكفاءة 50%، ونبتدي ندخل ناس ماعندهاش أي خبرة، ولا أي تأهيل لقيادة الدولة اللي هي في أمس الحاجة لخبراء ماهرين جدًا لإعادة التأهيل وإعادة البناء بعد التخريب، والخراب اللي تم.

فـ بعد كدة، تيجي بقى تتكلم للبناء الاقتصادي، الذي تحطم، اللي هو في تقديري إشكالية الإشكاليات. الناس عايزة تعيش. طب أنا بقول لكل اللي بيسمعني، إحنا في مصر هنا، في مصر هنا، بنـ، بنستهلك بترول تقريبًا في حدود 3 مليار ونص دولار في الشهر، قولي مين يجيبهم لمصر لما، مش كدة ولا إيه؟ دولة الرئيس جنبي أهو وبيقولي آه الرقم مظبوط، يعني إنت بتتكلم في حوالي 42 مليار دولار عشان تجيب بيهم وقود في بلدك.

طب لما تخش في فوضى وخراب، الناس هاتعيش إزاي؟ خلي بالكم لكل الشباب اللي موجود بقى، برة من المنطقة بتاعتنا، أو من خارج المنطقة، من فضلكم إنتوا كلكم وبما فيهم أنا، محتاجين نتعلم مقومات الدول والحفاظ عليها واستمرارها، لأن في كتير من الناس اللي دارسة ودارسة كويس، لما تحط الصورة الكلية للدولة، تعرف إنه تحدي هو من أكبر التحديات اللي الإنسانية كلها بتتنافس وتتصارع على استمراره.

أنا ماطولتش عليكوا؟ طولت. بس هل الموضوع يستحق؟ في تقديري يستحق. يستحق عشان حاجة واحدة، بسجل أمام الله سبحانه وتعالى، وأمام شعب مصر، وأمام الضيوف الموجودين هنا، وأمام كل من بيسمعني، إن الحفاظ عن الدول هو حق من حقوق الإنسان، حق من حقوق الإنسان.

(تصفيق)

شكرًا جزيلًا.


ألقيت الكلمة فيجلسة آليات بناء المجتعات والدول ضمن فعاليات منتدى شباب العالم في شرم الشيخ. 


خدمة الخطابات الكاملة للسيسي تجدونها في هذا الرابط