تصميم: يوسف أيمن - المنصة

العمل مستمر والعجلة تدور: عمالة مواقع الإنشاءات تواجه الوباء ومخاطر التسريح معًا

منشور الأحد 5 أبريل 2020

يدخل مكتبه مرتبكًا بخطوات ثقيلة، يلوح بيده ملقيًا التحية على زملائه من بعيد ثم يُخرِج من حقيبته مناديل ورقية وبخاخة بها سائل مطهر يرش منها على مكتبه ومقعده وكل ما قد يلامس جسده قبل أن يضع البخاخ جانبًا ويجلس ليبدأ عمله. 

يحاول محمد عامر* المهندس في أحد مواقع الإنشاءات على خط الساحل الشمالي، أن يبعد وساوس الإصابة بفيروس كورونا المستجد عن رأسه، يتخيل أن كل دفتر تلمسه يداه المغلفتان بقفازين، يحمل الآلاف من ذلك اللعين. بسرعة يعاود الإمساك بالبخاخ ويرش كل الدفاتر و الأقلام.

ما أن ينتهي حتى يدخل أحد العمال المعاونين بدلو متسخ يمتلئ عن آخره بمياه تفوح منها رائحة الكلور الخانقة، وخرقة مهلهلة تبدو كحقل بيولوجي مكتمل، فيسكب المياه على الأرض ثم يسحبها، وهو يلف كمامة حول رقبته كإجراء روتيني ليرفعها بيده المتسخة كلما مر المفتش. ينهي عمله ويخرج تاركًا عامر غارقًا في مخاوفه المتزايدة، قبل أن يشحن طاقته ليتجه إلى الموقع حيث سيلتحم مع مئات العمال، دون وعي أو وسائل وقاية.

في مصر، هناك 35 شركة تعمل في مجال المقاولات والإنشاء، توظف 3.5 مليون فرد من العمالة الدائمة، و12 مليونًا من العمالة غير الدائمة، حسب تصريحات صحفية لرئيس اتحاد المقاولين السابق حسن عبد العزيز. تعمل هذه الملايين في قطاعات مختلفة، من بينها النجارة والتسليح والصرف الصحي وغيرها، بالإضافة إلى عدد كبير لم يحصَ من مقاولي الأنفار، الذين يلحقون العمالة بشكل فردي مستقل دون إدراجهم في كشوف رسمية، أغلبهم يأتون من محافظات الريف و الصعيد.

في كل موقع عمل، يتفاعل المئات من مختلف الفئات، من مهندسين وإداريين إلى صنايعية ومعاونين.

مخاطر مستمرة

يقول عامر للمنصة "مع بداية انتشار فيروس كورونا بدأنا كعمال مواقع، بمبادرات شخصية منا، نعقم أدواتنا ونطهر المكاتب. بس مع صدور قرار الحجر الصحي حسينا بالخطر. استنينا الشركة تبلغنا بإجازة أو إنها هتخفض العمالة ونشتغل من البيت، محصلش، بلغونا إننا مستمرين في العمل زي ماحنا. بدأنا نخاف و نعمل احتياطتنا، غسيل الإيد والتطهير المستمر و عدم التلامس، كلها خطوات للحماية، إنما مش فعالة لو 10 بس بيعملوها من كل 100 شخص".

ويضيف عامر "مواقع العمل في مجال الإنشاءات حقل مثمر لانتشار أي وباء، أغلب العاملين من محافظات مختلفة، بيضطروا يباتوا سوا في سكن بتوفره الشركة، سكن مقبول نوعًا ما للإداريين و المهندسين، يتشارك كل أربع أو ست أفراد شقة، حسب عدد الأوض، أما العمال معاملتهم أقل آدمية مننا، بيتخصص لهم غرف بسيطة تفتقر للخدمات، يتشارك في كل غرفة 8 عمال وأحيانًا أكثر، فلو واحد فيهم عنده دور إنفلونزا عادية كل زملائه هيتعدوا وبالتبعية تتنقل لنا العدوى، فما بالك بوباء بيجتاح العالم كله؟ لو واحد بس عطس في الموقع كلنا هنصاب بالفيروس، وعليه هننقله لأهالينا في الإجازات".

يشرح في مكالمة مطولة أجرتها معه المنصة، أن عاملًا من عمال التوريد غير المنتظمين، اشتبه في إصابته بالفيروس "بعد ظهور أعراض عليه زي السخونية والكحة، وبعد ما بلغنا الإدارة قالوا دا اشتباه وبكرة هنبعته المستشفى، بس صحينا الصبح مالقيناهوش في الموقع، هرب وعرفنا إنه رجع بلده. لو كان مصاب فعلًا فدا معناه إن القرية اللي ساكن فيها كلها اصابت وأكيد زمايله في الموقع والسكن. مر أكتر من 10 أيام ولحد دلوقتي مافيش أخبار عنه".

مخاطر الوباء لا تقف عند الإصابة بالمرض، ولكنها تمتد إلى الآثار النفسية السيئة بسبب الخوف المستمر من التعرض للعدوى "كلنا عايشيين في خوف مستمر، موجود وسط عدد كبير من الأفراد، وأنت مش عارف مين مصاب ومين لأ، وبتتعامل معاهم بشكل مباشر، من غير الحد الأدنى الكافي من الحماية، أعصابنا مشدودة طول الوقت وقلقانين، بنفكر في أهالينا لما ننزل إجازات هيبقى إيه موقفنا لو كنا مصابين من غير مانعرف فنعديهم؟".

اشتراطات لا يطبقها أحد

الشهر الماضي، وضع مجلس الوزراء اشتراطات وضوابط لشركات الإنشاءات حال رغبتها في مواصلة أعمالها، تتعلق بالكشف الدوري على جميع العاملين وإقامة جلسات لتوعيتهم بمخاطر الوباء وطرق الوقاية منه، وتوزيع كمامات وقفازات ومطهرات وتعقيم معدات وأدوات العمل وغلق الكافيتريات وأكشاك الأطعمة وتطبيق إجراءات المباعدة بصرامة في العمل وأثناء نقل العاملين إليه وفي غرف إقامتهم، ومنع الإجازات لأسبوع، بينما ألزم الشركات التي ستعلق أعمالها بالكامل أو جزئيًا، باستمرار صرف مستحقات جميع العاملين معها. 

يقرأ عامر هذه القرارات من خلال تطبيق أخباري عبر هاتفه المحمول ويبتسم ساخرًا، وهو يتذكر موقع عمله المدجج بالعمال والمعدات، ويشرد في تخيل كيفية تعقيم كل قطعة وكل مسمار وكل أداة دقيقة أخرى داخل الموقع، ثم يتذكر زملاءه مستكملًا حديثه "مش كلنا على درجة الوعي، يعني هتلاقي في الموقع عمال قالعين الكمامة أو منزلينها على رقبتهم، وبيكحوا ويعطسوا ع المكن، ده عامل شغال فوق العشر ساعات، مش هتقدري كل شوية تقوليله روح اغسل إيدك، مش هيسمعك أصلًا، والموقع منفذش ولا جلسة توعية لحد دلوقتي، لأن مافيش وقت لحاجة غير الشغل عشان مواعيد التسليم، لأن المقاول وصاحب الشركة مش عاوزين يتحملوا تكاليف أيام زيادة، واللي فوقه مش عاوز عطلة للمشروع".

ويضيف "الشركة فعلًا وفرت لنا أول كام يوم مطهرات و ماسكات وجوانتي، لكن دلوقتي لما نروح نستلم بيقولوا في عجز في المطهرات، فأنا عن نفسي بشتري مطهرات، كأضعف الإيمان، بس للأسف مش كتير بيعمل كده خصوصًا العمال، واللي مش هيتكلموا عن الموضوع لأنهم مش مدركينه، وفي زحمة الشغل مش شايفين الخطر اللي محاوطنا".

ويشرح أكثر عن وسائل نقل العمال "فيه تفرقة في نقل العمال ونقل Staff العمل، إحنا بنتنقل بميني باص، وعدد كبير مننا بيركب مع بعض، أما العمال، بيتنقلوا بشكل غير آدمي في عربيات شاسية، أو أوتوبيسات بأعداد كبيرة كأنه أوتوبيس نقل عام في ذروة النهار في القاهرة. بيكون في تكدس كبير والأغلبية بيكونوا واقفين في الطرقة مافيش مابينهم مسافة 10سم، حوالي 50 عامل كلهم بيتكدسوا فوق بعض، لمدة مش أقل من 30 دقيقة مرتين في اليوم".

أما عن الكشف الدوري ومنع الإجازات، فينفي عامر إجراء أي كشف في الموقع الذي يعمل به "لأن اللي بيتم الاشتباه فيه، بيدوله إجازة ويرجع لأهله، يعني بعد الاشتباه في عدد من الحالات داخل الموقع، نزلونا كلنا إجازة يومين، وأحنا مش عارفين مين فينا راجع لأهله بالفيروسٍ"، لينتقل بحديثه عن تجربته الخاصة "أول مارجعت قلعت الجزمة والجاكيت ع الباب، طهرتهم بالكحول، ومنعت نفسي أسلم على أهلي لأنهم مسنين، وأخاف أكون حامل للفيروس فيتنقل لهم. من ساعة ما وصلت عامل لنفسي حجر في أوضتي بعيد عن كل اللي في البيت، و بستخدم أدواتي لوحدي وبعقمها كل شوية".

شارلي شابلن مشهد من فيلم الأزمنة الحديثة - الصورة من ويكيبيديا

العمل مستمر والعجلة تدور

تضع شركات المقاولات عمالها في مواجهة مباشرة أمام الجائحة. فلا إجراءات وقائية كافية، ولا خفض عمالة واجبة في حال عدم استيفاء الإجراءات الوقائية المطلوبة، وذلك كله في سبيل استمرار عجلة العمل في الدوران خوفًا من تحمل نفقات العمل لأيام إضافية، حتى بعد إعلان البنك المركزي تأجيل سداد مستحقات قروض البنوك للأفراد والشركات لـ 6 أشهر، وتخفيض أسعار الفائدة 3%، ضمن عدد من الإجراءات الاقتصادية لمواجهة أزمة كورونا. 

شركة المقاولون العرب أكدت استمرار العمل بجميع مواقعها، لاسيما الموجودة في العاصمة الإدارية الجديدة، وذلك في بيان يوضح ضمنيًا أن شركات المقاولات لا تستطيع أن تقرر وحدها إرجاء العمل في أي مشروعات كبرى دون أن تحصل على التوجيه المباشر من جهات الإسناد المالكة للأعمال.

وفي 30 مارس/ آذار الماضي، صرح اللواء أحمد زكريا عابدين رئيس مجلس إدارة شركة العاصمة الإدارية الجديدة للتنمية العمرانية، بأن خطة نقل الهيئات الإدارية و الموظفين للعاصمة الإدارية الجديدة بحلول 30 يونيو/ حزيران المقبل، تسير دون أي تأثر بالإجراءات المتخذة للحد من انتشار فيروس كورونا.

يشرح عامر أكثر "الشركات بتخاف توقف الشغل أو تدي إجازة في كل مشاريع الإنشاء تقريبًا، لأن يوم وقف العمل معناه يوم زيادة هيدفع فيه يوميات للعمال، وإيجار للمعدات والمكن. وبالإضافة للخسارة المادية، فخسارة الوقت هتخل بالعقود بين الجهات المالكة والشركات والمقاولين، لأن كل مشروع وله وقته والفترة الزمنية المحددة لإنجازه ومافيش رجل أعمال عاوز يتحمل خسارة، كل مدير مستني القرار من اللي أعلى منه، وهكذا".

وتنهد ليشق الهواء صدره في أسىً متساءلًا "بس من هنا لحد ما نقدر ناخد قرار بوقف العمل، وده مستحيل، كام روح هنفقدها؟".

مطلع الشهر الجاري، شدد رئيس الوزراء مصطفى مدبولي على أهمية أن تعمل شركات المقاولات بكامل طاقتها مع اتخاذ الإجراءات الوقائية لتجنب تعطيل العمل، مؤكدًا على ضرورة استمرار العمل في قطاع الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية الجديدة، مبررًا ذلك بأن عملها يرتبط بأكثر من 90 صناعة أخرى.

ولكن هذه الإجراءات الوقائية، بحسب تجربة محمد عامر في موقع عمله على خط الساحل الشمالي، لا تطبق كما ينبغي، رغم أن قرار مجلس الوزراء صدر بإلزام "الشركات التي تطلب استمرار العمل وتستطيع أن تؤمن العاملين بمشروعاتها بالكامل بنسبة 100% أو في جزء منها وبعد تأكيد ذلك بواسطة الوزارات والجهات المعنية"، حسبما قال وزير النقل كامل الوزير في المؤتمر الصحفي الذي أعلنت فيه اشتراطات السلامة اللازمة لاستئناف المشروعات يوم 25 مارس الماضي. 


اقرأ أيضًا: صغار الفلاحين ومعركة كورونا: غائبون عن خطط الدعم.. حاضرون في خطوط الإمداد

رجل يحرث الأرض في جزيرة القرصاية بالجيزة - الصورة مفتوحة المصدر لـ مروة مرجان - فليكر

اتحاد العمال يفحص الشكاوى ويبحث عن الأدلة

اتحاد العمال، الذي تنتشر مكاتبه في جميع المحافظات باعتباره الجهة المختصة بتسيير وحل مشكلات العمال بمختلف أنواعهم، وضمان توفير سُبل السلامة المهنية لهم، ما زال يفحص الشكاوى الخاصة بعدم توفر المطهرات في المواقع "لكن منقدرش نهاجم شركة من غير أدلة وإجراءات محددة"، حسبما قال أمينه العام محمد وهب الله.

يعتبر وهب الله، في تصريحاته إلى المنصة، أن دور اتحاد العمال هو التأكد من تنفذ قرارات الحكومة "بنقوم بمراقبة كل المواقع والشركات عشان نتأكد من تنفيذها، لكن دا طبعًا بياخد وقت، والاتحاد بيقوم بأقصى جهد في التنسيق مع النقابات لضمان حقوق العمال، ورفع وعيهم بخطورة المرض، ولما بيحصل تلاعب بنطبق العقوبات القانونية". ويؤكد وهب الله أن باب الاتحاد مفتوح لاستقبال شكاوى العمال "جالنا مشكلة من عدد من عمال قطاع السياحة في مدينة الغردقة، بسبب خفض الأجور المفاجئ، اتجهنا للشركة المقصودة، وتواصلنا مع القوى العاملة، وتم صرف الأجور من صندوق الطوارئ، وفرضت القوى العاملة غرامة على الشركة".

ولكن فيما يخص قطاع الإنشاء فإن الاتحاد "بيفحص الشكاوى الخاصة بعدم توفير مطهرات، لكن مانقدرش نهاجم شركة من غير أدلة، وبإجراءات محددة"، وتحدث عن تعاون "مع نقابة البناء والأخشاب ونقابة السياحة، مكونين غرفة لمتابعة العمالة المتضررة واستقبال الشكاوى والتحقيق فيها".

رئيس النقابة العامة للعاملين بمواد البناء والأخشاب عبد المنعم الجمل لم يستبعد في حديثه مع المنصة أن "يحصل تلاعب من القطاع الخاص والتحايل على الوضع لتحقيق أكبر استفادة، لكن بعد قرار الرئيس السيسي برصد 100 مليون جنيه لدعم صندوق الطوارئ وتوفير أجور للعمال، النقابة كثفت جهودها وبمجرد وصول أي شكوى بيتم التنسيق بين مكاتبنا، ونتحقق منها، ونقوم بالتواصل مع وزارة القوى العاملة مباشرة لاتخاذ الإجراءات اللازمة".

ويؤكد "الجمل على أولوية النقابة قائلًا "سلامة العاملين أولًا، الحفاظ على صحة العمالة هي أولوياتنا، أول مابيتم إبلاغنا بأي مخالفة، بنتجه فورًا لحماية العامل أولًا، ونأخذ اجراءات الوقية، وبعدين نبدأ في تطبيق العقوبة المناسبة على المكان المخالف.

ولكن رغم ذلك كله، ما زال محمد عامر يلتحم مع زملائه من مهندسين وعمال وفنيين ومقاولين، دون أي وسائل وقاية، يتعرضون جميعًا لمخاطر انتقال العدوى.

موتوا فداء الاقتصاد

تأكيد رئيس الوزراء على أهمية استئناف العمل على قدم وساق، جاء بعد يومين من تصريحات لرجل الأعمال المصري نجيب ساويرس مؤسس ورئيس شركة أوراسكوم، التي تنفذ عدة مشروعات داخل العاصمة الإدارية الجديدة، طالب فيها بإنقاذ الاقتصاد من خلال استئناف العمل على اعتبار أن المرض لا يقتل كل من يصاب به ومعظم ضحاياه من كبار السن. 

ولكن موقف رجل الأعمال حسين صبور رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين كان أكثر وضوحًا في ضرورة أن يفدي المصريين الاقتصاد بأرواحهم، في حوار مع اليوم السابع قال فيه إن ارتفاع أعداد المصابين ووفاة الكثيرين منهم، وانهيار النظام الصحي في البلاد، أفضل من التوقف عن العمل. 

وقال صبور في الحوار الذي أثار الكثير من الجدل "تزود عدد الإصابات، لكن هيبقى عندك شعب قائم وناقص شوية، ولا شعب مفلس تماماً، وما نلاقيش ناكل بكرة"، مطالبًا الدولة بأن "تفتح السوق، وترجع الشغل تمامًا، كل الشغل يرجع تاني"، ورد على سؤال حول تأثير عودة الأعمال على القطاع الطبي الذي لن يستوعب أعداد المصابين "ما نتعالجش يا سيدي".

بحسب المحامي العمالي ياسر سعد فإن مطالب صبور وساويرس لا تخالف فقط اشتراطات السلامة التي وضعتها الحكومة لمواجهة الوباء، ولكنها أيضًا تخالف قانون العمل المصري الذي تلزم المادة 215 منه "المنشأة وفروعها بإجراء تقييم وتحليل للمخاطر والكوارث الصناعية والطبيعية المتوقعة وإعداد خطة طوارئ لحماية المنشأة والعمال بها، وفي حالة وجود خطر داهم علي صحة العاملين او سلامتهم، يجب إغلاق المنشأة كليًا أو جزئيًا حتى تزول أسباب الخطر، مع عدم الإخلال بحق العاملين في تقاضي أجورهم كاملة خلال فترة الإغلاق".

ويتابع سعد للمنصة "بمعنى أن وجود خطر زي فيروس كورونا، بيهدد حياة كل العاملين بالمنشأة، فقانونًا حياة العمال أولًا، ولازم يتم وقف العمل لحماية العمالة، والقانون واجب التنفيذ"، مضيفًا "وفي حالة عدم تطبيق المادة السابقة، في ثلاث عقوبات بتتعرض لها المنشأة، وهي عقاب إداري يجوز لوزارة القوى العاملة إنها تقفل المنشأة، وعقاب جنائي بالحبس، وعقاب يتمثل في الغرامة وأحقية العامل فى التعويض".

و يضيف أن "المادة 256 من قانون العمل بتقول في حالة الإخلال بشأن السلامة المهنية وتأمين بيئة العمل، يعاقب المالك أو المسؤول عن العمل بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تجاوز عشرة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، لكن لو نتج عن الخلل ده وفاة أحد من العمال، فنفس المادة بتقول العقوبة تكون واجبة بالحبس و الغرامة معًا".

يذكّر سعد أيضًا أن القانون "بيلزم صاحب العمل بتوفير الرعاية الصحية للعاملين كمان، وفي حالة تعرضهم للعدوى أو انتشار الأمراض، بتلزمه بإجراء فحوصات وتحاليل دورية لكل العمالة على حد سواء، يعني كل العمال من حقهم الفحص، طالما صاحب العمل هيقدم مصلحة العمل على حياة العاملين، وفي حالة ظهور حالة إيجابية بيكون صاحب العمل ملزم قانونًا بتغطية كافة مصروفات العلاج، بجانب دفع مستحقات العامل كاملة".

مطالب رجال الأعمال التي باركتها الحكومة باستمرار العمل في مواقع الإنشاء بأقصى طاقة، مع التباطؤ في رفع الأذى عن العاملين الذين لا تطبق شركاتهم معايير واشتراطات السلامة التي أقرّها مجلس الوزراء، "كشفت تحيز الدولة لأصحاب رؤوس الأموال على حساب العامل"، بحسب عضو المكتب العمال لحزب التحالف الشعبي وائل توفيق، وهو أيضًا عضو مؤسس للتعاونية القانونية لدعم الوعي العمالي. 


اقرأ أيضًا: ليس كورونا وحده: لأن الرأسمالية تقتل أيضًا

تصميم: يوسف أيمن - المنصة

يرى توفيق أن أزمة انتشار الوباء توضح "أهمية وجود نقابات عمالية مستقلة، اللي بالأساس الدولة كانت بتحارب وجودهم، وبترفض توثيق أوضاعهم، ولحد دلوقتي عندنا قضايا في المحاكم لنقابات مستقلة قصاد الدولة، عشان يثبتوا حقنا في التنظيم"، مستكملًا حديثه للمنصة بالقول إن "دور النقابات المستقلة هنا كان هيبان، بتنظيم حملات للتوعية الصحية لأعضائها، وتوفير الدعم القانوني لهم، وخلق حلقة وصل بين العمال والأجهزة الرقابية، ونحاول نوقف حملات التضحية بالعمالة عشان أصحاب العمل مش عاوزين يتحملوا خسارة وقف العمل".

ولا يعول توفيق كثيرًا على قرار الحكومة بدعم أصحاب الأعمال الذين أغلقوا أعمالهم بنسبة 50% من أجور العاملين، على اعتبار أن "فكرة دعم الأجور من غير معايير معلنة واضحة تثير القلق، يعني إيه وسائل الرقابة لمتابعة سير صرف الأجور، وزي ما بنشوف كتير أغلب الشركات والمصانع يا بتسرح العمالة، يا بتخفّض أجورهم، الأفضل كان يتم صرف الأجور بشكل مباشر للعمال، أو تحديد جهة محددة للمراقبة، لضمان وصول الأجور للمستحقين".


* اسم مستعار بناء على طلب المصدر.