من المؤتمر الصحفي الثلاثي بين السيسي وصالح وحفتر بالقاهرة. الصورة: المتحدث باسم الرئاسة

نص كلمة السيسي خلال المؤتمر الصحفي المشترك مع عقيلة صالح وخليفة حفتر 6/6/2020

منشور الأحد 7 يونيو 2020

 

بسم الله الرحمن الرحيم،

أود في البداية أن أتوجه بالشكر إلى القادة الليبيين، رئيس البرلمان الليبي، السيد المستشار عقيلة صالح، والقائد العام للقوات المسلحة الليبية، السيد المشير خليفة حفتر، على الحضور إلى القاهرة، كما أرحب كذلك بالسادة سفراء وممثلي الدول المعنية بالأزمة الليبية.

أوجه حديثي اليوم إلى العالم أجمع، فأقول بكل الصدق، إن هذين القائدين الليبيين قد برهنا خلال اللقاءات التي جمعتهما خلال الأيام الماضية في القاهرة، على رغبتهما الأكيدة في إنفاذ إرادة الشعب الليبي المتمثلة في أن يعرف الاستقرار طريقه مجددًا إلى ليبيا، وفي أن تكون سيادة ليبيا ووحدتها واستقلالها مصونة، لا يتم الافتئات عليها من كائن من كان، فقد أثبتا أنهما يضعان نصب أعينهما مصلحة ليبيا وشعبها، تلك المصلحة الليبية الوطنية التي تأتي قبل وفوق كل اعتبار.

لقد تحلى هذان القائدان بالمسؤولية والحس الوطني حتى أمكن بعون الله وتوفيقه التوصل لمبادرة سياسية مشتركة وشاملة لإنهاء الصراع في ليبيا. ولعل تلك اللحظة من اللحظات المهمة التي طالما تطلعت لها خلال السنوات الماضية، تلك اللحظة التي يتم الإعلان فيها عن مبادرة، إذا صدقت نوايا الجميع وخلصت، ستكون بداية لمرحلة جديدة نحو عودة الحياة الطبيعية والآمنة إلى ليبيا.

 وإنه لمن دواعي الاعتزاز، أن يتم الإعلان عن ذلك من مصر، التي هدفت كل تحركاتها المخلصة طيلة الأعوام الماضية إلى إنهاء معاناة الشعب الليبي، وعودة الأمن والاستقرار إلى كافة ربوع ليبيا على اتساع أرضها.

السادة الحضور،

يكتسب هذا اللقاء أهمية خاصة نظرا لما تشهده الساحة الليبية من تطورات إضافة إلى التفاعلات الدولية المحيطة بالملف الليبي، وفي هذا الإطار أود التأكيد على أن خطورة الوضع الراهن الذي تشهده الساحة الليبية، لا تمتد تداعياته الأمنية فقط في داخل ليبيا، بل إلى دول الجوار الليبي والإقليمي والدولي أيضا.

إن ما يقلقنا خلال الفترة الحالية، ممارسات بعض الأطراف على الساحة الليبية، رغم جهود الكثير من الدول المعنية بالشأن الليبي خلال السنوات الماضية، لإيجاد حل مناسب للأزمة، ويهمني أيضا أن نحذر من إصرار أي طرف على الاستمرار في البحث عن حل عسكري للأزمة الليبية.

 أكرر.. أحذر من إصرار أي طرف على الاستمرار في البحث عن حل عسكري للأزمة الليبية، كما أؤكد على متابعة مصر عن كثب، وبالتنسيق مع الإخوة الليبيين لكافة التطورات الميدانية التي تحدث في ليبيا، ورفضها الكامل لكافة أشكال التصعيد التي من شأنها زيادة تعقيد المشهد الليبي، وتنذر بعواقب وخيمة في كامل المنطقة.

السيدات والسادة،

لا يمكن أن يكون هناك استقرار في ليبيا، إلا إذا تم إيجاد وسيلة لتسوية سلمية للأزمة، تتضمن وحدة وسلامة المؤسسات الوطنية، تكون قادرة على الاضطلاع بمسؤولياتها تجاه الشعب الليبي، وتتيح لها في نفس الوقت توزيعا عادلا وشفافاللثروات الليبية على كافة المواطنين، وتحول دون تسربها إلى أيدي من يستخدمونها ضد الدولة الليبية.

وانطلاقا من حرص مصر على تحقيق الاستقرار السياسي والأمني للدولة الليبية، خاصة وأن استقرار ليبيا هو جزء لا يتجزأ من استقرار مصر، وفي إطار العلاقات الخاصة التي تربط البلدين، فقد تم دعوة رئيس البرلمان الليبي، المستشار عقيلة صالح، والقائد العام للقوات المسلحة، المشير خليفة حفتر، للحضور للقاهرة، للتشاور حول تطورات الأوضاع الأخيرة في ليبيا، اللذين رحبا بالدعوة، حيث أسفر اللقاء عن توافق القادة الليبيين على إطلاق إعلان القاهرة، متضمنا مبادرة ليبية ليبية، كأساس لحل الأزمة في ليبيا، في إطار قرارات الأمم المتحدة، والجهود السابقة في باريس وروما وأبوظبي، وأخيرا في برلين.

كما أود أن أشير إلى أن هذه المبادرة تدعو لاحترام كافة الجهود والمبادرات الدولية والأممية من خلال إعلان وقف إطلاق النار، اعتبارا من سعت 600 يوم 8-6-2020 وإلزام كافة الجهات الأجنبية بإخراج المرتزقة الأجانب من كافة الأراضي الليبية، وتفكيك الميليشيات وتسليم أسلحتها حتى يتمكن الجيش الوطني الليبي، بالتعاون مع الأجهزة الأمنية، من الاضطلاع بمسؤولياتها ومهامها العسكرية والأمنية في البلاد، بجانب استكمال أعمال مسار اللجنة العسكرية 5+5 بجنيف، برعاية الأمم المتحدة، كما تشمل المبادرة حل الأزمة من خلال مسارات متكاملة على كافة الأصعدة السياسية والأمنية والاقتصادية.

كما تهدف المبادرة إلى ضمان تمثيل عادل لكافة أقاليم ليبيا الثلاث في مجلس رئاسي، ينتخبه الشعب تحت إشراف الأمم المتحدة، لإدارة الحكم في ليبيا للمرة الأولى من تاريخ البلاد، ومن ثم، الانطلاق نحو توحيد المؤسسات الليبية وتنظيمها، بما يمكنها من أداء أدوارها، ويضمن التوزيع العادل والشفاف للموارد الليبية على كافة لامواطنين، ويحول دون استحواذ أي من الجماعات المتطرفة أو الميليشيات على مقدرات الدولة، إلى جانب اعتماد إعلان دستوري ينظم مقتضيات المرحلة، المرحلة المقبلة واستحقاقاتها سياسيا وانتخابيا.

السادة الحضور،

في نهاية حديثي، تتطلع مصر لاضطلاع كافة الدول والقوى الإقليمية والدولية، بمساندة ودعم هذه الخطوة البناءة، أملا في إنهاء الأزمة الليبية، وعودة ليبيا بقوة إلى المجتمع الدولي.

كما أدعو في هذا الإطار، الاضطلاع الأمم المتحدة بمسؤولياتها بشأن دعوة ممثلي المنطقة الشرقية، وحكومة الوفاق، وكافة الأطراف الليبية، بما في ذلك ممثلون عن القوى السياسية والمجتمعية الليبية، للتوجه إلى مقر الأمم المتحدة بجنيف، في تاريخ لاحق يتم الاتفاق عليه لإطلاق العملية السياسية مرة أخرى، وذلك بحضور ممثلي الأمم المتحدة، والاتحاد الإفريقي، والاتحاد الأوروبي، والجامعة العربية، ودول الجوار الليبي، وجميع القوى الدولية والإقليمية المعنية بالشأن الليبي.


ألقيت الكلمة في القاهرة بحضور رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح، والقائد العام للقوات المسلحة الليبية المشير خليفة حفتر.


خدمة الخطابات الكاملة للسيسي تجدونها في هذا الرابط