الرئيس عبد الفتاح السيسي في كلمته بمناسبة ذكرى المولد النبوي. الصورة: المتحدث باسم رئاسة الجمهورية- فيسبوك

نص كلمة السيسي في ذكرى المولد النبوي وتعليقه على الرسوم الكاريكاتيرية 28/10/2020

منشور الأربعاء 28 أكتوبر 2020

بسم الله الرحمن الرحيم

فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف، السادة العلماء والأئمة الأجلاء، السيدات والسادة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

نحتفل اليوم معا بذكرى مولد نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم، الذي أرسى بالحكمة والموعظة الحسنة دعائم وأسسًا عظيمة وخالدة للإنسانية بأسرها، وأتوجه بالتهنئة لشعب مصر الكريم ولكافة الشعوب العربية والإسلامية، بمناسبة هذه الذكرى العطرة، العطرة، وأدعو الله سبحانه وتعالى، أن يعيدها على الشعب المصري، وعلى الأمتين العربية والإسلامية، وعلى العالم أجمع بالخير واليمن والبركات.

الحضور الكريم،

إن احتفالنا اليوم بذكرى مولد سيد الخلق ونبي الرحمة، صلى الله عليه وسلم، يستدعي كل معاني الرحمة في ديننا الحنيف، ويذكّرنا بأن شريعة الإسلام السمحة قد قامت على البناء لا الهدم، وذلك تبيانا لقول الله تعالى: "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين"، بكل ما تحمله كلمة العالمين من معاني العموم، العموم والشمول والسعة؛ فمقاصد الأديان قائمة على تحقيق مصالح البلاد، ومنفعة العباد، من خلال السماحة واليسر، وليس التطرف والتشدد والعسر.

من هنا، ستظل قضية الوعي الرشيد وفهم صحيح الدين، من أولوياتا لمرحلة الراهنة في مواجهة أهل الشر، الذين يحرفون معاني النصوص، ويخرجونها من سياقها، ويفسرونها وفق أهدافهم، أو يعتمدون على تفسيرات خاطئة لها، مما يتطلب الاستمرار في المهمة والمسؤولية الثقيلة، التي يقوم بها علماء الدين لتصحيح المفاهيم الخاطئة وتصويبها، لنحمي المجتمع والدولة من مخططات التخريب، وليدرك العالم أجمع سماحة الدين الإسلامي العظيم، الذي يتأسس على الرحمة والتسامح، والتعايش السلمي بين الناس، بين الناس جميعًا.

مما لا شك فيه، أن بناء الوعي الرشيد يتطلب تضافر كافة المؤسسات الدينية والتربوية والثقافية والإعلامية، للإسهام في بناء الشخصية القوية السوية، والقادرة على مواجهة التحديات، والتمييز بين الحق والباطل، وبين الوعي السديد والوعي الزائف، وبين الحقائق والشائعات.

وإنني إذ أقدر الدور الذي تقوم به مؤسسات الدولة الدينية في نشر الفكر المستنير، وتصحيح المفاهيم الخاطئة، يؤكد إننا في حاجة إلى مضاعفة الجهد المبذول من جميع مؤسسات ومنظومة بناء الوعي، للوصول إلى جميع شرائح المجتمع في هذه المرحلة الفارقة من تاريخ أمتنا ومنطقتنا والعالم من حولنا، وأن الدولة لن تألو جهدا في دعم الأئمة، وفي توفير المناخ المناسب لأدائهم للدور المرجو منهم في المرحلة الحالية من تاريخ مصر، لدعم الخطاب الديني الوسطي المستنير.

الحضور الكريم،

لقد وهبنا الله سبحانه وتعالى نعمة العقل التي ميز بها الإنسان، وشرفه على سائر مخلوقاته، ودعانا من خلال تلك النعمة العظيمة، إلى البحث والتدبر في ملكوت السموات والأرض، وما يحتويه من دقة في الصنع، وإبداع في الخلق، وإحكام في النظام، وفرض علينا أن نصون هذه النعمة المميزة، والمنحة الفريدة، ونهانا عن أن نسيئ إليها بخرافات وأوهام، أو أن نتبع أفكارًا هدامة بتعصب أعمي، أعمى، أو بانصياع يسلب الإرادة والقدرة على التفكير والإبداع والعمل والإنتاج.

كما أن رسالة الإسلام التي تلقيناها من الرسول الكريم، جاءت انتصارا للحرية، حرية الإيمان، والاختيار، والاعتقاد، وحرية الفكر. إلا أن تلك الحريات لم تأت مطلقة، لم تأت مطلقة، حتى لا تحولها أهواء النفس البشرية إلى فوضى، تبيح التخريب والتدمير، كما أن تلك الحريات ينبغي أن تقف عند حدود حريات الآخرين؛ تحترم الجميع ولا تخرج عن المنظومة المحكمة التي خلق الله الكون في إطارها، فما قد يعتبر قيدا على الحريات، إنما يصون بالمقابل الحقوق في مواجهة الآخرين، وإن تبرير التطرف تحت ستار الدين هو أبعد ما يكون عن الدين، بل إنه محرم ومجرم، ولا يتعدى كونه أداة لتحقيق مصالح ضيقة ومآرب شخصية.

ودعونا نتفق على أن هذا التطرف لا يمكن قصره على دين بعينه، ففي جميع الديانات، وبكل أسف، يوجد لامتطرفون الذين يسعون لإذكاء روح الفتن، وإشعال نار الغضب والكراهية. وهي الأفكار التي لا تثمر إلا عن تغذية خطاب التناحر، والحض على التباعد والفرقة، حتى أن سيرة النبي العطرة لم تسلم من ذلك التطرف.

وأؤكد للجميع، أن مكانة سيد الخلق النبي، العظيم، محمد صلى الله عليه وسلم، في قلوب ووجدان المسلمين في كل أنحاء العالم، لا يمكن أن يمسها قول أو فعل، كما أؤكد الرفض القاطع لأي أعمال عنف أو إرهاب تصدر من أي طرف تحت شعار الدفاع عن الدين أو الرموز الدينية المقدسة؛ فجوهر الدين هو التسامح، ولنستلهم معًا في هذا الإطار الدروس والعبر من سيرة نبينا صلى الله عليه وسلم، الذي أرسله ربه عز وجل، ليتمم مكارم الأخلاق، فرسخ عليه الصلاة والسلام أسس التعايش وقبول الآخر والإيمان بالتنوع، فلا إكراه في الدين.

وختامًا، فلنجعل من ذكرى مولده صلى الله عليه وسلم، نبراسًا يضيء لنا الطريق، لنعمر ونحقق المفهوم الحقيقي للرحمة في مواجهة جماعات القتل والتخريب، ولنجعل من وطننا صورة مشرفة، مشرقة، ولنجعل من وطننا صورة مشرقة لفهم وتطبيق صحيح الدين، وتحقيق مقاصد الشرع الحنيف؛ حتى نبعث برسالة من مصر، مهد التاريخ والحضارة، مهد التاريخ والحضارة الإنسانية تؤكد سماحة الأديان، وتجعلها سبيلا لسلام العالم، وتراحم البشرية بأكملها.

أشكركم، وكل عام وأنتم بخير (تصفيق) ومصرنا الغالية في تقدم ورفعة وتقدم.

الحقيقة، ده الخطاب المكتوب... (تصفيق)

بسم الله الرحمن الرحيم،

شوفو... في كلام كتير، وفي نقاش كتير، وفي لغط كتير. وإحنا، كمسلمين، من كمال إيمانا، إن إحنا نؤمن بكافة الديانات الأخرى؛ لا يستطيع مسلم كائن من كان، أن يقول إنه كامل الإيمان، إلا إذا أقرَّ واعترف من صميم قلبه بالرسل جميعًا، كل الرسل. يعني، دي قضية، أنا بقولها دلوقتي، وأتصور إن كل الناس في مصر، ويمكن آخرين يسمعوها، إن إحنا دي من.. من الحقائق اللي موجودة في دينا، إن إحنا نؤمن بالكل، ونحترم الكل، كل الرسل، ونوقرهم كلهم. طب ليه كده؟ لأنهم المختارون من قبل الله، فإذا اختار الله رسل، إحنا ننحني لهذا الاختيار، ونحترمه، ونحبه، ونقبله، ونؤمن به.

النقطة التانية، إن الإساءة للأنبياء والرسل هو استهانة بقيم دينية رفيعة، الاستهانة بقيم دينية رفيعة، يعتقد فيها الكثير من الناس. من لا يعتقد، فهذا شأنه، من لا يؤمن، فهذا شأنه، ولكن جرح مشاعر الملايين، حتى لو كان الصورة المقدمة هي صورة التطرف، يا ترى في المليار ونص ولا أكتر من المسلمين، تفتكروا كام في المية منهم متطرفين؟ 1%؟ ال1% من ال1500، 15 مليون، تستطيعوا أن تتصوروا لو في 15 مليون إرهابي في العالم بالأفكار ديت، يعملوا فيه إيه؟ العدد مش كدة خالص، وبالتالي لا يمكن أبدًا نتصور إنه يُحَمَّل المسلمين بأوزار ومفاسد وشرور فئة قليلة انحرفت.

أنا بقول الكلام دوت، وأرجو أن يصل لكل من يهتم بالوعي والفهم، وكمان من يهتم بحقوق الناس. نحن أيضًا لنا حقوق. لنا حقوق في أن لا يُجرح، ألا تُجرح شعورنا، ولا تؤذى قيمنا. إحنا من حقنا كدة. وأتصور زي ما أنا قلت في الكلمة، إن إذا كان من حق الناس إنها تعبر عن ما يجول في خواطرها، فأتصور إن هذا الأمر يتوقف، يقف، عندما يصل الأمر إنك تجرح مشاعر أكتر من مليار ونص، أكتر من مليار ونص. (تصفيق)

الحقيقة، الأمر بيتطلب منا جميعًا إن إحنا نتوقف، ونتدبر الأمور اللي إحنا بنتكلم فيها ديت. أنا لا أوجه أي كلمة إساءة أو، يعني، لأحد. لكن بقول إن الأمر يتطلب مراجعة مع النفس لينا كلنا. أنا مش بتكلم على مصر بس، أنا بتكلم على مصر وعالدنيا كلها. من فضلكم، يعني، كفى إيذاءً لنا، كفى إيذاءً لنا.

على الجانب الآخر، عايز أقول للناس، كل المسلمين، لو كان ليا إن هم أقولهم كلمة يسمعوها... إذا كنت بتحب النبي محمد صلى الله عليه وسلم صحيح، فتأدب بأدبه (تصفيق) وتخلق بخلقه. عايز، بتحب النبي صحيح؟ طب أنا قلت الكلام ده قبل كدة في محفل احتفالي زي ده، يا ترى إنت متقن لعملك؟ يا ترى إنت صادق في كلمتك؟ يا ترى إنت بتحترم الناس وبتحافظ على حقوقهم؟ لو إنت عايش في مجتمع، بغض النظر عن إن المجتمع ده إنت في، حجمك كعدد يعني، قد إيه، يا ترى الكلام ده إحنا عملناه في مصر؟ لما احترمنا إخوانا وأشقاءنا اللي موجودين معانا في وطنا، وبنسعى إلى مزيد من الاحترام ليهم.

إحنا لما عملنا ده، كان الهدف منه حاجة واحدة بس: إن إحنا نأكدلهم إن إحنا مساحة الاحترام والتقدير والمحبة للآخرين، لكل الآخرين، حتى الناس اللي هي لو قلنا إن في معتقدات أخرى، احترمنا ده، مش قبلناه، ده إحنا احترمناه، قبلناه واحترمناه، لأن دي سنن من، سنة من سنن ربنا سبحانه وتعالى في الوجود؛ لن تجتمع الناس على دين واحد، لن.

فاللي أنا عايز أقوله للناس اللي في مصر واللي برة مصر، إن عشت في مجتمع، فاحترم قيمه ومبادئه. وزي ما قلت مرة قبل كدة، ويمكن كتير يلوم عليا، يقول يعني: طب وإذا كان الآخرين لا يحترمون قيمك ومبادئك؟ يعني أتصور إن دايمًا المروءة، والخُلق الحسن، في النهاية له السيادة، له السيادة، إذا كنتوا تؤمنوا بالله سبحانه وتعالى.

(تصفيق)

الحقيقة أنا هاختم كلمتي وأقول: إني أعتقد، ولا أظنني خاطئًا، عندما أرى أن الاستعلاء بممارسة قيم الحرية، إلا درب من دروب التطرف، عندما تمس هذه الممارسة حقوق الآخرين. شكرًا جزيلًا.

(تصفيق)


ألقيت الكلمة خلال احتفالية وزارة الأوقاف بذكرى المولد النبوي الشريف، وذلك بمركز المنارة بالتجمع الخامس، وبحضور الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر.


خدمة الخطابات الكاملة للسيسي تجدونها في هذا الرابط.