إلغاء "حياد الإنترنت".. مِعْوَلُ ترامب يواصل هدم قوانين أوباما

منشور الأربعاء 20 ديسمبر 2017

"سيحمي قرار لجنة الاتصالات الفدرالية، الابتكار وخلق فرص متكافئة للجيل القادم من رواد الأعمال، ولن يكون ذلك ممكنًا بدون الأمريكيين أنفسهم. أكثر من 4 ملايين شخص كتبوا إلى لجنة الاتصالات الفدرالية، بأغلبية ساحقة من أجل دعم الاستخدام المتكافئ والمجاني للإنترنت". 

بهذه الكلمات احتفى الرئيس الأمريكي السابق باراك باراك أوباما بإقرار لجنة الاتصالات الفدرالية قانون "حيادية الإنترنت" في  26 فبراير/شباط 2015.

ولكن لم تكد تمر سنتان على تمرير القانون والاحتفاء به، إلا وبات موضع تهديد، مع تنصيب رجل الأعمال دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة في يناير/كانون الثاني عام 2017، إذ أسند الرئيس الجديد في 23 يناير -عقب تنصيبه بثلاثة أيام - مهام عمل لجنة الاتصالات الفيدرالية إلى الجمهوري أجيت باي خلفًا للديمقراطي توم وهيلر، لينهي ترامب ما اعتبره كثير من الديمقراطيين إنهاءً لحقبتهم في تولي مناصب لجنة الاتصالات الفدرالية - FCC - والتي امتدت قرابة تسع سنوات متصلة. 

ومع مرور شهر على توليه المنصب، تقدم أجيت بمشروع قانون لإلغاء "حيادية الإنترنت" وهو الأمر الذي صوتت عليه اللجنة، الخميس الماضي، لتنهي أي ضمانة لمنح فرص متكافئة من مقدمي خدمات الإنترنت للشركات العملاقة جنبًا إلى جنب مع الشركات الناشئة.

ولكن ما هي حيادية الإنترنت؟

جوهر مفهوم "Net Neutrality" يكمن في معالجة جميع المحتوى على شبكة الإنترنت على قدم المساواة. بمعنى أن شركات الإنترنت العملاقة مثل "نيتفليكس" و"أمازون" لن يحصلوا على معاملة تفضيلية من قبل مزودي خدمات الإنترنت في الولايات المتحدة، فالجميع لديهم فرص متساوية ومتكافئة في عالم الإنترنت سواء كانت شركات صغيرة أم كبيرة.

يغل قانون "حيادية الإنترنت" يد مقدمي خدمات الإنترنت في حجب أو إبطاء محتوى أي موقع بعينه، أو إنشاء ما يسمى بـ"الممرات السريعة -Fast Lane " للشركات الراغبة في دفع أموال إضافية من أجل تقديم محتواها وخدماتها بشكل أسرع وأكبر للمستخدمين.

كما يمنع القانون التمييز في أسعار استخدام الإنترنت بحسب الموقع الذي يتصفحه مستخدم خدمة الإنترنت. 

أوباما.. حقبة الدفاع عن الإنترنت المجاني

"لا يمكننا أن نسمح لمقدمي خدمات الإنترنت بتقييد الوصول الأفضل أو اختيار الفائزين والخاسرين في عالم الأفكار والخدمات عبر الإنترنت " بهذه الكلمات كان باراك أوبام يدفع لإصدار قانون يحافظ على حيادية الشبكة والحفاظ على الفرص المتساوية لجميع مستخدمي الإنترنت قبل صياغة القانون نفسه في فترة رئاسته، وهو الأمر الذي تحقق فعليًا بعد أن تلقت لجنة الاتصالات الفيدرالية الأمريكية - FCC - نحو أربعة مليون توقيع على عريضة لتغيير الإنترنت إلى خدمة اتصالات عامة باعتباره مرفقًا عامًا.

أجيت باي.. هادم قوانين أوباما

"لا ينبغي على الإنترنت أن يُحكم كشركات المياة والكهرباء، أو نظام مترو اﻷنفاق. بل ينبغي أن يكون حرًا في الابتكار. وهذا ما سنفعله للمضي قدمًا ". بهذه الكلمات غردت المسؤولة الإعلامية للجنة الاتصالات الفدرالية على تويتر تصريحات سباقة أدلى بها رئيس اللجنة قبل إقرار "قانون باي". وأعجب باي بالتغريدة التي تتضمن تصريحًا أدلى به يلخص بشكل كبير مشروع إلغاء مبدأ حياد الإنترنت الذي أٌقر في فترة أوباما، فأعاد نشرها عبر حسابه.

 

 

 

أجيت باي

 

هذا الأمر أصبح ساري المفعول يوم الخميس الماضي، بتصويت اللجنة على إلغاء هذه القواعد التي أعادت تعريف مزودي خدمات الإنترنت والتي كانت تُصنف في حقبة أوباما باعتبارها إحدى شركات المرافق العامة. أجيت باي الذي يحظى بدعم من ترامب إلى حد تزكيته لتولي رئاسة لجنة الاتصالات الفيدرالية لخمس سنين أخرى بعد أن حقق مُراده بإلغاء قواعد الإنترنت المفتوح بالموافقة على مشروع قراره، إذ يعتبرها  "تضر بالوظائف والاستثمار".  إلغاء أمر أو معايير حيادية الإنترنت سيجعل مستخدمي الإنترنت يختارون من ضمن الباقات والخدمات، فمثلًا سيكون هناك اشتراك مخصص لكل خدمة مقدمة علي الإنترنت، الباقات المخصصة للبريد الإلكتروني تختلف عن تلك المخصصة لمنصات التواصل الاجتماعي. 

 

كان هذا فحوى ما صرح به باي قبل التصويت رسميًا قائلًا "وفقًا لاقتراحي، ستُوقف الحكومة الفيدرالية الإدارة الدقيقة للإنترنت" وأضاف أن "لجنة الاتصالات الفدرالية ستطلب بشكل مبسط من مزودي خدمات الإنترنت تطبيق الشفافية حيال ممارساتهم، بحيث يُمكن للمستهلكين شراء خطة الخدمة الأفضل بالنسبة لهم".

يعني ذلك دفع اشتراك شهري طبقًا لباقات بإمكان مزودي خدمات الإنترنت تخصيصها على سبيل المثال "باقة السوشيال" والتي تضمن للمستخدمين تصفح منصات التواصل الاجتماعي فقط ربما تكون بسعر محدد، وبإمكان الدفع مبلغ أكبر من المال للتمتع بخدمات أخرى على شبكة الإنترنت، وهو اﻷمر الذي يثير تخوفات المدافعين عن حرية الإنترنت، من فتح منفذ لمزودي خدمات الإنترنت في الولايات المتحدة من تطبيق سياسات الاحتكار. 

بدء معركة للعودة إلى حقبة "إنترنت أوباما"

فور تصويت لجنة الاتصالات الفدرالية، واعتماد اقتراحات أجيت باي - فتى ترامب في قطاع التكنولوجيا والاتصالات - بدأت العديد من الشركات الكبري في وداي السيليكون تعلن رفضها القاطع لإلغاء بنود "حيادية الإنترنت" من قبل لجنة الاتصالات الفدرالية الخميس الماضي. إذ أبدت شركة "نتفليكس"  شعورها بخيبة الأمل ووصفت ما حدث بأنه "بداية لمعركة قانونية طويلة" بعد قرار لجنة الاتصالات "المضلل". 

 على نفس المنوال جاءت ردود الفعل من كبرى الشركات، مايكروسوفت، وفيسوك، وريددت، وأمازون، قرروا الطعن قانونيًا على تصويت لجنة الاتصالات الفدرالية، فيما دعى تحالف ديمقراطي على تويتر إلى جمع توقيعات والاستمرار في الضغط لحث الكونجرس على إعادة العمل ببنود "حيادية الإنترنت" كما في السابق.   

الإلغاء المتتالي لقوانين وقرارات صادرة في حقبة أوباما، بدءًا بقانون الرعاية الصحية - أوباما كير - انتهاءً بقانون حيادية الإنترنت، حدا بمراقبين وصف سياسات ترامب الداخلية بأنها "معاول لهدم حقبة أوباما"، منذ أن أصبح رجل الأعمال المثير للجدل سيدًا للبيت الأبيض.