الهلال الأحمر المصري فرع شمال سيناء، فيسبوك
استقبال الجرحى الفلسطينيين في معبر رفح فبراير 2024

ما هي السيناريوهات المصرية للتعامل مع الاجتياح الإسرائيلي لرفح؟

محمد الخولي
منشور الثلاثاء 2 أبريل 2024

يزداد الوضع على الحدود المصرية الفلسطينية تعقيدًا مع إصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المضي قدمًا نحو تنفيذ عملية اجتياح واسعة لمدينة رفح، جنوب غزة، التي تكتظ بالسكان بعد نزوح نحو مليون و250 ألف شخص إليها منذ بداية الحرب على القطاع، ليجتمع نحو مليون ونصف المليون شخص في مساحة لا تتجاوز 63 كيلومترًا مربعًا، وفقًا لتقديرات الأمم المتحدة.

ورغم ما يبدو من إجماع دولي وإقليمي وعربي على رفض الاجتياح أعلن نتنياهو، أول أمس، خلال مؤتمر صحفي، المصادقة على خطة لدخول المدينة "من أجل القضاء على حماس"، ليبرز السؤال حول السيناريوهات المصرية المتوقعة للتعامل مع الاجتياح، خاصة مع القلق الأممي من الأزمة الإنسانية في غزة عمومًا ورفح خصوصًا.

وقال نتيناهو في المؤتمر إنه "لا انتصار على حماس دون دخول قواتنا إلى رفح"، مضيفًا "سندخلها بكل تأكيد وسنتغلب على كل الضغوط وسندخل رفح رغم معارضة الرئيس الأمريكي جو بايدن".

موعد العملية

يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس أيمن الرقب، في حديث مع المنصة، أن الاجتياح قادم لا محالة، وأن التنفيذ مسألة وقت، معتبرًا أن الاختلاف الأمريكي الإسرائيلي ليس على عملية الاجتياح وإنما على طريقته، بينما يشير مساعد وزير الخارجية الأسبق رخا أحمد حسن، في حديث مع المنصة إلى أن نتنياهو يمر بحالة "صعبة" على المستوى السياسي؛ لديه خلافات مع الإدارة الأمريكية ومجلس الحرب الإسرائيلي، والمعارضة، و"يتعامل بعناد ويدلي بتصريحات لا يوجد اتفاق حكومي عليها".

وعقد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان، اجتماعًا عن بعد أمس، مع قيادات إسرائيلية، استمر ساعتين، نوقش خلاله الهجوم الإسرائيلي المحتمل على مدينة رفح في قطاع غزة، وعبرت فيه واشنطن عن مخاوفها من العملية، ووعدتها تل أبيب بأخذها في الاعتبار، وفق بيان صدر عن البيت الأبيض عقب الاجتماع.

ويشير رخا، وهو أيضًا عضو الجمعية المصرية للأمم المتحدة، إلى أن تصريحات نتنياهو تأتي في إطار الضغط على حماس، متوقعًا تأجيل الاجتياح لأربعة أشهر يتم خلالها إقرار وقف إطلاق النار بين الجانبين.

وترفض الإدارة الأمريكية والعديد من الدول الأوروبية عملية اجتياح رفح وتحذر من تبعاتها، ولذلك يعتقد رخا أن "أمام هذه الحالة سيتم اللجوء إلى خطة بديلة".

وأشار مساعد وزير الخارجية الأسبق إلى أن المتداول إعلاميًا بعد زيارة وزير الدفاع الإسرائيلي إلى الولايات المتحدة الأمريكية، الأسبوع الماضي، هو أن يتم تأجيل العملية البرية في رفح لنحو أربعة أشهر، وألا يكون اجتياحًا بريًا شاملًا كما حدث في شمال ووسط القطاع، وإنما يكون لمناطق مختارة يتم تحديدها وفق معلومات استخباراتية إسرائيلية. 

وتوقع رخا أن تحصل إسرائيل على مزيد من المكاسب من الجانب الأمريكي لتأجيل الاجتياح، وبالتالي "سيكون هناك إغراء أمريكي لإسرائيل بمنحه الكثير من الأسلحة"، لكن مع هذا التحليل لا يستبعد رخا أن يقدم نتنياهو على العملية "فقط من باب العناد".

سيناريوهات مصر

الدبلوماسية

اتفق الخبيران في حديثهما مع المنصة على أن الدبلوماسية المصرية مارست ضغوطًا كثيرةً لوقف العملية، "لكنها في النهاية لا تملك قرار وقف الحرب"، بحسب أيمن الرقب، لافتًا إلى أن الدبلوماسية المصرية عبرت عن رفضها للحرب في غزة بشكل عام، وكذلك حذرت من الاجتياح المتوقع لمدينة رفح.

وأشار الرقب إلى أن مصر استغلت علاقاتها الدولية والأممية لشرح وتوضيح ما قد تسببه هذه العملية العسكرية من أزمة إنسانية كبيرة، بالإضافة إلى الضحايا المتوقع قتلهم جراء استخدام الأسلحة الثقيلة في مساحة صغيرة من الأرض عليها مئات الآلاف من البشر، مضيفًا "لكن مصر ليست لديها قدرة على تغيير سيناريو الاجتياح الذي أكدته إسرائيل".

وأضاف الرقب أن إسرائيل لا تريد مزيدًا من توتر العلاقات مع مصر، وبالتالي ستقوم بإجلاء الفلسطينيين من رفح إما إلى معسكرات للاجئين سيتم تجهيزها على بحر غزة، أو الشمال الغربي للقطاع، وهو ما يمنع اندفاع آلاف الفلسطينيين نحو الحدود المصرية.

ومن جانبه، أكد السفير رخا أن سيناريوهات التعامل المصري مع اجتياح رفح جميعها تنطلق من "رفض العملية"، قائلًا إن مصر أعلنت ذلك بوضوح في تصريحاتها الرسمية، عبر وزارة الخارجية، وحذرت عشرات المرات من الاجتياح لما سينتج عنه من مأساة إنسانية.

وأشار رخا إلى أن المناقشات الإسرائيلية الأمريكية تؤكد على ضرورة أن تسمح إسرائيل بعودة النازحين إلى شمال القطاع ووسطه، وإدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع، قبل البدء في أي عملية عسكرية في رفح، وهو أمر لو حدث سيكون مفتاحًا للوصول إلى اتفاق وقف إطلاق النار بين المقاومة وإسرائيل، "لأن المقاومة تطالب بعودة النازحين إلى ديارهم وإدخال المساعدات".

لن نقتلهم

وتخشى الدولة المصرية من اقتحام النازحين في رفح الحدود المصرية حال بدء العملية العسكرية الإسرائيلية قبل عودة النازحين إلى مناطقهم في شمال ووسط القطاع، وجدد وزير الخارجية المصري سامح شكري، في تصريح الأسبوع الماضي، "رفض مصر التام لمحاولات تهجير الشعب الفلسطيني خارج أراضيه، لما في ذلك من مخالفة جسيمة لقواعد وأحكام القانون الدولي ومحاولة يائسة لتصفية القضية الفلسطينية".

ورغم ذلك أكدت مصر  أنه "إذا اقتضت الضرورة ذلك فسنتعامل بالإنسانية اللازمة"، وفقًا لتصريح سابق للوزير ردًا عن تجهيز أماكن في سيناء للنازحين من غزة.

ويرى السفير رخا أن الإدارة المصرية لديها سيناريوهات لكل الاحتمالات المتوقعة، سواء بالاجتياح قبل السماح بعودة النازحين، أو الاجتياح بعده، وكذلك لديها سيناريوهات حال اقتحام الفلسطينيين للحدود، مضيفًا "الأكيد أن السلطات المصرية لن تطلق الرصاص على الفلسطينيين إذا عبروا الحدود (..) مش معقول يجي يهرب عندي أقتله".

واتفق معه فيه أستاذ العلوم السياسية الفلسطيني أيمن الرقب، لافتًا إلى أن الدولة المصرية لديها الحق في الدفاع عن حدودها وتأمينها، وفي نفس الوقت لديها التزام أخلاقي وعروبي تجاه الشعب الفلسطيني، وبالتالي "في أسوأ الاحتمالات وحال اقتحام النازحين الحدود جراء القصف ستتعامل معهم مصر بالتزامها الأخلاقي والعروبي".