صفحة وكالة الأنباء القطرية - إكس.
أمير قطر خلال مشاركته في افتتاح قمة القاهرة للسلام.

بعد حديث الدوحة عن "تقييم دورها كوسيط".. هل تخرج حماس من قطر؟

أحمد محمد
منشور الأحد 21 أبريل 2024

استبعد خبيران، أحدهما سياسي والآخر دبلوماسي، خروج حركة حماس من قطر، رغم إعلان الأخيرة الأربعاء الماضي إعادة تقييم دورها في الوساطة من أجل تحقيق هدنة في غزة، تبعها زيارة من رئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية إلى تركيا، وسط توقعات أن تكون أنقرة بديلًا عن الدوحة، سواء في الوساطة أو استضافة الحركة، وهو ما عده الخبيران "أمرًا غير وارد".

وأكد مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير حسين هريدي، لـ المنصة أن "حماس لن تخرج من قطر وستظل باقية هناك"، مفسرًا ذلك بأن "وجود الحركة في الدوحة مستمر بموافقة ضمنية من إسرائيل وأمريكا، لأن القناة القطرية في التواصل بين أطراف الأزمة، لا غنى عنها".

واتفق أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس أيمن الرقب مع هريدي، قائلًا إن "حماس لن تنتقل من قطر إلى أي دولة أخرى، ليس بسبب دور الدوحة في المفاوضات بين الحركة وإسرائيل فحسب، ولكن لأن تل أبيب لا يمكنها استهداف قادة حماس في قطر".

ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، أمس السبت، عن مصادر وصفتها بـ"الدبلوماسية"، قولها إن حماس تواصلت مع دولتين على الأقل في المنطقة بشأن انتقال قادتها السياسيين إليهما، نتيجة ممارسة وسطاء من مصر وقطر ضغوطًا على الحركة لتخفيف شروط التفاوض مع إسرائيل.

وقال هريدي إن "قطر لا تزال دولة استثنائية في الإقليم، تمتلك علاقات متوازنة بين أمريكا وإسرائيل وحماس، وهذا له أهمية قصوى بالنسبة للقضية الفلسطينية، من وجهة نظر واشنطن والحركة على وجه الخصوص، وبدون وجود دولة لها علاقات وشبكة اتصال مع الأطراف الثلاثة، ستكون هناك مشكلة".

وعقّب "تلويح قطر بتقييم دورها في الوساطة بين إسرائيل وحماس مجرد تهديد لن يحدث على الأرض، لكنه جاء عقب تعرض الدوحة لانتقادات من سياسيين في تل أبيب وواشنطن، وهؤلاء بعيدون عن دائرة صناعة القرار في الدولتين، أي أن النقد الموجه لقطر بعيد عن مركز الحكم في البلدين".

وكان السيناتور الأمريكي تيد باد تقدم بمشروع قرار في أبريل/نيسان الجاري يدعو إلى مراجعة تصنيف قطر كحليف رئيسي لأمريكا من خارج الناتو، بسبب علاقتها بحماس، ما أسفر عن رد السفارة القطرية ببيان في 9 من الشهر نفسه تنتقد فيه هذا التوجه، ولم يكن هذا البيان أو تلك الانتقادات الأولى من نوعها. 

ففي نوفمبر /تشرين الثاني الماضي، قالت السفارة القطرية إن "المكتب السياسي لحماس في قطر افتتح بناء على طلب أمريكي لإنشاء خطوط اتصال غير مباشرة مع حماس"، وذلك ردًا على تصريحات لعضو لجنة الاستخبارات الأمريكية، والتز بريس، انتقد فيها الدعم القطري لحماس.

وقال رئيس الوزراء القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، الأربعاء الماضي، في إطار حديثه عن إعادة تقييم دور الوساطة، "من غير المقبول أن يقال لنا شيء في الغرف المغلقة وخارجها يتم إطلاق تصريحات هدامة لا تسهم بشكل إيجابي، ونحن ملتزمون بدورنا من هذا المنطلق الإنساني، إلا أن هناك حدودًا لهذا الدور، وحدودًا للقدرة التي نستطيع أن نسهم فيها في هذه المفاوضات بشكل بناء.. ودولة قطر ستتخذ القرار المناسب في الوقت المناسب حيال ذلك".

ورأى أيمن الرقب أن "حديث المسؤول القطري موجه إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو والساسة المتطرفين في حكومته، ويحمل تهديدًا صريحًا لهم، بأن استمرار توجيه اتهامات وانتقادات للدوحة سيواجه بالانسحاب من المفاوضات"، معقبًا "لكن هذا لن يحدث، ولن تخرج حماس من قطر، لأنها ترغب بشتى السبل أن تظل طرفًا أصيلًا في المفاوضات، بما يمنحها دورًا إقليميًا ودوليًا في قضية مثارة عالميًا".

ميزة لقطر

وعقب الرقب "المال لا يصنع النفوذ والحضور لأي دولة، لذلك تدرك قطر تمامًا أن انسحابها من المفاوضات، والكف عن استضافتها قادة حماس، سوف يخرجها من المعادلة، ويقطع جزءًا أصيلًا من تواصلها المستمر مع الولايات المتحدة وقوى دولية أخرى".

واتفق هريدي والرقب على أن بقاء حماس في قطر يضمن تمامًا أمن وسلامة قادتها من الاستهداف الإسرائيلي، بعكس أي دولة أخرى يمكن أن ينتقلوا إليها، وأضاف الرقب "أمريكا نفسها تدرك ذلك وتخشى من تهور جيش الاحتلال في تصفية بعض الرموز الكبرى داخل الحركة، لذلك تتمسك واشنطن ببقائهم في الدوحة".

تركيا ليست وجهة

وحول إمكانية الانتقال إلى تركيا، قال الرقب "النظام التركي نفسه سبق واستجاب لضغوطات أمريكية وطلب من صالح العاروري عضو المكتب السياسي لحماس مغادرة البلاد، والرئيس التركي لا يريد أن يخسر التقارب مع دول حلف الناتو ويجد نفسه متهمًا بدعم حماس، ثم أن إسطنبول نفسها لن تقوم بدور الوساطة الذي تفعله قطر نظرًا لخلافها مع حكومة نتنياهو".

واغتالت مسيرة إسرائيلية، في 2 يناير/كانون الثاني الماضي، نائب رئيس حركة حماس صالح العاروري في لبنان، إثر هجوم صاروخي استهدف مكتبًا للحركة جنوب البلاد، وذلك في اليوم الـ88 للعدوان على قطاع غزة. ووصفت حركة حماس العملية بـ"الإرهابية"، في وقت توعد حزب الله اللبناني بأن "الجريمة لن تمر دون رد".

والعاروري أحد مؤسسي كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، اعتقلته إسرائيل عام 1992 وقضى أكثر من 15 سنة في السجن. وأعيد اعتقاله عام 2007 حتى عام 2010 عندما قرّرت المحكمة العليا الإسرائيلية الإفراج عنه وإبعاده خارج الأراضي الفلسطينية. ورُحل آنذاك إلى سوريا واستقر فيها ثلاث سنوات قبل أن يغادرها ليستقر في لبنان. وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2017 انتُخِب لرئاسة المكتب السياسي لحركة حماس.

ومن وجهة نظر هريدي، فإن "بقاء قادة حماس في قطر، رغم تلويحها بإعادة التقييم، أمر لا مفر منه، على الأقل أمنيًا. فإسرائيل لن تستهدفهم في الدوحة، لكن قد يحدث ذلك في دولة أخرى".

والتفسير الأخير الذي طرحه الرقب بشأن بقاء حماس في قطر، أن "الدوحة ربما تكون الدولة الوحيدة التي تمتلك أوراق ضغط على الحركة، ويكفي المساعدات المالية التي كانت ولا تزال تتحصل عليها، وهي البنك المركزي بالنسبة لحماس، وهذه ميزة مادية لا ترغب الحركة في خسارتها، وميزة سياسية لقطر في أن تظل حاضرة في المشهد الذي يُعاد تشكيله بشأن مستقبل القضية الفلسطينية".

ويقيم قادة حماس في قطر منذ افتتاح مكتبها السياسي هناك عام 2012، ومنذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في أعقاب عملية طوفان الأقصى 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تلعب قطر مع مصر والولايات المتحدة دور الوسيط لإبرام اتفاق هدنة بين حماس وإسرائيل، لكن لم تسفر المباحثات حتى الآن عن أي تقدم.