
"بدلًا من إخلاء سبيلهم وتعويضهم".. 10 منظمات حقوقية تدين إحالة المئات لمحاكم الإرهاب
أدانت 10 منظمات حقوقية، أمس، قرارات نيابة أمن الدولة العليا مؤخرًا، بإحالة مئات المواطنين المحتجزين منذ فترات طويلة، تجاوز بعضها 6 سنوات، إلى محاكم الإرهاب، بدلًا من الإفراج الفوري عنهم، واصفةً ذلك الإجراء بـ"محاولة لطمس الانتهاكات الخطيرة التي شابت التحقيقات معهم واحتجازهم التعسفي المطول في قضايا ذات طابع سياسي".
وكشفت المنصة منتصف الشهر الحالي عن أزمة كبيرة يواجهها المحامون العاملون بالقضايا التي تتولى نيابة أمن الدولة العليا التحقيق فيه، على خلفية إحالة النيابة نحو 100 قضية جديدة تضم آلاف المتهمين إلى المحاكمة أمام دائرتين فقط بمحكمة استئناف القاهرة مخصصتين لنظر قضايا الإرهاب، ما ينذر بتراكم القضايا لسنوات ودخول المتهمين في "دوامة حبس مطوّل"، حسب تصريحات ثلاثة من هؤلاء المحامين.
وبخصوص تلك القضايا التي قررت نيابة أمن الدولة العليا إحالة المتهمين فيها للمحاكمة خلال الربع الأخير من العام الماضي، قالت المنظمات الموقعة على البيان إنها تضم عددًا من المعارضين السياسيين، والصحفيين، والمحامين، والمدافعين عن حقوق الإنسان.
وأكدت المنظمات، في بيان لها، أن ذلك العدد من القضايا يفوق إجمالي القضايا التي أحالتها النيابة لهذه المحاكم خلال العقد الماضي كله تقريبًا (2013-2023) "على نحو يخالف التعليمات القضائية بشأن عدم إحالة القضايا للمحاكمات ما لم تكن مدعومةً بوقائع ثابتة، واتهامات محددة خاصة بكل متهم منفردًا، وغير مبنية فقط على تحريات الأجهزة الأمنية، إذ سبق وأكدت أحكام محكمة النقض على عدم الاعتداد بالتحريات الأمنية كدليل منفرد في الدعاوى القضائية".
ومن بين من ضمتهم تلك القضايا، حسب المنظمات، محامون حقوقيون مثل هدى عبد المنعم وإبراهيم متولي ووليد سليم وأحمد نظير الحلو، كما ضمت المترجمة مروة عرفة ورجال الأعمال محمد ثابت وعصام السويركي والشيخ أنس السلطان، بالإضافة إلى السياسيين المعارضين الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح ومحمد القصاص وجهاد الحداد وأنس البلتاجي، وضمت أيضًا أطباء ومهندسين وموظفين وأساتذة بالمركز القومي للبحوث وآخرين في هيئة الطاقة النووية، وغيرهم.
وحَمَل البيان توقيع منظمات الجبهة المصرية لحقوق الإنسان ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان ومؤسسة سيناء لحقوق الإنسان ومركز النديم وإيجيبت وايد لحقوق الإنسان ومؤسسة دعم القانون والديمقراطية والمنبر المصري لحقوق الإنسان ومؤسسة حرية الفكر والتعبير وجمعية عنخ ومنصة اللاجئين في مصر.
وأكدت تلك المنظمات أن هذه الإحالات تمثل استكمالًا لانتهاكات حقوق المحاكمة العادلة وحقوق المحتجزين، التي لا تكف نيابة أمن الدولة العليا عن ارتكابها، معقبةً "فبعد حبس مطول تخطى 6 سنوات للبعض، في تجاوز فج للحد القانوني المقرر لمدة الحبس الاحتياطي بعامين وفق المادة 143 من قانون الإجراءات الجنائية، وبدلًا من إخلاء سبيل المحتجزين وتعويضهم عن فترة الحبس المطول، تقرر النيابة إحالتهم لمحاكم الإرهاب!".
ونوهت المنظمات بأن بعض الاتهامات التي طلبت نيابة أمن الدولة العليا معاقبة المحالين بناءً عليها تتعلق بجرائم وقعت قبل إصدار قوانين مكافحة الإرهاب وتشكيل محاكم الإرهاب عام 2014 "ناهيك عن قائمة الاتهامات المكررة التي نالت تقريبًا من معظم المحتجزين دون تفرقة، وهي الانضمام لجماعة إرهابية مع العلم بأغراضها، وارتكاب جرائم تمويل الإرهاب، وحيازة مطبوعات وتسجيلات تروج لجماعة إرهابية، والاشتراك في اتفاق جنائي بغرض ارتكاب جرائم إرهابية".
واعتبرت المنظمات أن ذلك الإجراء يمثل حلقة جديدة في سلسلة المراوغة والتلاعب بمصير المعارضين المحتجزين، واستكمالًا لآلية التدوير المتبعة، التي تعتمدها نيابة أمن الدولة لتمديد فترات الحبس الاحتياطي، من خلال الزج بالمتهمين على قضايا جديدة، بخلاف القضية الأساسية المحتجزين بسببها، مستخدمةً الاتهامات نفسها، لضمان بقائهم قيد الاحتجاز أطول فترة ممكنة.
وإزاء ذلك طالبت المنظمات الموقعة على البيان بإطلاق سراح جميع المحتجزين الذين تجاوزوا مدد الحبس القانونية، وتوقف نيابة أمن الدولة العليا على مباشرة التحقيقات في القضايا ذات الطابع السياسي، إلى جانب تفعيل نصوص قانون الإجراءات الجنائية فيما يخص ضم مدد الحبس، ووضع حد لآلية التدوير، وتعويض ضحايا الحبس الاحتياطي المطول وغير القانوني.
وفي حالة بدء المحاكمات، طالبت المنظمات السلطات القضائية بالالتزام التام بضمانات المحاكمة العادلة لكل المتهمين، وضمان حقهم في التمثيل القانوني، والدفاع، والاطلاع على الأوراق، والاستماع لشهادات الضحايا في الانتهاكات التي تعرضوا لها أثناء فترة الاحتجاز السابق للمحاكمة والتحقيق فيها.