وكالة الأنباء السورية سانا
الرئيس السوري أحمد الشرع ووزير الخارجية أسعد الشيباني يزوران تركيا، 4 فبراير 2025

الشرع في تركيا بعد السعودية.. وخبراء: يبحث عن دعم سني لرفع العقوبات وإعمار سوريا

محمد الخولي
منشور الثلاثاء 4 فبراير 2025

وصل الرئيس السوري في الفترة الانتقالية أحمد الشرع، اليوم، إلى تركيا بدعوة من الرئيس رجب طيب إردوغان، بعد يوم واحد من زيارته المملكة العربية السعودية.

وحمل اختيار الشرع للسعودية وتركيا كأول دولتين يزورهما بعد إعلانه رئيسًا للمرحلة الانتقالية في سوريا دلالات عدة بشأن توجهاته السياسية وأهداف الزيارتين، عدها خبراء في حديث لـ المنصة تعبيرًا عن رغبة الشرع في إعادة سوريا إلى محيطها العربي بعد سنوات من العزلة، إضافة إلى محاولة بحث خطط إعادة إعمار البلد الذي عانى كثيرًا بسبب الحرب الأهلية في السنوات الأخيرة.

إعادة الإعمار

"الشرع ينظر إلى المملكة كدولة كبيرة لها ثقلها العربي والإقليمي"، هكذا وصف المحلل السياسي السوري غسان يوسف تحركات الشرع، وقال لـ المنصة إنه "يطمح أن تكون السعودية بوابته إلى دول الخليج لمساعدة سوريا في إعادة الإعمار والاستثمار".

وأشار يوسف إلى أن الشرع قال في وقت سابق إنه ولد في المملكة وعاش فيها طفولته، ولفت أيضًا إلى دور السعودية في تقديم المساعدات الإنسانية إلى البلاد بعد الإطاحة ببشار الأسد، إذ كانت أول دولة عربية تقيم جسرًا جويًا لإرسال مساعدات إلى دمشق. 

رفع العقوبات 

وتابع المحلل السياسي السوري أن الشرع يسعى لإعادة سوريا إلى محيطها العربي، وقال إن "هذا لن يتم دون مساعدة السعودية"، لافتًا إلى أن المملكة يمكن أن تساهم أيضًا في عودة دمشق إلى المحافل الدولية ورفع العقوبات الأمريكية والأوروبية عنها.

ومنذ عام 2005، فرضت عدة جهات دولية سلسلة من العقوبات على سوريا، أبرزها قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1636 في عام 2005، الذي يقضي بحظر السفر الدولي وتجميد الأصول المالية في سوريا.

وأعلنت الولايات المتحدة، في 6 يناير/كانون الثاني الماضي، منح إعفاء إضافي من العقوبات المفروضة على بعض الأنشطة في سوريا، وذلك لفترة تمتد إلى ستة أشهر، بهدف تسهيل الوصول إلى الخدمات الأساسية في البلاد عقب الإطاحة بنظام الأسد.

وشنت هيئة تحرير الشام، جبهة النصرة سابقًا، هجومًا مباغتًا ضد النظام السوري في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، انتهى إلى إسقاطه في غضون 10 أيام بانسحاب الجيش السوري وهروب بشار الأسد إلى روسيا لاجئًا.

البحث عن اعتراف دولي

ومن ناحيته، قال مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير جمال بيومي، لـ المنصة، إن زيارة الشرع إلى السعودية تعتبر "شبه اعتراف" بالسلطة الجديدة، موضحًا بأن هناك عرف دولي بأن "من يسيطر على دولة وتستقر أمورها يتم الاعتراف به".

وأشار بيومي إلى أن الوضع في سوريا لا يزال معقدًا بشدة، فهناك الجيش الإسرائيلي الذي يحتل الجولان، بالإضافة إلى تواجد الجيشين الأمريكي والتركي "فهي دولة يوجد بها على الأقل 3 جيوش أجنبية، بالإضافة إلى الجماعات المسلحة".

ولفت بيومي، الذي عمل سابقًا مستشارًا للأمين العام لجامعة الدول العربية، إلى أن زيارة الشرع إلى السعودية يمكن أن تؤدي إلى اعتراف الدول العربية بالسلطة الجديدة، فحاكم قطر الأمير تميم زار دمشق، والشرع زار السعودية، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي هنأه بالرئاسة.

وتابع بيومي أن الاعتراف بالسلطة الجديدة في سوريا يتوقف على طريقة إدارة الدولة في الفترة المقبلة، "فإذا نجح الشرع في السيطرة على الوضع الداخلي. أعتقد سيتم الاعتراف به من جانب جامعة الدول العربية ويمثلها في الجامعة".

أما عن زيارة الشرع إلى تركيا بعد السعودية، فيرى مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير رخا أحمد حسن في حديث مع المنصة أن الهدف الأول من الزيارتين هو التأكيد على الدعم السني للسلطة الجديدة، لافتًا إلى أن تركيا هي الأب الروحي والراعي للهجوم العسكري الأخير على نظام الأسد، وبالتالي يمكن فهم زيارته لتركيا في هذا السياق.

توازن إقليمي

وأشار رخا إلى أن الشرع يتعرض فيما يبدو لضغوط من أنقرة لإنهاء أزمة الأكراد على الحدود التركية بالشروط التركية، وأن الزيارة تستهدف بالأساس التعرف بشكل شخصي على إردوغان، والحديث معه حول توجهات أنقرة في مسألة الأكراد وغيرها من الملفات.

وتعتبر تركيا أن قوات سوريا الديمقراطية/قسد تمثل الامتداد السوري لحزب العمال الكردستاني (PKK)، الذي تصنفه كمنظمة إرهابية، وتشن حربًا مستمرة عليه منذ أربعة عقود تقريبًا.

وشنت أنقرة هجمات عدة ضد "قسد"، وطالبت الولايات المتحدة وقف دعمها للمقاتلين، ومؤخرًا قال الشرع إن قسد "مستعدة لحصر السلاح بيد الدولة وحدها"، معترفًا بوجود "اختلافات على بعض الجزئيات". وأكد أن الدول الداعمة لقسد متوافقة على وحدة الدولة السورية وضبط السلاح بيدها.

وفي هذا السياق، يشير رخا إلى أنه "من جهة أخرى ترى السعودية أن ترك سوريا للسيطرة التركية الكاملة أمرًا ليس هينًا بالنسبة للدول العربية، وعليه كانت زيارة الشرع إلى المملكة لتحقيق نوع من التوازن في الموقف".

وقال رخا إن الشرع يسعى للحصول على دعم اقتصادي من السعودية وتركيا لإعادة إعمار البلاد، معتبرًا أن الدولتين قد تشكلان سندًا له في المرحلة المقبلة، وأشار إلى أن "الإدارة الجديدة تبدو أكثر اهتمامًا بكسب تأييد الخارج على حساب الداخل، وهو ما يمثل نقطة ضعف"، مشيرًا إلى "وجود مخاوف لدى قطاعات واسعة داخل سوريا، بما في ذلك الدروز والشيعة والليبراليون، من سياسات الحكومة الانتقالية".