نظمت جمعية أنصار المقاومة الإيطالية/ANPI مسيرة لاستقبال السفينة "حنظلة" التي انطلقت الأحد الماضي من ميناء سيراكوزا، في مهمة جديدة تهدف إلى كسر الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة، في وقت أكد رئيس اللجنة الدولية لكسر الحصار زاهر البيراوي أن إسرائيل لا تزال تحتجز السفينة مادلين التي اعترضتها وداهمتها في المياه الدولية الشهر الماضي.
وتنطلق المسيرة من ساحة تيليني لاستقبال "حنظلة" التي تصل جاليبولي بإيطاليا خلال الأيام المقبلة، حيث ستنضم نائبتان من حزب فرنسا الأبية/LFI هما جابرييل كاتالا وإيما فورو إلى الناشطين قبل أن تتابع السفينة طريقها لغزة في الثامن عشر من هذا الشهر.
وأوضح رئيس اللجنة الدولية لكسر الحصار عن غزة لـ المنصة أن عدد النشطاء على متن "حنظلة" يبلغ 18 متضامنًا دوليًا من جنسيات وخلفيات مختلفة "من بينهم عرب وأمريكان ونرويجيين وألمان وغير ذلك من الجنسيات، كما أن بينهم أطباء وقانونيين ونشطاء سياسيين، ونوابًا في البرلمان الأوروبي أيضًا".
وكانت هيئة البث الإسرائيلية أكدت الأحد الماضي أن المؤسسة الأمنية تتابع استعداد مؤيدين للفلسطينيين إرسال سفينة من إيطاليا لكسر حصار غزة.
وأكد أن دولة الاحتلال "تعلم قبل غيرها وبشكل يقيني ومؤكد أن هذه السفن لا تشكل تهديدًا لها، لكنها تحاول تشويه التحركات التضامنية التي تؤثر على سمعة دولة الاحتلال وتكشف وجهها الحقيقي كدولة عنصرية ترتكب جرائم حرب ضد الإنسانية".
وشدد على أن إسرائيل "تحاول إرهاب المجموعات التضامنية حتى يكفوا عن ملاحقتها ومطالبتها بوقف جرائمها ضد الشعب الفلسطيني وفضح جرائمها أمام العالم".
واعتبر البيراوي اعتداء إسرائيل على سفن أسطول الحرية في المياه الدولية "جريمة ومخالفة للقانون الدولي"، وقال "هذا لم يحصل مرة أو مرتين أو ثلاثة بل عدة مرات، ثم اقتياد السفينة واختطافها ومن عليها واعتقالهم وترهيبهم، هذا كله عبارة عن محاولة لتخويف المتضامنين وإرهابهم. ثم أنها تجبرهم أو تجبر بعضهم على التوقيع على تعهدات بأنهم لن يحاولوا دخول دولة الاحتلال".
"نحن لم ندخل أو نحاول كمتضامنين دخول دولة الاحتلال في يوم من الأيام"، قال رئيس اللجنة الدولية لكسر الحصار عن غزة، مؤكدًا "نحن نحاول الوصول إلى قطاع غزة وهو أرض فلسطينية محتلة وفقًا للقانون الدولي، وليس للسلطة الإسرائيلية ولاية عليه".
وفي مايو/أيار الماضي، هاجمت إسرائيل بمسيّرتين سفينة الضمير التابعة أيضًا لأسطول الحرية، التي كانت قرب مالطا مبحرة باتجاه غزة.
والشهر الماضي أعلن تحالف أسطول الحرية اعتراض جيش الاحتلال الإسرائيلي السفينة مادلين، أثناء محاولتها كسر الحصار عن قطاع غزة والتي كانت غادرت صقلية في إيطاليا، في الأول من يونيو/حزيران الماضي، وتم اعتقال وترحيل النشطاء على متنها.
وحسب البيراوي لا تزال السفينة "مادلين" محتجزة في إسرائيل "لكن هناك محاولات لرفع دعوى قضائية على دولة الاحتلال سواء في المحاكم البريطانية أو الإسبانية، من يملك السفينة من المتضامنين، رفعوا قضايا سابقة على دولة الاحتلال وهناك محامين يتابعون هذا الملف".
"نأمل أن يثمر ذلك في استعادة السفينة والتعويض عن احتجازها"، قال البيراوي، مشيرًا إلى سابقة فوزهم بقضية ضد إسرائيل "عندما احتجزت السفينة السويدية استيلا واستطاع الفريق السويدي أن يقاضي دولة الاحتلال، حيث ألزمت محكمة العدل العليا في دولة الاحتلال نفسها من خلال فريق قانوني متضامن معنا هناك، إسرائيل بدفع تعويضات".
ويعتقد البيراوي أن مشاركة النواب والشخصيات الاعتبارية هي واحدة من وسائل حماية "حنظلة" من الاعتداء الإسرائيلي في عرض البحر "نحن نأمل أن تكون الدول التي لها رعايا على متن هذه السفينة قادرة على لجم دولة الاحتلال الإسرائيلي ومنعها من الاعتداء على السفينة وعلى المتضامنين الدوليين"، رغم أن وجود نواب في البرلمان الأوروبي على متن مادلين لم يمنع الاحتلال من مداهمتها.
"نحن نتوقع هذه المرة مزيدًا من التضامن الدولي مع قطاع غزة وزخمًا أكبر في جهود كسر الحصار ونأمل أن تكون السفينة حنظلة دافعًا لكثيرين في العالم للتحرك من أجل محاولة كسر الحصار، بل نأمل أن تشكل حنظلة طليعة طوفان من السفن التي تبحر باتجاه قطاع غزة لإحداث صدى أكبر وتأثيرًا على صانعي القرار في العالم لإيقاف دولة الاحتلال عن جرائمها وللضغط عليها لإدخال المساعدات للفلسطينيين ووقف جريمة الحرب"، قال البيراوي.
وتعتبر اللجنة الدولية لكسر الحصار عن غزة أن السفينة "حنظلة" ليست مجرد قارب "بل صرخة ضمير عالمي في وجه التطبيع مع الحصار، ورسالة إلى شعوب العالم أن التحرك التضامني ليس خيارًا، بل واجبًا إنسانيًا وأخلاقيًا".
والسفينة "حنظلة" سفينة صيد نرويجية صنعت عام 1968، وكانت تعرف سابقًا باسم"نافارن"، وانضمت إلى "أسطول الحرية" عام 2023، وشاركت في مبادرات تضامنية واسعة حول دول العالم بين عامي 2023 و2024، أبرزها في 13 يوليو/تموز 2025 حين انطلقت من إيطاليا في رحلة شعارها "من أجل أطفال غزة".
أما أسطول الحرية فهو تحالف دولي تأسس عام 2010 في سياق الجهود المبذولة من المنظمات الدولية لكسر الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ 2007، وُلدت فكرة تأسيسه على يد متطوعين أتراك أسسوا هيئة الإغاثة الإنسانية التركية عام 1992 بهدف إغاثة ضحايا حرب البوسنة والهرسك، ثم توسع عملها ليبلغ الشرق الأوسط وإفريقيا.
ودعت الهيئة التركية للإغاثة عام 2010 إلى تنظيم مبادرة "أسطول الحرية" وتشكيل ائتلاف مكون من 6 هيئات دولية غير حكومية، منها حركة غزة الحرة والحملة الأوروبية لإنهاء الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة، ونظم الأسطول منذ تأسيسه 6 مبادرات وحملات تضامنية، أبرزها مشاركة السفينة مافي مرمرة عام 2010، لكن جيش الاحتلال الإسرائيلي اعترضها، مما خلّف 10 قتلى وجرح العشرات من المتضامنين.
واختار تحالف أسطول الحرية أن يطلق على السفينة اسم "حنظلة"، وهو اسم أشهر شخصية كاريكاتيرية ابتكرها الرسام الفلسطيني الراحل ناجي العلي، وقد ظهرت الصورة لأول مرة عام 1969.
وتبحر السفينة النرويجية السابقة المحملة بمساعدات رمزية لأسبوع في البحر المتوسط لعبور مسافة 1800 كيلومتر إلى سواحل غزة.