ارتكب جيش الاحتلال الإسرائيلي، منتصف ليلة الاثنين، مجزرة أودت بحياة 6 صحفيين جراء استهداف خيمة طاقم شبكة الجزيرة بصاروخ من مُسيرة على باب مستشفى الشفاء غرب مدينة غزة، من بينهم مراسلي الجزيرة أنس الشريف ومحمد قريقع.
وقال مصدر صحفي وشاهد على عملية الاغتيال لـ المنصة إن الزملاء كانوا في استراحة داخل خيمتهم بعد أداء رسالتهم الإعلامية في نقل عمليات القصف الإسرائيلي على الهواء مباشرة، وقبل استهدافهم بأقل من نصف ساعة.
وأضاف "كان فيه عمليات قصف ونزوح بحي الزيتون، وكنا على المتابعة والتغطية الصحفية، وبدون سابق إنذار استهدف الاحتلال الخيمة التي يعمل من داخلها طاقم الجزيرة واشتعلت النيران في المكان".
وأشار المصدر الصحفي إلى انتشال الضحايا بعد تمزق أجسادهم وتعرضها لحروق شديدة نتيجة انفجار الصاروخ، ما تسبب في مقتل 5 من أفراد طاقم الجزيرة وصحفي سادس من خيمة مقابلة إلى خيمتهم، بالإضافة إلى مقتل مواطنين خلال مرورهم بجوار الخيمة لحظة استهدافها، وإصابة 3 آخرين من الزملاء الصحفيين.
وراح ضحية المجزرة المراسلان أنس الشريف ومحمد قريقع، والمصوران الصحفيان إبراهيم ضاهر ومؤمن عليوة، ومساعد المصور محمد نوفل، وجميعهم يعملون ضمن طواقم مكتب الجزيرة بمدينة غزة، وكذلك الصحفي محمد الخالدي الذي يعمل مع عدة وكالات صحفية.
وأدان المكتب الإعلامي الحكومي بغزة مقتل الصحفيين، واصفًا الحادث بـ"الجريمة الوحشية المروعة"، وقال في بيان "تمت عملية الاغتيال مع سبق الإصرار والترصد بعد استهداف مقصود ومتعمد ومباشر لخيمة الصحفيين في محيط مستشفى الشفاء بمدينة غزة، وأسفرت هذه الجريمة النكراء أيضًا عن إصابة عدد من الزملاء الصحفيين الآخرين".
وأشار مكتب الإعلام الحكومي إلى اتفاع عدد الضحايا الصحفيين إلى 238 شخصًا منذ بداية حرب الإبادة الجماعية على غزة. وحمّل الاحتلال الإسرائيلي والإدارة الأمريكية المسؤولية الكاملة عن هذه الجرائم الممنهجة بحق الصحفيين والإعلاميين في قطاع غزة، مطالبًا الاتحاد الدولي للصحفيين واتحاد الصحفيين العرب بإدانة هذه الجرائم والتحرك العاجل لتأمين الحماية الكاملة للصحفيين الفلسطينيين والمؤسسات الإعلامية في غزة، وضمان محاسبة قادة الاحتلال على جرائمهم ضد حرية الصحافة والحق في الوصول إلى المعلومات.
وأعلن جيش الاحتلال عن تنفيذه عملية اغتيال للصحفي أنس الشريف، متهمًا إياه بالعمل في شبكة الجزيرة للتغطية على عمله "قائد خلية في الجناح العسكري لحركة حماس".
وادعى الاحتلال أنه "توصلّ إلى معلومات استخبارية ووثائق عديدة تم العثور عليها داخل قطاع غزة والتي اثبتت انتماء الشريف إلى صفوف حماس العسكرية". كما "أثبتت الوثائق أنشطة الشريف الإرهابية التي حاولت الجزيرة التنصل منها"، حسب زعمه.
وكان الشريف تعرضّ إلى تهديدات وتحريض إسرائيلي خلال عمله على تغطية الحرب الإسرائيلية في مناطق شمال قطاع غزة، حيث لم يغادر الصحفي إلى جنوب غزة، واستمر في عمله ونقل الأحداث في الوقت الذي كان جيش الاحتلال يفصل شمال القطاع عن جنوبه بعد إنشاء محور نتساريم جنوب مدينة غزة.
وبرز اسم الشريف خلال أشهر الحرب كواحد من أبرز الصحفيين الذين عملوا على نقل انعكاس الحرب على حياة المواطنين، مع استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية وتوسعها، سواء عبرّ الجزيرة أو منصاته الرقمية.
من جانبها، حملت شبكة الجزيرة الاحتلال الإسرائيلي مسؤولية اغتيال طاقمها في مدينة غزة، واصفة ما جرى بـ"الهجوم السافر والمتعمد على حرية الصحافة". وأوضح البيان، أن الاحتلال هاجم طواقمهم واعترف بارتكاب جريمة الاغتيال المتعمدّة، وسط استمرار الكارثة الإنسانية التي تسبب بها الاحتلال من خلال استمراره ارتكاب المجازر والتجويع بحق الفلسطينيين.
وقالت الجزيرة في بيانها "الأمر بقتل أنس الشريف أحد أشجع صحفيي غزة وزملائه محاولة يائسة لإسكات الأصوات استباقًا لاحتلال غزة"، مشيدة بثبات طاقمها واستمرار عمله ونقل مجريات الأحداث، رغم الظروف الصعبة التي يمر فيها الفلسطينيون في غزة نتيجة فرض سياسة الحصار والتجويع.
وفي السياق، كثف جيش الاحتلال عمليات القصف المدفعي والأحزمة النارية على حي الزيتون جنوب شرق مدينة غزة، منذ ساعات مساء الأحد وحتى فجر الاثنين، حيث أطلقت عشرات قذائف المدفعية مستهدفة المباني والمنازل السكنية والبنية التحتية، حسب ما أفاد شاهد عيان لـ المنصة.
وقال الشاهد إنّ عمليات القصف المدفعي بدأت قرابة الساعة العاشرة مساء الأحد وبشكل كثيف، حيث تركزت على منطقة النّديم وجامعة غزة، والمناطق المحيطة بها دون سابق إنذار، مشيرًا إلى تواجد عشرات العائلات الفلسطينية في منازلهم لحظة بداية القصف.
وأوضح، أنّ العديد من العائلات ونتيجة شعورهم بالخطر على حياتهم وحياة أفراد عائلاتهم، اضطروا للنزوح من منازلهم ليلًا وتحت القصف المستمر، متجهين إلى مناطق شارع الصناعة وحي الصبرة.
وتصاعدت عمليات القصف الإسرائيلي، مستهدفًا بالصواريخ الحربية والأحزمة النارية عددًا من المناطق داخل حي الزيتون، ما تسبب في إصابة عدد من المواطنين، وقال مصدر في الإسعاف لـ المنصة إنّ عشرات نداءات الإستغاثة وصلتهم لمطالبتهم بإخلاء مصابين وأطفال، إلا أنهم لم يتمكنوا من الوصول لهم رغم محاولتهم، نتيجة استمرار وكثافة القصف.
واستهدفت طائرة حربية، فجر الاثنين، شقة سكنية تعود لعائلة أبو هربيد شمال غرب مدينة غزة، وأفاد مصدر طبي بمستشفى الشفاء لـ المنصة بوصول 3 ضحايا وهم الأب وزوجته وابنه و5 جرحى آخرين.
وفي خانيونس جنوب القطاع مسحت عائلة محمد أبو شمالة من السجل المدني جراء استهداف شقته السكنية في المعسكر الغربي بالمدينة، حيث قتل وزوجته وأبناءه السبعة، حسب ما أفاد مصدر صحفي بمجمع ناصر الطبي لـ المنصة.
وقال مصدر طبي بوزارة الصحة لـ المنصة إنّ أكثر من 90 ضحية وصلوا إلى مختلف المستشفيات خلال الـ24 ساعة الماضية، إضافة إلى عشرات الجرحى والمصابين نتيجة استمرار عمليات القصف والاستهدافات الإسرائيلية، مشيرًا إلى وجود عدد آخر من الضحايا لم تتمكن طواقم الإسعاف من انتشالهم بسبب خطورة المناطق التي تم استهدافهم بداخلها.
ونوه المصدر الطبي، إلى أزمات تعاني منها مختلف المستشفيات في القطاع، نتيجة النقص الحاد في المستلزمات الطبية ووحدات الدم،
وفي 18 مارس/آذار الماضي، رفضت إسرائيل استكمال المرحلة الثانية من هدنة أقرتها في يناير/كانون الثاني الماضي، كان من المقرر أن تمتد إلى نهاية العدوان على غزة، واستأنفت حربها في القطاع التي بدأتها منذ السابع من أكتوبر 2023، بينما تستمر جهود الوساطة لإقرار وقف جديد لإطلاق النار لم تفلح حتى الآن في الوصول لاتفاق.
وأعلنت إسرائيل أخيرًا خطة اقترحها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو "للسيطرة العسكرية الكاملة" على مدينة غزة، بالتوازي مع توفير مساعدات إنسانية للفلسطينيين "خارج مناطق القتال".