نزح مئات الفلسطينيين، اليوم السبت، من مدينة غزة باتجاه وسط وجنوب القطاع، في ظل تصعيد واسع لعمليات القصف الجوي والمدفعي من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي على الأحياء الغربية للمدينة، التي استهدفت ثلاث مدارس تأوي المئات، وأكثر من 10 منازل سكنية ومراكز إيواء للنازحين منذ ساعات الفجر.
وقال شهود عيان لـ المنصة إن مدارس سورة وشحيبر والعالية التابعة لوكالة الأونروا التي كانت تأوي مئات العائلات بعد فقدت منازلها خلال الأسابيع الماضية، تعرضت للتدمير إثر أوامر عاجلة من ضباط في المخابرات الإسرائيلية بإخلائها، ما أدى إلى تشريد العائلات الفلسطينية مجددًا.
وقال مصدر صحفي لـ المنصة، إن الاحتلال أجبر النازحين والسكان في المنازل المحيطة للمدارس الثلاث، بالإخلاء الفوري، ولم يمنحهم أكثر من نصف ساعة للإخلاء قبل أن تدمير المدارس بأكثر من 7 صواريخ من الطيران الحربي.
وأفاد المصدر بتشريد مئات العائلات بعد تدمير المدارس وتضرر المنازل المحيطة وهو ما أجبر غالبيتهم النزوح باتجاه جنوب القطاع، حيث باتت غالبية أحياء غزة إما مهددة بالقصف أو تحت مرمى نيران الدبابات والطائرات المُسيرة.
واستهدف الاحتلال منزلين آخرين بشكل منفصل في الشاطئ بعد إجبار المواطنين على النزوح، ما تسبب في إصابة أكثر من 15 مواطنًا بالشظايا نتيجة شدّ الانفجارات وتطاير الشظايا لمسافات تتعدى الـ200 مترًا، حسب ما أفاد شاهد عيان لـ المنصة.
وقال حسين أحمد، 36 عامًا، إنه اضطر وعائلته للنزوح من مخيم الشاطئ للاجئين غرب غزة، بعدما شهد المخيم كثافة استهداف للمنازل ومراكز الإيواء خلال الـ24 ساعة الماضية، مشيرًا إلى استهداف أكثر من 20 منزلاً خلال يومي الجمعة والسبت في محيط منزله ما اضطره الخروج والابتعاد عن المنزل.
وأضاف "الوضع يزداد سوءًا.. القصف والدمار لا يتوقفان، فاضطررنا للنزوح جنوبًا مع الجيران ونصب خيام لحماية أطفالنا".
وأكد رزق حمود، 42 عامًا، أن عشرات العائلات غادرت مدينة غزة قسرًا بعد استهداف المدارس والمراكز التي لجأت إليها بعدما أجبرهم الاحتلال على ذلك تحت تهديد الاستهداف والتدمير بالصواريخ من طائرات حربية، وقال "نحن أمام خيارين؛ إما البقاء في البيوت والموت تحت القصف، أو النزوح تحت النار".
وفي السياق، طالبّ جيش الاحتلال بإخلاء مربع سكني شمال غرب مدينة غزة، أعقبه استهداف وتدمير عمارة حرز السكنية، والتي كانت تتكون من 6 طوابق، حيث أصبحت كومة من الركام وفق شاهد عيان ثاني لـ المنصة.
وفي حي الرمال الجنوبي، طالب بإخلاء ثلاث منازل مأهولة بالعائلات المدنية فيما تعرف بـ"حارة الريس"، ما دفع المواطنين للانتقال إلى مناطق قريبة من منازلهم في انتظار انتهاء القصف، إلا أنّ الطائرات استهدفت منزلاً مختلفًا في المنطقة تسبب في مقتل 4 أشخاص من بينهم سيدة وإصابة أكثر من 30 آخرين بالشظايا، من بينهم عدد من الإصابات الخطيرة وفق ما أفاد مصدر طبي بمستشفى السرايا الميداني لـ المنصة.
وقال شاهد عيان آخر لـ المنصة، إن الاحتلال تعمّد قصف منزل قريب من المنطقة التي احتمت فيها العائلات، ولم يستهدف المنازل التي حددها في المكالمة الهاتفية، وهو ما تسبب في قتل وإصابة المواطنين.
في المقابل، زعم المتحدث باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي أن ما يقارب ربع مليون فلسطيني نزحوا من مدينة غزة باتجاه الجنوب خلال الأيام الماضية، داعيًا السكان للانتقال عبر شارع الرشيد إلى منطقة المواصي بخان يونس أو إلى وسط القطاع، باعتبارها "مناطق إنسانية" تتوفر فيها خدمات أساسية، بحسب وصفه.
لكن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة شدد، في بيان، على أن أكثر من 1.3 مليون فلسطيني لا يزالون في مدينة غزة وشمال القطاع، ويتعرضون لمحاولات تهجير قسري تحت القصف، مشيرًا إلى أن منطقة المواصي التي يصفها الاحتلال بأنها "آمنة"، تعاني من تكدس أكثر من 800 ألف نازح وتفتقر إلى الخدمات الأساسية، وتعرضت بدورها لأكثر من 109 غارات أوقعت آلاف الضحايا.
وفي 18 مارس/آذار الماضي، رفضت إسرائيل استكمال المرحلة الثانية من هدنة أقرتها في يناير/كانون الثاني الماضي، كان من المقرر أن تمتد إلى نهاية العدوان على غزة، واستأنفت حربها في القطاع التي بدأتها منذ السابع من أكتوبر 2023، ومنذ ذلك الحين لم ينجح الوسطاء في مصر وقطر والولايات المتحدة في التوصل إلى هدنة أخرى أو اتفاق لوقف الحرب.
وفجر الثامن من أغسطس/آب الماضي، أقر المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية/الكابينت خطةً اقترحها نتنياهو "للسيطرة العسكرية الكاملة" على مدينة غزة، ووقتها أعلن جيش الاحتلال أنه سيزود الفلسطينيين في قطاع غزة بخيام ومعدات إيواء استعدادًا لنقلهم من مناطق القتال إلى جنوب القطاع "حفاظًا على أمنهم".