واصل جيش الاحتلال الإسرائيلي عمليات قصف وتدمير الأبراج والمدارس والجامعات في مدينة غزة لليوم العاشر على التوالي، ما أدى إلى موجات نزوح متزايدة باتجاه وسط وجنوب القطاع، وفق شهادات عدد من الفلسطينيين لـ المنصة.
وقال ممدوح الحجار، 41 عامًا، إنه اضطر مع أسرته إلى مغادرة منزله في ساعة مبكرة من صباح الأحد بعد تلقي اتصال هاتفي من جيش الاحتلال يطالبهم بالإخلاء الفوري، تمهيدًا لقصف بناية مجاورة.
وأضاف "صحينا من النوم على صوت صراخ، وقالولنا بدهم يقصفوا البناية، وطلعنا نجري بالشارع خلال دقائق"، موضحًا أن الاحتلال منحهم أقل من نصف ساعة لمغادرة المنطقة قبل أن تدمر الصواريخ بناية من ستة طوابق بالكامل، ما ألحق أضرارًا "جسيمة" بمنزله جعلته غير صالح للسكن.
وتابع "البيت وقعت فيه حيطان وشبابيك وبواب، ونمنا بالشارع للصبح بعد ما قدرنا ناخد شوية من الملابس والأغراض"، مردفًا "صرنا بالشارع وين بدنا نروح، مش أول مرة ننزح من البيت، ولقيت أفضل خيار التوجه للجنوب بعد التهديدات الإسرائيلية وتصاعد القصف بكل مكان".
وروت ميساء سلام، 36 عامًا، معاناتها مع تكرار القصف على حي تل الهوا غرب غزة، حيث تضررت خيمتها مرارًا، ما دفعها للنزوح جنوبًا. وقالت "كل مرة بتخرب الشوادر ونصلحها على حسابنا، صرنا غير قادرين نتحمل الكلفة، والمنظمات ما عادت تقدم الدعم مثل قبل"، وأشارت إلى أن عائلتها دفعت 400 دولار لنقل أمتعتها على "توكتوك"، بينما اضطرت الأسرة للسير مسافة تتجاوز 15 كيلومترًا.
نازحون يغادرون غزة إلى الجنوب بعد تكثيف الضربات الإسرائيلية، 14 سبتمبر 2025وبالتزامن، أصدر جيش الاحتلال أوامر إخلاء لثلاثة أبراج سكنية غرب غزة، إلى جانب مبنى في الجامعة الإسلامية، بزعم "استخدامها لأغراض عسكرية من قبل حركة حماس"، حسب ما نشره المتحدث العسكري أفيخاي أدرعي عبر إكس، وشملت الأوامر برج الكوثر وبرج مهنا وبرج الجندي المجهول، إضافة إلى مبنى المدينة المنورة في الجامعة الإسلامية، التي تعرضت جميعها للقصف بصواريخ متتالية.
وأكد مصدر صحفي لـ المنصة أن برج الكوثر دُمّر بشكل كامل، فيما تعرض برجا مهنا والجندي المجهول لانهيار أجزاء منهما، حيث يتكون كل منهما من 14 طابقًا سكنيًا، بينما استهدفت الطائرات مبنى الجامعة الإسلامية على ست مراحل خلال خمس ساعات، ما أسفر عن إصابات بين نازحين حاولوا العودة لانتشال أغراضهم أثناء توقف مؤقت للقصف.
وأشار المصدر إلى تركيز القصف على المبنى الجامعي، الذي كان يضم مئات العائلات النازحة، قبل إصدار أمر الإخلاء، حيث قصف في المرحلة الأولى بأربع صواريخ حربية تسببت في تدمير جزء منه، ليعاد قصفه بعد نصف ساعة بقنبلتين ثقيلتين.
وأوضح أن بعض النازحين اعتقدوا أن القصف انتهى ما دفع عدد منهم للدخول ومحاولة انتشال أغراضهم، وخلال ذلك، قصف الاحتلال المبنى مرة ثالثة بثلاث صواريخ حربية تسببت في إصابة أكثر من 18 نازحًا، فيما بقي المبنى صامدًا ولم يُدمر بالكامل، حيث تابعت طائرات الاحتلال إطلاق الصواريخ حتى أصبح غير صالح للاستخدام نتيجة الدمار الكبير الذي تعرض له في جولات القصف التالية.
وأفاد مصدر صحفي ثاني، لـ المنصة، أن الغارات شملت أحياء تل الهوا والرمال والصبرة ومحيط مستشفى الشفاء ومخيم الشاطئ وشارع الجلاء، حيث دُمرت أكثر من 18 بناية ومنزل بعد اتصالات هاتفية من جيش الاحتلال لإجبار السكان على الإخلاء خلال دقائق معدودة.
وأفاد شاهد عيان لـ المنصة، باستهداف مخيم "فلسطين" للنازحين، الذي يضم أكثر من 100 عائلة في خيام متلاصقة بحي تل الهوا، ما أدى إلى تدميره بالكامل دون تسجيل خسائر بشرية.
في السياق، استقبلت مستشفيات القطاع منذ مساء الأحد حتى فجر الاثنين 53 ضحية بينهم 35 في مدينة غزة، إضافة إلى أكثر من 250 مصابًا، وفق مصدر طبي بوزارة الصحة لـ المنصة.
وقال شاهد آخر إن صاروخًا من طائرة استطلاع استهدف خيام نازحين في حي الرمال فجر الاثنين، ما أسفر عن مقتل ستة أشخاص بينهم ثلاثة أطفال، وإصابة أكثر من عشرة آخرين معظمهم من الأطفال، فيما أدى قصف الاحتلال منزلين متلاصقين شمال شارع الجلاء إلى سقوط أكثر من 20 ضحية وجريح.
وفي 18 مارس/آذار الماضي، رفضت إسرائيل استكمال المرحلة الثانية من هدنة أقرتها في يناير/كانون الثاني الماضي، كان من المقرر أن تمتد إلى نهاية العدوان على غزة، واستأنفت حربها في القطاع التي بدأتها منذ السابع من أكتوبر 2023، ومنذ ذلك الحين لم ينجح الوسطاء في مصر وقطر والولايات المتحدة في التوصل إلى هدنة أخرى أو اتفاق لوقف الحرب.
وفجر الثامن من أغسطس/آب الماضي، أقر المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية/الكابينت خطةً اقترحها نتنياهو "للسيطرة العسكرية الكاملة" على مدينة غزة، ووقتها أعلن جيش الاحتلال أنه سيزود الفلسطينيين في قطاع غزة بخيام ومعدات إيواء استعدادًا لنقلهم من مناطق القتال إلى جنوب القطاع "حفاظًا على أمنهم".