تصوير سالم الريس، المنصة
غزيون عائدون إلى شمال غزة على متن شاحنات اللجنة المصرية لإعادة الإعمار، 11 أكتوبر 2025

"اللجنة المصرية" تبني نحو 11 مخيم إيواء جديد في غزة.. و100 شاحنة لخدمة النازحين

سالم الريس
منشور الأحد 12 تشرين الأول/أكتوبر 2025

سيَّرت اللجنة المصرية لإعادة إعمار قطاع غزة، مساء السبت، قافلة من 100 شاحنة حملت مئات العائلات النازحة من جنوب ووسط القطاع إلى المناطق الشمالية عبر الطريق الغربي على شارع الرشيد، وذلك في إطار الجهود المصرية في تلبية احتياجات الفلسطينيين عقب وقف إطلاق النار الأخير.

وقال المتحدث باسم اللجنة المصرية في غزة محمد منصور لـ المنصة إن اللجنة وبتوجيهات من الرئيس عبد الفتاح السيسي جهزت قافلة الشاحنات في ثلاث نقاط في مدينتي خانيونس ودير البلح، وعملت على نقل مئات من العائلات النازحة المرهقة اقتصاديًا واجتماعيًا بفعل النزوح المتكرر خلال عامين متتاليين.

المخيم المصري 4 ببلدة الزوايدة وسط قطاع غزة، 11 أكتوبر 2025

وأضاف "عملنا يتركز في الوقت الحالي على تقديم المساعدة وإغاثة الفلسطينيين في غزة"، مشيرًا إلى عمل اللجنة على نقل 10 شاحنات إلى شمال القطاع كدفعة أولى تحمل الطرود الغذائية، في أول أيام وقف إطلاق النار، تبعها تسيير قافلة الشاحنات التي نقلت النازحين، حيث ستعمل اللجنة خلال الأيام المقبلة على نقل المزيد من المواد الغذائية المقدمة من مصر للفسطينيين.

وأوضح منصور أن اللجنة عملت في الفترة الأخيرة على إنشاء مخيمات لإيواء النازحين في وسط القطاع، وستستكمل عملها في إنشاء المزيد من المخيمات شمال القطاع خلال الأيام المقبلة، والتي قد يتجاوز عددها 11 مخيمًا، تأوي آلاف العائلات بعد تجهيز الخيام والاحتياجات الأساسية للغزيين.

ونوه إلى أن اللجنة المصرية ستعمل على حفر آبار مياه في عدة مناطق وأحياء مختلفة شمال القطاع، حيث يتم تجهيز المعدات لمباشرة العمل الفوري على حفرها وإغاثة المواطنين.

والخميس الماضي، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن توقيع إسرائيل وحركة حماس على المرحلة الأولى من اتفاق غزة الذي اقترحته الولايات المتحدة، قبل أن يعلن جيش الاحتلال في بيان إنه استكمل سحب آلياته مع دخول الاتفاق حيز التنفيذ ظهر الجمعة الماضي، مُصدرًا توجيهات للفلسطينيين بتجنب الاحتكاك مع القوات الإسرائيلية المتمركزة على طول الحدود الجنوبية والشرقية والشمالية للقطاع.

وتشمل صفقة التبادل الإفراج عن 250 مُعتقلًا فلسطينيًا من أصحاب الأحكام العالية والمؤبدات و1700 معتقل من غزة بعد 7 أكتوبر 2023، بينهم 22 قاصرًا، وحتى بعد إتمام الصفقة سيبقى حوالي 9 آلاف فلسطيني خلف القضبان لدى إسرائيل.

وعبّر نازحون عن شكرهم لمصر على تقديم خدماتها الإغاثية خلال حديثهم لـ المنصة.

مطيع عبد السلام (48 عامًا) واحد من النازحين في خانيونس، وعاد مع أسرته على متن شاحنة ضمن القافلة المصرية، كان ينوي العودة مشيًا أكثر من 25 كيلومترًا إلى شمال مدينة غزة، حتى علم بقافلة الشاحنات.

قال لـ المنصة "فقدت عملي ومصدر دخلي بسبب الحرب، ولما اضطرينا ننزح اجينا مشي وكان بدنا نرجع مشي، الحمد لله مصر وفرت الشاحنات وريحتنا من تعب الرحلة تحت الشمس"، موضحًا أنّ العودة مشيًا كانت ستستغرق أكثر من 7 ساعات فيما اقتصرت على ساعتين بالشاحنة.

وأشارت أم كريم إلى أنها وأبنائها كانوا قرروا عدم العودة في الوقت الحالي والانتظار حتى يتوفر لهم مبلغ مالي لدفع التكاليف، لكن بعد معرفتهم بالقافلة قرروا عدم الانتظار، قائلة "فرصة نقدر نرجع لغزة بعد وقفة أخوتنا المصريين ودعمهم في توفير الشاحنات".

وأضافت "الظروف كارثية، فقدنا البيت وفقدنا زوجي وابني بالحرب، والوضع الاقتصادي انعدم، كنا طول الوقت نتنقل من مكان لمكان مشي بسبب القصف، واليوم بعد ما انتهت الحرب مش عارفين ايش نعمل".

وحول المخيمات المصرية لإيواء النازحين، عملت اللجنة المصرية على استئجار عدد من الأراضي في مناطق متفرقة وسط قطاع غزة خلال الأسابيع الأخيرة، حيث أنشأت أكثر من 7 مخيمات لإيواء أكثر من ألفي عائلة نازحة من شمال القطاع، بعد توفير الخيام والمستلزمات الأساسية.

وقال مسؤول العلاقات العامة والتنسيق بين المؤسسات في المخيم المصري 4 ببلدة الزوايدة وسط القطاع، أحمد الشوا، لـ المنصة، إن اللجنة عملت على إنشاء المخيمات المصرية بعد توفير الأراضي اللازمة وتهيئتها لاستيعاب الخيام وإنشاء الخدمات الأساسية مثل الصرف الصحي، وكذلك توفير خيمة وطرد غذائي وطرد صحي وفرشات وأغطية لكل عائلة نزحت إلى مخيماتها.

من داخل المخيم المصري 4 ببلدة الزوايدة وسط قطاع غزة، 11 أكتوبر 2025

وأوضح أن مخيم 4 يضم 103 عائلات نزحت مؤخرًا خلال العملية البرية العسكرية الإسرائيلية وقبل الإعلان عن التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار، فيما تستوعب مخيمات أخرى أكثر من 400 عائلة، منوهًا إلى اختلاف مساحات المخيمات حسب الأراضي المتوفرة.

وخلال حرب الإبادة التي شنَّها لعامين كاملين، خلَّف الاحتلال دمارًا واسعًا جعل أجزاء كبيرة من القطاع غير صالحة للحياة، فقد تضررت أو دُمّرت مئات الآلاف من المباني، وتعطلت معظم المستشفيات والمدارس وشبكات المياه والكهرباء، ما تسبب في نزوح ملايين السكان داخليًا.

المواطنة حنان أبو جراد (48 عامًا) واحدة من النازحين من مدينة غزة إلى المخيم المصري 4 هي وأسرتها، أوضحت لـ المنصة أنهم اضطروا النزوح من مدينتهم لأول مرة منذ بدء الحرب، حيث عايشت فترة الحصار الأولى التي استمرت لأكثر من عام متنقلة بشكل داخلي بين منازل أقاربها وعائلتها.

وأضافت "ما ضل بيوت واضطرينا نطلع تحت النار والقصف، حتى وصلنا المخيم المصري، صحيح الخيمة مش زي البيت لكن الوضع داخل المخيم أفضل من إقامة خيمة في الشارع أو على الرصيف، هنا نظافة وترتيب، وكأنه بيتنا الكبير"، مشيرة إلى أنها لا تستطيع العودة حاليًا بسبب تدمير منزلهم.

وأشارت إلى تسلمهم طرود غذائية وصحية في وقت باتت أسعار السلع المتوفرة في الأسواق أضعاف سعرها الأساسي "ما كنا قادرين نشتري الأكل من ارتفاع الأسعار، ومصر وفرت المبيت وكافة احتياجاتنا وشعرنا براحة".

من جانبه، عبر الطفل النازح يوسف ممدوح (14 عامًا) عن شعوره بالأمان خلال تواجده داخل المخيم المصري، على عكس شعوره بالخوف خلال أوقات خروجه وتجوله في الطرقات القريبة من المكان، قائلًا لـ المنصة "هنا بالمخيم بحس بأمان أكبر، تعرفت على أصدقاء وصرنا بنقعد مع بعض وبنحكي وبنتمشى بين الخيم داخل المخيم".

وتابع "الوضع في غزة بالبيت كان خوف بسبب القصف طول الوقت، واليوم نفسي أرجع بعد ما وقفت الحرب لكن بنستنى نلاقي مكان بديل مريح زي المخيم هنا بس قريب من بيتنا بعد ما انقصف".

ووفق إحصائية صادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية في غزة الثلاثاء الماضي، بلغ إجمالي عدد الضحايا خلال عامين من العدوان 67173 قتيلًا، منهم 20179 طفلًا و10427 امرأة و4813 من كبار السن و31754 من الرجال، إضافة إلى 169780 جريحًا.

وأكدت دراسة أممية حديثة أن أكثر من 54600 طفل في غزة يعانون الآن من سوء التغذية الحاد ويواجهون مخاطر متزايدة للوفاة إذا لم يتلقوا العلاج.